الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لا تلومن إلا نفسك!
كتب

لا تلومن إلا نفسك!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 12 - 02 - 2010



أحكام حبس الصحفيين.. هل هي «فاتح شهية»؟


1


- جاءت الضربة هذه المرة للصحفيين بعيدًا عن الدولة والحكومة، جاءت من الفنانين الذين اتهموا بالشذوذ، وجاءت أيضًا من الزميل مصطفي بكري ضد رئيس تحرير صحيفة «الموجز».


- إذًا.. لا وقت للبكاء أو النضال أو تشييع حرية الصحافة إلي مثواها الأخير، فالصحفيون هم الذين فعلوا ذلك بأنفسهم، ولم يصدقوا أبدًا أن لصبر المجتمع علي تجاوزاتهم حدودًا.
- القادم أسوأ، وإذا تسامح المتضررون وتصالحوا مرة، فلن يقبلوا ذلك في مرات أخري، لأن بعض الأقلام تحولت بالفعل إلي ما يشبه مطواه «قرن غزال».
2
- لا يستطيع أحد أن يجبر الزميل مصطفي بكري علي التصالح والتنازل، لأن التجاوزات التي حدثت في حقه كثيرة وامتدت لشهور طويلة، ووصلت إلي درجة لا يمكن قبولها.
- وقفت النقابة - التي تحاول التصالح الآن - عاجزة عن فعل أي شيء، مثل «خيال المآتة» الذي يضعونه في الحقول، فلا يخيف الغربان ولا العصافير.
- النقابة - في رأيي - سبب أساسي في تجاوزات الصحافة وانحرافها، لأنها «لا تهش ولا تنش»، وتنحاز في الغالب للصحفي ظالماً كان أو مظلوماً، وكأن علي رأسها بطحة.
3
- لا يستطيع أحد أن يجبر الفنانين الذين اتهموا بالشذوذ علي التنازل والتصالح، وأشعر بالأسف والندم كلما أستمع لعبده مغربي في الفضائيات يناور ويسوف ويكابر.
- القضية لا تقبل المزايدة، فإما أن يعترف بالخطأ بصراحة وبشجاعة تساوي جرأة النشر، أو لا يعترف ويدخل السجن مرفوع الرأس والعنان.
- أما مسك العصا من الوسط في هذه القضية فلا يجدي ولا ينفع، لأن صحافتنا تفتقد جرأة الاعتذار، ولكنها تمتلك جرأة القذف والسب والتطاول علي الأبرياء.
4
- رغم ذلك، أتمني أن تكون هناك مبادرة جادة وجريئة من الزميل مصطفي بكري والفنان نور الشريف وزملائه، ليضعوا الأسرة الصحفية أمام مسئولياتها الجسام.
- مبادرة يكون الرأي العام شاهدًا عليها، حتي إذا وقع صحفي آخر بصحيفة أخري في نفس الخطأ، فلا يلومن إلا نفسه.
- مبادرة تقوي شوكة النقابة، لعل وعسي تخرج من ضعفها وخنوعها وتحاسب المخطئ والمسيء، دون أن تتذرع بأسباب واهية لتبرير الأخطاء الجسام.
5
- بالفعل، حرية الصحافة في خطر، نتيجة بعض الممارسات المشينة التي يرتكبها بعض أعضائها، وللأسف هي صحف صغيرة ومجهولة، وتخرج عن السياق العام.
- صحف تستخدم أسلحة التشهير والابتزاز، ومن لا يصدق عليه أن يزور أحد باعة الصحف في وسط البلد، ليري أهوالاً وأهوالاً علي الفرشة التي تستعرض المانشيتات.
- كيف ظهرت كل هذه الصحف، ومن يحاسبها، وهل يمكن أن تتحمل الصحافة المصرية العريقة أخطاءها وخطاياها؟.. وإلي متي يستمر العبث تحت ستار حرية الصحافة؟
6
- القضاء قال كلمته، وهو لا يعرف الهزل أو الميوعة، وأخشي أن تكون الأحكام الأخيرة بحبس الصحفيين هي بمثابة فاتح شهية، ليأتي بعدها آخرون وآخرون.
- إذا حدث ذلك - وهو المتوقع - فلن تنفع وساطة ولا اعتذار ولا تسامح ولا نقابة، وربما يشعر الصحفيون لأول مرة بأجواء الخطر الحقيقي.
- إذًا.. المقصلة لابد أن تتوقف، وأن يكون لدي الأسرة الصحفية القدرة والمقدرة علي حساب نفسها بنفسها وأن تفّعل آلياتها، بدلاً من أن يأتي العقاب من الخارج.
7
- القادم أسوأ، لأن أحكام الحبس سوف تشجع آخرين علي اللجوء للقضاء لأخذ حقوقهم، وهذا في حد ذاته عبء ثقيل لا تقدر معظم الصحف المسيئة علي تحمل تبعاته.
- في فترة من الفترات كان الصحفيون يذهبون إلي النيابات والمحاكم في زفة الأحرار المناضلين، الذين «جابوا ديب حرية الصحافة من ديله» والآن لا زفة ولا نضال.
- كانوا يناضلون ضد الحكومة والدولة، ويمارسون ضدهما أسوأ أنواع الابتزاز، والآن ارتفعت الدولة فوق الصغائر، وتركت المجتمع نفسه يواجه المشكلة المزمنة.
8
- «النقابة.. النقابة.. النقابة».. وأمامها التقارير الخطيرة التي يصدرها المجلس الأعلي للصحافة، وترصد أخطاء وتجاوزات مختلف الصحف قومية وحزبية وخاصة، ولكن لا أحد يقرأ.
- كان من المفترض أن تدعو النقابة إلي ندوة لمناقشة هذه التقارير واستخلاص النتائج منها، بدلاً من ندوات الاحتقان والافتعال الكاذب التي تزيد المشكلة تعقيدًا.
- المجلس الأعلي للصحافة، ليس له صلاحيات أو سلطات علي الصحافة، ولا يريد أن يمارس دور المفتش العام علي الصحف، هو فقط يشخص الداء ويصف الدواء.
9
- نعم.. القضاء هو خط الدفاع الأخير عن القانون، ولكنه ينحاز في أحكامه لمناصرة المجني عليهم.. وضحايا الصحافة كثيرون.. ضحايا صحافة الابتزاز والشتائم وهتك الأعراض.
- نعم.. الأخطاء قليلة مقارنة بالدور الوطني الذي تلعبه الصحافة المصرية التي تمثل مختلف ألوان الطيف السياسي، ولا يقترب منها أحد، وتتسع دائرة انتشارها.
- لكن الخوف.. كل الخوف من الصحافة الشاردة التي تعكر صفو المهنة العظيمة.. التي يجب أن ينقذها أبناؤها.


E-Mail : [email protected]