محرض في الهواء الطلق
محمد عبد النور
محمد عبدالنور روزاليوسف اليومية : 18 - 01 - 2010
أحال النائب العام المجرمين الثلاثة مرتكبي حادث "نجع حمادي" إلي المحاكمة العاجلة أمام محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ باتهامات قد تنتظر أحكاما بالإعدام.. واصفا المتهمين بالتجرد من كل القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية.. وفي هذا السياق يكون شق العدالة الناجزة في سرعة الانتهاء من التحقيقات وتوجيه الاتهامات وبدء المحاكمة انتظاراً لصدور الأحكام.. قد تحقق.
وفي هذا السياق أيضا لا يجب أن نعتبر أن المسألة قد انتهت عند هذا الحد وأن القانون سيأخذ مجراه والقصاص العادل من المجرمين آت لا ريب فيه وإلا تفاجأنا جميعا بمجرمين آخرين وحادث آخر طالما ظلت أسباب التحريض علي الآخر مسلما كان أو مسيحيا موجودة لا نسعي لمواجهتها مواجهة جادة.
صحيح أن التحقيقات والمشاهدات ولجان تقصي الحقائق قد أثبتت أنه لم يكن هناك محرض في الداخل أو في الخارج للمتهمين الثلاثة علي ارتكاب الجريمة وأنهم قد ارتكبوها من "دماغهم" وبقرارهم الفردي.
إلا أن دوافعهم لارتكاب الجريمة وكما جاء في اعترافاتهم.. دوافع انتقامية لحادث "طفلة فرشوط" والتي ينتظر المتهمون فيها حكما قضائيا بالرغم من عدم الارتباط بين مجرمي نجع حمادي والطفلة بقرابة أو بنسب أو بأي اتصال آخر من شأنه أن يكون مبرراً لإقدامهم علي ارتكاب هذه الجريمة.
ومن ثم فإن هذه الدوافع الانتقامية العدوانية المجرمة قد تشكلت بفعل أدوات تحريضية أخري تعيش بيننا ويوميا في خطاب الجامع والكنيسة الديني وفتاوي الشاشات الفضائية وفي البرامج التليفزيونية وفي النوادي والمقاهي والمدارس والجامعات وشرائط الميكروباصات.
وكما كتبت بالأمس في هذا المكان.. لم يعد لدينا رفاهية الإهمال في مواجهتها وإزالتها من حياتنا اليومية.. لأنها تكبر وتتعاظم في صمت إلي أن تعلن عن نفسها بكل عنف ودموية.. علي النحو الذي حدث في جريمة "نجع حمادي".
لم يكن هناك محرض دفع مجرمي حادث "نجع حمادي" يمكن القبض عليه ومحاكمته.. لأن المحرض الحقيقي ينثر تحريضه في الهواء الطلق.. لا نراه ولكننا نعرف أدواته الفجة المعلنة.. نعايشها يومياً ونقاسي من تبعاتها كل فترة من الوقت.. بما لا يجوز معه سوي القضاء عليها وتنقية الأجواء من سمومها.. وهذه مهمة قومية.
[email protected]