الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

عملية الطائرة «الشبح» لاختراق الموساد للحدود المصرية






روزاليوسف اليومية : 13 - 10 - 2011


حالة من عدم الاستقرار والفوضي المدبرة تجتاح الشارع المصري تقف وراءها أيدٍ خارجية تعبث بمقدرات الوطن وتعمل علي نشر الفتن والاضطرابات أو استهداف أحد المشروعات القومية، وتتمثل هذه الأيادي في أجهزة أجنبية خاصة عملاء الموساد الذين يأتون من إسرائيل عبر الحدود ليقوموا بعمليات في غضون ساعات قليلة ثم يعودون أدراجهم مرة أخري دون أن يتركوا وراءهم أثراً يدل عليهم.. عمليات عديدة قاموا بها بنفس الطريقة مما يطرح عدة تساؤلات حول كيفية اختراقهم الحدود المصرية وخط سيرهم في تأدية مهامهم وطرق عودتهم، فكيف هاجموا خطوط الغاز في سيناء وهروبهم دون ترك أي أثر، كل ذلك يأخذنا إلي عالم اللا معقول في العسكرية حيث الطائرة المروحية الشبح وهي وراء كل اختراقات الحدود وهي التي تقوم بتزويد العملاء بكل المعلومات وتذهب إليهم حيث مكانهم وتعود بهم بعد تنفيذ العمليات الموكولة بهم وقد حصلت «روزاليوسف» علي فيلم بتفاصيل عملية الطائرة الهليوكوبتر الشبح وخط سير عملياتها.
حيث كان السر في مروحية صغيرة أطلق "الموساد" الإسرائيلي عليها اسم "الشبح" شوهدت بالفعل ورصدتها مصر مؤخرًا تبلغ من الوزن 19 (449.28 جرام) أي ما يعادل نحو 8 كليو جرامات ونصف الكيلو لها قدرة الطائرات الشبح حيث لا يمكن كشفها علي الرادارات بأنواعها ولا صوت لمحركاتها ويمكنها الطيران نهارا وليلا بذات الكفاءة بمحاذاة وداخل الحدود المصرية لأكثر من ساعة دون الحاجة لوقود ودون أن يشعر بها أو يسمعها أحد.
الطائرة تحمل في حقيبة السيارة ويمكن تشغيلها من أي مكان ولو علي متن مركب في البحر ومزودة بقدرات هندسية خاصة للغاية مع موتور أنفق علي تصنيعه الملايين من الدولارات يمكنه حمل وزن إضافي قدره 22 كيلو جراماً حمولة عادية أو رادار متطور لكشف منصات الصواريخ وبؤر النيران أثناء المواجهات المسلحة. تشغيلها لا يتطلب سوي شخص أو اثنين علي أقصي تقدير وطريقة التحكم بها تشبه تماما اللعب بطائرة لها جهاز تحكم عن بعد (ريموت كونترول) وعن طريق حقيبة كمبيوتر تابعة لها تقوم بمثابة غرفة العمليات الميدانية للمروحية القزمة ويمكن التوجيه والتشغيل والرصد الراداري والتصوير والتنصت أيضا.
وكانت تلك المروحية أيام نظام مبارك تراقب اتصالات رجال أمن الدولة علي الحدود المصرية طيلة الوقت، وكانت تحلق بشكل روتيني في أمسيات عديدة فوق ثكناتهم في صمت بل كانت تبيت في بعض الأحيان فوق أسطح منزلهم لتتنصت عليهم وتسجل كل أسرارهم.
المروحية القزمة لها قدرة علي حمل الأموال والأسلحة الخفيفة والذخائر، ناهيك عن إمكانية حملها المراسلات المهمة التي لا يمكن نقلها بالوسائل الحديثة، كما يمكنها نقل ديسكات المعلومات والأفلام السرية بأنواعها حيث يوجد بهيكلها مستودع صغير أطلقوا عليه (غرفة أسرار يهودا) مجهز هندسيا لاستيعاب عدة أشياء في مساحة لا تتعدي سنتيمترات قليلة.
عندما تخترق تلك المروحية الحدود برا أو بحرا يمكنها التوغل لعمق 5 كيلو مترات وهي تطير علي ارتفاع 100 متر مما يمكنها من الطيران تحت مستوي كل الرادارات الحديثة بالعالم وفي الصحراء الخالية تكون مسيطرة وفي الظلام الحالك هي سيد الموقف.
يعكفون حاليا علي مد ذلك العمق ليصل إلي عشرة كيلو مترات في عام 2013 ولو فكر أحد مثلا في حدود مصر مع غزة سيمكنه أن يدرك أنها يمكن أن تنقل وتستلم كل شيء في حدود وزن 22 كيلو جراماً بكفاءة كاملة وتشغيل صامت، ولو قمنا بالقياس نقلا عن معلوماتها السرية سنفاجأ بأنها في ظروف عدم حملها وزناً ثقيلاً يمكن أن تخترق الحدود وصولا لكل منزل وساحة علي طول الحدود من غزة إلي طابا، وهو ما سهل للموساد الوصول لعملائه حتي الآن في رفح والعريش وقضي لديهم فنيا علي أي مخاطر لكشفهم.
في الواقع هي خطيرة حيث إن ضابط التلقين والتشغيل التقليدي في علوم المخابرات قد تحول إلي لعبة إلكترونية يمكن أن تصل إلي منزل العميل أو لنقطة تمركزه دون تعريضه للخطر، وفي داخل علبة أسرار يهودا سيجد كل المعلومات والتلقين والمال والسلاح الخفيف والمتفجرات وحتي ديسكات الشرح وهواتف الاتصال الخاصة ولا يتبقي بعدها غير التنفيذ ثم السكون لحين ورود تعليمات أخري وهكذا ويمكن القياس مثلا علي تفجيرات الغاز الأخيرة.
عندما يراها الشخص العادي يعتقد أنها لعبة لكن حاذروا فهي جادة للغاية، ويخضع مشروعها لبنود مشروعات الأمن القومي الإسرائيلي (المنتهي السرية) وهي سر اختراق الحدود المصرية مع إسرائيل التي يبلغ طولها 230 كم دوليا تبدأ من حد البحر علي ساحل غزة حتي معبر طابا مع مدينة إيلات الإسرائيلية.
الشبح تنقل وتراقب وتتنصت وتصور وتمسح الحدود وتزور العملاء وتسهل إختراق غيرهم وتحمي الأنفاق الخاصة بالموساد وهي التي نقلت من المتفجرات المعدة للتشغيل حتي كاتمات الصوت وأجهزة الاتصال التي لا توجد لدي الجيش ولا الشرطة المصرية إلا في أضيق حدود الأمن القومي المصري ويرجح حالياً بالبحث أنها كانت السر في نشر نوعيات خاصة من الأسلحة الغريبة خلال الثورة استخدمت وخرجت بنفس طريقة دخولها.
إنها الحقيقة الصادمة التي نجدها متمثلة في تفجيرات الغاز الستة منذ اندلاع الثورة حتي آخر عملية فاشلة في 9 أكتوبر الماضي فجر اندلاع أحداث ماسبيرو الأخيرة لا دليل ولا متفجرات ولا وسيلة اتصال ولا سلاح ولا فاعل واحد يمكننا استجوابه والسر كل شيء يدخل جوا وينتهي في التفجير وما يتبقي يعاد بنفس الطريقة ويمكننا أن نفتش منازل العريش ورفح بيتاً بيتاً وربما داراً داراً ولن نجد شيئاً.
الخطير أن الموساد أيضاً له أنفاق مكيفة بها أجهزة حديثة وكأنها مستودع عمليات مصغر، يمكنك أن تجد فيه جوازات السفر والهوية والأموال لتمويل العمليات وقاعة راحة وحماماً مكيفاً وقاعة طعام مصغرة ورادار إرسال واستقبال سري.
وفي الواقع يمكن كشف الحركة علي الحدود نهارا بدرجة أو بأخري ومع التسليح بأجهزة الرؤية الليلية لكن المساحة شاسعة والتضاريس غير مستوية في كل المناطق، والمشكلة تعود بنا للطائرة الشبح ففي خلال عملياتهم داخل الحدود المصرية تبدأ تلك الطائرة في التحليق ليلاً أو نهاراً بذات الكفاءة وهي تطير لتمسح الحدود حول مكان تسلل عملاء العمليات الإسرائيلية وهي تري في ظلمة الليل وكأنها تري في النهار.
قطعاً من يقوم بتفجيرات الغاز أو أحداث الفوضي والعنف الشعبي مثلاً لا يتبخر لكنهم ببساطة يعودون من نفس الطريق ليختفوا تحت الأرض وإلي لقاء في عمليات أخري مقبلة.
وحتي الدول المتقدمة لا يمكنها عمليا ضبط تلك المساحة من الحدود بالعدد الحالي من الجنود خاصة لو علمنا أن حدودنا مع قطاع غزة هي نحو 32 كيلو متراً وأن باقي الحدود الدولية المفتوحة في الصحراء مع إسرائيل تبلغ أكثر بقليل من 198 كيلو متراً عرضي، وهو ما يعني حتي لو سلمنا جدلا أننا نشرنا الجنود المصريين في مستوي صف عرضي واحد جانب بعضهم البعض سوف نفشل في تغطية تلك المسافة حسابيا.
لقد كشفت عملية إيلات الإرهابية في ظهر 18 أغسطس الماضي سر خواء الحدود وحقيقة إمكانية الاختراق لنجد أن عملاء إسرائيل مدربون ويتحدثون المصرية بطلاقة لأنهم درسوا في معاهد الموساد حتي الحصول علي درجات علمية مثل الليسانس في اللغة المصرية، وهم يدرسون المسيحية والإسلام ولهم فيهما أطروحات علمية مسجلة بأسمائهم الحقيقية في جامعات إسرائيل المتخصصة.
ولا نظن أن قدرات دولة زورت تقريبا كل أنواع جوازات السفر الأمريكية والأوروبية وقامت بعملية اغتيال محمود المبحوح في 19 يناير 2010 في دبي وعملية فاشلة في نيوزيلاندا في 19 يوليو الماضي خير دليل علي تلك الإمكانية.
وعليه فإمكانية حصولهم في الموساد علي جواز سفر وبطاقة شخصية مصرية مع التسلح باللغة واللهجة المصرية السليمة لن يشكل بالنسبة لعملائهم المدربين عائقا ولن يكون مشكلة تمنعهم من الوصول لأهدافهم ولا عتاب هنا علي أحد، فالمخطط عسكري بحت لدولة شريرة درست جيداً وتمرست في إحداث الفوضي بالعالم كله.
في مصر يتجمع العملاء في محطات الأتوبيس والتاكسي العامة في العريش ورفح المصرية ومن طابا مباشرة للقاهرة أو إلي شرم الشيخ فهم مصريون في كل شيء، ولا يعتقد البعض أن الكشف عن الهويات سيكشف أي جديد فبيانات الهويات حقيقية والمنتحل صورته متطابقة ولا ملف له أو عليه فما المانع من وصولهم القاهرة.
في مصر تكون العمليات التنفيذية المكلفين بها لساعات قليلة تعقبها راحة ونزولهم في أي فندق لا يسبب مشكلة، فالهويات كلها زورت لأشخاص من سكان الإسكندرية وأقاليم أخري حتي لا تثار التساؤلات حول حجزهم بفنادق القاهرة وطبعا الحجز 5 نجوم والتمويل مفتوح.
قبل العمليات يحدد عملاء الموساد أهدافهم، فيذهب المتأسلمون منهم للمساجد، أما المتمسحون فيلجأون للكنائس ودور العبادة المسيحية، واللجوء هنا لا يعني المبيت أو الاستقرار لكن يعني بدء التنفيذ، ووسط الفوضي ما أسهل إثارة هؤلاء ضد أولئك والعكس ثم يخرج السلاح وتستخدم الخبرات العسكرية، حيث الفرد المدرب يساوي عشرات الجنود المجندة علي السجية حتي لو كانت تدريباتهم مميزة ففي النهاية نحن أمام آلة تخريب بشرية استثمر فيها جهاز الموساد الملايين تأهيلاً لتلك اللحظات القذرة بالذات .. وتنتهي المهمة والعودة مرسومة ومدرب عليها ولا توجد مشاكل مادام التدريب ومعرفة طوبوغرافيا الحدود ممتازة .. ونبقي نحن في مصر أمام مخطط متكامل متربص بنا.
لقد أثار الأطباء الشرعيون في عملية تشريح جثث ضحايا أحداث ماسبيرو الأخيرة حقيقة علمية فنية ربما مرت علي بعضنا في كلمات وجمل ذكرت في وسائل الإعلام المصرية مثل (طلقات اخترقت الأجساد) وهو معني خطير لأنه يعني ببساطة أن الطلقات إما كانت قريبة حيث دخلت وخرقت الجسد، وهو ما يعني أنها ليست عمليات قتل عشوائية من مسافات بعيدة لكنها اغتيالات لأشخاص كانوا بجانب القاتل، أي ببساطة القاتل لم يكن علي أطراف الأحداث بل كان منطقياً وسط المتظاهرين أنفسهم، أو أنها طلقات قناصة خارقة للدروع أو طلقات ليست بحوزة لا الجيش أو الشرطة وفي كل الحالات نحن أمام حقائق شرعية علمية مقلقة.
كلها معلومات جديدة وغزيرة عن كيفية خرق الحدود المصرية من قبل الموساد الإسرائيلي وبينها ما يقودنا من جديد لاحتمالية، ولو بسيطة، أن الضباط المصريين الثلاثة المختفين بسيناء من 20 فبراير الماضي قد ساقهم حظهم العثر أمام منفذ ما لأنفاق الموساد الأكثر سرية، خاصة أنه قد أبلغ عن فقدهم طبقاً لما نشر في إسرائيل علي مسافة 3 كيلومترات جنوب معبر "كرم أبو سالم" وهو ما يدعونا للبحث، فهؤلاء المختفون يمكن أن يكونوا أسري حاليا علي الجانب الآخر. لقد شاهدنا تسجيلات وأفلاماً خاصة كلها أكدت أن عملاء الموساد من الصعب كشفهم لأنهم لا يعيشون بيننا لفترات طويلة تمكن أي جهة من كشفهم بل إن عاداتهم الدينية مثلا تضيف علي صعوبة كشفهم، فقد درسوا اللغة والديانات لحد الذوبان في الشوارع ولا ننسي أن الكثير من الشهود في معظم أحداث الفوضي التي حدثت حتي الآن في مصر شهدوا بأوصاف وبيانات تشير لحقيقة تواجد عملاء الموساد المدربين بيننا إلي حين ضبطهم، ووقتها أعتقد أنه لن تكون هناك صفقات أو مبادلات.