السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زجاج الجولان




يطيب للصحافة المصرية أن تنشغل بمباراة اليوم التي سوف تقام بين مصر والجزائر‮.. ‬بالتوفيق لمنتخب مصر‮.. ‬ولكنني سوف أهتم بشأننا مع دولة عربية أخري‮.‬

إذ تتناثر في الصحافة السورية مجموعة من المقالات المخططة التي تواصل الهجوم علي مصر‮.. ‬وتتصاعد من حين إلي آخر‮.. ‬لكي تؤكد حقيقة أن دمشق لاتريد مصالحة وإنما تصر علي المناطحة‮.. ‬وأنها تخلص‮ ‬في كل دقيقة لتحالفها مع إيران‮.. ‬وأنها تريد بكل‮ ‬السبل تعطيل السلام‮.. ‬وأي جهد يقود إليه‮.. ‬وأنها تسعي إلي التشويه الدائم للقاهرة‮.. ‬رغم أنها تلقت تحذيراً‮ ‬واضحاً‮ ‬منذ أيام علي لسان الرئيس مبارك حين أشار إلي هؤلاء الذين‮ (‬بيوتهم من زجاج‮).‬

ولا تستحق المقالات المشار إليها الوقوف عندها أو حتي بعضها‮.. ‬الرسالة واضحة‮.. ‬والمعني مفهوم‮.. ‬دمشق تقود حملة موجهة ومنظمة علي طريقة صدام حسين القديمة حين وقع السادات اتفاق السلام‮.. ‬وتخون القاهرة‮.. ‬وتقول عنها إنها عميلة إسرائيل‮.. ‬ولا أعتقد أن موضوع الإجراءات الإنشائية التي تقيمها مصر علي الحدود كان هو مبرر الحملة‮.. ‬وإنما حتي لو لم يكن هناك هذا المشروع فإن سوريا كانت سوف تخترع أي موضوع لكي تواصل مشتمتها المفتوحة للقاهرة‮.‬

حسنا‮.. ‬إليكم سؤال بسيط من الخونة‮: ‬كيف هي أحوال الجولان الآن؟

وفق ما أذكر،‮ ‬وحسب ما قرأت،‮ ‬فقد كان عمري عامين إلا قليلاً،‮ ‬فإن الهضبة المعروفة في التاريخ بأنها سورية،‮ ‬قد احتلت يوم‮ ‬6‮ ‬يونيو‮ ‬1967‭.‬‮. ‬ووفق ما أعرف‮.. ‬حسبما قرأت التاريخ علي الصفحة الأولي من تلك الجريدة‮.. ‬وفي الأجندة‮.. ‬وعلي الموبايل‮.. ‬أي تأكدت ثلاث مرات‮.. ‬فإن اليوم ليس هو‮ ‬28‮ ‬يناير‮ ‬1967‮ ‬بل‮ ‬28‮ ‬يناير‮ ‬2010‭.‬‮. ‬وحسبما أعرف‮.. ‬ووفق كل التأكيدات‮.. ‬فإن الهضبة المعروف أنها سورية‮.. ‬لم تزل قيد الاحتلال‮.. ‬أي قد مضي علي ذلك‮ ‬42‮ ‬عاما و236‮ ‬يوماً‮.‬

كان تعداد مصر وقتها نحو‮ ‬30‮ ‬مليون نسمة‮.. ‬والآن بلغ‮ ‬الـ80‮ ‬مليوناً‮.. ‬أي ولد خمسون مليون مصري في ثلاثة عصور متوالية وهم يعرفون أن الجولان محتلة من إسرائيل‮.. ‬وذهب حافظ الأسد وجاء بشار الأسد‮.. ‬ولم تزل الجولان محتلة‮.. ‬وحاربت مصر وسوريا في أكتوبر‮ ‬1973‭.‬‮. ‬وكما تقول سوريا فقد خانت مصر العرب ـ ويالها من خيانة ـ وحررت أرضها في سيناء‮.. ‬وبقيت الجولان محتلة‮.. ‬لكن سوريا لم تخن أحداً‮ ‬مثلما نحن نخون‮!‬

أنا أريد أن أحيي عبقرية الأسد الراحل والأسد الباقي لأنهما استطاعا طيلة كل هذه الأيام والأشهر والسنوات والعقود‮.. ‬أن يقنعا الشعب السوري بأنهما يخلصان للعروبة ببقاء أرضهم محتلة حتي الساعة‮.. ‬ولاينتظر في أي مدي قريب احتمال تحريرها لا بالسلاح ولا بالمقاومة ولا بالسلام ولا حتي بالأماني‮.. ‬ولا حتي في كوابيس إسرائيل‮.‬

كيف تمكنا من أن يلجما طيلة كل هذه السنوات إبقاء هذا الزجاج المشيد حول الجولان المحتل دون أن تقذفه أي طوبة مطالبة بقليل من النخوة‮.. ‬وقليل من الشهامة التي يتوافر قدر هائل منها لدي النشامي‮.. ‬وقليل من السعي‮.. ‬لتحرير الهضبة المحتلة‮.. ‬حتي نسي الشعب أنها كانت تتبع سوريا؟ شيء عبقري بالفعل‮.‬

والأدهي أن تحتل سوريا بلداً‮ ‬عربياً‮.. ‬وأن تنسحب من هذا البلد العربي‮.. ‬وأن تمارس ضغوطاً‮ ‬عليه وعلي حكمه‮ ‬عبر وكلاء معروفين لها‮.. ‬أقصد لبنان طبعا‮.. ‬وأن تهرب المفجرين إلي العراق‮.. ‬وأن تقبل‮ ‬غارات إسرائيلية متكررة‮.. ‬إحداها كانت فوق قصر الرئيس‮.. ‬وأن تمول تنظيما ضد السلام في‮ ‬غزة‮.. ‬وأن تشتم مصر وتدبر المكائد لها‮.. ‬أن تفعل كل هذا‮.. ‬ولا يسائلها شعبها‮: ‬لماذا لم تحرروا الجولان حتي الآن؟‮!‬

تحية إلي القادرين في سوريا‮.. ‬سوف يحسب لهم هذا في التاريخ‮.. ‬وقد تولد أجيال أخري وتموت أجيال‮ ‬غيرها‮.. ‬بينما الجولان قيد الاحتلال‮.. ‬وتصر سوريا علي إقناع شعبها بأنها إنما تناضل من أجل العروبة‮.. ‬سلامات أيتها العروبة‮.‬
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net

البريد الإليكتروني : [email protected]