فى عشق "جزمة" العشيقة!
عبد الله كمال
أحمد الله أن "عيد الحب" قد اقترب موعده.. كلها كام يوم ويهنأ (محبو تركيا فى مصر) بمناسبة سعيدة يمكن أن يعبروا فيها عن مشاعرهم الملتاعة بمعشوقتهم العثمانلية.. على الرغم من أنها تتمنع عليهم.. وتتدلل.. وتفعل الشائن من التصرفات مع معشوق يهودى.. دون أن يغار هؤلاء الولهون المصريون.. أو حتى تنتفض لهم أى أحاسيس نخوة.
تقول لواحد منهم: إنها تخونك.. فيقول لك: نحن نحبها.. ونقبل أعتابها! إذن: (ربنا يهنى سعيد بسعيدة).
للأسف لايجوز فى نقاش هذه المسألة السياسية إلا أن نلجأ إلى هذا الأسلوب فى توصيف (علاقة سادية) تورط فيها العشاق المصريون للعثمانلية.. بعد ما قرأت وطالعت فى الأيام الأخيرة من مقالات مذرية وكتابات مخجلة.. تتغنى بوجنات الأتراك.. و(قد) أسطنبول المياس.. وغُصينها البان.. وشعر أنقرة العصرى.. دون أن يراجع أى قلم نفسه بعد أن عاد إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل من تركيا محققاً مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجى بين أنقرة وتل أبيب.
لا تركيا تتكلم العربية.. ولا هى تريد مصالح للعرب.. وإنما مصالح لنفسها.. ولا هى دولة تتميز بالأخلاق الحميدة.. ولا هى سوف تحُرر غزة ولا سوف تعيد العراق إلى سابق عهده.. ولن تعطى سوريا أكثر ما تستحق من المياه.. وليس فى استراتيجيتها بالتأكيد أن تسمح لدولة عربية بأن تنافسها فى مكانة تسعى لها.. ولكن عيون المحبين المتعبين الزاحفين تنأى عن أن ترى ما فى المعشوقة من أفعال.. إنهم مصابون بالعشى الليلى.. ويعانون من انعدام البصيرة.. على الرغم من أنها لا تفعل ذلك فى الظلام.. بل علناً.. وأمام الجميع.. وتفتح الباب للعشيق الإسرائيلى فى وضح النهار.. فيدخل ويتعامل مع أنقرة على أنه فى بيته.
الأدلة تتوالى: تركيا تشترى من إسرائيل عشر طائرات بدون طيار.. تقرأ الخبر .. ثم تجد من يكتب فى مصر : يا سلام على تركيا.. تركيا تستعين بالسلاح الإسرائيلى لضرب الأكراد فى شمال العراق.. تقرأ الخبر.. ثم تجد من يدِّون فى مصر: يا روعة تركيا.. تركيا تتحدث عن علاقة مصالح استراتيجية مع إسرائيل. تقرأ الخبر.. ثم تجد من يدبج مقالا: المًعجبون بتركيا فى مصر.
أحبوها كيفما شئتم.. عين المحب عن كل عيب كليلة (بالفصحى).. وضرب الحبيب زى أكل الزبيب (بالبلدى).. و(خُدوا عينى وشوفوا بيها) (بالشعر العامى).. افعلوا ما تريدون.. أنتم أحرار فى غياب عقولكم.. دقوا الأبواب.. اركعوا.. ازحفوا.. قبِّلوا الأقدام.. والعقوا الأحذية.. تغنوا بمن احترفت الحب.. ولكن ليس عليكم أن تتمنوا علينا أن نحبها مثلكم.. فمشاعرنا أرقى من هذا العشق المعيب.. وعقولنا تربأ بمصالح أمتنا العربية عن هذا التغييب.
لا مجال هنا لحديث السياسة.. ولا أى كلام عن الاستراتيجية، فالموضوع يعبر عن مرض نخبة عقولها أخذت إجازة.. ترفض التفكير، ولا تريد أن تستوعب حقائق الأمور، وتظن أن تركيا سوف تسعى إلى الحقوق العربية وتتجاوز عن مصالحها وعلاقاتها وصراعاتها الداخلية.. أو أنها مثلا يمكن أن تتحالف مع إيران ضد إسرائيل، أو أنها يمكن أن تضحى بأى مصالح لها مع أوروبا من أجل عيون العرب.
الواقع أننا أمام حالة ليست عجيبة، فهذه القطاعات من النخبة أصبحت تنجرف عاطفياً وراء أى دولة أخرى.. حتى لو كانت تمثل أنها تقف ضد إسرائيل حينا.. وفى ذات الوقت تهاجم نفس الأقلام بلدها مصر.. ترى فى أى قوة إقليمية أنها يمكن أن تصبح قائدة للمنطقة.. وفى ذات الوقت فإن هذه النخبة تنتقد تصرفات بلدها مصر.. والسؤال هو إذا حتى ما افترضت أن القاهرة لا تقوم بما ينبغى لها من أدوار.. كيف تعين تلك النخبة الآخرين لكى يواجهوا والدهم..وينافسوها.. هل دخلت تركيا هى أيضا إلى عالم دفع المال للرجال؟
هل صادفت أى كاتب تركى يمتدح مصر أو حتى أى بلد عربى؟ هل وجدت مثقفا تركيا يمكن أن يضحى بالحلم العثمانى التركى من أجل أى بلد عربى ؟
اجيبونا يرحمكم الله.. ثم عودوا إلى عشقكم المريض.. ولا تبحثوا لنا عن تفسير لتصرفات العشيقة.. لا تشغلوا بالكم.. تفرغوا من الآن لجمع الورود الحمراء والقلوب الفوشيا لكى تضعوها على باب سفارة تركيا تعبيرا عن إيمانكم العظيم بالعشيقة العثمانلية. (أدب سيس) ..(عقل سيس)..(وطنية سيس).
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
البريد الإليكتروني : [email protected]