الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دراسة مصرية تتحدث عن الجريمة النسائية





 
صفحات وجرائد الحوادث من أكثر المطبوعات إقبالا، فالجريمة عالم شيق جدا ويثير خيال القارىء، استاذ الإعلام الدكتور هشام عطية عبدالمقصود وجد أنه لابد من دراسة وافية كافية لهذا العالم ورؤيته للمرأة المجرمة وكيف يعبر عنها ويصورها الإعلام بحسب أهمية القضية يمكن أن يصبح وجها إعلاميا مهما!
 
كما يرصد أيضا عبدالمقصود مختلف الصفات وما ينطوى عليها فى مختلف الجرائم وأهمها وكذلك رسم أدوار المجرم والمجرمة، فى دراسته عن تشكل شخصية الرجل والمرأة بالجريمة باختلاف أنواعها.
 
 وتركز الدراسة على قصص الجريمة التى يجتمع فيها أدوار فاعلة وواضحة لكل منهما لرصد خصائص بناء الصورة، وأطر تقديم ملامح شخصيتيهما، وأيضا لمعرفة حدود الاختلاف أو التشابه فى تقديم الجانى منهما والضحية، وكيف تتشكل تفاصيل بناء حالة كل منهما داخل قصص الجريمة المنشورة صحفيا... ولا تغفل هذه الدراسة عن تحديد واستخلاص نوع الجرائم التى تحتفى صحافة الجريمة بالتركيز عليها حينما تتضمن رجلا أو امرأة، وكيف يسير بناء صورتيهما فى سرد الجريمة، وكذلك كيف تقترب أو تبتعد عن وقائع الجريمة الفعلية، وكيف يتشكل التحيز، ولأى هدف ووظيفة داخل مضمون صحافة الجريمة.
 
يبدأ عبدالمقصود بفصل «ثنائيات الخير والشر، ودراما بناء الشخصيات .. المرأة والرجل فى صحافة الحوادث» ليقف عند تزايد مساحات صفحات الجريمة والحوادث بالجرائد التى تمتد إلى جرائد متخصصة تلبية لرغبة الجمهور ويؤكد أن هذا التزايد فى الأخبار أكبر من المعدلات الحقيقية والفعلية للجريمة فى المجتمع، ولكنه يهدف لجلب مزيد من الإعلانات التى تدر دخلا كبيرا على المطبوعة.
 
يستكمل عبد المقصود فى كتابه: هذا الاهتمام المتزايد بقراءة قصص الجريمة ربما يجد تفسيره فى طبيعة المحتوى ذاته ونمط علاقة القراء بالأحداث التى يتم تغطيتها داخله، ونظرا لأنه لا يكون لمعظم الناس خبرات مباشرة بهذه الوقائع والأحداث، وما تثيره من مخاوف وماتتضمنه من صراع، تلعب وسائل الإعلام دورها باعتبارها المصدر الأهم للمعلومات بشأن الجريمة عامة وتفاصيلها وأنواعها المختلفة.
 
ويشير هشام إلى وجود تركيز أكبر من قبل الصحف على تغطية جرائم العنف، كلما كانت الجريمة غريبة وشاذة، كما أن جرائم القتل تمثل أكثر الموضوعات تغطية رغم أنها الأقل حدوثا، ويعزو باحثون كثافة تغطية شئون الجريمة إلى «كسل صحفى وأداء روتينى يركز على توظيف مصادر معتادة وقوالب جاهزة.
 
نقطة مهمة أشارت لها الدراسة وهى إهمال السياق الاجتماعى الذى وقعت فيه الجريمة بالتالى يتم تصوير مرتكبيها أنهم أناس متوحشون يقعون خارج حدود العالم الطبيعى، يسجل عبدالمقصود الآتى: فيما يتعلق باعتبارات وخصائص تغطية أدوار كل من المرأة والرجل فإن «جرائم عنف المرأة تحظى باهتمام أكبر وتغطية أوسع مما تحظى به جرائم عنف الرجل، حيث يبدو أن عنف المرأة من وجهة نظر التغطية شأنا يحتاج إيضاحا وتفسيرا وما يرتبط بذلك من احتياج القارئ لصور وتفاصيل أكبر، وهنا تسعى دراسة أخرى لكل من بيرينجتون وهونكاتوكيا عام 2002 الى تقديم تفسير آخر حيث ترى أن المرأة عندما ترتكب جريمة أو تتورط فى عنف فإن وضعها كأنثى يكون بمثابة نوع العدسة التى يتم النظر إليها من خلالها وتفسير سلوكها داخل التغطية.
 
وكما تشير نتائج الدراسة ذاتها الى وجود نوعين من الخطابات فى مجال تقديم عنف المرأة فى التغطية الإعلامية للجريمة، الأول يقدمه باعتباره جنونا وأن العنف حالة تقع تحت ضغط ووطأة إلحاح هرموناتها الأنثوية، والخطاب الثانى ينظر لهن باعتبارهن شخصيات سيئة وضحايا لتراجيديات انسانية وظروف غيرت من طبائعهن.
 
وقد خلصت دراسة قامت بها لجنة الفرص المتكافئة للمرأة والرجل بالاتحاد الأوروبى فيما يخص تقديم صورتيهما فى المضمون الإعلامى عامة الى أنه رغم وجود تحسن ملحوظ فى تقديم صورة المرأة فلاتزال صورتها يغلب عليها السمات الأنثوية الحسية وتتوافر الدراسات المختلفة فى الأدبيات الغربية التى تعنى برصد وتحليل مضمون الجريمة وفق أهداف متنوعة معبرة عن نضج معرفى وشمول فى الرؤية فى حين تغيب مثل هذه الدرسات التى ترصد وتحلل طبيعة مضمون الجريمة وأطر تقديمها فى السياق العربى، وهو مايحتاج مزيدا من الجهد البحثى الأكثر تعمقا.
 
عن أبعاد تقديم المرأة والرجل فى قصص الجريمة يقول عبدالمقصود: أظهرت المؤشرات الاستطلاعية أن التغطية للجريمة لا تسعى فقط نحو تقديم صورة متحيزة عن المرأة بل أن آليات التحيز تشمل تقديم صورة كل من المرأة والرجل معا، فى إطار سرد لقصص الجريمة يعمل على نمذجة الخير والشر فى ثنائيات استقطابية مطلقة، فضلا عن التركيز على ملامح الأدوار والصفات ذات البعد الحسى والعاطفى المثير فى مجال بناء صورتيهما سواء قدمتهما التغطية كجناة أو كضحايا، استخلص عبد المقصود من عدد من الدراسات الغربية عن صورة المرأة والرجل فى عالم الجريمة، وجود ميل لتوظيف وجود المرأة بصورة درامية تضفى أبعادا عاطفية مؤثرة عليها وذلك عبر الحوارات الصحفية معها كضحية أو مشردة أو من النازحات أو المغتصبات، بينما فى جرائم أخرى تمثل المرأة دور المحفز للجريمة فى المقابل الرجل يكون ضحية لجريمة تمت بالصدفة!
 
فى النهاية يبقى عالم الجريمة هو مادة الإثارة والتشويق التى لاغنى عنها للجمهور والسلعة الإعلانية الرائجة بالجرائد والمؤسسات الصحفية.. طالما المرأة والرجل قطبا الحياة يتصارعان تارة ويتحدان تارة أخرى إلى أجل غير مسمى.