السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الطوارئ والأكاذيب!
كتب

الطوارئ والأكاذيب!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 13 - 05 - 2010



المد ليس له علاقة بالانتخابات ولا التجاوزات


1


ليس صحيحاً بالمرة أن الطوارئ في مصر عمرها 30 سنة والصحيح أنها مطبقة منذ سنة 1939، أي منذ 71 سنة، ولم تُرفع طوال هذه المدة الطويلة سوي 7 سنوات.


لماذا يتعمد البعض أن يقول 30 سنة؟.. ليوحي بأن فترة حكم الرئيس مبارك كلها طوارئ، رغم أنها مطبقة قبل الثورة وبعدها، وفي فترات حكم كل زعماء مصر.
الأمانة تقتضي أن نقول الحقائق، بغض النظر عن الموقف السياسي من الطوارئ، أما اختزال ذلك في فترة حكم بعينها ففيه أسوأ أنواع التشويه والافتراء.
2
طبقت الأحكام العرفية في مصر في أول سبتمبر سنة 1939، بعد نشوب الحرب العالمية الثانية بمقتضي القانون 135 لسنة 1923، وأنهيت في أكتوبر 1945 .
أعلنت مرة ثانية بعد حريق القاهرة في 26 يناير 1952 لمدة أربع سنوات حيث قامت ثورة يوليو، ثم رفعت في يونيو 1956 .
عادت من جديد بعد خمسة شهور بعد العدوان الثلاثي علي مصر، وأنهيت في مارس 1964، ثم عادت بعد حرب يونيو 67 وظلت 18 سنة.. بما يعني أن فترة حكم عبدالناصر كانت كلها طوارئ.
3
جاء الرئيس السادات إلي الحكم ومصر فيها طوارئ مفروضة منذ عام 67، وألغاها في مايو 1980، حتي اغتياله في حادث المنصة سنة 1981 .
هذا معناه أن اختزال الطوارئ في فترة حكم الرئيس مبارك فيه جهل بأبسط المعلومات التاريخية، فالطوارئ استمرت أيام فاروق وفؤاد ومحمد نجيب وعبدالناصر والسادات حتي الآن.
في كل هذه الفترات التاريخية تتعرض مصر لأخطار كبيرة سواء في الداخل أو الخارج.. قد نختلف في تقييم حجم هذه الأخطار، ولكن لايجب الاختلاف في الحقائق.
4
الحقيقة الثانية هي أن الطوارئ لا علاقة لها بالانتخابات، ولا بالأحزاب أو الجماعات السياسية ولا حتي الجماعات الدينية، ولم تشرع من أجل الإخوان أو غيرهم، ولكن من أجل مكافحة الإرهاب.
الدعاية الدينية في الانتخابات لايتم التعامل معها بمقتضي الطوارئ، ولكن بقانون الانتخابات رقم 175 لسنة 2005، والمادة (11) تحظر استخدام الشعارات الدينية أو دور العبادة في الدعاية الانتخابية.
المادة (5) من الدستور تنص علي أنه لايجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي مرجعية دينية أو أساس ديني، أو بناءً علي التفرقة بين الجنس أو الأصل.
5
الهواجس السياسية هي سبب الضجة المثارة ضد القانون، أو كما يقول المثل «اللي يتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي».. ويبدو أن «اللسع» في عهود سابقة هو سبب «النفخ» المبالغ فيه.
في عهود سابقة لم تكن الحكومات في حاجة إلي إجراءات الطوارئ، وكانت ترمي بالأبرياء في السجون والمعتقلات، ولا ننسي التعبيرات الشهيرة مثل «وراء الشمس» و«زوار الفجر» و«الزبانية».
الزمن تغير، والحراك السياسي والانفراجة الديمقراطية وحرية الصحافة، والإصلاحات السياسية وغيرها، تمت جميعاً في ظل قانون الطوارئ، لأنه لايستهدف ذلك بالمرة.
6
شتان بين نصوص قانون الطوارئ وبين التجاوزات التي ترتكبها بعض جهات الإدارة أثناء تطبيق القانون، ويجب أن تتضافر جهود الجميع لتطبيقه بنزاهة وشفافية دون أي تجاوزات.
يجب إخبار المعتقلين علي الفور كتابة بأسباب القبض عليهم، وأن يكون من حقهم الاتصال بأي شخص يرونه، وأن يحصلوا علي المشورة القانونية، وأن يطعنوا في الاعتقال خلال ثلاثين يوماً.
إذن.. نحن لسنا في جمهورية الخوف ولا الإجراءات الاستثنائية، ويجب الالتزام التام بالضمانات القانونية التي تحصر استخدام القانون في الأغراض المحدد لها.
7
إذا كانت مصر تعيش الآن في استقرار، فلماذا مد العمل بالطوارئ؟.. الإجابة هي أنه ليس معني الاستقرار أن أعطي للخلايا النائمة ضوءاً أخضر ليعودوا من جديد.
يجب الاعتراف بأن الفضل الكبير في القضاء علي الإرهاب كان لقانون الطوارئ الذي وضع في يد أجهزة الأمن سلاحاً فعالاً لاجتثاثه من جذوره.
الأكاذيب التي تثار بشأن الطوارئ كثيرة.. ولكن مسئولية الجميع هي أن يتكاتفوا لتضييق نطاق استخدامه، إلا في الحدود الدُنيا فقط.


E-Mail : [email protected]