الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تقييم إسرائيلي لنظام مرسي: مصر تغرق في رمال متحركة وعاجزة عن تخليص نفسها





تتابع إسرائيل عن كثب ما تشهده مصر من محن ومصاعب، وترصد من خلال مراكزها البحثية التطورات والظواهر الجديدة علي الساحة المصرية، وما قد ينطوي عليها من مخاطر قد تهددها بعدها، وفي إطار هذه المتابعة أصدر المركز المقدسي للعلاقات العامة تقريرا أعده السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة «تسيفي مزئيل»، رصد خلاله آخر التطورات السياسية والاقتصادية بالبلاد، واستعرض أهم المشاكل التي تواجه المصريين جراء سياسات الرئيس « محمد مرسي» وجماعته بعد وصولهم للحكم عن طريق انتخابات ديمقراطية، إلا أن التقرير رأي أن «مرسي» يفقد شرعيته بالفعل.

تساءل «مزئيل» في بداية التقرير عن إمكانية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في مصر لإنقاذها من التدهور ، ورأي أن مصر غارقة في بحر من الرمال المتحركة وغير قادرة علي تخليص نفسها . وقال: إنه في أسوء أحلام الإخوان المسلمين لم يتوقعوا أنه في حالة وصولهم للسلطة في مصر أن يجدوا أنفسهم أمام معارضة كبيرة وتسعي للتخلص منهم وإبعادهم عن السلطة، فقد نجح الإخوان علي مدار 80 عاما علي البقاء أمام اضطهاد الحكومات المصرية لهم منذ عهد فاروق وحتي مبارك ( بإستثناء السادات الذي أخرجهم من السجون وقتلوه)، والآن وبعد أن أوصلتهم الانتخابات الحرة إلي سدة الحكم في مصر يواجهون مقاومة شرسة من كل أطياف الشعب . وكان هناك من يراهن علي أنهم لن يستمروا في السلطة وأن مرسي سيضطر للإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة. فالوضع الاقتصادي المتدهور يزيد من التهديدات علي جماعة الإخوان المسلمين ، إلا أن هذا الوضع لم يؤثر علي تصميمهم علي التمسك بمقاليد الحكم في مصر.
وأضاف إن العصيان المدني في مصر يزداد، فمنذ نوفمبر الماضي تواجه الدولة دوامات سياسية واقتصادية واجتماعية تهدد بجذبها نحو الأعماق، والتي لن تستطيع الخروج منها إلا بثمن باهظ يؤثر علي مستقبلها، وأصبح مصطلح «الحرب الأهلية» متدوالاً علي أفواه العديد من المحللين السياسيين، علي الرغم من الافتراض بتدخل الجيش ليفصل بين المتحاربين، وعندها ستحتاج مصر إلي سنوات للإنتعاش حتي تصل لحكم مدني منتخب ومتوازن، وفي غضون ذلك ستتزايد دعوات العصيان المدني.
وفي بورسعيد أوقفت الشرطة أنشطتها وقام الجيش بتولي مهامها، وقام عدد كبير من سكانها بتحرير توكيلات للفريق أول «عبدالفتاح السيسي»، وزير الدفاع لإدارة شئون البلاد بدلا من الرئيس «محمد مرسي»، وبعدها إنتقلت لعدة محافظات مصرية، علي الرغم من أنه ليس لديهم أي فرصة فإن الاحتجاجات اليومية في القاهرة والمحافظات، التي تنادي بإسقاط الرئيس وجماعته، مستمرة                               وأمام تلك المظاهرات تعمل ميليشات الإخوان، برغم قلتها، وأضاف إن تلك المظاهرات خلفت زيادة في الأضرار التي لحقت بالإقتصاد المصري – المتوقف علي أي حال- وجعلت الأجواء غير مستقرة ويسود الخوف من المستقبل.
وعن المعارضة السياسية ،والتي أسست «جبهة الإنقاذ الوطني» بقيادة «محمد البرادعي» و«حمدين صباحي» و«عمرو موسي»، فهي تواصل مقاطعة السلطة، وليست مستعدة للحوار مع «مرسي» طالما لم يلغ الدستور الذي وافقت عليه الأغلبية الإسلامية وإقامة حكومة محايدة لضمان الشفافية في إدارة شئون البلاد، وإجراء انتخابات برلمانية.
وأكد السفير الإسرائيلي السابق أن مرسي يفقد شرعيته رغم وصوله للحكم عن طريق انتخابات ديموقراطية، وأن الشعب المصري، الذي صوت لجماعة الإخوان ومنحهم الرئاسة والبرلمان – مع السلفيين، أصبح يتعامل معهم بعين الشك والريبة بعد انتهاجاتهم أعقاب الوصول للسلطة، فجماعة الإخوان لم تتفهم هذا الأمر ، ولم تبذل جهدا ليثبتوا أنهم يتعاملون بجدية مع المشاكل التي تعاني منها مصر، وأوضح أن «مرسي» فشل فعليا في كل ما قام به، فشل في الوفاء بوعوده خلال المائة يوم الأولي من حكمه بشعور المواطنين بالأمن واختفاء مشاكل الخبز والوقود والقمامة وغيرها، أيضا اضطر لإلغاء الإعلان الدستوري الذي منحه صلاحيات موسعة من حصانة وتشريع، كذلك اضطر للرجوع عن قراره الأول بإبعاد النائب العام السابق ، ولكن السلطة القضائية في مصر لا تعترف بتلك التشريعات وقضت بأن تعيين النائب العام الجديد غير قانوني.
بالإضافة إلي أن موجة الإستقالات من مستشاريه ونائبه ،المستشار «محمود مكي»، خلقت شعورا لدي المواطنين بأنه يفقد شرعيته رغم أنه جاء عن طريق انتخابات حرة . وأصبح من الواضح لدي المصريين أن «مرسي» ما هو إلا ممثل عن جماعة «الإخوان المسلمين» ويخضع لقراراتها وإملاءاتها.
وأضاف علامة أخري علي تدهور وضع جماعة الإخوان المسلمين بين الجمهور المصري، فقد مني الإخوان بخسارة في الانتخابات الطلابية والاتحادية التي جرت خلال الأسابيع الأخيرة ، وأظهرت تقدم مرشحين مستقلين أمام مرشحي الإخوان ،بالإضافة إلي فوز «ضياء رشوان» بمنصب نقيب الصحفيين ، وهو مؤشر علي تراجع حركة الإخوان بين جموع الشباب والنخب في البلاد.
ويبدو أن جماعة الإخوان لا تفهم التغييرات التي حدثت بين الجماهير المصرية في أعقاب الثورة والإطاحة بمبارك .. فالشعب لم يعد يخشي من النظام ، وبات مستعدا للخروج للشوارع للكفاح والقتال علي مستقبل الدولة، فالجماهير التي كانت غير مبالية بما يجري علي الساحة السياسية في الفترات السابقة نضج وتغيير، وأصبح يدرك الآن أن لديه القوة لتحقيق مصيره بالكفاح من أجله، وها هو يقوم بذلك.