الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معسكر اعتقال دورا.. يكشف خفايا الصراع بين النازية والغرب





يرصد الدكتور رمسيس عوض خفايا الصراع الدولى بين هتلر النازى ودول الحلفاء على اقتسام مناطق النفوذ فى العالم فى كتابه الصادر حديثا عن المجلس الأعلى للثقافة بعنوان «معسكر اعتقال دورا» يقع الكتاب فى 215 صفحة من القطع المتوسط، ففى نهاية عام 1945 أنشأت القوات الأمريكية مكتبا فى مدينة فرانكفورت أطلقت عليه اسم مكتب الحكومة الأمريكية العسكرى، واتخذ الأمريكان والبريطانيون من معسكر كرانسبرج مقرا لهم حيث استدعوا للمثول أمامهم جميع العلماء والفنيين والاقتصاديين الألمان النازيين لاستجوابهم، واضطلع الأمريكان بالتنقيب عن مجرمى الحرب وملاحقتهم خاصة أولئك الذين تولوا إدارة معسكرات الاعتقال وساعدتهم على ذلك إمكانياتهم الهائلة ومعرفة بعض اليهود باللغة الألمانية بسبب انحدارهم من أصول جرمانية وإلى هؤلاء يرجع الفضل فى تحرير معسكرات بوخنوالد، ودورا – ميتلبو، وفلوسنبرج، وداكاو وماثاوزن، ومنذ ما يقرب من ثلاثين عاما مضت لم  يكن معسكر الاعتقال متلبو- دورا الشهير بام دورا معروفا فى العالم الناطق بالإنجليزية وتميز معسكر دورا بالعمل لفترة قصيرة حيث إن عمره لم يزد على العشرين شهرا الأخيرة من زمن الحرب العالمية الثانية وكان أكثر من نصف السجناء من الروس والأوكرانيين والبولنديين، وقد تعمدت حكومة الولايات المتحدة ووسائل الإعلام الغربية تجاهله بسبب علاقة هذا المعسكر بمهندس الصواريخ الألمانى الكبير فيرنهرفون براون «1912- 1977» الذى ساعد أمريكا فى وضع أول قمر صناعى أمريكى فى مداره وهبوط أول رواد فضاء أمريكان على سطح القمر وفد أقيم معسكر دورا فى أواخر أغسطس 1943 وسخر النازيون العمال المقيمين فى المعسكر فى إنتاج السلاح وصواريخ v2   فى مصنع بينيموند على بحر البلطيق الذى تعرض لقصف الحلفاء، الأمر الذى أدى إلى نقل إنتاج الصواريخ إلى موقع تحت الأرض فى ثورينجيا كما أقيم خط سكة حديد تحت الأرض فى المنطقة المجاورة له، وترجع أهمية هذا المعسكر الى تخصصه فى انتاج الأسلحة السرية، وكان المعسكر يقع فى منطقة غير مطروقة، قد تكون مجهولة لدى أصحاب الخبرة المحدودة، ولكنها غير مستعصية على مخابرات الحلفاء، وفى الأشهر الأخيرة من الحرب قامت القوات الامريكية باقتحام دورا فى أبريل عام 1945، لكنها لم تجد فيه سوى عدد قليل من السجناء لأن رجال وحدة البوليس الخاصة الألمانى قاموا بإجلائهم بطريقة أدت إلى هلاكهم، وعند وصول القوات الأمريكية لم تجد أمامها سوى مجموعة من الهياكل العظمية ويشير رمسيس عوض إلى أن محاكمة مجرمى الحرب المسئولين عن هذا المعسكر والتابعين لوحدة البوليس الألمانى الخاصة تأخرت كثيرا وعقدت خلال الفترة من 17 نوفمبر 1967 حتى 8 مايو 1970، ولكن المحاكمة هذه المرة لم تكن أمريكية بل كانت ألمانية، ولا شك أن إنشاء جهاز خاص للتحقيق فى الجرائم النازية سهل على الادعاء جمع الأدلة ضد بعض مجرمى الحرب الألمان الذين أفلتوا من المحاكمة أمام محاكم قوات الحلفاء وصدرت ضدهم أحكام بالحبس وكان عددهم ثلاثة مسئولين، كما قامت فرنسا بمحاكمة مواطنين فرنسيين كانت لهم علاقة بمعسكر دورا وبعضهم كان عميلا للجستابو قبل تحرير معسكر دورا وقد حكم على المتهم الفرنسى ونجليه بالإعدام عام 1947.
جدير بالذكر إن الدكتور رمسيس عوض أستاذ الآدب الإنجليزى بكلية الألسن واحد من طليعة المثقفين المصريين المعاصرين، فهو بالإضافة إلى إنجازاته الأكاديمية، تتعدد وتتنوع اهتماماته الثقافية والأدبية، فهو ناقد ومؤرخ أدبى ومترجم ورائد فى مجال البحوث البيلوجرافية وتجاوزت مؤلفاته السبعين كتابا بالعربية والإنجليزية وكلها تتسم بدفاعها الشديد عن حرية الرأى والتعبير.