الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التشكيك فى الدعاة ضياع للأمة




 قال تعالى «ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ» النحل 125 وعلى هذه الأسس قامت دعوة إمامنا الأول رسول الإنسانية ومعلم البشرية ومخرجنا من جهالة الإفراط والتفريط إلى نور الرحمة والوسطية والاعتدال.
 
 والأئمة والدعاة إلى الله عز وجل يسيرون على هذا النهج القويم الذى رسمه لهم قائدهم صلى الله عليه وسلم وأسوتهم قال تعالى : «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً» الاحزاب 21 .
 
 ومن الأسس التى قامت عليها الدعوة الإسلامية «الحكمة» وهى وضع الشىء فى موضعه وهى كلمة جامعة لها معان سامية يسير عليها الداعية فى دعوته إلى الله عز وجل ومن الحكمة الأخذ بمبدأ الوسطية والاعتدال واليسر قال تعالى «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً» البقره 143 .
 
فلقد أمرنا الله عز وجل بالاعتدال والوسطية فى كل أمورنا لا إفراط ولا تفريط وأمرنا بأن نجمع بين مطالب الدنيا وشئون الآخرة قال تعالى: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ» القصص 77 ، وأمرنا بالوسطية والاعتدال حتى فى الانفاق بعيدا عن الإسراف والتقتير قال تعالى «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً» الفرقان 67، وأمرنا الله عز وجل أيضا بالاعتدال فى العبادة والجمع بين العمل والعبادة قال تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِى لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِى الأرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» الجمعة (9 ،10).
 
 ونحن أئمة ودعاة إلى الله عز وجل نسير على خطى الحبيب سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم - ونأخذ بمبدأ الوسطية والاعتدال فى كل أمورنا ولا نتعصب لرأى دون رأى لأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان وتتسم الشريعة الإسلامية بالمرونة بمعنى أن كل زمان وعصر تتجدد فيه قضايا لم تكن من ذى قبل ونجد لها ما يناسبها من آراء الفقهاء وما يتناسب مع الشريعة الإسلامية ونعلم تماما أن اختلاف الأئمة رحمة بالأمة وعلمنا ربنا عز وجل أن نقول للناس حسنا «وقولوا للناس حسنا» البقرة 83 وعلى هذا الأساس ندعو الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة .
 
واليوم نجد من يتهموننا بأننا نتعصب لرأى دون رأى وندعو إلى التطرف «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِباً» الكهف 5 ، هذه نوايا ظالمة وراءها أهداف طاغية ، وأن نوايا الآخرين وضحها القرآن الكريم منذ عهد الدولة الإسلامية الأول قال تعالى: «هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» آل عمران 119 ، وقال تعالى «وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» البقرة 109، ولقد وضحت الآيات السابقة النوايا الخبيثة من وراء هذه الفتنة لأنهم لو شككوا المسلمين فى الداعية إلى الله ونجحوا فى ذلك لضاعت الأمة الإسلامية بضياع قادتها لأن الدعاة هم أساس الأمة ولكن أنى لهم ذلك لأننا نسير على خطى الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعيدا عن التطرف والتعصب ونختم حديثنا بقول الله عز وجل «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ» محمد 31، وقوله عز وجل «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» الحجر9 .
 
** مدير أوقاف قليوب