الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إبداع




فى عيد ست الحبايب
 
شعراؤنا شموس فى سماء الإبداع ينيرون لنا ببصيرتهم وبصرهم طريقنا ويخبرونا ما لم نخبره فيما فاتنا من أمورنا الحياتية فهم بمثابة توثيق وشهادة على عصرهم ونحن نخصص هذه المساحة من الإبداع للاحتفال بعيد الأم والذى يحل فى 21 من شهر مارس من كل عام والتى تغنى بأوصافها العديد من المطربين، كما تناولت كثيرًا من القصائد الأم ودورها فى تنشئة الأجيال ودورها كرمز للحنان والإشادة بدورها وبما تعانيه فى سبيل أولادها.
 
 إلى أمى
 
أحنّ إلى خبز أمى
 
وقهوة أمى
 
ولمسة أمى
 
وتكبر فى الطفولة
 
يوما على صدر يوم
وأعشق عمرى لأنى
 
إذا متّ
 
أخجل من دمع أمى!
 
خذينى، إذا عدت يومًا
 
وشاحا لهدبك
 
وغطّى عظامى بعشب
تعمّد من طهر كعبك
 
وشدّى وثاقى..
 
بخصلة شعر
 
بخيط يلوّح فى ذيل ثوبك..
 
عساى أصير إلها
 
إلها أصير..
 
إذا ما لمست قرارة قلبك!
 
ضعينى، إذا ما رجعت
 
وقودا بتنور نارك..
 
 
وحبل غسيل على سطح دارك
 
لأنى فقدت الوقوف
 
بدون صلاة نهارك
 
هرمت، فردّى نجوم الطفولة
 
حتى أشارك
 
صغار العصافير
 
درب الرجوع..
 
لعشّ انتظارك!
 
شعر- محمود دروش
 
 خمس رسائل إلى أمى
 
صباحُ الخيرِ يا حلوة..
 
صباحُ الخيرِ يا قدّيستى الحلوة
 
مضى عامانِ يا أمّى
 
على الولدِ الذى أبحر
 
برحلتهِ الخرافيّة
 
وخبّأَ فى حقائبهِ
 
صباحَ بلادهِ الأخضر
 
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
 
وخبّأ فى ملابسهِ
 
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
 
وليلكةً دمشقية..
 
أنا وحدى..
 
دخانُ سجائرى يضجر
 
ومنّى مقعدى يضجر
 
وأحزانى عصافيرٌ..
 
تفتّشُ - بعدُ - عن بيدر
 
عرفتُ نساءَ أوروبا..
 
عرفتُ عواطفَ الأسمنتِ والخشبِ
 
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
 
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
 
ولم أعثر..
 
على امرأةٍ تمشّطُ شعرىَ الأشقر
 
وتحملُ فى حقيبتها..
 
 
إلىَّ عرائسَ السكّر
 
وتكسونى إذا أعرى
 
وتنشُلنى إذا أعثَر
 
أيا أمى..
 
أيا أمى..
 
أنا الولدُ الذى أبحر
 
ولا زالت بخاطرهِ
 
تعيشُ عروسةُ السكّر
 
فكيفَ.. فكيفَ يا أمى
 
غدوتُ أباً..
 
ولم أكبر؟
 
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
 
ما أخبارها الفلّة؟
 
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
 
تلكَ الطفلةُ الطفلة
 
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبى..
 
يدلّلها كطفلتهِ
 
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
 
ويسقيها..
ويطعمها..
 
ويغمرها برحمتهِ..
 
.. وماتَ أبى
 
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
 
وتبحثُ عنهُ فى أرجاءِ غرفتهِ
 
وتسألُ عن عباءتهِ..
 
وتسألُ عن جريدتهِ..
 
وتسألُ –حينَ يأتى الصيفُ-
 
عن فيروزِ عينيه..
 
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
 
دنانيراً منَ الذهبِ..
 
سلاماتٌ..
 
سلاماتٌ..
 
من شعر- نزار قبانى
 
 
 
 
 
 
الأم
 
إنـى لـتطربنى الخلال كريمة
 
وتهزنى ذكرى المروءة والندى
 
فــإذا رزقــت خـلـيقة مـحـمودة
 
فـالـناس هــذا حـظـه مــال وذا
 
والـمـال إن لـم تـدخره مـحصناً
 
والـعـلم إن لــم تـكـتنفه شـمائل
 
لا تـحـسبن الـعـلم يـنـفع وحــده
 
مــن لــى بـتربية الـنساء فـإنها
 
الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا
 
الأم روض إن تــعـهـده الـحـيـا
 
الأم أســتــاذ الأســاتـذة الألـى
 
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا
 
يدرجن حيث أرَدن لا من وازع
 
يفعلن أفعال الرجال لواهيا
 
فى دورهن شئونهن كثيرة
 
تتشكّل الأزمان فى أدوارها
 
فتوسطوا فى الحالتين وأنصفوا
 
ربوا البنات على الفضيلة إنها
 
وعليكم أن تستبين بناتكم نور
 
طـرب الـغريب بـأوبة وتـلاقى
 
بـيـن الـشـمائل هــزة الـمشتاق
 
فـقـد اصـطـفاك مـقسم الأرزاق
 
عــلـم وذاك مــكـارم الأخــلاق
 
بـالـعـلم كـــان نـهـاية الإمــلاق
 
تـعـلـيه كـــان مـطـية الإخـفـاق
 
مــالــم يــتــوج ربـــه بــخـلاق
 
فـى الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق
 
أعـددت شـعبًا طـيب الأعـراق
 
بــالــرى أورق أيــمــًا إيـــراق
 
شـغـلت مـآثـرهم مــدى الآفـاق
 
بين الرجال يجلن فى الأسواق
 
يحذرن رقبته ولا من واقى
 
عن واجبات نواعس الأحداق
 
كشئون رب السيف والمزراق
 
دولا وهن على الجمود بواقى
 
فالشر فى التّقييد والإطلاق
 
فى الموقفين لهن خير وثاق
 
الهدى وعلى الحياء الباقى
 
من شعر- حافظ إبراهيم
 

 
طيف  نـسميه الحنين
 
فى الركن يبدو وجه أمى
 
لا أراه لأنه
 
سكن الجوانح من سنين
 
فالعين إن غفلت قليلاً لا ترى
 
لكن من سكن الجوانح لا يغيب
 
وإن توارى مثل كل الغائبين
 
يبدو أمامى وجه أمى كلما
 
اشتدت رياح الحزن‏ وارتعد الجبين
 
الناس ترحل فى العيون وتختفى
 
وتصير حزنـا فى الضلوع
 
ورجفة فى القلب تخفق‏‏ كل حين
 
لكنها أمى
 
يمر العمر أسكنـها‏.. وتسكننى
 
وتبدو كالظلال تطوف خافتة
 
على القلب الحزين
 
منذ انشطرنا والمدى حولى يضيق
 
وكل شىء بعدها‏ عمر ضنين
 
صارت مع الأيام طيفـًا
 
لا يغيب‏.. ولا يبين
 
طيفًا نسميه الحنين
 
 ‏...‏
 
فى الركن يبدو وجه أمي
 
حين ينتصف النهار‏
 
وتستريح الشمس
 
وتغيب الظلال
 
شىء يؤرقنى كثيرًا
 
كيف الحياة تصير بعد مواكب الفوضى
 
زوالا فى زوال
 
فى أى وقت أو زمان سوف تنسحب الرؤى
 
تكسو الوجوه تلال صمت أو رمال
 
فى أى وقت أو زمان سوف نختتم الرواية‏
 
عاجزين عن السؤال
 
واستسلم الجسد الهزيل
 
‏‏تكسرت فيه النصال على النصال
 
هدأ السحاب ونام أطيافـًا
 
مبعثرة على قمم الجبال
 
سكن البريق وغاب
 
سحر الضوء وانطفأ الجمال
 
حتى الحنان يصير تـذكارا
 
ويغدو الشوق سرا لا يقال
 
فى الركن يبدو وجه أمى
 
ربما غابت‏..‏ولكنى أراها
 
كلما جاء المساء تداعب الأطفال
 
‏...‏
 
فنجان قهوتها يحدق فى المكان
 
إن جاء زوار لنا
 
يتساءل المسكين أين حدائق الذكرى
 
وينبوع الحنان
 
أين التى ملكت عروش الأرض
 
من زمن بلا سلطان
 
أين التى دخلت قلوب الناس
 
أفواجا بلا استئذان
 
أين التى رسمت لهذا الكون
 
صورته فى أجمل الألوان
 
ويصافح الفنجان كل الزائرين
 
فإن بدا طيف لها
 
يتعثر المسكين فى ألم ويسقط باكيا
 
من حزنه يتكسر الفنجان
 
من يوم أن رحلت وصورتها على الجدران
 
تبدو أمامى حين تشتد الهموم وتعصف الأحزان
 
أو كلما هلت صلاة الفجر فى رمضان
 
كل الذى فى الكون يحمل سرها
 
وكأنها قبس من الرحمن
 
لم تعرف الخط الجميل
 
ولم تسافر فى بحور الحرف
 
لم تعرف صهيل الموج والشطآن
 
لكنها عرفت بحار النور والإيمان
 
 أميةُ
 
كتبت على وجهى سطور الحب من زمن
 
وذابت فى حمى القرآن
 
فى الأفق يبدو وجه أمى
 
كلما انطلق المؤذن بالأذان
 
كم كنت ألمحها إذا اجتمعت على رأسي
 
حشود الظلم والطغيان
 
كانت تلم شتات أيامى
 
إذا التفت على عنقى حبال اليأس والأحزان
 
تمتد لى يدها بطول الأرض
 
تنقذنى من الطوفان
 
وتصيح يا الله أنت الحافظ الباقى
 
وكل الخلق ياربى إلى النسيان
 
‏...‏
 
شاخت سنين العمر
 
والطفل الصغير بداخلى
 
مازال يسأل‏
 
عن لوعة الأشواق حين يذوب فينا القلب
 
عن شبح يطاردنى
 
من المهد الصغير إلى رصاصة قاتلى
 
عن فـرقة الأحباب حين يشدنا
 
ركب الرحيل بخطوة المتثاقل
 
عن آخر الأخبار فى أيامنا
 
الخائنون‏، البائعون‏، الراكعون‏
 
لكل عرش زائل
 
عن رحلة سافرت فيها راضيا
 
ورجعت منها
 
ما عرفت‏، وما اقتنعت، وما سلمت‏
 
وما أجبتك سائلى
 
عن ليلة شتوية اشتقت فيها
 
صحبة الأحباب
 
والجلاد يشرب من دمى
 
وأنا على نار المهانة أصطلى
 
قد تسألين الآن يا أماه عن حالى
 
وماذا جد فى القلب الخلى
 
الحب سافر من حدائق عمرنا
 
وتغرب المسكين‏
 
فى الزمن الوضيع الأهطـل
 
ما عاد طفلك يجمع الأطيار
 
والعصفور يشرب من يدى
 
قتلوا العصافير الجميلة
 
فى حديقة منزلى
 
أخشى عليه من الكلاب السود
 
والوجه الكئيب الجاهل
 
أين الذى قد كان‏
 
أين مواكب الأشعار فى عمرى
 
وكل الكون يسمع شدوها
 
وأنا أغنى فى الفضاء وأنجـلى
 
شاخ الزمان وطفلك المجنون
 
مشتاق لأول منزل
 
مازال يطرب للزمان الأول
 
«شىء سيبقى بيننا‏..‏ وحبيبتى لا ترحلى»
 
‏...‏
 
فى كل يوم سوف أغرس وردة بيضاء
 
فوق جبينها
 
ليضىء قلب الأمهات
 
إن ماتت الدنيا حرام أن نقول
 
بأن نبع الحب مات
 
قد علمتنى الصبر فى سفر النوارس
 
علمتنى العشق فى دفء المدائن
 
علمتنى أن تاج المرء فى نبل الصفات
 
أن الشجاعة أن أقاوم شح نفسى‏
 
أن أقاوم خسة الغايات
 
بالأمس زارتنى‏.. ‏وفوق وسادتى
 
تركت شريط الذكريات
 
كم قلت لى صبرًا جميلاً
 
إن ضوء الصبح آت
 
شاخت سنين العمر يا أمى
 
وقلبى حائر
 
مابين حلم لا يجئ
 
وطيف حب مات
 
وأفقت من نومى
 
دعوت الله أن يحمى
 
جميع الأمهات
 
شعر- فاروق جويدة
 
 

 
الباب تقرعه الرياح
 
الباب ما قرعته غير الريح فى الليل العميق
 
الباب ما قرعته كفك
 
أين كفك والطريق
 
ناء بحار بيننا مدن صحارى من ظلام
 
الريح تحمل لى صدى القبلات منها كالحريق
 
من نخلة يعدو إلى أخرى ويزهو فى الغمام
 
الباب ما قرعته غير الريح
 
آه لعل روحا فى الرياح
 
هامت تمر على المرافئ أو محطات القطار
 
لتسائل الغرباء عنى عن غريب أمس راح
 
يمشى على قدمين وهو اليوم يزحف فى انكسار
 
هى روح أمى هزها الحب العميق
 
حب الأمومة فهى تبكى
 
آه يا ولدى البعيد عن الديار
 
ويلاه كيف تعود وحدك لا دليل ولا رفيق
 
أماه ليتك لم تغيبى خلف سور من حجار
 
لا باب فيه لكى أدق ولا نوافذ فى الجدار
 
كيف انطلقت على طريق لا يعود السائرون
 
من ظلمة صفراء فيه كأنها غسق البحار
 
كيف انطلقت بلا وداع فالصغار يولولون
 
يتراكضنون على الطريق ويفزعون فيرجعون
 
ويسائلون الليل عنك وهم لعودك فى انتظار
 
الباب تقرعه الرياح لعل روحا منك زار
 
هذا الغريب هو ابنك السهران يحرقه الحنين
 
أماه ليتك ترجعين
 
شبحا وكيف أخاف منه وما امحت رغم السنين
 
قسمات وجهك من خيالى
 
أين أنت أتسمعين
 
صرخات قلبى وهو يذبحه الحنين إلى العراق
 
الباب تقرعه الرياح تهب من أبد الفراق
 
من ليالى السهاد