الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مصير المادتين (77) و(88)!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 01 - 03 - 2010


التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ من هنا


1


- هل يمكن تغيير المادة (77) وأن تقتصر مدة الرئاسة علي مدتين؟.. الإجابة هي أنه عندما تستطيع الأحزاب أن تفرز كوادر سياسية قادرة علي أن تخوض الانتخابات الرئاسية، وتحقق معركة تنافسية.


- تغيير هذه المادة هو الذي يفتح باب التداول السلمي للسلطة، ويعطي الأحزاب قوة دفع حقيقية، ولكن متي تكون الأحزاب قادرة علي تحقيق هذا الحلم؟
- رأيي الشخصي أن الطريق لم يعد طويلاً حتي تفيق الأحزاب من ضعفها، وأن أجواء الحراك التي تعيشها البلاد في السنوات الأخيرة، ستكون محفزاً للوصول إلي هذا الهدف.
2
- الأنظمة الديمقراطية لا تعرف المدتين.. إلا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في معظم الدول الأوروبية لا يوجد شرط المدتين، فكل دولة تختار النظام الذي يلائمها.
- نزاهة الانتخابات وشفافيتها هما المحك الرئيسي، فالناخبون هم أصحاب القرار الحقيقي، ويستطيعون التغيير إذا توافرت في العملية الانتخابية ضمانات حقيقية.
- رغم كل هذه الاعتبارات، إلا أن هذه المادة يمكن أن تكون الأقرب إلي التعديل، ولكن الأحزاب لن تستفيد من ذلك، إلا إذا كانت لديها القدرة علي تقديم مرشح رئاسي قادر علي المنافسة.
3
- المادة (5) من الدستور تقول: إن النظام السياسي في مصر يقوم علي تعدد الأحزاب، أما بدعة المستقلين فلا يوجد لها مثيل في الأنظمة الديمقراطية المستقرة.
- المستقلون هم استثناء عن القاعدة، والانتخابات تحتاج أحزاباً قوية لها برامج سياسية يتم طرحها علي الرأي العام لاختيار أفضلها، أما المرشح المستقل فلا تعرف الناس هويته السياسية.
- ليس ضرورياً أن تكون هناك عشرة أحزاب متنافسة، بل يكفي حزبان قويان، مثلما تحتد المنافسة في الولايات المتحدة بين «الديمقراطي» و«الجمهوري» ويتناوبان الحكم.
4
- مصر بالذات لا ينفع معها رئيس ضعيف.. لا يسنده حزب قوي، ليكون قادراً علي النهوض بمسئولياته والقيام بأعباء المنصب الرئاسي الكبيرة، المنصوص عليها في الدستور.
- الدستور المصري يضع علي عاتق الرئيس مهام عظاماً، ابتداءً من إعداد البلاد للحرب، حتي تعيين الوزراء وكبار رجال الدولة، وكلها مهام جسام تحتاج إلي رئيس يتمتع بصلاحيات كبيرة.
- المنافسة الحقيقية يجب أن تكون داخل الأحزاب نفسها عن طريق انتخابات ديمقراطية تفرز أفضل العناصر وتدفعها إلي الصفوف الأمامية، فهذا هو التغيير الحقيقي.
5
- نعم.. كل المصريين يشتاقون إلي التغيير.. لكنه التغيير إلي الأصلح وليس الأسوأ، التغيير الذي يخطو بالبلاد للأمام ولا يرجع بها إلي الخلف.
- التغيير ليس مجرد شعارات خطابية ولا أحلام وردية، لأن المستقبل لا يجب أبداً أن يكون مرهوناً بالمغامرة بل بالتقدم بخطوات ثابتة نحو حياة أكثر ديمقراطية وأكثر انفتاحاً علي العالم.
- التغيير الحقيقي هو الذي يقوم بالبناء علي ما هو قائم بالفعل، لا أن ينسف القديم ثم يبدأ من نقطة الصفر، فالتجارب تتكامل، والحياة السياسية يجب أن تكون حلقات متصلة.
6
- هل يجب أن يشمل التغيير المادة (88)؟.. وهي المادة الخاصة بالإشراف علي الانتخابات، وهناك من يطالب بالعودة إلي النظام السابق بوجود قاضٍ لكل صندوق.
- في ظل النظام السابق تعرض القضاة لإهانات كبيرة تمثلت في التعدي عليهم، ورغم ذلك فقد ضربت الطعون الانتخابية رقماً قياسياً، ولم تتراجع نسبتها.
- تم التطاول علي القضاة في بعض اللجان، واتهامهم بالرشوة لصالح بعض المرشحين، غير ذلك من الاتهامات التي كادت تضيع هيبة القضاء، وتضرب صورة القضاة ووقارهم.
7
- النظام الحالي يحيط الإشراف القضائي بضمانات كبيرة، حيث تشرف علي الانتخابات البرلمانية لجنة عليا تتمتع بالاستقلال والحيدة، من بين أعضائها أعضاء في هيئات قضائية حاليون وسابقون.
- عضوية اللجنة العامة التي تشرف علي الانتخابات تقتصر علي أعضاء الهيئات القضائية ويتم تحت إشرافها الفرز وأحاطها القانون بصلاحيات وسلطات واسعة.
- ثار جدل واسع بين فقهاء القانون حول جدوي إشراف القضاة علي كل صندوق وتأكد أنه يستحيل تنفيذ ذلك مستقبلاً، لاتساع الدوائر الانتخابية وكثرة عدد اللجان.
8
- نفق مظلم اسمه الشعارات المطاطة.. وهذه الشعارات يتم ضخها في المجتمع وفي وسائل الإعلام،لخلق انطباع كاذب بأن الدستور يجب أن يتغير كلية، وأن الحياة السياسية كلها تحتاج الهدم.
- الدعوة التي يتبناها الدكتور البرادعي للتغيير تبدأ من نقطة الصفر، وتنطلق من خارج المنظومة السياسية، فهو لا يريد الأحزاب ولا يعترف بها، ويقلل من قدرها ودورها.
- فتح المجال لإعداد «أنظمة تفصيل» علي مقاس كل مرشح سيؤدي في النهاية إلي أن تتحول شعارات التغيير إلي مزايدات تفقد جدواها ومفعولها.
9
- التغيير الحقيقي هو الذي ينبع من الناس.. يلبي احتياجاتهم في حياة سياسية نظيفة ومستويات معيشة لائقة وكريمة، واحترام حقوق الإنسان وآدميته وصيانة عرضه وماله.
- الناس لن تأكل شعارات ولن تسكن خطباً ومقالات.. والحرية الحقيقية لن تبدأ إلا بتوفير رغيف الخبز والمسكن والملبس، حتي لا يلتهم الفقر البطاقة الانتخابية.
- التغيير ليس هو القفز إلي المجهول، ولكن التحرك بخطوات واثقة إلي الأمام.. فالعودة إلي الوراء لن يستفيد منها إلا الجماعة المتربصة بمستقبل الوطن.



E-Mail : [email protected]