الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى الذكرى ال83 لميلادها سناء جميل: ابنة الصعيد عاشقة الفن




تعتبر الفنانة سناء جميل من أبرز نجوم الستينيات من القرن الماضى.. حيث ولدت ثريا يوسف عطا الله فى الـ27 من إبريل عام 1930 فى محافظة المنيا وتربت بمدرسة داخلية، وعندما تخرجت قررت الوقوف أمام إرادة أهلها والسفر للقاهرة للحاق بالفرقة المسرحية تحت إدارة الراحل زكى طليمات، الذى احتواها وقدمها لعالم الشهرة باسم سناء جميل. وقد قاطعها أهلها منذ ذلك الوقت ورفضوا الاعتراف بموهبتها رغم أن أدوارها امتازت بالالتزام الأخلاقى الذى تربت عليه إلا أن هروبها منهم جعل من الصعب عودة العلاقات لطبيعتها، حتى بعد وفاتها انتظر زوجها لويس جريس لمدة 3 أيام لإقامة الجنازة انتظارًا لأحد من أهلها ليشارك بها، ولكن دون جدوى. قدمت سناء جميل خلال مشوارها ما يزيد على 194 عملًا فنيًا ما بين المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة، وامتازت بتقديم الأعمال باللغة العربية الفصحى واللغة الفرنسية. وقد رحلت عن عالمنا فى 22 ديسمبر عام 2002.
لويس جريس: كانت تطرب لصوت «الأذان» والتليفزيون أهمل تراثها المسرحى
 

لويس جريس
 
يعتبر الكاتب والناقد لويس جريس حامل مفاتيح كنز اسرار الفنانة الراحلة سناء جميل، فهى كانت حبه الاول وعاشا معا رحلة زواج دامت لأكثر من 40 عاما منذ منتصف الستينيات وحتى وفاتها فى  اوائل القرن الحالي.. وقد فتح لنا جريس خزانة ذكرياته مع الفنانة الراحلة فى  الحوارالتالي:
 
■ لماذا لم يتم تقديم عمل يجسد السيرة الذاتية للراحلة سناء جميل؟
- فى  رأيى  ان فنانة بقدرها لن يتم تقديم سيرتها فى  مسلسل مثل باقى  فنانى المسرح العمالقة، فلو بحثنا فى  اعمال السير الذاتية سنجدهم لم يقدموا أيا من عمالقة المسرح القومى  ومنهم سناء ومحمود مرسى  ونجيب الريحانى وحسين رياض وحسن البارودى ونبيل الالفي، على الرغم من القيمة الفنية لهؤلاء النجوم الذين اعطوا فنهم بكل حب وحرفية كما انهم كانوا سفراء لمصر فى  الدول العربية والاوروبية. ورفعوا على اكتافهم الفن المصرى  منذ بداية الستينات وحتى نهاية القرن الماضى.. والوحيدة التى  كتبت مذكراتها هى  ايريس نظمى  لكنها قالت لى  ان هناك اشياء لم تذكرها سناء لها.. وعندما واجهتها بالامر قالت لى انها ذكرت كل المصاعب التى عاشتها فى حياتها فهى  دخلت منذ طفولتها فى  مدرسة داخلية وبعد تخرجها تحدت اخاها وسافرت إلى القاهرة للبدء فى  طريق الفن ثم قاطعها اهلها.. لذلك اعتقد ان قصة كفاحها مهمة لتقدم فى  الوقت الحالى  لتبرز مدى معاناتها للوصول لحلم الفن.
 
■  ألم تؤثر ديانتها على محبة الجمهور لها؟
- اطلاقا المصريون لم يفكروا ابدا بالانحياز الدينى  وطول عمرنا مسلمين ومسيحيين معا، ولم تدخل الفتنة الطائفية لمصر الا بعد عهد السادات حيث اتبعت الدولة هذه الحيلة لتلهى الشعب عن بعض الاتفاقيات او القرارات والقوانين المهمة، فبدلا من تفكير الشعب فى  هذه القوانين يقوموا بالقاء قنبلة على كنيسة او جامع وتنتشر الخناقات بين الاطياف والانقسامات.. واريد ان اؤكد ان سناء كانت تطرب لصوت الأذان  وتحب الاستماع  له، حتى انها ذات يوم فوجئت بتغيير شيخ الجامع المقابل لمنزلنا بشارع المنيل وكان المؤذن الجديد صوتة سيئاً فطلبت منى الاتصال بالشيخ الشرباتى  وزير الاوقاف فى  وقتها وطلبت منه الحضور للمنزل لتناول الشاى  معنا والاستماع لصوت أذان العصر للتعرف على مدى سوء صوت المؤذن.. وفى  خلال اسبوع استجاب لها الوزير وقام بتغيير المؤذن خصيصا حتى تستطيع سماع الأذان كما اعتادت عليه.. إلى جانب أننى  فوجئت بوفد من احدى مدارس الفتيات يرتدين الحجاب يحضرن مع معلمتهن للكنيسة البطرسية لحضور جنازتها.
 
■ ماذا كان يمثل المسرح بالنسبة للنجمة الراحلة؟
- كل حياتها وفنها وكانت تعد له طقوساً خاصة.. فعلى سبيل المثال كانت تذهب من بيتها للمسرح دون ان تحدث أحداً كى  لا تخرج عن الشخصية التى  ستقف لتقديمها كما ان غرفتها بالمسرح كانت تعتبر بمثابة محراب مقدس خاص بها.. وممنوع تماما لأى  احد مهما كان ان يدخل عليها الغرفة او يقاطع تركيزها. واذكر فى  ليلة افتتاح عرض مسرحية «ماكبث» كانت سناء تتواجد فى غرفتها تعيش دور الليدى  ماكيث بالداخل فقام مدير المسرح القومى  وقتها بطرق الباب والدخول عليها ليبارك لها العرض، فردت عليه بحدة «ماذا تفعل هنا اخرج على الفور» بالعربية الفصحى التى  كانت تقدم بها النص وأصابها ضيق شديد وقتها.
 
■ لماذا لم يتم عرض تراثها المسرحى  بالتليفزيون المصرى؟
- هناك العديد من المسرحيات المهمة والتى  تحمل معانى  تربوية وتوجيهات اجتماعية تستطيع النهوض بالمجتمع ولكن التليفزيون يهمل هذه الأعمال على رأسها «شمس النهار» لتوفيق الحكيم و«الناس اللى  فوق» وبعض المسرحيات الاخرى ليوسف ادريس..المشكلة هنا ان المتحكم فى  عروض التليفزيون هو موظف حاصل على مؤهل متوسط لا يستطيع تقييم الفن والابداع والقيم التى  يحتاج لها الشعب فى  الوضع الحالي. وليس معنى ذلك انى  انتقص من مكانته ولكن يجب عليهم الاهتمام بجهاز التليفزيون بشكل خاص لأنه مؤثر جدا فى  المجتمع والقيام بإنشاء لجنة تضم نقاداً وفنانين ومفكرين يختارون ما يجب ان يبث للجمهور للارتقاء بمستوى الامة ليس لمجرد الضحك والترفية فقط. 
 
■ وكيف كان تكريم الدولة لها؟
- لم يساعدنا احد اثناء تلقيها العلاج فى  آخر ايامها ولم نر تعازى  من اى  رموز سوى الرئيس السابق حسنى  مبارك الذى  قال لى  ان مصر كلها خسرتها وليس اسرتها فقط.. واتذكر انها قبل اعوام من وفاتها سألتنى  كم لدينا من اموال بالبنك فأجبتها ان هناك القليل وعاتبتها قائلا إذا كنتى  قبلتى  عدداً من الاعمال التى  عرضت عليكى  بأجور عالية كان سيصبح لدينا اكثر من 5 ملايين جنيه وقتها.. فهذه كانت مشكلة سناء لأنها كانت تقبل العمل الذى  تشعر به فقط والذى  تعرف ان الجمهور سيتجاوب معها من خلاله، وقد كان زميلها الفنان الراحل كرم مطاوع عرض عليها المشاركة معه فى  مسلسل عراقى  يقدم باللهجة العراقية على ان تتقاضى الف دينار فى  الحلقة الواحدة ولكنها رفضت لعدم قدرتها على تذوق طعم الكلام بالعراقية فقالت انها لن تصل لقلوب الجماهير. وقد تخلت عنها السينما لفترة طويلة حتى اتصلت بأحمد زكى  وقالت لة أنها ترغب فى  تقديم عمل معه وبالفعل قدما  فيلمى «سواق الهانم» و«اضحك الصورة تطلع حلوة» والذى  تقاضت عنه اكبر رقم فى  السينما هو 20 الف جنيه، بينما حصل كل من منى زكى  وكريم عبد العزيز على 50 الف جنيه وكانا وجهين جديدين. ويوم طلبت منى  ان اقوم بادخار بعض الاموال تحسبا للمرض قلت لها أنت  سناء جميل يعنى  لو مرضتى  ستقف الدولة كلها لتوفير سبل راحتك وعلاجك.. ولكنها قالت لى  لن يهتم بها احد وقد كان، وما ضايقنى  انهم نشروا اخباراً حول تلقيها العلاج على نفقة الدولة، بينما لم يساعدنا احد سوى مستشفى السلام الذى  خفض لنا 10% من المصاريف.
 

 
أشهر أعمالها:
 
▪ فيلم بداية ونهاية عام 1960.
▪ فيلم المستحيل عام 1965.
▪ فيلم الزوجة الثانية عام 1967.
▪ فيلم نساء خلف القضبان عام 1986.
▪ مسلسل «الراية البيضاء» عام 1988.
▪ فيلم سواق الهانم عام 1994.
▪ مسلسل «ساكن قصادى» 1995.
▪ مسلسل «الرقص على السلالم المتحركة» 2001.
 
هشام سليم: بكت بشدة بعد تعنيفها سيد زيان فى «الراية البيضاء»
 

هشام سليم
 
تذكر الفنان هشام سليم أول ظهور له مع الفنانة الراحلة سناء جميل حيث قدم معها مسلسل «الراية البيضاء» والذى أبدعت فيه من خلال دور المعلمة «فضة المعداوى» وقال: «لقد كان أول عمل لى بالتليفزيون وكنت متخوفًا بشدة من العمل وسط كل الأسماء الكبيرة التى كان يجمعها العمل وعلى رأسهم الرائعة سناء جميل ولكنى وجدتها فنانة جميلة تتميز بمميزات نجوم الزمن الماضى من أخلاق وطيبة والتزام بالعمل وحب للفن واحتراف غير طبيعى. وعلى عكس ما تصورته فكانت لا تتدخل فى توجيهنا إطلاقًا إلا إذا أحد منا طلب نصيحتها أو سألها عن شىء فتشرح له باستفاضة، ولكنها كانت تلتزم بقواعد العمل فالمخرج هو الوحيد الذى له الحق بتوجيهنا وتوجيهها هى شخصية أحيانًا.
وأضاف سليم أنه كان يتابع تصرفاتها وأداءها المتميز وتحولها أمام الكاميرا.. وأنه فوجئ بهذه السيدة التى امتازت بالطيبة الشديدة وكانت تقوم بضرب الفنان سيد زيان بشدة وتقول له: «أنا ستك» فكانت تعنفه واندمجت فى المشهد بشدة، وبعدما انتهى المشهد ظلت تبكى وتعتذر له قائلة إنها أهانته كثيرًا ومن شدة الاندماج شعرت أنها جرحت مشاعره وكرامته بالفعل.كما قال سليم أنها كانت ملتزمة بأدق تفاصيل العمل والدور حتى أنها كانت تفصل ملابسها بنفسها وقد طلبت منه البحث معها على درجة الجلباب «الفوشيا» التى كانت ترتديها لأنها كانت تريد أن تأتى بلون شديد الجرأة، فساعدتها والدته للحصول على القماش وقامت سناء بتفصيل الجلباب بنفسها.وعلى جانب آخر قال سليم: «للأسف فجيل الفن القديم الذى كانت تنتمى له سناء جميل كان يعتمد على العمل والاتقان والتفانى».
 
رفيق الصبا ن: كانت مثل «النار» التى تغطى على من حولها
 

رفيق الصبان
شبه الناقد د. رفيق الصبان الفنانة الراحلة سناء جميل «بالنار» التى تغطى على كل من حولها وذلك تأكيدًا منه على موهبتها الطاغية التى كانت تتميز بها. حيث قال: «نجومية سناء جميل وإبداعها لا يختلف عليه أحد فعلى الرغم من قلة ظهورها السينمائى مقارنة بغيرها من النجمات إلا أنها عند ظهورها كانت تغطى على كل المواهب والنجوم الذين يظهرون معها. فأذكر أننى كتبت عنها بعد مشاهدتى لفيلم «بداية ونهاية».
وعن رواية الأديب الراحل نجيب محفوظ حيث أبهرنى أداءها لشخصية «نفيسة» ضمن أحداث القصة وقلت عنها أنها أعطت لها أبعادًا أخرى أكثر إنسانية لم يذكرها محفوظ بروايته فجعلتنا نشعر من خلال نظراءها وإحساسها وطريقة مشيتها لهذه الشخصية أبعادًا من لحم ودم وإحساس.. وقد عُرف عنها أنها عندما تظهر بأى عمل يتوارى باقى نجوم العمل خلف موهبتها حتى ولو لم تكن البطلة الأولى للفيلم وأكبر مثال على ذلك دورها فى فيلم «الزوجة الثانية» و«نساء خلف القضبان». من جانب آخر أكد الصبان أن سبب قلة أدوار النجمة الراحلة فى السينما جاء نتيجة لتفضيلها العمل بالمسرح على حساب السينما حيث أنه كان عشقها الأكبر والذى تربت عليه منذ البداية وقدمت به أغلب الأعمال القيمة التى قدمتها خلال حياتها الفنية. وأضاف قائلا: «إذا كانت الدولة لم تعط لسناء جميل التكريم اللازم لها فى حياتها وبعد موتها فالجمهور وحده كافيًا لتقدير نجوميتها وانتظار أعمال بشغف وتكفيها المكانة التى حجزتها فى قلوب الملايين من محبيها بالوطن العربى».