الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

العجيمى: «الجبهات الثقافية» عبء يصيب الحياة الثقافية بالترهل





 
 
بين ما فجرته الثورة المصرية من طاقات وإبداعات ثورية كذلك أنارت للكثيرين مناطق إبداعية جديدة، وأعطت للبعض فرصة جديدة لاكتشاف ثان للعالم بمفرداته وتفصيلاته وشخوصه المختلفة، وربما اكتشاف نفسه، وهذا ما نصادفه فى هذه التجربة الإبداعية التى أعاد فيها المبدع اكتشاف نفسه واكتشاف بعض المقربين منه، الذين عرفهم على مستوى آخر من شخصياتهم فى أيام الثورة، فكشف لنا مؤخرًا القاص عادل العجيمى عن تجربته القصصية «وجوه من الحلم الجميل» حيث رأى بقلبه فيمن حوله من رفاق الثورة ما خطه قلمه فى المجموعة، وتحدث به معنا فى هذا الحوار:
 
 
 
■ كيف واتتك فكرة المجموعة القصصية فى وسط هذا الكم من الكتابات عن الثورة؟
- الكتابة هى فى الأساس فعل ثوري، يثور على كل الثوابت والقواعد التى وضعها المنظرون فى مجالات الأدب أو السياسة، وبالتالى لم تكن الفكرة هى مواكبة الكتابات عن الثورة، بقدر ما كانت محاولة لأن تكون الثورة فى الكتابة مشاركة للفعل الثورى فى الشارع، لذا كانت هذه المجموعة فى الأساس ثورة على الشكل التقليدى للكتابةالقصصية.
■ لماذا انتقيت أشخاصًا بعينهم  للكتابة عنهم؟
- كما قلت سابقاً إن هذه المجموعة وما سبقتها أقصد مجموعة «حبات التوت» هى ثورة على الشكل التقليدى ومحاولة لوضع القصة القصيرة جدا على خريطة الكتابة، وبالتالى جاءتنى فكرة تشخيص مجموعة من الوجوه التى التقيتها فى الميدان وتشاركنا فى الحلم الثوري، فكل وجه من هذه الوجوه رأيته من خلال الميدان، ورأيته قبلها فى ميدان العمل الإبداعي، من خلال ما قرأته أو عايشته من حالاتهم الإبداعية والثورية.
■ هل كانت الثورة السبب فى إعادة اكتشافك لهم بشكل مختلف؟
- الثورة كانت عاملا لرؤيتهم فعلا، وأقصد بالرؤية هنا المشاهدة الفعلية لإبداعهم المتمرد والثورى على الأرض، رأيت إبداعهم محتكا بالأرض والناس والحياة وبتراب الميادين بعدما كان فى كتبهم، رأيتهم يبدعون مرة أخرى بشكل متواز مع إبداعهم، رأيت ثورتهم تخرج من إبداعهم وتقفز إلى الشارع وتخترق كل الحجب لتعلن عن نفسها بفرحة غامرة.
■ اخترت عنوان المجموعة «وجوه من الحلم الجميل» هل ترى أن ما جمعكما - الثورة - كان حلمًا؟
- نعم هو حلمنا الذى اشتركنا فيه جميعا، هو حلمنا الذى طالما قصصناه فى قصصنا وأبدعه الشعراء فى قصائدهم وشدا به الفنانون الحقيقيون، والتقطته كاميرات المصورين، هو الحلم الجميل أن نحيا فى عالم أفضل هو الحلم الجميل الذى لن نمل منه وسنتشبث به حتى آخر نفس لنا فى الحياة، لأنه حلم يستحق وسيظل حلم كل من يبحثون عن الحرية عبر الزمن.
■ لماذا استخدمت المباشرة فى بعض القصص؟
- الكتابة بشكل عام تتنافى معها فكرة (القصدية والتعمد) فأنا لم أتعمد المباشرة، وإن رآها البعض حاضرة فى بعض القصص، فهذا قد يكون لأن الفعل الكتابى لها تزامن مع فعل حقيقى فى الشارع، ملتحم بجسد الثورة، وبالتالى تناسبت مع الفعل الموازى الذى كان تلقائيا ومباشرا بشكل لم نتوقعه على الرغم من مشاركتنا فى الفعل بل الحلم به فى كل كتاباتنا، لذلك تجدين العنوان فيه حكم قيمى على الحلم بأنه جميل، لأننى أراه  بالفعل ..أراه كذلك.. أراه جميلا رغم كل شىء.
■ هل استقبل النقاد والمبدعون المجموعة كما توقعت؟
- الاستقبال للمجموعات لا يظهر أثره بشكل مباشر وسريع خصوصا أن هذا مشروع مغاير للمألوف فكتابة (القصة القصيرة جدا) أمر فيه مغامرة لذلك اعتمدت على رصيدى عند النقاد والمبدعين فى هذين المشروعين وقد استقبلوا المجموعة الأولى فى هذا المشروع (حبات التوت) بصورة إيجابية وكتب عنها أكثر من ناقد فى جرائد ومجلات مصرية وعربية بصورة جعلتنى أتشبث بمغامرتى الكتابية  وأسعى لإصدار هذه المجموعة.
■ هل يتم الاحتفاء بـ«القصة» مثل الاحتفاء بالشعر والرواية الآن؟
- بصراحة الأمر معقد فى هذا الأمر وقد تناولت هذا الموضوع فى عدة مقالات منذ عام 2010، وأثارت الجدل خصوصا عندما وضعت يدى فى عش الدبابير مع هجومى ساعتها على من قتلوا كل الأنواع الأدبية لصالح الرواية، فيما اصطلحوا عليه ساعتها (زمن الرواية)، فلقد دعوتهم صراحة أن يطلقوا رصاصة الرحمة على القصة القصيرة ليريحونا ويريحوا أنفسهم .. قد يتغير الأمر مستقبلا ولكننا مازلنا أسرى الرواية للدرجة التى تسمعين فيها كاتبا أو ناقدا يوصيك بقوله (اتجدعن واعمل رواية بقى) على أساس أننا سنذهب إلى الورقة والقلم ونفصل رواية على المقاس مما يصيب البعض منا بالإحباط لأنه يرى أنه لن يكون كاتبا إلا إذا كتب رواية.
■  بعد الثورة قامت العديد من الجبهات الثقافية التى تولت الدفاع عن الحقوق الثقافية والمشهد الثقافى فكيف تراها؟
- هذه المجموعات لها كل الاحترام، المهم أن تستمر حتى لا تكون مجرد فورة تتراجع بعدها عن دورها، فتصير ككل التجمعات مجرد هياكل فارغة يلتقى أصحابها ليرددوا كلاما مكررا وتضيع طاقتهم فى النقاشات والحوارات التى لن تسمن ولن تغنى من جوع، وبالتالى ستصير عبئا على الحياة الثقافية وتصيبها بالترهل أكثر وأكثر.
■ على ذكر الوضع الثقافى كيف ترى وضع الأدباء والمثقفين فى ظل الأحوال الراهنة؟
- الوضع الثقافى منذ ما قبل الثورة لم يكن على ما يرام، لأن الشللية كانت تسيطر على مفاصل الهيكل الثقافى الهش فالسفريات والمؤتمرات لأسماء بعينها لا تتغير ولا تشيخ، وكأن مصر عقمت أن تلد إلا هؤلاء، أما الآن فالصورة مبهمة فالكل يريد أن يبدو فى صورة الثورى الذى أتى ليصلح الفساد ويتصدى لهذه الشلل، وبالطبع هناك بعض المحاولات المخلصة التى أتمنى من كل قلبى لها التوفيق فى الهيئتين الكبيرتين المهتمتين بالوضع الثقافى.
■ العديد من القاصين يتحولون بعد كتابتهم للقصة إلى كتابة الرواية فهل ستكون أحدهم؟
- لست مؤمنا بموضوع التحول هذا، لأن الكتابة ليست فعلا آليا، بل هى فعل إنسانى يجذب المبدع إلى آفاقه الإنسانية، فقد أنجذب إلى الرواية أو الشعر ثم أعود إلى مكانى الأثير الذى أنجذب إليه، وقد لا أنجذب إلى العالم الروائى أساسا، الأمر متروك لما ستسفر عنه تلك اللحظة التى سأمسك فيها بالقلم.
■ ماذا عن مشروعك الأدبى المقبل؟
- انتهيت من كتابة مجموعة قصصية اسمها  (لن ترى .. ) وفيها عودة إلى القصة القصيرة وبعدها لا شىء، لأنى سأترك الحالة هى التى تحكم على ما سأكتبه، فربما أنطلق فى عوالم الرواية، وربما أكتب مرة ثالثة فى القصة القصيرة جدا، المهم أن تستمر الكتابة.