شقة مجانية
عبد الله كمال
لا صوت يعلو فوق صوت كرة القدم.. الجميع مشغول ومنشغل بها.. بطولة أفريقيا غيرت لنا جداول أعمالنا.. أيا ما كانت أهمية الأفكار التي سوف نطرحها.. فإن المزاج العام للجمهور لن يحتمل كلاماً في غير الشأن الكروي.. حتي لو كانت لدي ملاحظة جوهرية تتعلق بسلوك منتخبنا القومي فإنني لا أجد الوقت مناسباً لطرحها.. وعلي أن أنتظر انتهاء البطولة.. والفوز بها إن شاء الله.
عموما.. سوف أنقلك إلي موضوع مختلف ولكنه غير مزعج.. بل لطيف ويقتضي التفكير علي خفيف.. وإن كان غير كروي.
قبل نحو عامين.. ربما أزيد.. أتاح الرئيس مبارك قطعة أرض مميزة لكي يبني عليها الشيخ خليفة بن زايد حاكم الإمارات مدينة تحمل اسمه.. يتطوع بتمويلها بالكامل.. وتكون في القاهرة الجديدة وتضم 16 ألف وحدة سكنية.. تخصص كلها للشباب.. عمل رائد ومميز يستوجب الثناء والتحية والتقدير بفعل الشيخ خليفة.. ولكن المسألة تثير ملاحظة انتقادية.. وتدفع للتفكير في موضوع جوهري.
أما الانتقاد فيتعلق ببطء العمل في المشروع.. يكاد الأمر يبدأ الآن.. بعد أن أعلن عن مسابقة عالمية لتصميم المشروع.. وكنت أعتقد أن الإيقاع سوف يكون أسرع.. وأتمني أن يكون كذلك.. ولست أدري أين يكمن سبب التأخير.. في ضوء علمي أن حماس إدارة المشروع لم يفتر.. وفي كل الأحوال هي بادرة تحسب لحاكم الإمارات عروبياً وتاريخياً.. وتؤكد أنه يسير علي نهج والده الراحل العظيم.
أما الموضوع الخلافي الذي أشفق علي إدارة المشروع فيه.. فهو طريقة توزيع الشقق التي سوف تبني في العمل الرائد.. فهي سوف تكون مجانية.. وبدون أن يدفع المستحق أي مليم.. ولكن كيف يمكن اختيار الـ16 ألف شاب مصري الذين سوف يحصلون علي هذه الوحدات؟
اعتقد أن طريقة التفكير في هذه الشروط مطروحة الآن.. ربما لأنه فور أن يبدأ البناء فلن يأخذ وقتا طويلا لكي ينتهي.. فقط ننتظر أن يبدأ. ولعلي بهذا أحاول أن أقترح علي المنظمين بعضاً من الأفكار:
مثلاً هل يجوز أن يكون الشرط الأول هو أن يتراوح عمر الشاب بين 30 و35 عاماً.. لا أكثر ولا أقل.. بحيث تكون الشقة حلاً لمشكلة من قطعوا شوطاً في الحياة.. لا هو أصغر.. فيكون بإمكانه أن يحتمل وقتاً أطول.. ولا يكون أكبر فلا يعتبر شاباً.
وأعتقد أن اشتراط أن يكون المتقدم لطلب الحصول علي الشقة متزوجاً هو مواصفة ضرورية. فإذا كان قد أنجب.. تكون الشقة من حق من لا يزيد عدد أطفاله علي اثنين.. وأن يكون جامعياً.. فتضمن بذلك إدارة المشروع قواماً اجتماعياً ملائماً بين كل فئات السكان.
وأقترح أيضا أن يكون المتقدم موظفاً في عمل ما.. خاصاً أو حكومياً.. له مصدر دخل ثابت.. أو شبه ثابت.. إذ إنه لو لم يكن يعمل فإن الشقة سوف تكون أولوية تالية في حياته.
وربما كان من الأفضل أن يكون المتقدم للمشروع من سكان القاهرة الكبري.. حتي لا تكون المدينة مصدر أسباب إضافية للهجرة من الأقاليم إلي العاصمة.. فتصبح حلا لمشكلة سكنية وفي نفس الوقت تكون سبباً في مشكلة اقتصادية واجتماعية للقاهرة. وإذا ما نجح هذا العمل المهم كما هو متوقع، وأراد الشيخ خليفة أن يصل بتبرعه إلي مناطق أخري من مصر.. فلتقدم له الدولة قطعة أرض في إحدي مناطق الصعيد مثلاً.
أعتقد أن طريقة الاختيار سوف تكون صعبة علي من ينفذها.. خاصة أن الشقة مجانية.. ولابد أن تكون هناك قرعة في النهاية بين من تنطبق عليهم.. ومن المؤكد أنه لا ينبغي إتاحة حق البيع للحاصلين علي الشقة إلا بعد مضي عدد كبير من السنوات.
شكرا لهذا العمل.. ولكن أسرعوا به.. وإذا كانت هناك قيود بيروقراطية تعرقله يسروها.. وإن كنت لا أظن أن هذا موجود.. وشكراً لوضع مصر المستقر الذي يتيح الفرصة للبناء.. وشكراً للدولة التي وفرت البنية التحتية التي تجعل هذا العمل ممكناً ويسيراً.. وشكراً للعلاقات العربية المميزة بين مصر والإمارات وبين مبارك وخليفة.
غداً نعود إلي كرة القدم.. لمرة جديدة أتمني أن أستأنف بعدها جدول أعمالي المؤجل.
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
البريد الإليكتروني : [email protected]