الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المرأة السيناوية «خط أحمر».. الطبيعة أكسبتها صلابة وقوة على التحمل




على بعد ما يقرب من 381 كيلو متراً من محافظة القاهرة و134 كيلو متراً من السويس ونحو 12 كيلو مترا من مدينة رفح - على الحدود الفلسطينية تقع مدينة العريش عاصمة سيناء الشمالية.... يوجد هناك خط أحمر اسمه «المرأة السيناوية» ــ كرامتها محفوظة وسمعتها لاتمس، واذا تعرضت لظلم فملاذها هو «المنشد» أى القاضى العرفى المختص بأمور النساء. ومع أن العرف يحفظ لها حقوقها غير أن العرف أيضا قد يضيع الكثير من هذه الحقوق مثلما يحدث فى «الزواج القبلى» الذى جرى العرف على اتمامه بدون توثيق رغم أنه زواج صحيح ومعلن ومكتمل الأركان هذا الزواج القبلى ينتشر فى المجتمع السيناوى لعدة أسباب فى مقدمتها العرف الذى يحكم هذا المجتمع منذ مئات السنين وكاد يختفى من جيل الشباب.
 
على بعد 381 كيلو مترًا من محافظة القاهرة تقع مدينة العريش عاصمة سيناء الشمالية.... يوجد هناك خط أحمر اسمه «المرأة السيناوية» ــ كرامتها محفوظة وسمعتها لا تمس، وإذا تعرضت لظلم فملاذها هو «المنشد» أى القاضى العرفى المختص بأمور النساء. ومع أن العرف يحفظ لها حقوقها غير أن العرف أيضا قد يضيع الكثير من هذه الحقوق مثلما يحدث فى «الزواج القبلى».
 
فالمرأة السيناوية امرأة من نوع خاص جداً ربما لأن الطبيعة اكسبتها صلابة وقوة وقدرة على التحمل أو ربما لأن العادات البدوية هى القانون الأكثر سيادة هناك فهى صاحبة قصة كفاح ونجاح دون غيرها من نساء البدو وصلت لقدر من الحرية وأصبحت صاحبة دور تنموى فى المجتمع. تزامنا مع عيد تحرير سيناء نتعرف أكثر على المرأة السيناوية فى محاولة لإلقاء الضوء على حياتها ومشاكلها وطموحاتها والتى يعتبرها القانون العرفى مخلوقاً فطرياً وفى الغالب ليس من حقها اكتساب المهارات ومنافسة الرجال.
 

 
بالتأكيد التعليم هو الموضوع الأكثر أهمية فى حياة الفتيات عموما كان القاضى العرفى فى سيناء لا يعترف بحق المرأة فى التعليم ويعتبرها الأب والأخ ليست فى حاجة له إلا القليل ممكن كان لديهم سعة أفق ونظرة أوسع للحياة المستقبلية فأعطوا الفرصة لعدد قليل من الفتيات لدخول المدارس وبالتدريج ازدادت اعداد وتواجد البنات فى المدارس والفصول مقارنة بالبنين وهذه الخطوة الأكثر تأثيراً فى حياة الفتيات هناك فالتعليم بلا جدال هو البداية والنقطة الأولى فى تغيير صياغة وتركيبة شخصية المرأة السيناوية هناك.
 
وقالت الناشطة السيناوية هنادى جلبانة «إن المرأة السيناوية» لا يتذكرها أحد غير يوم 25 أبريل وهذا أكبر تهميش للمرأة السيناوية التى لم تعد مهمشة مثل الأول والدليل على ذلك أنها كل فترة فى تطوير دائم لحياتها فبالنسبة للتعليم ، هناك نسبة تعليم جيدة فى سيناء لأن الأمر أصبح أفضل من الأول حيث بدأت المرأة السيناوية ممارسة حقوقها وواجباتها من خلال تعليمها ودراستها التى اتاحت لها أن تسافر إلى المحافظات لإكمال دراستها خارج سيناء مع تغيير مسارها السيناوى الذى تعودت عليه من قبل والحياة البدوية التى كانت السبب فى اعاقة فكرها السيناوى وهناك أيضا الاعلام العائق الأكبر فى حياة المرأة السيناوية والذى هو السبب فى تشويه صورتها وحياتها الفكرية والاجتماعية والسياسية.
 
واكملت جلبانة حديثها بأن المرأة السيناوية أصبحت تمارس عملها الآن بشكل طبيعى لأن فى سيناء لا توجد بطالة بنسبة كبيرة حيث سيناء منطقة سياحية أكثر وهذا مجال واسع للعمل هناك فأصبحت تأخذ الكورسات التى تؤهلها للعمل فى سيناء ولكن هناك قلة قليلة تمارس عملها من خلال الكورسات لأن الفرص حاليا أصبحت أقل من الأول فأصبحت هناك القطاعات الأهلية التى ادت الى قلة العمالة.
 
أيضا انتشرت لجان محو الأمية وفصولها هنا وهناك لتعليم السيدات اللاتى يرغبن فى محو أميتهن ولعل الكاتبة السيناوية «حسنية عمر عواد» التى نشأت فى جبل سانت كاترين وكتبت كتاباً عن حقوق المرأة السيناوية هى أكبر دليل على تأثير التعليم والنهضة التعليمية هناك.
 
الكاتبة تحدثت عن نقطة مهمة وربطت بين واقع المرأة فى الإسلام وبين واقع المرأة السيناوية.. فالإسلام رفع من شأن المرأة وساوى بينها وبين الرجل فى جزاء الآخرة فلها حق التعبير وحق التعليم مثلها مثل الرجل أيضا وحق التملك والتصرف فى ميراثها تبيع وتشترى بدون وصايا من الأخ أو الأب والكاتبة تؤكد نقطة مهمة وهى أن العادات البدوية والقانون العرفى هو القانون السائد فى حل النزاعات القائمة وحتى من يسىء للمرأة هناك تقام عليه حدود هذا القانون العرفى الشديد.
 
الناشطة السيناوية السياسية
 
ومن ناحية المشاركة السياسية عرضت الاعلامية والناشطة السيناوية أميرة شعيشع بعض السياسات التى تنتهجها بعض الأحزاب فى تهميش دور المرأة السيناوية وعدم إعطائها الفرصة الكاملة فى المشاركة، وانتقدت ممارسة بعض الأحزاب القمعية ضد المرأة وتهميش دورها فى بعض القضايا وعدم إعطائها الفرصة كاملة فى حياتها السيناوية.
 
فالمرأة السيناوية لديها قدر كبير من الصلابة اكتسبتها من الطبيعة هناك جعلتها أكثر قدرة على تحسس طريقها لتمارس قصة كفاح ونجاح وتحقق خطوات وقدراً من الحرية بالإضافة لمشاركة تنموية وسياسية حقيقية وهناك المشاركة السياسية للمرأة السيناوية تحكمها طقوس وطبيعة المجتمع القبلى فالعادات هناك لا تمنع المرأة من منافسة الرجل من أبناء قبيلتها فى الانتخابات والنجاح الانتخابى فى سيناء لايعتمد على الدعاية والإعلانات فقط دائما يعتمد على الدعم القبلى ومدى قبول وتأييد القبائل للمرشحة وقد ادركت المرأة السيناوية بفطرتها دور القبيلة وأهميتها فى نجاحها.
 
ولعل ذلك جعل هناك أسماء تظهر كمتقدمات للترشيح لعضوية مجلس الشعب من محافظة جنوب سيناء حتى بعد أن أغلق المجمع الانتخابى للحزب الوطنى هناك 13 سيدة على قوائم الحزب الوطنى مستقلات منهن صباح رزق سالم لجنة خليج السويس وحمدية حرب لجنة العقبة كذلك لمعت اسماء على المستوى السياسى والمشاركة السياسية مثل مريم سليمان أمينة المرأة بالحسنة والشاعرة إيمان فريد معاذ عضو مجلس المرأة فى شمال سيناء وسوسن حجازى رئيس جمعية حقوق المرأة السيناوية. لعل من أهم المشاكل التى تعانى المرأة هناك عقد الزواج العرفى الذى تتزوج به المرأة فى الغالب والذى لايضمن حياة راقية وحتى الآن لايشترط بعض الآباء المسكن ولا حتى المهر أو الصداق ومازالت هذه المشكلة تؤرق السيناوية.
الزواج العرفى
 
علقت شعيشع على ظاهرة الزواج العرفى السائد فى سيناء بأنها اصبحت قليلة فى سيناء حيث كان الزواج العرفى هو السائد فى شمال سيناء وهو الزواج غير الموثق ومازال موجودًا إلى الآن ولكنه بصورة نادرة حيث أصبحنا نسعى إلى توعية السيناويات من خلال الندوات الاجتماعية وحث البعض على التغلب على هذه الظاهرة التى اصبحت تشوه مجتمعنا السيناوى المهمش.
 
وعلقت الباحثة نهلة سيد عبدالعظيم باحثة نباتات طبية فى محمية سانت كاترين بالمركز القومى للبحوث بأنها تقوم بمشروع الصون والاستخدام المستدام للنباتات الطبية بمحمية سانت كاترين بالاضافة إلى صون الثروة القومية المتمثلة فى النباتات الطبية حيث تم تنفيذ اول منظومة متكاملة للنهوض بالمرأة البدوية السيناوية بمدينة سانت كاترين وذلك استمرارا لتنفيذ اهداف الالفية للامم المتحدة الخاصة بالتنمية والتى ترغب الامم المتحدة فى تحقيقها بحلول عام 2015 والخاصة بالحد من الفقر وتوفير المتطلبات الاساسية للحياة بالمجتمعات الفقيرة التى تعتمد على النظم البيئية بشكل مباشر وتساعدها فى الحصول على احتياجاتها الاساسية.
 
وتحدثت داليا صفوت من فتيات الثورة والتى اصبح لها دور مؤثر فى الدفاع عن المرأة السيناوية حتى اصبحت تمارس الديمقراطية من خلال حقوقها الشرعية فى مشاركة الحياة السياسية والاجتماعية وثقافتها الواسعة التى تميزت بها فى الآونة الاخيرة وعدم تهميشها واخفائها.
 
فبالنسبة للتعليم عدد قليل من الفتيات أخذن فرصته لدخول المدارس وبالتدريج ازدادت اعداد وتواجد البنات فى المدارس والفصول مقارنة بالبنين وهذه الخطوة الأكثر تأثيراً فى حياة الفتيات السيناويات هناك.
 
الزواج القصلة
 
زواج «القصلة» وهو زواج قبلى لايتطلب أوراقا رسمية لأنه لايوثق، وهذا من عادات وتقاليد مجتمع سيناء فنتيجة عدم التوثيق يصعب استخراج شهادات ميلاد للأبناء فيسقط حقهم فى التعليم والعمل والحصول على الخدمات الصحية وغيرها كما تحرم المرأة من هذه الحقوق بالاضافة الى حرمانها من حقها فى الضمان الاجتماعى واستخراج بطاقات تموين وأدائها للحج او العمرة وحقها فى الميراث.
 
وبالتوعية بدأ الالتزام بتوثيق الزواج الحديث أما الزواج غير الموثق والقائم بالفعل فيتطلب التوثيق اجراءات من بينها استخراج شهادة صحية تتكلف 80 جنيها، وقد تمكنت اللجنة من استصدار قرار من المحافظ بتقديم هذه الخدمة بالمجان تشجيعا للأهالى على توثيق الزواج وقد وجدنا أن الناس لاتذهب للمحاكم فى حالة نشوب الخلافات وانما تلجأ الى القضاء العرفى.
 
خط أحمر
 
فالمرأة السيناوية خط أحمر فهى لا تضرب ومن يضربها يعاقب بأربعة أمثال العقوبة التى تفرض عليه فى حالة ضرب رجل، وأيضا العقوبة مغلظة فى حالة تعرض المرأة لما يمس سمعتها أو يخدش حياءها بالقول أو حتى النظر. ومع كل ذلك تجد حقوقها خاصة فى الميراث تضيع فى كثير من الأحيان لعدم وجود ما يثبتها أو إذا سلبت منها هذه الحقوق بسيف الحياء (أى الحرج) او غيره من الأساليب المشابهة، لذا كانت هناك ضرورة لإنشاء «مركز دعم ومساندة المرأة السيناوية» للنظر فى مثل هذه الأمور يضم قاضيا عرفيا واخصائيا اجتماعيا واخصائيا نفسيا ورجل دين ومحاميا، وهذه المراكز منتشرة فى معظم المحافظات إلا أن هذا هو أول مركز يضم قاضيا عرفيا، وهذا سبق من شأنه سرعة الفصل فى المشاكل.