الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدولة والمحظورة!
كتب

الدولة والمحظورة!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 15 - 02 - 2010


بداية موسم الصفقات المضروبة في الأماكن السرية


1


- ما الذي يغري الحزب الوطني أو الحكومة لإبرام صفقة سرية مع الجماعة المحظورة؟.. وهل يمكن أن تصل السذاجة السياسية إلي هذا الحد؟ ما الذي سيعود علي البلد من تلك الصفقة الكاذبة؟


- الذين يروجون لذلك يتناسون درساً رهيباً لم يمض عليه أكثر من 30 سنة هو الصفقة القاتلة بين الرئيس السادات والجماعة المحظورة، التي دفع السادات ثمنها فادحاً.. حياته.
- مصر أيضاً دفعت الثمن غالياً بعد أن انفجر الإرهاب الأسود في طول البلاد وعرضها، وحصد كثيراً من أرواح أبنائها، وهدد أمنها واستقرارها، ولم تستعد الهدوء إلا بتضحيات كبيرة.
2
- "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، وأثق أن نظام الحكم في مصر علي درجة كبيرة من الوعي السياسي التي تدحض هذه المزاعم من أساسها، وتجعلها مجرد أوهام لا ظل لها في الواقع.
- أوهام لا تمتد مساحتها لأكثر ممن يروج لها، لأن الذي يتحدث عن صفقة لا يحدد لنا من هو الطرف الحكومي أو الحزب الذي يفاوض.. وما اسمه، وإذا كان موجوداً بأي صفة يتحدث؟
- هل هي صفقة بين أشباح وأطرافها يجلسون مع بعضهم بالأقنعة ويغيرون نبرات أصواتهم حتي لا يعرفهم أحد.. ويجتمعون في أماكن سرية ويتحدثون بالشفرة؟
3
- لو افترضنا جدلاً أن الحديث عن الصفقة الكاذبة فيه شيء من الصحة.. فمن هو الشخص الذي يدير التفاوض من الحزب الوطني؟.. قولوا لنا اسمه حتي نطالبه فوراً بأن يترك الحزب الوطني.. غير مأسوف عليه.
- فالحزب له سياسات مُعلنة في النور، ولا يتخذ قرارات سرية في الظلام، وله مكتب سياسي وأمانة عامة ويتم اتخاذ القرارات بطريقة ديمقراطية وبعد دراسات مستفيضة.
- الحزب الوطني لا يبرم صفقات مع أحد خصوصاً الجماعة المحظورة التي تخلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين، وتخرج عن الأطر القانونية والشرعية التي تحكم البلاد، ولا تريد أبداً أن تنضوي تحت مظلة النظام السياسي للدولة.
4
- الحزب الوطني هو الذي أقر التعديلات الدستورية الأخيرة وأهمها حق المواطنة وإقرار المساواة بين المصريين جميعاً.. بينما تلك الجماعة مازالت تنتقص حقوق الأقباط والمرأة، فكيف "يتصافق" هذا مع ذاك؟
- النظام المصري هو الذي يبذل قصاري جهده لترسيخ معالم الدولة المدنية التي تحمي الحاضر والمستقبل وتمنع الارتداد إلي عصور الجهل والتخلف والظلام.
- الدولة المصرية تحكمها مؤسسات عريقة وراسخة وليست جمهورية موز أو بلح تفتح مزاداً لجماعات العنف والتطرف، أو تبرم صفقات مع جماعة دينية تناوئ المقومات الأساسية لنظام البلد.
5
- الحديث عن الصفقات السرية الكاذبة سيزداد وينتشر في الفترة المقبلة، بسبب قرب الموسم الانتخابي البرلماني والرئاسي الطويل، وهي الأوقات النموذجية لنمو مثل هذه الشائعات وتصاعدها.
- كلما تقابل مسئول حزبي أو حكومي مع أحد أعضاء المحظورة بالصدفة سيتحدثون عن صفقة، حتي لو كان ذلك في أسانسير نادي مجلس الشعب أو علي سلم وزارة الصحة أو في ندوة عن عيد الحب.
- كل يوم سيتحدثون عن صفقة، وينشرون أسرارها وتفاصيلها وبنودها.. ولكن لن يستطيع أحد أن ينشر أسماء المفاوضين.. لأنه لا توجد في الأساس أي صفقات.
6
- المشكلة المستفحلة ليست عند المجتمع ولا الدولة ولا الحكومة ولا الحزب الوطني، ولكن عند الجماعة المحظورة التي ترفض أن تتساوي مع المصريين في الحقوق والواجبات، وتريد أن تحتكر الدين والسياسة معاً.
- فإذا كانت جماعة سياسية.. لماذا لا تعمل بالسياسة علي قدم المساواة مع سائر الأحزاب المصرية، دون أن تحتكر الدين لنفسها ودون أن تخلط هذا بذاك؟.. فتسيء للدين والسياسة معاً.
- وإذا كانت جماعة دينية، لماذا لا يقتصر نشاطها علي أعمال الخير والبر والتقوي؟.. ومصر في حاجة إلي آلاف الجمعيات من هذا النوع، ويكون عملها خالصاً لوجه الله، ولها الأجر والثواب.
7
- المحظورة تريد الاثنين معاً.. الدين والسياسة، حتي إذا اختلفت معهم في الرأي كفروك وأقاموا عليك الحد.. ويا ويل مصر ويا ويل شعبها من الديمقراطية المختلطة بالتكفير والدماء.
- الذين يتحدثون عن الصفقة الكاذبة يتناسون أن الدولة هي خط الدفاع الأول عن الدستور والقانون والشرعية والأمن والاستقرار.. فكيف تفعل عكس ذلك؟
- المسألة ليست عبثاً ولكنها تتعلق بمستقبل مصر وحاضرها، ولكن البعض يحلو له أن يهون من أمر الصفقات، وكأنها شحنات قمح فاسد من أوكرانيا.


E-Mail : [email protected]