الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رباب نمر تجدد رؤيتها للبحر والصيادين «فى حب الإسكندرية»




ربما لو أن معرض الفنانة رباب نمر «فى حب الإسكندرية» سمى باسم «غواية إسكندرية» لكان أقرب لتصوير الحالة الروحية والتجانس الخفى ما بين الطبيعة الفنية لرباب نمر وبين طبيعة الإسكندرية.... تجليات سكندرية لا نهائية فى معارض نمر، إنما هذا المعرض تحديدا له ملامح خاصة إحساس خاص ... تتجدد رؤية لحياة إسكندرية البحرية فى صياديها ونسائهم، وحياتهم البسيطة، لكنها تفيض بالخير والعطاء المتمثل فى «السمك» الذى اجتاح معظم لوحاتها، كذلك الطيور التى تعيش بالقرب من البحر، التى استطاعت الإمساك ببعضها وإبقائها واقفة بلوحاتها وتكون بمساحاتها المثلثة هندسيا تكاملا مع عناصر اللوحة مختلفة المساحات والأشكال الهندسية.
 
لازالت نمر محتفظة بشخصيتها التقنية فى لوحاتها من حيث استخدام مساحات لونية فى الأرضية ثم مرة أخرى تبنى فوقها بالريشة والحبر الشينى كتلها المتنوعة ما بين شخوص وأسماك وطيور فى صبر طويل، وتبدأ فى تجسيد هذه الكتل بانكسارات الضوء عليها التى تحدد هى الأخرى مساحات هندسية جديدة على سطح العناصر المختلفة، كذلك اهتمامها الواضح بالأشكال الدائرية للأزرة مع عيون السمك الدائرية والتى ربما تهدئ من لانهائيتها عيون الشخوص المثلثة ومعالجة المنطقة المحيطة أيضا للعيون بمساحات ضوئية مثلثة، لتحقق هذه الدوائر الصغيرة نوعا من الاتزان فى اللوحة وخلق خطوط حركية غير مرئية إنما تستشعرها العين اللماحة، كذلك الترديد ما بين المساحات الضوئية المنيرة وتقاطعاتها مع نظيرتها المظللة أو الخافتة البعيدة عن الضوء.
 

 
من أبرز لوحات المعرض لوحة الشابين المحبين تحت الشجرة الوارفة يستظلان بها والتى تغطى أوراقها معظم مساحة العمل وتتخللها ثمار التوت الصغيرة الحجم لتبدو وكأنها عيون ناظرة للمحبان، ايضا فى لوحة أخرى حيث وجه امرأة بنظرتها الأبدية مرتدية الكردان وعلى رأسها تقف طيور البحر يناجيان بعضهما البعض يكونان معا قوسا أو هلالا محيطا برأس سيدة العمل، فى لوحة أخرى نجد السيدات يحتضن بعضهن البعض وكأنهن فى حالة شجن أو نحيب فى تكوين متماسك تماما لونيا وهندسيا فى توزيع المساحات المختلفة المتكسرة والمكونة للكتل المختلفة باللوحة.
 
فى إحدى اللوحات صورت نمر وقفة احتجاجية للصيادين حيث مراكبهم فى الخلفية خاوية تماما وهو يقفون فى أمامية اللوحة بوجوه حاضرة ناضرة تعبر عن الغضب الحكيم لهان فهى تقف فى صمت وسلمية مثل كل الأفعال الثورية الحرة، بينما فى اللوحة البطل بالمعرض وهى علم مصر وأمامه جموع الشعب صورتها نمر بالأبيض والأسود وكأنه إجماع للأمة المصرية على التغيير وتأكيدا على أن الثورة مستمرة.
 
تهدى نمر معرضها «فى حب الإسكندرية» لصديقها المفكر الدكتور عبدالوهاب المسيرى الذى كتب لها مقدمة معرضها فى 2008 قبل وفاته مباشرة، وكان دائما ما يحفزها على التطور والإبداع دون أن تقف يوما، وهو ما أكدت عليها فى كلمتها بمقدمة كتالوج المعرض المستمر بقاعة الفن بالزمالك حتى السابع من مايو المقبل.