الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جمال عمر يجيب عن السؤال فى «أنا نصر أبوزيد»




قال جمال عمر مؤلف كتاب «أنا نصر أبوزيد» سألت نفسي: لو قرّر نصر أبو زيد أن يكتب عن حياته وفكره ماذا سيكتب؟ هذا يعنى أن بالكتاب قدراً ليس هيّناً من الخيال: من الجائز أننى ألّفت حوارات عنه، كما تخيّلت حواراته مع زوجته د. ابتهال، حتى إنها سألتنى ذات مرة: هوّ نصر بعتلك مذكّراته؟».

 

وأخذ عمر، فى احتفال دار العين للنشر والتوزيع بإصدار الكتاب، وبحضور الدكتورة ابتهال يونس قرينة الراحل، يشرح بدايات تعرّفه على نصر أبو زيد وأنه قرأ له أوّل مرة فى سن الـ19 سنة، قال عمر: فتح «مفهوم النص» أمامى آفاقا واسعة للنظر للظاهرة الدينية بطريقة مختلفة، كان ذلك عام 1990، بعده بعام قرأت حوارا مهما لأبو زيد نشر بالأهرام وأجراه محمد حربي، ومنذ ذلك الحين قررت أن أفتح ملفا اسميته نصر حامد أبو زيد وبدأت أجمع فيه كل كبيرة وصغيرة وكل كلمة قالها نصر أو كتبها»... وهكذا تكوّن لدى عمر أرشيفا من 160 ساعة بصوت صاحب «مفهوم النص».

 

ومضى المؤلف فى توضيحه أن الكتاب يركز على نصر الإنسان الذى لا يقل أهمية عن المفكر والباحث، وأنه يجسد حتى هذه اللحظة «حلم وطن يحاول أن يقف على رجليه».

 

الترويج للكتاب على أنه سيرة ذاتية غير ذى صلة بمضمون الكتاب لكنه على أية حال لا يزعج المؤلف، هذا الاستغلال التجارى فى نظر عمر يحيل إلى حالة الجدل التى كانت لدى أبو زيد بين الشخص والموضوع، وأن قراءة نصر أبو زيد يجب أن تتم على مراحل تطوره، من هنا فالكتاب بحسب وصف المؤلف لم يكن سوى «بنية تحتية» لمشروع قادم ينوى الشروع فيه وهو عن قراءة «نص» نصر حامد أبو زيد.

 

الكتاب على هذا النحو لا هو دراسة أكاديمية ثقيلة ولا عرض بسيط لحياة أبو زيد وفكره، فى الكتاب تقرأ مسيرة أبو زيد من قحافة إلى القاهرة، وتكتشف أن قيمته ليست فى الأفكار بل فى فعل التفكير المستمر، ونقد التفكير. كيف نظر إلى القرآن الكريم بوصفه مجموعة من الخطابات، وليس نصا يستدعى مركزا للتأويل، واتفق الحضور على أهمية التركيز على المكان الذى يقف فيه نصر حامد أبو زيد من تاريخ تعامل المسلمين مع القرآن الكريم.

 

يتضمن الكتاب كذلك نص محاضرة ألقاها أبو زيد فى جامعة أوساكا سنة 1986، لم يحصل المؤلف على النص الأصلى لها بل ترجمة عربية نشرت سنة 1990 فى مجلة الفنون الشعبية وكان عنوانها «السيرة النبوية سيرة شعبية»، إلى جانب دراسة لنصر نشرت فى مجلة فصول سنة 1994 ولم تنشر فى أيّ من كتبه بعنوان «الرؤيا فى النص السردى العربي».

 

حول اللبس الذى من الممكن أن يسببه عنوان الكتاب «أنا نصر أبو زيد» قال المؤلف: فى هذا الكتاب يتعرّف القارئ على نصر حامد أبو زيد من خلال تصورى أنا «نصر كما اتصوّره» أو بمعنى أدق تقمّصت دور نصر أبو زيد. لذلك فكلمة «أنا» هى المشترك بينى وبين نصر. ويضيف: «اكتب قصّة نصر أبو زيد، يعنى هناك قدر من حكايات انسجها، وليس نقلا حرفيا للواقع». لهذا السبب لا يحوى الكتاب كلمة قالها نصر بالنص. جعلت نصر شيئاً حيّاً وبالتأكيد خاضع لذاتى وتحيّزاتي.

 

عموما للكتاب فى حد ذاته دلالتان: الأولى أن من دافع عن نصر أبو زيد أو هاجمه كلاهما لم يقرأ أبو زيد جيدا، حتى الدفاع عنه فى جامعة القاهرة كان دفاع قبلية. أما الدلالة الثانية فهى أننا لم نهضم بعد القضايا التى طرحت منذ عهد أبو زيد ولم نتجاوزها حتى اليوم. يشرح أكثر: أنا لا ادعو لاجترار نصر أبو زيد لأن ذلك فى اعتقادى يساهم فى قتله، كل ما فى الأمر أننى اطبق ما كان دائما يدعو له وهو الوقوف على اكتافه كى يسمح ذلك برؤية أبعد وهذا فى رأيى سر كتابة الكتابة. والكتاب يدّعى أن رهان نصر أبو زيد على الشباب لم يخسره.

 

الصحفى محمد شعير رأى أن جمال عمر تعامل مع نصر أبو زيد بوصفه نصا متعدد التأويلات، وأشار إلى أن صورة نصر ترفع اليوم فى التظاهرات بأيدى بسطاء من المحتمل أنهم لم يقرأوه لكن لهذا دلالة عظيمة على استمرارية تأثير هذا الرجل. أما نبيل عبد الفتاح فرأى أن نصر كان إحدى الإجابات على تجنّب حدوث ما حصل، وأننا بحاجة إليه اليوم أكثر من أيّ يوم مضى، بحاجة إلى إعادة طرح أفكاره وما نادى به، لأن البيئة الثقافية اليوم كما يقول عبد الفتاح تسير فى طريق نسيانه، خصوصا مع تحوّل الكتابة عن الإسلام إلى «احترافية» من قبل رجال الدين.