الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى عشق "جزمة" العشيقة!




أحمد الله أن‮ "‬عيد الحب‮" ‬قد اقترب موعده‮.. ‬كلها كام‮ ‬يوم ويهنأ‮ (‬محبو تركيا فى مصر‮) ‬بمناسبة سعيدة‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعبروا فيها عن مشاعرهم الملتاعة بمعشوقتهم العثمانلية‮.. ‬على الرغم من أنها تتمنع عليهم‮.. ‬وتتدلل‮.. ‬وتفعل الشائن من التصرفات مع معشوق‮ ‬يهودى‮.. ‬دون أن‮ ‬يغار هؤلاء الولهون المصريون‮.. ‬أو حتى تنتفض لهم أى أحاسيس نخوة‮. ‬

تقول لواحد منهم‮: ‬إنها تخونك‮.. ‬فيقول لك‮: ‬نحن نحبها‮.. ‬ونقبل أعتابها‮! ‬إذن‮: (‬ربنا‮ ‬يهنى سعيد بسعيدة‮).‬

للأسف لايجوز فى نقاش هذه المسألة السياسية إلا أن نلجأ إلى هذا الأسلوب فى توصيف‮ (‬علاقة سادية‮) ‬تورط فيها العشاق المصريون للعثمانلية‮.. ‬بعد ما قرأت وطالعت فى الأيام الأخيرة من مقالات مذرية وكتابات مخجلة‮.. ‬تتغنى بوجنات الأتراك‮.. ‬و(قد‮) ‬أسطنبول المياس‮.. ‬وغُصينها البان‮.. ‬وشعر أنقرة العصرى‮.. ‬دون أن‮ ‬يراجع أى قلم نفسه بعد أن عاد إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل من تركيا محققاً‮ ‬مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجى بين أنقرة وتل أبيب‮.‬

‬لا تركيا تتكلم العربية‮.. ‬ولا هى تريد مصالح للعرب‮.. ‬وإنما مصالح لنفسها‮.. ‬ولا هى دولة تتميز بالأخلاق الحميدة‮.. ‬ولا هى سوف تحُرر‮ ‬غزة ولا سوف تعيد العراق إلى سابق عهده‮.. ‬ولن تعطى سوريا أكثر ما تستحق من المياه‮.. ‬وليس فى استراتيجيتها بالتأكيد أن تسمح لدولة عربية بأن تنافسها فى مكانة تسعى لها‮.. ‬ولكن عيون المحبين المتعبين الزاحفين تنأى عن أن ترى ما فى المعشوقة من أفعال‮.. ‬إنهم مصابون بالعشى الليلى‮.. ‬ويعانون من انعدام البصيرة‮.. ‬على الرغم من أنها لا تفعل ذلك فى الظلام‮.. ‬بل علناً‮.. ‬وأمام الجميع‮.. ‬وتفتح الباب للعشيق الإسرائيلى فى وضح النهار‮.. ‬فيدخل ويتعامل مع أنقرة على أنه فى بيته‮.‬

‮ ‬الأدلة تتوالى‮: ‬تركيا تشترى من إسرائيل عشر طائرات بدون طيار‮.. ‬تقرأ الخبر‮ .. ‬ثم تجد من‮ ‬يكتب فى مصر‮ : ‬يا سلام على تركيا‮.. ‬تركيا تستعين بالسلاح الإسرائيلى لضرب الأكراد فى شمال العراق‮.. ‬تقرأ الخبر‮.. ‬ثم تجد من‮ ‬يدِّون فى مصر‮: ‬يا روعة تركيا‮.. ‬تركيا تتحدث عن علاقة مصالح استراتيجية مع إسرائيل‮. ‬تقرأ الخبر‮.. ‬ثم تجد من‮ ‬يدبج مقالا‮: ‬المًعجبون بتركيا فى مصر‮.‬

أحبوها كيفما شئتم‮.. ‬عين المحب عن كل عيب كليلة‮ (‬بالفصحى‮).. ‬وضرب الحبيب زى أكل الزبيب‮ (‬بالبلدى‮).. ‬و(خُدوا عينى وشوفوا بيها‮) (‬بالشعر العامى‮).. ‬افعلوا ما تريدون‮.. ‬أنتم أحرار فى‮ ‬غياب عقولكم‮.. ‬دقوا الأبواب‮.. ‬اركعوا‮.. ‬ازحفوا‮.. ‬قبِّلوا الأقدام‮.. ‬والعقوا الأحذية‮.. ‬تغنوا بمن احترفت الحب‮.. ‬ولكن ليس عليكم أن تتمنوا علينا أن نحبها مثلكم‮.. ‬فمشاعرنا أرقى من هذا العشق المعيب‮.. ‬وعقولنا تربأ بمصالح أمتنا العربية عن هذا التغييب‮.‬

لا مجال هنا لحديث السياسة‮.. ‬ولا أى كلام عن الاستراتيجية،‮ ‬فالموضوع‮ ‬يعبر عن مرض نخبة عقولها أخذت إجازة‮.. ‬ترفض التفكير،‮ ‬ولا تريد أن تستوعب حقائق الأمور،‮ ‬وتظن أن تركيا سوف تسعى إلى الحقوق العربية وتتجاوز عن مصالحها وعلاقاتها وصراعاتها الداخلية‮.. ‬أو أنها مثلا‮ ‬يمكن أن تتحالف مع إيران ضد إسرائيل،‮ ‬أو أنها‮ ‬يمكن أن تضحى بأى مصالح لها مع أوروبا من أجل عيون العرب‮.‬

‮ ‬الواقع أننا أمام حالة ليست عجيبة،‮ ‬فهذه القطاعات من النخبة أصبحت تنجرف عاطفياً‮ ‬وراء أى دولة أخرى‮.. ‬حتى لو كانت تمثل أنها تقف ضد إسرائيل حينا‮.. ‬وفى ذات الوقت تهاجم نفس الأقلام بلدها مصر‮.. ‬ترى فى أى قوة إقليمية أنها‮ ‬يمكن أن تصبح قائدة للمنطقة‮.. ‬وفى ذات الوقت فإن هذه النخبة تنتقد تصرفات بلدها مصر‮.. ‬والسؤال هو إذا حتى ما افترضت أن القاهرة لا تقوم بما‮ ‬ينبغى لها من أدوار‮.. ‬كيف تعين تلك النخبة الآخرين لكى‮ ‬يواجهوا والدهم‮..‬وينافسوها‮.. ‬هل دخلت تركيا هى أيضا إلى عالم دفع المال للرجال؟

هل صادفت أى كاتب تركى‮ ‬يمتدح مصر أو حتى أى بلد عربى؟ هل وجدت مثقفا تركيا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يضحى بالحلم العثمانى التركى من أجل أى بلد عربى ؟

اجيبونا‮ ‬يرحمكم الله‮.. ‬ثم عودوا إلى عشقكم المريض‮.. ‬ولا تبحثوا لنا عن تفسير لتصرفات العشيقة‮.. ‬لا تشغلوا بالكم‮.. ‬تفرغوا من الآن لجمع الورود الحمراء والقلوب الفوشيا لكى تضعوها على باب سفارة تركيا تعبيرا عن إيمانكم العظيم بالعشيقة العثمانلية‮. ‬(أدب سيس‮) ..(‬عقل سيس‮)..(‬وطنية سيس‮).‬


الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
البريد الإليكتروني   : [email protected]