الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
البرادعي.. آراء قديمة ومستهلكة!
كتب

البرادعي.. آراء قديمة ومستهلكة!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 22 - 02 - 2010



لو عايز تغير البلد.. عيش في البلد


1


- الملاحظات الشكلية التي خرجت بها من الحوار الطويل بين الدكتور محمد البرادعي و"عمرو أديب" علي قناة "أوربت" مساء أمس الأول السبت، كثيرة، فقد كانت المرة الأولي التي أشاهده في حوار تليفزيوني.


- الملاحظة الأولي هي أن البرادعي له طبقة صوت ضعيفة جداً لا تساعده في معظم الأحيان في توصيل المعاني التي يقصدها، وبالتالي تفقده جاذبية الحوار، وطبقة الصوت ليست ذنبه ولكنها من عند الله سبحانه وتعالي.
- الملاحظة الثانية هي حاجته الشديدة لأن يتحدث اللغة العربية كثيراً، لأن غربته عن الوطن 30 عاماً، خلقت نوعاً مماثلاً من الغربة مع اللغة، وهو يجتهد كثيراً للبحث عن الجمل والعبارات والألفاظ التي تعبر عما يريد أن يقول.
2
- الملاحظة الشكلية الثالثة هي "الخضة الإعلامية" التي جعلته لا يجاري عمرو أديب في قفشاته وأحياناً سخريته، فكان يرد عليها بمنتهي الجدية والصرامة، مع أنها دعابات غير بريئة.
- لا أريد أن أذكر ملاحظات شكلية أخري، حتي لا يبدو في كلامي شبهة ترصد بالرجل، الذي نراه للمرة الأولي في وسائل الإعلام، يتناول قضايا ومشكلات مهمة وخطيرة في حياة مصر والمصريين.
- رغم ذلك، فقد أعجبني في حديث البرادعي من الناحية الشكلية أيضاً "الاستايل" الأوروبي في الإجابات القصيرة وعدم الرغي و"اللت والعجن".
3
- الملاحظات الموضوعية كثيرة، وكلها تدور حول معني واحد هو أن البرادعي يطرح آراء ومقترحات يتصور أنها جديدة، رغم أنها قديمة وتم استهلاكها منذ عشرات السنين، وتجاوزها الواقع السياسي المصري.
- علي سبيل المثال لا الحصر هو يتحدث بعفوية شديدة عن إلغاء قانون الطوارئ وذهاب المتهم لقاضيه الطبيعي.. كلام جميل، ولكنه قُتل بحثاً وأكثر منه عشرات المرات منذ أكثر من ثلاثين سنة.
- كنت أتصور أن البرادعي سيقدم رؤية جديدة من واقع خبرته الدولية تجيب عن سؤال مهم: كيف نصون حرية المواطن وفي نفس الوقت نحمي حرية الوطن والبلاد من الجريمة الإرهابية؟
4
- ما الجديد الذي يقدمه البرادعي في هذه القضية الطوارئ وما الإضافة التي يقدمها أكثر مما تطرحه الأحزاب والقوي السياسية التي تطالب بإلغاء الطوارئ، دون أن تقدم بديلاً للوقاية من الجريمة الإرهابية؟
- البرادعي يتحدث و"أيده في الميه"، دون أن يضع اعتباراً للقلاقل والإضرابات التي تجتاح العالم من حولنا، والتي جعلت أكثر دول الغرب ديمقراطية تصدر قوانين لمكافحة الإرهاب وليس مصر وحدها.
- وبنفس التسرع تناول قضية العمال والفلاحين في مجلس الشعب وقال "مع احترامي لهم".. غير أن عمرو أديب قاطعه وأنقذه من إجابة يطالب بها كثيرين غيره، وتفتح أبواباً واسعة من الجدل.
5
- قضية الإخوان المسلمين دخلت أيضاً في "مزاد البرادعي"، وأعلن عن نيته أن يمنحهم حزباً سياسياً ولكنه ربط ذلك بأن يكون متوافقاً مع الدستور.. والسؤال: أي دستور.. الحالي أم الذي سيأتي به؟
- إجابته أيضاً قديمة ومستهلكة ومطروحة منذ أكثر من ستين سنة، وتتعارض مع الدستور الذي يرسخ مبدأ الدولة المدنية ويحظر قيام الأحزاب علي أساس ديني.
- وفقا لقاعدة المساواة، هل يوافق البرادعي علي إنشاء حزب ديني مسيحي، ثم حزب شيعي وكاثوليكي وبروتستانتي، هل يدرك مخاطر ذلك، أم أن المسألة مجرد مزايدة؟
6
- قضية بناء الكنائس، قال البرادعي: "من حق المسيحي أن يبني كنيسة زي ما هو عايز، زي ما هو حق المسلم".. وهنا أسأله: ماذا يحدث إذا تحول الأمر إلي ماراثون بين المسلمين والأقباط لبناء الكنائس والمساجد؟
- سويسرا نفسها منعوا فيها بناء المآذن وفي مصر يمكن أن ينقسم المجتمع نصفين "تبرع يامسلم لبناء مسجد"، "تبرع يا قبطي لبناء كنيسة".. ويحدث الصراع في البناء واقعيا عشرات المرات.
- المسألة ليست بهذه البساطة أو التسرع، ولكنها تحتاج دراسات متأنية، لحماية السلام الاجتماعي وليس لإشعال الفتن، و"مزاد البرادعي" ليس جديدًا ولكنه يتصور أنه جاء بالجديد.
7
- كلام البرادعي عن تغيير الدستور فيه مغالطات كثيرة.. فهو مثلاً يقول: إنه يحرم 7 ملايين مصري بالخارج من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.. ولا أدري من أين جاء البرادعي بهذا النص الدستوري غير الموجود أصلاً.
- ويتساءل باستنكار "هل مجلس الشعب يمثل الشعب؟".. وهنا يجب أن أسأله "ما مشروع البرادعي لاختيار مجلس شعب يمثل الشعب؟".. وهل هناك طريقة أخري غير الانتخابات التي جاءوا بها؟
- البرادعي رأيه أن مجلس الشعب لا يعبر تعبيرًا حقيقيا عن النظام الديمقراطي.. وهذا أيضًا من نوعية الآراء المتسرعة التي يطلقها البرادعي، ويختلق بها معارك مع كثير من الهيئات والأفراد.
8
- مجمل القول: إن البرادعي يتعامل مع مصر التي يعود إليها بعد غربة 30 سنة، بمنطق الوعود الوردية، يريد أن يغير كل شيء وينسف كل شيء، حتي لو أدي ذلك إلي تصدع الأعمدة والجدران.
- حين يتحدث عن الصحافة القومية، يطلق سهامًا فيها تصفية حسابات مع الذين انتقدوه، ويقول بملء الفم: "هذه ليست صحفًا، إنهم كتبة حكوميون"، ومرة أخري "إنها نشرات حكومية".
- بالله عليكم.. بماذا يمكن الرد عليه؟ وإذا استخدم بعض الكتاب نفس هذا المنهج العدائي، هل يسعده ذلك؟ مع الوضع في الاعتبار أننا ندعو إلي الترفع والاحترام واستخدام لغة راقية.
9
- البرادعي قال كلامًا كثيرًا عن التعليم.. وكأنه يتحدث عن الدنمارك أو ڤيينا، دون أن يدرك ضيق الإمكانيات، وأن مصر تحافظ علي المجانية التي لا تتفق مع ثقافته ولا ميوله.
- البرادعي أخذ يردد دائمًا: "أنا عاوز أغير البلد".. وفي نفس الوقت كان يتحدث عن برنامجه المزدحم في الفترة المقبلة الذي لا يسمح له بالبقاء طويلاً في البلد.
- كنت أتمني أن يهدأ ويتروي وأن يلتقط أنفاسه، وألا يطلق وعوده الصوتية لتغيير البلد، فأهم من الوعود هو أن يعيش بين الناس.


E-Mail : [email protected]