الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حلمى التونى : «خيول ونساء» رداً على اضطهاد المرأة وحرمانها من حقوقها




لا تخلو أعمال الفنان التشكيلى حلمى التونى من وجود المرأة، التى تمثل رفيقة مشواره الفنى والإنسانى، ويشارك المرأة فى أعمال التونى مجموعة من الرموز التى تحمل فلسفة خاصة ولها دلالات فى التراث الشعبى والمصرى القديم الإسلامى والقبطي.. وفى معرضه الجديد «خيول ونساء» الذى استضافته «قاعة بيكاسو للفنون» بالزمالك، ويضم أكثر من ثلاثين لوحة تصويرية وتكوينات مختلفة يقدم التونى رفيقا جديدا للمرأة وهو الحصان، الذى ينافسها فى الجمال والرشاقة، ويحمل من الصفات ما يجعل المرأة تراه مثال الفروسية والشهامة والكرامة وعزة النفس، حول هذا المعرض دار الحوار:

 
 
 
■ حدثنا عن موضوع معرضك «خيول ونساء»؟
فى هذا المعرض أقدم المرأة بشكل آخر كرمز حاضر لا يغيب تبحث عن فارس ورفيق منقذ يختلف عن الرموز السابقة، رفيق فيه الكرامة والقوة والشموخ والعزة والشهامة، وهذا الرفيق هو الحصان الفارس، الذى يعيد إليها حقوقها ويدافع عنها.
المرأة المصرية لم تكن فقط مجرد امرأة ولكنها رمز لمصر ورمز للوطن، فالوطن فيه صفات الحنان والعطاء والمحبة، الحصان رمز أيضا للثورة السليمة التى تهدف للتغير المشروع، التغير بأخلاق الفرسان واحترام الإنسان والإنسانية، المرأة والحصان هذا المضمون الذى اكتشفت أنى سوف استمر بهذا الفكرة فى معارض أخرى قادمة.
كل أعمالى الفنية بها عنصر أساسى وهو المرأة ذلك الكائن الذى يحمل بداخله شحنة من العواطف الإنسانية وصفات كرمها الله بها، ويشارك المرأة فى معظم لوحاتى رموز مصرية مثل «الهدهد» و«زهرة اللوتس» و«طائر النورس» و«السمكة» وغيرها من الرموز، التى أشعر أن بينها وبين المرأة أسرار لا حدود لها.
■ وما السر فى جمعك للمرأة والحصان دائما؟
- الحصان فيه  صفات كثيرة، المرأة أجمل المخلوقات والحصان من أجمل الحيوانات، وأشعر أن كليهما تجمعهما علاقة حميمة، عندما نظرت الى لوحاتى فى بعد الانتهاء منها شعرت أنى رسمت رقصة «للحصان والمرأة» بينهما عاطفة قوية.
 وجدت أنى رسمتهما وكأنهما راقصو بالية ولهما أجنحة وسوف يحلقان معا إلى عالم آخر، عالم فيه الحرية والأمل، والتكوينات على أرضية مسرحية كمشهد أو جزء من لقطة، وهذه الأرضية فى لوحاتى تختلف عن لوحات الآخرين، حين ينظر المتلقى إلى أعمالى يجد أبطالى واقفين لالتقاط الصور، وأنهم مدركون أن هذه لقطة تذكارية لهم  لذلك هم مبتسمون ويحملون، اليوم أحزن على ما تعرض له المرأة فى ظل حكم الإخوان المسلمين، من ضغوط وكراهية وقمع، أرد على كل من يهاجمها  بكل قوة لهذا اخترت (الحصان)، والحصان الذى يمثل الرجل الشهم فى صورة نبيلة، ورسمت الحصان بشكل تكعيبى مختزل ومبسط، الحصان فيه طاقة مطلقة وكرامة، وهذا ما نطالب به الكرامة التى تفتقدها اليوم، المعرض صرخة احتجاج لفقدان الكرامة، واعتبر أن المعرض رد بليغ أوجه به رسالة للذين يضطهدون المرأة ويريدون فرض السيطرة عليها وحرمانها من حقوقها.
■ لماذا تم تأجيل معرضك أكثر من مرة؟
تأجل المعرض سته شهور لأن الظروف لم تكن مناسبة، لكنى قررت افتتاحه لأن صمتى كفنان عن الرد على كل ما يدور فى مصر من قمع واضطهاد وتكميم أفواه وكراهية للفن التشكيلى اعتبره خطأ فى حق هذا الوطن، أدواتى ولغتى أدوات فنية ووجدانية وكلاهما يحمل سلاحا قويا وقادرا على المقاومة.
مصر بلد الإبداع مصر الضحكة الراقية هذه الأيام مصر فى حالة حزن ودموع تخرج من العيون ولا يحل محلها تفاؤل، مصر فى خطر بعد مائتى سنة من عصرها الحديث نحن اليوم فى مرحلة جادة والفن لازم يكون رده جاد الفن والمقاومة.
■ ما أبرز الرموز التى قدمتها من خلال المرأة والحصان فى أعمالك بهذا المعرض؟
فى هذا المعرض وضعت على رأسها رموز وعناصر كثيرة، منها الحصان الفارس وايضا عبرت عن «ست البنات» التى تعرت فى التحرير وهى فوق الحصان يأخذها ويطير بعيدا حافظاً عليها، كما قصدت أن تكون المرحلة العمرية للمرأة فى الأعمال دائما شابة أو بنت شقية وطفلة، المرأة الجميلة هى رمز الوطن، لذلك الوطن لا يتقدم فى السن مصر عجوز وقديمة تاريخيا ولا تصاب بشيخوخة أو فقدان الذاكرة، مصر شابة شديدة الجمال والروعة.
■ بعض اللوحات ظهرت فيها المرأة الفرعونية ماذا تقصد بوجودها؟
عالمى الخاص  ليخرج من المفردات الخاصة من الحضارات المصرية القديمة المرأة فى المصرى القديم أحلى النساء فى عصرها  الحديث، ازعجنى جدا ما قرأت وسمعت ان الحضارة المصرية معروضة للايجار والبيع، لن ولم يحدث ان شعب مصر يقبل ان يؤجر حضارته لدوله أخرى، لذلك بعض اللوحات الموجودة عن المرأة الفرعونية هى رد على كل من يحاول ان يعبث بحضارتنا وهويتنا،  ففى اللوحة قدمت المراه الفرعونية مع المشربية اصف بها كم كانت قيمتها ومع تطور العصور، تفاجأ بمن يحاصرها بعنف وقمع، ومن العيب والعبث ان تصل المرأة فى مصر بعد كل التاريخ والحضارات وادارتها وقيادتها لمصر فى فترات تاريخية كثيرة، نعود بها الى رجعية الفكر فى المطالبة بحقها،دائما ما نقول اين حقوق المرأة ولكننا فى حقيقة الامر نعرفها ولا نعرفها،  حصلت المرأة فى التاريخ الفرعونى على حقوق كثيرة منها القيادة فهل يعقل ان تعود للمطالبة من حقها، كل حقوقها مشروعة المرأة نفرتيتى مثلا جميلة الجميلات سيدة العصر وكانت أحسن أو أطيب أو أفضل النساء،تحيا المرأة المصرية من اول امرأة فى التاريخ الى وقتنا.
■ وماذا عن ظهور عنصر السمكة والهدهد مع المرأة فى هذا المعرض؟
السمكة والهدهد هى اصداء قديمة تخرج منى دون قصدية لانها مخزونى بكيانى  ولا امنع نفسى او اكبت ذاتى،ولم اقم باى اعداد مسبق للعمل قبل التنفيذ، واللوحة التى فيها مجموعه من النساء حول السمكة هما مجموعه تماثيل عارية  تشبة حالة الفقر التى قد نتعرض لها إذا لم يحدث تغير.
وبعض اللوحات المرأة تحمل على رأسها رموز السمكة الفاكهة البلاص بطيخة فهذا تعبير عن انها دائما تحمل اعباء على عاتقها حمل ومع ذلك تبدو جميلة ومبتسمة وهذه من اجمل صفات المرأة الصبر والتحمل.
■ ما رأيك فى أعمال الفنانين عن الثورة على الفنان يكون نفسه؟
الفنان لا يرسم ثورة بالعافية، أو فناً ثورياً بالعافية، ليثبت أنه اشترك فى الثورة ولا يتصنع أو يتاجر بأنه عبر عن الثورة، ليست الثورة حدثاً عابراً سوف ينتهى، ولكنه بالتأكيد مستمر فى الواقع وفى الفن، وكثيرا ما نقول قام الفنان التشكيلى بثورة على العنصر، قد يكون اختزال وتبسيط وتعبيرية وتجريدية وتكعيبية، كلها ثورات على المعالجة الفنية والشكل، فهذا يعنى الخروج عن المعتاد والمألوف وأن يرى صورة جديدة للواقع، مثل الحصان بالأجنحة أعتبره عملا ثوريا.
■ وماذا عن وجودك كرسام كاريكاتير فى الصحافة؟
أمارس حريتى السياسية كاملة فى التعبير عن رأيى بالفن فى الصحف الخاصة، أما فى «الأهرام»، لأنها جريدة رسمية وحكومية، قد منع لى الكثير من الرسوم رغم أنها تقدم نقدا مهذبا اخترت أن أقدم حبى للوطن، أقدم بالأهرام بابا تحت عنوان «مناظر» اختار فيه موضوعا غنائيا تشكيليا، أعبر فيه عن رأيى وأقدمه بلغة تشكيلية، أقدم النقد الساخر للتنبيه وليس للإضحاك، لأن الضحك له ناس آخرون، وأنا أود أن أستمر فى هذه الإطلالة على الشعب المصرى من خلال هذه النافذة.
■ كيف ترى الفعاليات التى تقدمها المؤسسة الرسمية فى هذه الفترة؟
كل شيء مؤجل فى مصر مثل ما هو مكتوب على التليفون on hold «اون هولد» ومصر على الانتظار وأحلامها مؤجلة، ولكن الفن لا يؤجل ولا ينتظر إشعاراً آخر، قطاع الفنون التشكيلية مستمر فى تقديم فعاليات مهمة، مثل صالون الشباب وصالون القاهرة وتعاون مع جمعية محبى الفنون الجميلة ولم يتوقف رغم كل الظروف والقيود، وأن استمرار معارض الفن التشكيلى واستمرار فنانى النحت هو مقاومة ورد راقى  على كل من يهاجم الفنون وعلى الفنانين أن يستمروا فى الفن كما تعودوا  دون تغيير أو مواءمة لأى طرف أو إخضاع أعمالهم للرقابة، ولا يقدمون أعمالاً القصد منها مغازلة أو نفاقاً، احنا ما بنتهددش وسوف نستمر فى رسالتنا، لأننا نقدر قيمة الموهبة التى وهبها الله لكل منا وهى الفن.