الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عائلة مبارك البريطانية






روزاليوسف اليومية : 07 - 10 - 2011


في يوم 14 أكتوبر 1981 حاول عدد من نواب مجلس الشعب المصري إثارة موضوع الجنسية وشروط الترشح للرئاسة طبقًا لدستور 1971 الذي يمنع الترشح لمن يحمل جنسية مزدوجة وكانوا علي علم بجنسية مبارك البريطانية غير أن زكريا عزمي ومعه صفوت الشريف وكمال الشاذلي قاتلوا بشراسة وهددوا البعض بالقتل، ومر ترشيح مبارك ليصبح الرئيس المصري الرابع بعد محمد نجيب وعبدالناصر والسادات.
والآن التعديلات الدستورية الجديدة الخاصة بالمادة 75 من دستور 1971 بشأن شروط الترشح للرئاسة المصرية عادت لتطالب بأن يكون المرشح مصريا من أبوين وجدين مصريين وألا يكون متزوجا من مصرية تحمل جنسية دولة أخري.
في الواقع لقد بدأ التجاوز في التغاضي عن جنسية زوجة الضابط المصري منذ فترة الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر" حيث شهدت الوثائق المصرية عقود زواج لضباط بارزين من أميرات سابقات في أسرة محمد علي ومن أجنبيات كن مقيمات في مصر وظل هكذا حتي تعديلات 1975 التي هدفت لتشجيع الهجرة.
وربما كانت أبرز تلك الحالات موافقة الرئيس عبدالناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة علي الوضع الاجتماعي للرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي كان متزوجًا منذ عام 1949 من "جيهان السادات".
في الواقع عائلة الرئيس المخلوع "حسني مبارك" كلها كانت بريطانية من جانب الأم "سوزان صالح مصطفي ثابت" (مبارك) المولودة لأب مصري وأم بريطانية في 28 فبراير 1941 بمدينة مطاي بمحافظة المنيا صعيد مصر.
كانت سوزان ثاني طفلة لوالديها بعد شقيقها البكر "منير ثابت" المولود بالمنيا في 29 أكتوبر 1936 كانت والدتها بريطانية الجنسية تدعي "ليلي ماي تشارلز هنري بالمر" تعمل في مقاطعة وايلز جنوب غرب بريطانيا مسقط رأسها ممرضة تحت التمرين في مستشفي "كامدين روود" الواقعة بمنطقة "إيزلينجنون" خلال وجود والد سوزان طالب الطب المصري صالح مصطفي ثابت للدراسة والتدريب في مستشفي "جامعة كارديف" ببريطانيا في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.
فتعرف عليها "صالح مصطفي ثابت" ووقع في غرامها حيث كانت علي درجة كبيرة للغاية من الجمال وكانت تتمتع بشخصية مسيطرة ورثتها سوزان عنها.
عقب زواجهما وعد صالح مصطفي ثابت ابن ال29 عامًا زوجته البريطانية "ليلي ماي" - بأن يبقي في لندن لكنه حصل علي الدكتوراه وقرر العودة لمصر حيث حط رحاله في محافظة المنيا وتحديدا في مدينة مطاي فأقام عيادة طبية كبيرة حققت له ربحًا معقولاً بعد أن تولت زوجته ليلي ماي الإدارة.
والتحقق من زواج صالح مصطفي ثابت مع ليلي ماي ابنة مدير منجم الفحم بمقاطعة وايلز وطبقًا لصورة عقد تسجيل الزواج الخاص بهما الموثق في 16 مارس 1934 بمقر محكمة وايلز وجدنا أن الموثق من ناحية الزوج المصري شخص يدعي "محمد أحمد لطفي" والموثق البريطاني عن الزوجة هربرت تي" ومعه "سي دبليو بيليس" وهو العقد المودع حاليا بإدارة تسجيل عقود الزواج الأجنبية في الأرشيف البريطاني والذي حصلنا علي نسخة منه.
كانت المشاكل بين الأب والأم لا تنتهي بسبب شعور الأم بالغربة بعيدًا عن أهلها في بريطانيا، ولكي يسعد الأب زوجته قوية الشخصية ترك مطاي بالمنيا وانتقل للعيش في أقرب بيئة يمكن لزوجته أن ترتاح فيها بالقاهرة فكان حي مصر الجديدة الذي كان يعج بالأجانب من كل الجنسيات.
في مصر الجديدة نشأت سوزان فخرجت أول مرة من المنزل بعدما كان المدرسون هم من يحضرون للمنزل أيام مطاي بالمنيا وفي عام 1953 حصلت علي الثانوية العامة من مدرسة "سانت كلير" بمصر الجديدة.
عقب الثانوية كانت سوزان ابنة السادسة عشر عاما قد كبرت وأصبحت تتمتع بجمال رائع وكانت تلقب بين صديقاتها ب"فاتنة سانت كلير" لأنها كانت رئيسة فرقة الباليه بالمدرسة ووقتها كان أخوها منير قد تخرج في الكلية الجوية عام 1956 ملاحا جويا وتعرف علي الطيار "محمد حسني السيد مبارك" الذي كان يزور منير دائمًا وقد أعجب من أول نظرة بشقيقة صديقه الجميلة فتبادلا أول خطاب إعجاب لكنها أعلنت له منذ البداية أن الطريق الوحيد هو الزواج.
وافق مبارك وبالفعل تزوجا عام 1959 وهي في سن 17 عامًا وفي 26 نوفمبر عام 1960 رزقا بمولودهما البكر "علاءالدين" ومن بعده "جمال الدين" في 28 ديسمبر 1963 .
كانت سوزان وقتها مشكلة بالنسبة لزوجها بسبب جنسيتها البريطانية التي حملتها منذ أول يوم لمولدها في وايلز، حيث سافرت والدتها وهي حامل لتضعها هناك كي تحصل لها علي كل حقوق المواطنة البريطانية، لكنه حصل علي قرار خاص من الرئيس عبد الناصر بالبقاء في الخدمة مثله مثل عشرات الضباط الذين خالفوا كل الأعراف في تلك الفترة بالزواج من أجنبيات.
سوزان ظلت مصاحبة لأمها التي بقيت في القاهرة حتي وفاتها في 24 يناير 1978 ودفنها في مقابر عائلة ثابت لكن حتي بوفاة الأم لم تنقطع سوزان عن المنزل الجميل في "بونتي بريد" حيث منزل جدها الإنجليزي، بينما نجد باقي أفراد الأسرة والأنساب يقطنون حاليا في "لورا ستريت" بمنطقة تريفوريست وأهمهم خالها "جون تشارلز هنري بالمر" الذي حرص بشكل خاص علي ربط سوزان بالعائلة طيلة الوقت. وكشف مصدر من داخل العائلة أن هناك أسماء لعائلة الرئيس المخلوع ربما لم نسمع في مصر عنها كثيرًا، فمثلا علمنا أن منير ثابت مسجل في السجلات البريطانية لدي مولده باسم "طوني".
أما جمال مبارك فوجدناه مسجلاً في وثيقة المولد البريطانية باسم "جيمي جورج" أما شقيقه علاء فقد سجل في وثيقة مولده البريطانية باسم "آلن"، ومن المثير أن رئيسنا المخلوع حسني مبارك كانت أسرة سوزان في وايلز وما زالت تناديه فيما بينهم باسم "جورج".
والسر وراء هذه التسمية أنه كان لسوزان أقرباء متشددون دينيا من الكاثوليك المعتنقين للماسونية.. ويحكي أنهم عقب مولدها عمدوها في كنيسة "بونتي بريد" وأن السجلات هناك ما زال مسجلاً بها تعميد الطفلة "سوزان بالمر ثابت" وبسبب خوف أخوالها من اتهام المتشددين بالأسرة لهم بالتفريط في ابنتهم سوزان قدموا لهم مبارك عقب زواجها في أول زيارة للعروسين إلي بريطانيا في عام 1960 علي أنه "جورج" طيار مصري مسيحي فالتصق الاسم بمبارك حتي يومنا هذا.
ومن العائلة ومن السجلات البريطانية لوزارة الداخلية نتأكد أن مبارك يحمل الجنسية البريطانية منذ عام 1965 .
في 15 إبريل عام 1975 اختار الرئيس الراحل أنور السادات مبارك نائبا له فتبدلت الأحوال المعيشية لمبارك وسوزان حتي أنها توقفت عن العمل كمدرسة لغة عربية في إحدي مدارس مصر الجديدة بعد أن كانت تعمل مقابل مبلغ 11 جنيهًا لزيادة دخل الأسرة.
في تلك الفترة تعرف مبارك علي حسين سالم وتدفقت الأموال علي نائب الرئيس مما سمح للزوجة سوزان بالعودة للدارسة عام 1977 لتحصل علي البكالوريوس من الجامعة الأمريكية وبعدها حصلت علي درجة الماجستير في علم الاجتماع.
أسرة سوزان البريطانية أنساب مبارك كانوا دائما يزورن ابنتهم في مصر ويبقون معها لأيام حتي أن يوم مقتل الرئيس الراحل أنور السادات كان هناك أفراد من أسرة سوزان البريطانية ضيوفًا لديها.
ومن يذهب لمتحف مدينة وايلز الصحفي سيجد نسخة من صحيفة كانت تطبع هناك باسم "ويسترن ميل"، وبتاريخ 8 أكتوبر 1981 سنجد في الصفحة رقم 11 خبرًا تحت عنوان: "الأقارب في انتظار أخبار نائب الرئيس السادات" وكانوا يقصدون أخبار سلامة مبارك.. مصدر دبلوماسي مصري شهير أكد لنا أن ذلك اليوم شهد مكالمة هاتفية تلقتها السفارة المصرية بلندن من "جون بالمر" خال سوزان والسيدة "ليلي ماي" والدة سوزان ليطمئنا علي سلامة نسيبهما "جورج"، وعندما تعجب الدبلوماسي من الاسم تداركا وقالا له: "نقصد حسني مبارك".
نأتي للخال "جون تشارلز هنري بالمر" سائق اللوري فنجده أعد الولائم عقب تولي مبارك الحكم.. ولم لا؟ فقد تحول من مجرد سائق علي لوري في 14 أكتوبر 1981 إلي صاحب أكبر شركة نقل بضائع ولوريات بمقاطعة ويلز عام 1984 وأولاده "جون" و"بيتر" و "جورج" هم من يديرون سرًا حاليا أرصدة سوزان وممتلكاتها في لندن.
أما ابن خال سوزان الشاب ويدعي "أوليف روبرتس" وهو يعمل في شركة سياحية مملوكة لسوزان في مسقط رأسها فهو من تسبب في شائعة هروب العائلة للندن في مساء 11 فبراير 2011 بسبب ذهابه لمطار هيثرو حيث تسلم يومها عدد 97 حقيبة كبيرة لم يعرف أحد حتي اليوم ما كان بها من محتويات، ويرجح أنها كانت متعلقات العائلة وصلت علي طائرة منفردة وكان المفروض أن العائلة ستلحق بالحقائب لكنهم منعوا من مغادرة مطار شرم الشيخ.
عائلة سوزان البريطانية تشعبت حاليا وهي لها عشرات الأقرباء من بينهم رجل يدعي "توم بالمر" في نهاية السبعينات من عمره يشاع أنه أخ غير شقيق لسوزان كما أن لها أختًا أيضا غير شقيقة تدعي "كاثرين" وهو ما يفسر تسجيل وثيقة زواج والدتها البريطانية أن الأم قد تزوجت من قبل زواجها ب"صالح ثابت".
أما موظفو الرئاسة الكبار وعلي رأسهم "زكريا عزمي" خاصة المسئولين بقسم المراسم فلديهم سجلات كاملة سجلوا فيها زيارات ومأموريات سرية لعشرات الأشخاص مواطني دولة بريطانيا كان لهم قسم مخصص للضيوف بالقصر وخرجت بأسمائهم عشرات الحملات الخدمية وكلهم كانوا أقرباء سيدة القصر الإنجليز الذين كانوا يزورونها في القاهرة من حين لآخر.
الحقيقة الرسمية من واقع ملفات وزارة الداخلية البريطانية تؤكد أن مبارك وجمال وعلاء يحملون الجنسية البريطانية بشكل رسمي كامل، فالأب يحملها منذ عام 1965 أما الابنان فبالمولد ولأنهم مواطنون من رعايا صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا مما يفسر مساعي بريطانية سرية حثيثة للوقوف بجانب الأسرة البريطانية التي زارها القنصل البريطاني بالقاهرة عدة مرات للاطمئنان عليهم خاصة أن الأطفال "عمر علاء الدين محمد حسني السيد مبارك" وآخر مواليد الأسرة "فريدة جمال الدين محمد حسني السيد مبارك" المولودة في 23 مارس 2010 في مستشفي "بورتلاند" التي ولد فيها أبناء الأسرة جميعا.
في الواقع كانت أسرة مبارك بريطانية بامتياز حتي المرحوم الطفل "محمد علاء مبارك" الذي توفي في المستشفي بباريس في 18 مايو 2009 عن عمر 13 عاما ومعه والدته "هايدي محمود مجدي حسين راسخ" و حتي "خديجة محمود الجمال" زوجة جمال مبارك أم ابنته فريدة كلهم يحملون الجنسية البريطانية طبقا للقانون البريطاني وفي المجمل تلك الأسرة البريطانية هي التي حكمت مصر خلال الفترة من 14 أكتوبر 1981 حتي 11 فبراير 2011 .