الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تدويل منصب الأمين العام.. وتحديد مدة ولايته




 
إصلاح الجامعة العربية يكمن فى توفير الإرادة السياسية لدى الدول الأعضاء فى القيام بعمل عربى مشترك حقيقى يوحد جهود الدول العربية ويحولها إلى تكتل دولى له المكانة التى تستحقها وتصبو إليها شعوبنا العربية «هذه هى النتيجة التى توصلت إليها اللجنة المستقلة لدراسة سبل إصلاح وتطوير الجامعة العربية والتى شكلها الأمين العام د. نبيل العربى فى سبتمبر 2011 برئاسة الأخضر الإبراهيمى ووتضم مفكرين وسياسيين عربًا، وقد استمر عمل اللجنة لمدة 17 شهرًا من خلال اجتماعات ولقاءات وتنقل بين كافة أجهزة الجامعة العربية ومنظماتها وإدارتها سواء فى القاهرة أو غيرها من العواصم العربية وتمخضت أعمال اللجنة ومداولاتها عن تقرير تم رفعه إلى الأمين العام.
 
التقرير يقوم على مبدأ أساسى وهو ان إصلاح العمل العربى المشترك لا يتم من خلال خطوة واحدة شاملة تعالج كل النقائص بل يجب أن يكون عملية متواصلة ومن ثم ينقسم التقرير إلى أربعة فصول و45 اقتراحًا رئيسيًا وعددًا مقاربًا من المقترحات الفرعية وذلك على النحو التالي:
يتضمن الفصل الأول من التقرير الذى وضعته اللجنة إعادة تعريف الغاية من الجامعة باعتبارها جهة توحيد الجهود بحيث تكون الدول العربية تكتلًا سياسياً واقتصادياً واجتماعيًا قويًا. فيما يتعلق بقواعد العمل العربى المشترك فقد حدد التقرير عدة أسس كى يكون فعالًا وهي، احترام سيادة كل دولة، وإنشاء آلية تتحقق من التزام كل دولة بتنفيذ تعهداتها وتنشر تقاريرها على موقع الجامعة، اشتراط تنفيذ الدولة التزاماتها السابقة قبل دخولها فى تعهدات جديدة فى نفس الموضوع، تحييد المجالات الحيوية للعمل العربى المشترك عن خلافاتها السياسية، تصميم مشروعات للتعاون بشكل يمنحها الاستقلالية فى العمل بمجرد إنشائها، احترام التفاوت بين الدول الأعضاء فى استعدادها للتعاون دعم التعاون غير الحكومى وتشجيعه وتخليصه من العقبات التى تعترضه، فقدان الدول التى لا تسدد كامل مساهماتها لمدة عام لحق التصويت  فى مجالس وهيئات الجامعة.
بشأن أولويات العمل المشترك قالت اللجنة فى تقريرها يتم تحديد أولويات بالتشاور بين الدول الأعضاء كل خمس سنوات يتم إعلانها فى شكل وثيقة أو قرار.
يتناول الفصل الثانى من التقرير إصلاح منظومة الجامعة العربية حيث حددت اللجنة فى تقريرها عددًا من العناصر الأساسية منها اقتصار  جامعات القمة على مناقشة موضوع او اثنين فقط والا يكون جدول أعمال القمة مليئًا بالموضوعات، تبسيط إجراءات اجتماعات القمة والابتعاد عن الأجواء الموسمية الثقيلة، التوسع فى عقد القمم التشاورية والقمم النوعية.
أوصى التقرير بضرورة تكليف المجلس الاقتصادى والاجتماعى بوضع تصور شامل للعمل العربي المشترك فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحت اشراف القمة الاقتصادية.
كما يوصى بادماج عضوية مجلس السلم والأمن والمجلس الوزارى بحيث ينعقد الأخير كمجلس أمن وسلم عند تهديد الأمن والسلم العربيين وفقاً لقواعد تصويت خاصة.
اللجنة خلصت إلى ضرورة البدء فى عملية إصلاح إدارى تتضمن توصيف الوظائف فى الأمانة العامة وتحديد المؤهلات المطلوبة من شاغريها ومسئولياتهم وتحديد مدة قصوى لولاية القائمين على الوظائف السيادية وتبنى سياسات جديدة للتعيين تعلى معايير الكفاءة دون الإخلال بمبدأ تمثيل الدول الأعضاء بشكل متوازن فى الأمانة العامة يضمن استفادة الأمين العام من جميع الخبرات والوحدات الموجودة بالأمانة العامة وإعادة النظر فى بعثات الجامعة بالخارج من حيث عددها ودورها ونوعية العاملين بها وطريقة تعيينهم والموارد المتاحة لها، وإعادة النظر فى بعثات الجامعة بالخارج من حيث عددها ودورها ونوعية العاملين بها وطريقة تعيينهم.
يتبنى التقرير ضرورة إعادة تنظيم العلاقة بين الهيئات المتخصصة والجامعة إما وفقا لنموذج الاندماج الأوروبى وان تعذر ذلك من خلال النموذج السائد فى منظمة الأمم المتحدة والذى  تحتفظ فيه الهيئات المتخصصة بالاستقلالية مع ارتباطها بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى للمنظمة الأم من خلال اتفاقيات وتؤكد اللجنة فى تقريرها انه على الصعيد الاقتصادى فإن من مصلحة الدول ذات الاقتصادات الاصغر عقد اتفاقيات للتبادل التجارى فىما بينها وانشاء صناديق اقليمية لتمويل المشروعات الكبيرة مثل البنى التحتية المشتركة من سدود وطرق ومحطات لانتاج الطاقة وما شابه من اجل تحسين قدرة اقتصاداتها على المنافسة بل البقاء، ومن الناحية السياسية والعسكرية انطلقت المنظمات الإقليمية من فكرتى التجاور والتشابه وتطورت لاحقًا فضمت اعتبارات الدفاع عن الاقليم فى وجه التدخلات الخارجية كذلك الأمر.
وفيما يتعلق بموقع الأمين العام من عملية التطوير طالبت اللجنة باعتماد مبدأ التداول بين الدول العربية على منصب الأمين العام والمناصب القيادية فى الأمانة العامة والالتزام بالحد الأقصى لعدد ولايات شاغلى هذا المنصب وتؤكد اللجنة فى تقريرها على ان هذا الأمر من الأمور الحساسة والتى طرحت منذ الستينيات ويفضل حسمها، كما ترى اللجنة ان على الأمين العام مسئولية تنبيه الدول الأعضاء  لما يراه من تحديات وتحفيز مجالس الجامعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل معها بكفاءة، وطرح مبادرات فى مجالات يرى انها لا تحظى بالاهتمام الكافى من قبل مؤسسات الجامعة أو يحتاج التعامل معها إلى مرونة لا تملكها تلك المؤسسات واشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى فى هذه المبادرات جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الجامعة والدول الأعضاء، والمبادرة بطرح أفكاره على الرأى العام العربى خارج أروقة الجامعة حول التحديات التى تواجه الوطن العربى بحيث يسهم فى إثارة الاهتمام بها ووضعها على أجندة العمل العربى المشترك.
أوصت اللجنة بمراجعة بنود ميثاق الجامعة الخاصة بعمل هيئات ومجالس الجامعة خصوصا مجلس السلم والأمن والمجلس الاقتصادى والاجتماعى والبرلمان العربى ومحكمة العدل العربية ومحكمة حقوق الإنسان وترتيب أسبقيات التزامات الدول العربية المترتبة على أحكام الميثاق إزاء الالتزامات التعاقدية الأخرى التى تدخل فيها هذه الدول وتوضيح اختصاصات الأمين العام ودوره فى تنشيط العمل العربى المشترك وانشاء آلية دورية لتطوير الميثاق وعمل الجامعة واسناد عملية المراجعة هذه إلى لجنة مستقلة توفق بين مواقف الدول الأعضاء وتبلور صيغة تصلح أساسا واقعيا للاتفاق بين الدول الأعضاء.
أخيرا ينظم الفصل الرابع علاقة الجامعة بالشعوب العربية وذلك من خلال آليات وهيئات يأتى فى مقدمتها البرلمان العربى إذ يشير التقرير إلى أن اختيار أعضاء البرلمان العربى بالانتخاب المباشر فى البلاد التى تنتخب ممثليها فى البرلمانات الوطنية وبالانتخاب من قبل المجالس المشابهة فى البلاد التى لم تتبع بعد نظام الانتخاب المباشر مع تفادى الجمع بين عضوية البرلمان العربى والبرلمان الوطنى وإعادة النظر فى عدد البرلمانيين لتحقيق أفضل تمثيل للشعوب.
فى الشأن المتعلق بمنظمات المجتمع المدنى أكد التقرير على ضرورة اعطاء منظمات المجتمع المدنى الدور الأكبر فى عملية إصلاح الجامعة من خلال اشراكها فى اتخاذ القرار وتفعيل المبادرات إضافة إلى إتاحة الوثائق والمعلومات المتعلقة بعمل الجامعة لمنظمات العمل المجتمع المدنى وفى وقت يسمح لها بالمشاركة الفعالة فى أعمال الجامعة وتشجيع إنشاء منظمات غير حكومية فى المجالات التى توليها الجامعة اهتمامًا خاصًا مثل مراقبة الانتخابات.
بخصوص محكمة العدل العربية ترى اللجنة ضرورة البدء فى إجراءات إنشاء المحكمة بعضوية تلك الدول التى وافقت على قيامها على أن تلحق بها بقية الدول حين تقرر ذلك وفيما يتعلق بالمحكمة العربية لحقوق الإنسان ترى اللجنة الإسراع بإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان بهدف حماية حقوق الإنسان العربى التى تفشل النظم القانونية الداخلية فى حمايتها بحيث يتاح للمواطن العربى اللجوء إليها بعد استنفاد وسائل التقاضى الداخلية.
وفى ختام تقريرها ترى اللجنة أنه ليس هناك وصفة سحرية تمكن الجامعة العربية من خلق الإرادة السياسية لدى أعضائها لكن يمكنها تحويل القدر المتاح من الإرادة السياسية إلى أطر فعالة للتعاون العربى.
تشير الدراسة إلى أن الجامعة العربية تحتاج شأنها فى ذلك شأن كل المنظمات الكبيرة إلى آلية دائمة لتقييم عمل الجامعة وتطويره بشكل يضمن تأقلمها مع تغير الظروف المحيطة بها. وعادة ما تتولى المواثيق والمعاهدات المؤسسة للمنظمات الإقليمية والدولية بندا ينص على مراجعتها الدورية بهدف الاستجابة لتغير الظروف أو تمتين أواصر التعاون بين أطرافها وهو البند الذى يطلق مشاورات ومفاوضات تراجع وتطور من عمل المنظمة وتصوغ ذلك كله فى شكل معاهدة جديدة توقعها الدول.