الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«فتيات» إيمان أسامة يقدمن جدلية الحركة والسكون فى «الباب»





 
ثنائية جديدة تطرحها الفنانة إيمان أسامة فى معرضها الجديد «حر .. متجمد» الذى افتتح بقاعة الباب بمتحف الفن الحديث بأرض الأوبرا المصرية وهى التضاد بين الحرية والتجمد أو الثبات بالمكان.
 إيمان فنانة جرافيكية لها أسلوبها الخاص فى أعمال الحفر التى قدمتها من قبل فى عدة معارض فردية وجماعية ومشاركات دولية مشرفة لها، فالخط عندها يتميز بالسماكة والليونة معا .. خط حساس ومتدفق يشكل شخوصها الأنثوية ممتلئة الجسد نوعا، يحيطها عادة خط متحرك ومتنام مشحون بالطاقة الحركية وكأنه شرنقة محيطة بالشخوص تفصلها أو تعزلها عن عناصر اللوحة الأخرى.
الجديد فى معرضها الحالى «حر .. متجمد» هو اقتحامها للون وتقنية الباستيل والجواش، بعد فترة طويلة من ممارسة الأبيض والأسود والحفر والطباعة، كثيرون يرون أن الرسم أصعب من التصوير، فالرسم محدود الإمكانيات التعبيرية ومعتمد أكثر على التقنية وحرفية الأداء، بينما التصوير يملك الكثير من الإمكانيات أهمها فكرة اللعب باللون وهو ما يتيح مزيداً من الوهج والإثارة لعين المتلقي.
ربما أرادت إيمان أن تجرب التعامل مع اللون وأن تتهامس معه بلوحاتها كبيرة الحجم والمتوسطة إنما بباليتة اقتصادية نوعا وبراقة، فى نعومة شديدة ودرجات لونية متقاربة صورت إيمان فتاتها فى أوضاع متجمدة، معظمها مواجه للمشاهد فى نظرات ناعمة غير محددة زائغة نوعا، يستشعر فيها المتلقى نوعا من المقاومة أو الرفض السلبي! وهو رفض متروك لخيال المتلقى أن يحدد ماذا ترفض هذه الفتاة التى تظهر بوجهها فقط أحيانا وبجسدها كاملا أحيانا أخرى.
ورغم ظهور بعض الأجساد العارية إلا أنها لم تظهر بشكل خادش أو يركز على المفاتن الأنثوية، إنه ليس الغرض، الغرض هو تحقيق أكبر قدر من الشفافية وأكبر قدر من الحرية فى تعبير الشخوص عن نفسها دون توجيهها نحو فكرة معينة أو قولبة هذه الفتيات فى شريحة اجتماعية معينة أو عقيدة معينة أو أو أو ... إلخ، إيمان تبحث فى أفق أوسع من الزاوية الضيقة ومحاولات البحث عن البطاقة الشخصية لكل فتاة مرسومة وإسقاطات نظرية وفلسفية لا علاقة لها بها ولم تهدف إليها من الأساس.

حوارات متبادلة بين فتيات إيمان وبين القطط الفرعونية المتناثرة ومتطايرة فى حرية بفضاء اللوحة وخطوط لينة تحددها وكأنها أجساد متحركة تارة والثور ذو القرنين الصغيرين وحضوره الجسدى القوى تارة  وبين زهورها الصغيرة المتطايرة فى جموع باللوحة ويستقر جزء منها على كتلة الشعر للفتاة، هذه الحوارات هى التى أكدت التضاد الحركى بين فتياتها وبين عناصر اللوحة المتحركة بحرية أكثر.
فى ملاحظة واضحة لفتيات إيمان أنها ميزتهن بالحواجب الملتصقة، التى تحيل المشاهد فورا إلى وجوه الفيوم وإلى الفنانة فريدا كالو، ولم تخف إيمان حبها الشديد لكالو ولوجوه الفيوم لكن سيداتهن لم يكن هن الملاحقات لخيالها وقت الرسم، خاصة أن الحواجب الملتصقة موجودة فى كل فتيات إيمان لكنها جاءت ملحوظة أكثر مع اللون، فى النهاية الحواجب الملتصقة هى تفصيلة صغيرة فى الأعمال التى تقدمها إيمان التى تستحق مزيدا من الدراسة للعلاقات اللونية والتكوينية للعمل، كذلك الملامس الناعمة لكنها ذات أبعاد وسمك يمنحها صلابة واضحة، فى هذا الموقع يأتى مستقطع من مقال د.هبة عزت الهوارى الذى قدم كتالوج المعرض: وتتحكم ضرورات التشكيل والتعبير الداخلية الناشئة من تنامى عمليات الصياغة والبناء والتشكيل فى الخامة التى تقوم بها الفنانة إيمان أسامة وتبدو لنا فى مستويات متعاقبة من التعبير والتفاعل حيث الانطباع المباشر من الطبيعة وهو ينجم من خلال وقع، أو تأثير العالم الخارجى المباشر عليها ويبدو ذلك فى تركيباتها بين الجسد والزهور والنباتات وسيقانها والأسماك بما تحمله من إشارات تراثية دينية وسحرية والتعبير التلقائى عن العالم الباطن الكامن فى روحها والتكوين.