الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عام الابتزاز!
كتب

عام الابتزاز!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 17 - 02 - 2010



الاحتجاجات الصغيرة تجهض الإنجازات الكبيرة


1


- منظر عمال كتان طنطا وزوجاتهم وأمهاتهم وأبنائهم يصعب علي الكافر، وهم يفترشون الرصيف المواجه لمجلس الوزراء، وينامون في العراء في عز البرد، دون أن يسأل فيهم أحد.


- الطقس كان رحيماً بهم، فجاءت موجة حر في غير موعدها لتنقذهم من الصقيع.. وكان الجيران أيضاً رحماءً بهم وهم يرسلون إليهم الجبنة والحلاوة الطحينية وبعض الطعام.
- تسابقت الفضائيات في بث شكواهم.. دون أن يظهر في الصورة مسئول واحد أو حتي غير مسئول، ليقول لنا هل هؤلاء علي حق أم أنهم يمارسون نوعاً من الابتزاز؟
2
- إذا كانوا علي حق، وتعسف معهم المستثمر السعودي الذي اشتري الشركة، وأكل حقوقهم، ولم يدفع لهم رواتبهم ورماهم في الشارع، فمسئوليتهم في رقبة الحكومة أولاً وقبل كل شيء.
- الحكومة هي التي باعت، ويجب عليها أن تضمن حقوق العمال وأن تدافع عنها بكل الطرق والسبل، أما أن تتركهم فريسة لمستثمر مستقوٍ فإنها ترتكب خطيئة كبري.
- هي حكومة كل المواطنين وليس المستثمرين فقط، وقديماً قالت راقية إبراهيم في فيلم «زينب» جملتها الشهيرة: «اللي مالوش أهل الحكومة أهله».
3
- لا يليق حضاريًّا ولا إنسانيَّا ولا ديمقراطيَّا ولا انتخابيَّا أن يتم التعامل مع القضايا الجماهيرية بقاعدة «ودن من طين وودن من عجين».. فالطين والعجين لا يجتمعان إلا علي رصيف مجلس الوزراء.
- نحن في موسم انتخابات طويل، سوف يمتد عامين علي الأقل، وفي تلك المواسم بالذات يجب أن تكون السياسات غير السياسات والأفعال غير الأفعال.. أي أن تكون الاستجابة سريعة وحاسمة.
- الاستجابة للمطالب ليس معناها الخضوع للابتزاز ولا قبول «لي الذراع».. ولكن التعامل مع القضايا الجماهيرية بمنتهي الوضوح والصراحة والشفافية.. بدلا من الغموض والسكوت والتعتيم.
4
- لو ظلت الحكومة تعمل ليل نهار، وأنجزت خططاً وبرامج غير مسبوقة في تاريخ مصر، فلن يشعر الناس بذلك، لأن مثل هذه المشاكل التي تضخمها الفضائيات، «تعكنن» مزاج الرأي العام.
- التقينا رئيس الوزراء منذ عدة أسابيع، وطرح سؤالاً مهماً: لماذا «مزاج» الناس في النازل» رغم أن الإنجازات في «الطالع»؟.. وكيف نُحَسَّن هذه الأجواء؟
- أولاً: لأن كثيراً من الوزراء والمسئولين يتعاملون ب «رذالة» مع قضايا المواطنين، بطريقة «لا أري، لا أسمع، لا أتكلم».. وكأن المشكلة لا تعنيهم والأمر لا يخصهم.
5
- ثانياً: لأن المشاكل المسكوت عنها متلاحقة ومتتابعة، رغم وضوحها مثل البوتاجاز وقبلها المياه والمجاري وابني بيتك وغيرها.. وتتركها الحكومة حتي تنتفخ وتنفجر.
- ثالثاً: لأن «غول» الإعلام أصبح أكثر شراسة وعدوانية مع كل ما يخص الدولة أو الحكومة.. حتي إعلام الدولة نفسه أصبح يعزف علي نفس الموجة جرياً وراء المنافسة.
- رابعاً: لأن الناس تغيروا بالفعل، وزادت مساحة الحرية والجرأة والشكوي، ونري الآن سيدات وأطفالاً صغاراً في الوقفات الاحتجاجية ويدخلون بصدورهم في رجال الشرطة.
6
- خامساً: لأن الإنجازات المادية مهما كان حجمها لن تغطي احتياجات الناس ولن تشبع تطلعاتهم.. مياهاً، صرفاً، كهرباءً، غازاً، شققاً، طرقاً، مستشفيات، مدارس، ومطالب أخري كثيرة لن تنتهي أبداً.
- سادساً: لأن مصر فيها الآن لوبي «اصطياد المشاكل» سواء في الإعلام أو جماعات الاحتجاج السياسي والديني، وهي تقدم للناس وعوداً وحلولاً زائفة، وتتاجر بمشاكلهم ومعاناتهم.
- سابعاً: لأنه - وهذا الأهم - لا يوجد من يواجه ويصارح ويقدم الحقائق كاملة أمام الرأي العام بجرأة وشجاعة، سواء في الشفافية أو في الاعتراف بالخطأ.
7
- ما يحدث في مصر الآن هو من التوابع الطبيعية للتطور الديمقراطي، والمتوقع أن تزداد الموجة وتشتد بمناسبة الانتخابات، وبالتالي لا تصلح معها حكومة لا تتكلم، ولا وزراء الصمت الرهيب.
- من أين تبدأ الحكومة؟ من إطفاء «مستصغر الشرر» الذي يؤدي لاشتعال الحرائق الكبيرة، فإذا كان رصيفها قد شهد 5 مسيرات احتجاجية في يوم واحد، فما بالنا عندما يدخل الموسم ذروته.
- رأيي الشخصي، هو أن الحكومة الحالية تبذل جهوداً جبارة، وتعمل بأسلوب علمي.. ولكن في مناخ عشوائي.. ولا ينبغي أن تسمح بإجهاض عملها لتجاهلها مطالب ال 50 عاملاً الذين يحتشدون علي الرصيف المواجه لها.


E-Mail : [email protected]