الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هيبة العدالة أم حرية الإعلام؟
كتب

هيبة العدالة أم حرية الإعلام؟




 


 كرم جبر روزاليوسف اليومية : 23 - 04 - 2010


المحاكمات ليست مباريات كرة تذاع علي الهواء مباشرة


1


- كان مؤتمرًا رائعًا عن الإعلام والقضاء عقدته كلية الإعلام جامعة القاهرة برئاسة العميدة النشيطة الدكتورة ليلي عبدالمجيد، وأجمل ما في المؤتمر هو حشد القضاة الأفاضل الذين حضروا جلساته.


- شاركت في إحدي الندوات، وتحدثت عن ضرورة عقد اجتماعات مكثفة بين القضاة ورجال الإعلام، للاتفاق علي ميثاق شرف جديد يحكم العلاقة بين الطرفين.
- رحب المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة بالفكرة ودعاني إلي حضور اجتماع في النادي للحديث باستفاضة عن هذا الموضوع، وتركت له تحديد الموعد.
2
- الموضوع جاد وخطير، وحذرت من اجتراء وسائل الإعلام علي القضاة والقضاء أكثر من ذلك، لأن المقصود هو حماية هذه المهنة المقدسة من التجاوزات الكثيرة التي تحدث مؤخرًا.
- منذ سنوات كنا نذهب للنيابة إذا تم استدعاؤنا للتحقيق ببدلة محترمة وكرافتة، ويكون الصحفي حريصًا علي أن يكسب ثقة جهات التحقيق واحترامها.
- الآن، انقلب الموقف، والصحفيون يذهبون للمحاكم والنيابات بالجينز والحمالات.. كل إنسان حر في ملبسه، ولكن الاهتمام بالشكليات، ولو كانت بسيطة، جزء من الاحترام المفترض أن يكون.
3
- الآن يذهب الصحفيون إلي المحاكم والنيابات في «زفة نضالية»، وكأنهم يدشنون الكفاح ضد الاستعمار، وليس المحاكمة أمام القضاء المصري.
- العالم كله لا يحدث فيه ذلك، حتي القضاء الأمريكي لا يسمح للكاميرات أن تقتحمه، بل ويفرض علي الصحف أن ترسم المتهمين والمحاكمة، ولا تنشر صورًا فوتوغرافية.
- في مصر، كل شيء سداح مداح، ويتباهي بعض القضاة بعشرات الكاميرات التي تنقل المحاكمات علي الهواء مباشرة، مثل مباريات كرة القدم.
4
- الفضائيات هي الأخري دست أنفها في شئون القضاء والقضاة، واعتبرتهم وليمة دسمة لمعدتها الشرهة التي لا تشبع، ولم يفرقوا بين شئون القضاء والتعليق علي مباريات كرة القدم.
- تجد المذيعة تضع ساقاً علي ساق أمام مستشار محترم في عمر والدها وتقول له بالفم المليان: «انت عملت كده ليه».. وتستجوبه وتحاكمه وكأنها هي القاضية وليس هو.
- للأسف الشديد فإن بعض القضاة «استحلوا اللعبة» وكانوا هم الكوبري الذي عبرت عليه الفضائيات إلي القضاء والقضاة، وشاهدنا لأول مرة في تاريخ مصر «قضاة الفضائيات».
5
- بعدهم، ظهر قضاة الوقفات الاحتجاجية تحت الشمس الحارقة بالأرواب السوداء والأوشحة الخضراء، وينضم إليهم المارة وعابرو السبيل والذين يتنطعون علي الفاترينات.
- أساءت هذه الوقفات إلي القضاة وألحقت بسمعتهم أضراراً بالغة، فالقاضي الذي نلجأ إليه ليرد المظالم ويعيد الحقوق، يقف علي الرصيف يرفع لافتة.
- الحمد لله أن القضاة أنفسهم هبوا كالأبطال ليتخلصوا من هذه الصور السلبية، وأصلحوا مسيرتهم، وأعادوا الهيبة والاحترام لمهنتهم المقدسة.
6
- جلوس القضاة علي كل صندوق انتخابي كان - أيضًا - مأساة كبري.. وشاهدنا مستشارين أجلاء يتعرضون لحوادث عرضت حياتهم للخطر علي يد بلطجية الانتخابات.
- وصلت المأساة ذروتها عندما خرجت من بين القضاة أنفسهم أصوات تنادي بمحاكمة ما أسموهم «قضاة التزوير»، وعندما أحيل من أطلقوا ذلك إلي التحقيق، قامت الدنيا ولم تقعد.
- جاء تعديل المادة «88» من الدستور ليوقف هذه المهزلة، وليحقق المعادلة الصعبة: إشراف القضاة علي الانتخابات وحماية وصيانة هيبة القضاء.
7
- القضاة والسياسة لعبة أخري جري توريط بعض القضاة فيها، فأصبحوا يكتبون في الصحف أكثر من الصحفيين، ويظهرون في الفضائيات أكثر من لاعبي الكرة والفنانين.
- الذي يجلس فوق منصة العدالة يجب أن يكون مستقلاً تماماً ولا ينتمي لأي حزب أو تيار سياسي، لأن استقلال القضاء يبدأ وينتهي عند هذه الإشكالية.
- «القضاء والإعلام» قضية مهمة وخطيرة.. فالمهم هو تحقيق التوازن بين احترام وهيبة القضاء وبين حرية الصحافة ووسائل الإعلام.


E-Mail : [email protected]