الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عبء قناة المنار




لست أدري ما الذي يجبر المسئولين في قمر (النايل سات) علي أن يواصلوا تأجير إحدي فضائيات البث لقناة (المنار) الناطقة باسم حزب الله.. حتي الآن.. هل تساوي بضع مئات ألوف من الدولارات قيمة إيجار المساحة المخصصة للقناة.. تشويه سمعة القمر الأهم في صناعة الميديا إقليمياً.. وتعريض شركة بمليار دولار لمخاطر أن تصنف أمريكياً علي أنها (إرهابية)؟

قرار من هذا النوع يمكن أن يصدر فعلاً عن الكونجرس الأمريكي، وحتي لو سافر عدد من مسئولي الشركة إلي واشنطن لكي يدافعوا عن سمعة القمر لعدد من أعضاء الكونجرس.. ومقاومة القرار المحتمل.. فإن هذا لا يعني أن القرار قد لا يصدر.. بل إن تكاليف السفر.. والإقامة.. قد تكون عبئاً إضافياً لا ضرورة له.

الحياة معادلات، وهذه الشركة ليست سبيلاً سياسياً.. ومصر تقبل بث القناة المصنفة أمريكياً ليس لأسباب تتعلق بأنها (أي مصر) تؤمن بأفكار المنار أو حزب الله، النيابة العامة في مصر صنفت الحزب علي أنه مؤسسة إجرامية وطلبت من المحكمة الإعدام للمنتمين إلي خليته التي حاولت تنفيذ عمليات تخريبية في مصر.. وهذا تناقض رهيب.. القناة التي تبث أفكاره علي قمرنا.. ومتهموه في سجوننا، شيء لا يصدقه عقل.

سوف يقولون في القناة: نحن محايدون.. نحن مهنيون.. لدينا شهادات محترمة بأننا لا نصدر أفكار الإرهاب.. كل هذا علي العين والرأس.. لكن هذا لا ينفي أنها قناة ناطقة باسم حزب الله، وخطيبها الأساسي اسمه حسن نصر الله، وفيها برامج تنتقد سياستنا، ومن فوق منبرها حرض نصر الله جيش مصر علي أن ينقلب علي الحكم فيها.

هذا عبء لا لزوم له، لا يقارن مثلاً بإمكانية تجميد حسابات النايل سات في الولايات المتحدة، أو بحجب قطع الغيار التي يحتاجها إذا احتاجها، أو بتعطيل إطلاق النسخة الثالثة من القمر بعد أشهر.. والأهم أن حاملي الأسهم في تلك الشركة وهم مواطنون عاديون لا ذنب لهم.. ولا عليهم جريرة.. لأن الشركة قررت أن تقبل وجود قناة المنار علي فضائها.. وأن تسمح لها ببث أفكارها.

لقد أخطأ مهرجان الإذاعة والتليفزيون حين دعا رئيس المنار لحضور فعالياته، وبالتأكيد فهم هو من تلك الدعوة أنه مرحب به وبقناته.. وقد اتيحت له فرصة مخاطبة الرأي العام المصري عبر صحف وبرامج.. كما لو أنه يعمل رئيساً لقناة (سي. إن. إن).. وليس في قناة شيعية.. تروج لولاية الفقيه.. وتمجد المقاومة علي طريقة حسن نصر الله الذي خرب لبنان في حرب 2006 ومازال يواصل ذلك.

وإذا كانت مشكلة الأمريكيين في هذه النوعية من القنوات أنها تذيع أفلام الانتحاريين.. وأنها تمجد قتل المارينز.. فإن من الواجب أن تكون مشكلتنا أنها قناة شيعية.. تعتبر آية الله خامنئي سيداً ومرجعاً.. وتذيع ما يثني علي سياسة إيران.. وتبيع أفكار ثورتها.. وتناصر، حتي لو ضمناً، كل فعل ضد سياسة مصر.. وتري في السلام خيانة.. وتجد في نصر الله بطلاً.. وفي أحمدي نجاد مغواراً.. ولا أعتقد أنها يمكن أن تقدم وردة للسياسة الخارجية المصرية.

إذا كانت إيران هي الدولة النموذج لها.. فلتطلق طهران قمراً صناعياً قالت إنها قادرة عليه وتضع عليه المنار.. أو لنفترض تلك القدرة موجودة في سوريا.. وبالتالي عليها أن تذهب إلي دمشق لكي تستضيفها علي أي من أطباق الأسطح المتناثرة فوق بيوت الشام.. تكنولوجيا قد يمكن لتلك الأطباق أن توزع إرسال المنار.

لماذا نحمل أنفسنا ما لا طاقة لنا به، ونخوض بالنيابة عن القناة وحزبها معركة ليست لنا؟ اطلبوا منها أن تنهي تعاقدها.. ولا تدخلوا بالقمر المصري في صراع لا ناقة له فيه ولا جمل.. ووفروا جهد السفر.. وعمليات الإقناع غير المجدية.. وفي السوق عشرات من القنوات البديلة.. ولا أعتقد أنكم تعانون من شُح الزبائن.

الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net

البريد الإليكتروني   : [email protected]