الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المافيا الروسية تشارك العادلي في تجارة الأعضاء البشرية والمخدرات






روزاليوسف اليومية : 21 - 11 - 2011


عدد من التحقيقات والقضايا المفتوحة في واشنطن ومصر وإسرائيل تكشف يوما بعد يوم بشاعة جرائم وزير الداخلية الأسبق "حبيب إبراهيم العادلي" الذي يمضي عقوبة السجن حاليا في سجن ليمان طرة من بينها قضية المحكمة العليا الإسرائيلية المعروفة دوليا باسم "مرتزقة شرم الشيخ" رقم 1648 من فبراير 2011 ملف 60 طعون ضد "سنكر متهم أول وماريوس متهم ثان ونيفيتسكي متهم ثالث و شالوم متهم رابع" وهم الرجال ال4 في شبكة مرتزقة العادلي تساندها 10 قضايا أخري لعضوات روسيات بالمجموعة كلها تثبت تورط حبيب العادلي في التعامل مع المافيا الروسية لتكوين شبكة اغتيالات ومرتزقة مسلحة قامت بعدد من أعمال الإرهاب والقتل والإجرام في مصر وإسرائيل وأمريكا ودول أوربية وعربية أخري.
القضية حصلنا علي آخر محاضر جلساتها ومن أوراقها نجدها الأكثر غموضا بين القضايا التي نظرتها المحكمة الإسرائيلية العليا هذا العام وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة نظرا لخطورة الشبكة تلقي الضوء علي جانب خطير من أسرار العشر سنوات الأخيرة لحبيب العادلي في وزارة الداخلية في مصر وكيف كون شبكة مرتزقة عرفت في واشنطن وأوروبا باسم "مرتزقة شرم الشيخ" وفي إسرائيل باسم "مرتزقة بيلاروسيا" وفي مخابرات دول عربية صديقة تطل علي الخليج العربي والبحر الأحمر باسم "مرتزقة العادلي".
أوراق قضية جرائم مرتزقة العادلي الروسية تعدت العشرين ألف صفحة ساهمت في تحقيقاتها الشرطة الإسرائيلية وجهاز المباحث الفيدرالية الأمريكية منها جرائم تزوير مستندات أمريكية وعلاقة المجموعة بتنفيذ عمليات إرهابية وقتل في سيناء وإسرائيل وعدد من دول الخليج منها الإمارات والسعودية وقطر والبحرين بالإضافة إلي 10 قضايا أخري لباقي عضوات الشبكة من النساء الروسيات تجاوبن مع التحقيقات الإسرائيلية وقدمن شهادات موثقة ضد حبيب العادلي كلها قطعت بأن العادلي كانت لديه شبكة مرتزقة من الروس الشرقيين من خريجي وحدات القوات الخاصة الروسية وقد نفذت تلك الشبكة عددًا من العمليات الإجرامية الدولية تنوعت بين القتل وتهريب الأموال إلي تهريب الأحجار الكريمة والسلاح والبشر والعاهرات والمخدرات والخمور وحتي مواد التموين المصرية العادية والسجائر.
وطبقا للتحقيقات وشهادة أعضاء شبكة المرتزقة الروسية محل القضايا قرر حبيب العادلي بداية من عام 2000 القيام بأعمال لها طابع إجرامي ليحقق بها لنفسه مزايا مالية وأخري سياسية فوجد أن أفضل تجارة كانت قد بدأت تنتشر يومها هي التهريب علي الحدود المصرية الإٍسرائيلية، لكنه علم من الوهلة الأولي أنه سيحتاج دائما لرجل داخل إسرائيل ليساعده علي تنفيذ عملياته القذرة بعيدا عن أي شبهة جنائية يمكن أن تمسه داخل الحدود المصرية.
هذا المجرم هو "يعقوب ألفرون" مواطن إسرائيلي وهو أشرس "مافيونير" إسرائيلي في تاريخ الدولة العبرية اسمًا ومن المؤكد أن العادلي يتذكره جيدا فهو ذراعه المنفذة لتهريب البشر والعاهرات والأعضاء البشرية ومواد التموين المصرية العالية الجودة لإسرائيل.
يعقوب ألفرون شريك العادلي مواليد 18 فبراير 1955 يتحدث المصرية بطلاقة ولد للخواجة اليهودي المصري "حاييم ألفرون" الصائغ بحي الظاهر بالقاهرة ، أمه هي "كاميلا كوهين " فتاة يهودية مصرية من حي شبرا هاجرا من مصر لإسرائيل في عام 1954.
في نهاية عام 2000 طبقا لأوراق القضية وصل صيت ألفرون الذي أصبح ملك شوارع الإجرام الإسرائيلية إلي وزير الداخلية المصري حبيب العادلي فدعاه العادلي لزيارته في مكتبه بوزارة الداخلية بالقاهرة عندما علم بأنه وأسرته يزورن مصر سنويا للاحتفال بالأعياد الإسرائيلية في معبد شارع عدلي بوسط القاهرة كما تعودوا منذ توقيع إتفاقية السلام مع مصر لأنهم مصريون الأصل ، وفي اللقاء اتفق العادلي وألفرون علي العمل معا في سرية تامة وقد ظلت الشراكة بينهما إلي أن قرر ألفرون أن العادلي لا قيمة له وأنه تمكن من خيوط اللعبة منفردا طبقا لشهادة أشقاء ألفرون أنفسهم في القضية.
في الواقع عندما دعا العادلي يعقوب ألفرون لم يكن من أجل أخذ الصور التذكارية بل كانت الدعوة لإقامة شراكة أعمال إجرامية تمتد من القاهرة إلي تل أبيب ومدن أخري بالعالم وهي تلك التي بدأت بتمكين العادلي لشريكه الجديد علي الحدود المصرية الإسرائيلية وسيناء وشرم الشيخ ليصبح بعدها ألفرون رجل المافيا الأوحد في إسرائيل "ملك سيناء وشرم" كما لقب في تل أبيب ، وهو الذي تاجر في البشر والعاهرات والمخدرات وفي الأعضاء البشرية وكان أيضا أول من حصل عليها من أجساد المتسللين الأفارقة بمساعدة مجموعة عملت لحساب العادلي من البدو سقط زعيمها مؤخرا في سيناء.
وفي الحقيقة المافيا الروسية شهرتها تسبقها في دول عديدة وهم مجموعات من المرتزقة من الرجال والنساء ذوي السوابق العسكرية لهم خبرات متعددة في استخدام الأسلحة بأنواعها والمتفجرات وأجهزة التجسس أحيانا تمكنهم من أداء عمليات إجرامية بطول العالم وعرضه مقابل المال.
وبداية من عام 2000 بدأت تلك المجموعات تتوافد علي مطاري شرم الشيخ والغردقة متخفين في هوية السياح الروس بغرض الهجرة إلي إسرائيل والعمل مقابل حوافز مالية كبيرة لدي رجال الأعمال الكبار في نظام مبارك الفاسد خاصة أن "جمال وعلاء مبارك" نجلي الرئيس نفسه ورجل الأعمال "أحمد عز" مثلا كانوا علي معرفة بالفعل بعدد من رجال المافيا الروس الذين ساعدوه مرات عددة لتخليص الأعمال المتشابكة في دول أخري كان بينها روسيا وأذربيجان وتركيا وقبرص.
في مصر أصابت عدوي المافيا الروسية البعض ممن جمعوا بين الجريمة وشهوة جمع المال كان بينهم وزير الداخلية حبيب العادلي الذي بدأ يجمع خيوط اللعبة وعندما فهم أنها كلها في يده أصلا بسبب طبيعة عمله ومسئولياته الوظيفية قرر أن يستغلهم لحسابه خاصة أن شريكه الإسرائيلي يعقوب ألفرون قد خانه في بداية عام 2007 وسرق الأعمال فقرر العادلي الانتقام منه في تل أبيب نفسها وبالقطع لم يجد أكفأ من المافيا الروسية المرتزقة لتنفيذ الانتقام.
كانت عملية النيل من ألفرون تتطلب تعاونًا إجراميا محترفًا من "الإخوة أوحانا" والإخوة "أبو طبول" أعداء المجرم ألفرون في الشارع الإسرائيلي وجميعهم كان لديهم نشاط تهريب علي الحدود المصرية الإسرائيلية فاتفق معهم العادلي علي مساعدة فريق المرتزقة الروس الذي شكله للتخلص من ألفرون وفي المقابل منحهم بعض الصفقات المهمة علي الحدود فوافقوا علي الفور.
هنا قرر العادلي تحريك مجموعته الجديدة للنيل من شريكه الخائن ومن أوراق القضايا ال14 التي تناولت موضوع شبكة "مرتزقة العادلي" في المحكمة الإسرائيلية منذ بداية عام 2011 نكتشف أن عدد مجموعة أعضاء شبكة المرتزقة الروس كانوا 14 شخصًا بينهم 10 نساء معظمهن مجندات سابقات بعدد من الوحدات الخاصة الروسية.
وفي الواقع مقتل يعقوب ألفرون شريك العادلي كان علي أيدي مجموعة المرتزقة الروسية التي استجلبها العادلي خصيصا للإنتقام من ألفرون المتمرد بعد أن رفض الأخير توريد نصيب العادلي من الأموال المتحصلة من التهريب علي الحدود بداية من يناير عام 2007 وبدأ يقوم بعمليات لحسابه الخاص.
في تمام الثانية عشرة صباحا يوم 17 نوفمبر 2008 كانت مجموعة مرتزقة العادلي الروسية الجديدة تنتظر غريم العادلي في وسط تل أبيب بعد أن فخخوا سيارة المطلوب بمساعدة الإخوة "أوحانا" و"أبو طبول" أعداء المجرم ألفرون وما أن استقل المجرم السيارة انفجرت سيارة يعقوب ألفرون في عملية تفجير محترفة أودت بحياته علي الفور.
لقد نجحت مجموعة العادلي المرتزقة في التخلص من ألفرون الشريك المتمرد غير أنه لم يحسب أن مقتل ألفرون سيكون هو أهم العوامل التي ستؤدي لنبذ الشارع الإجرامي الإسرائيلي لمجموعة المرتزقة الروسية التي راحت تعمل منفردة في محيط غريب عنها فتعاون مجرمو إسرائيل في كشفهم للسلطات الإسرائيلية واحدا تلو الآخر لتنحصر بعدها عمليات العادلي الإجرامية حتي خروجه من الوزارة في محيط التهريب علي الحدود بين مصر وإسرائيل.
القضية بها وقائع مثيرة من أغربها أن مرتزقة العادلي هربوا حتي مواد التموين المصرية الصنع من السكر والأرز والشاي والزيت الفاخر والدقيق والسجائر أيضا حيث كشفت أوراق القضية عن أنها كانت تهرب بآلاف الأطنان سنويا وكانت تجمع في مخازن خاصة بالمجموعة في صحراء النقب لدي البدو المتجنسين بالجنسية الإسرائيلية وهم من أصول مصرية حيث كانت الأكياس تفرغ وتعاد التعبئة في علب ومغلفات إسرائيلية ليعاد بيعها في الأسواق الإسرائيلية لتحقيق أرباح بملايين الدولارات.
من جانبها اضطرت المباحث الفيدرالية الأمريكية للتدخل في التحقيقات بسبب حصول عضوات الشبكة من يعقوب ألفرون علي طاقات وجوازات سفر أمريكية مزورة بكفاءة عالية شهدن أن ألفرون حصل عليها من وزير الداخلية المصري حبيب العادلي.
غير أن عمليات التفجيرات الشديدة الاحتراف التي قامت بها مرتزقة العادلي الروس في إسرائيل كانت أخطر ما في القضية وهي السبب المباشر لتدخل الطرف الأمريكي علي خط التحقيقات بعد أن اتضح أنها لا يمكن القيام بها سوي عن طريق خبراء متفجرات خشيت المباحث الفيدرالية الأمريكية أن يكونوا متواجدين بالمنطقة ولهم خلفية إرهابية.
في المحكمة أنكر أعضاء الشبكة ال4 من الرجال علاقتهم بالتفجيرات وبالشبكة فتم تأييد الأحكام عليهم بينما شهدت العضوات الجورجيات ال10 بكل ما لديهن من معلومات عن القضية في إطار صفقة قانونية موحدة قدمتها لهن سلطات التحقيق للحصول علي أحكام مخففة فتساقط أعضاء الشبكة الروسية ومن عمل معهم فردا تلو الآخر علي الحدود المصرية الإسرائيلية وفي سيناء وشرم الشيخ مؤخرا بينما لا تزال التحقيقات الأمريكية السرية مستمرة بهدوء لكشف علاقة حبيب العادلي بالتفجيرات الإرهابية التي وقعت في مصر منذ بداية عهده وحتي سجنه.