الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المرأة العربية ماذا ينقصها ؟




لسنا ندعى أن المرأة العربية بلغت غايتها من التقدم والتحضر، فمازال بينها وبين المكانة التى نبتغيها، مرحلة طويلة شاقة ولكننا لا نزعم كذلك أنها تتخبط فى غياهب الجهل والتأخير، فمن الواضح أنها تسير إلى الأمام بخطى حثيثة.
 
ونحن نعترف بأن العربية الناهضة تعطى صورة حسنة لما ينبغى أن تكون عليه المواطنة الصالحة فى بلادنا، ولكنها ليست صورة كاملة، فباستطاعة العين المدفقة أن ترى أوجه النقص فيها بوضوح. وهذا النقص- وإن كان طفيفا- يحد من وفرة إنتاجها الأدبى والمادي، وينال من عظمة أثرها الاجتماعي، ويقوى حجة القائلين بأن نواحى الضعف الغريزى فى المرأة، تحول دون ارتقائها فوق مرتبة معينة.
 
وبديهى أنه لا وجود لما يسمى الضعف الغريزي، فطبيعة المرأة كطبيعة الرجل، والاثنان بشر من فصيلة واحدة، إنما هناك صفات تشبه الضعف، اكتسبها الجنس النسوى فى بلادنا، نتيجة لأوضاع اجتماعية معينة، اصطلح الناس عليها منذ قديم الزمن، ومازالت آثارها موجودة رغم تطور حياتنا وتقدمها.
 
والعيوب الملحوظة فى شخصية المرأة الحديث، أثر تخلف عن طول عهدنا بهذه الأوضاع، ولكن علاجها ليس أمرا عسيرا، لأنها تتناول الفروع دون الأصول، ولا تمس الجوهر الأصيل.
 
والمسألة كلها لا تتطلب أكثر من أن نحلل شخصيتنا فى ضوء ما وصلت إليه الشخصية النسائية فى الأمم المتقدمة، وإذ وجدت لدينا الجرأة على مجابهة الواقع بشجاعة وصراحة، سنجد أن أهم ما ينقصنا، هو الثقة بالنفس.. فلا مفر من الاعتراف بأن العربية الحديثة، بالرغم مما وصلت إليه من علم ومقدرة، لا تقدر نفسها التقدير الواجب وشعورها يوحى إليها دائما بأنها أقل من الرجل، وليس فى إمكانها أن تكون مثله.
 
ونتيجة لهذا الشعور المثبط للعزائم، نجدها فى معظم الأحيان منطوية على نفسها مترددة فى أعمالها، متوجهة من السير فى طريقها. وإذا أتاها خير، فهى لا تعتبره حقا اكتسبته بجهادها وكفاءتها، بل هبة منت بها المجتمعات عليها ولذلك ترحب بالانسحاب من الميدان عند أول فرصة تسنح لها.
 
والشائع أن العربية المتعلمة تفقد نشاطها بعد الزواج، وهذا قول صحيح فى جوهره ولكن الأصح منه إنها تجد فى الزواج سبيلا إلى الخلاص من الدور الاجتماعي، الذى يخيل إليها إنها فرضته على نفسها بغير حق.
 
وضعف ثقة العربية الحديثة بنفسها، وإن كان شعورا دفينا تحرص على إخفائه وراء ستار كثيف من المكابرة المصطنعة، غير إنه يتسلل من بين جوانحها دون أن تدري، وينعكس على المجتمع كله، فيزعزع إيمانه بها.
 
وليس هناك ما يدعونا إلى عدم الثقة بأنفسنا، وما يترتب على ذلك من أضرار بقضيتنا، فقد تعلمنا وعملنا وانتجنا ووفقنا، ومرافق الحياة التى خضناها تشهد شهادة صريحة قاطعة بأهليتنا وكفاءتنا، وقدرتنا على إفادة المجتمع الذى نعيش فيه. وإذا كان بعضنا قد فشل أحيانا، فليس للجنس دخل فى ذلك، إنما يرجع الفشل لعوامل أخرى أهمها عدم استغلال المواهب فى ميادينها الصحيحة.
 
واجبنا الأول أن نؤمن بأننا مخلوقات كاملة، كفاءتنا فى أعمالنا لا تقل عن كفاءة الرجل فى أعماله، وأهميتنا فى مياديننا كأهميته فى ميادينه، واحتياج المجتمع لجهودنا مثل احتياجه لجهوده.
 
بهذا الإيمان تتوافر الثقة بالنفس، وعندها تنتهى مشاكلنا كلها.