الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رحلات الأقباط للقدس.. فريضة دينية أم تطبيع خفي؟




«لن ندخل القدس إلا وأيدينا في أيدي إخواننا المسلمين» بهذه الجملة الشهيرة رفض الراحل «البابا شنودة الثالث» قيام الأقباط برحلات التقديس للمدينة المقدسة طالما إستمر الاحتلال ، وأصدر المجمع المقدس أمرا بعقاب مخالف أمر البابا بحرمانه من ممارسة الأسرار المقدسة ودخول الكنيسة لمدة قد تصل لعام، إلا أن الحلم ظل يراود الأقباط كافة، وبالنسبة للبعض تخطي كونه حلمًا وقام بتنفيذه ، واستمرت زيارة الأقباط للقدس سرا خوفا من عقاب الكنيسة.

 
لكن موقف الكنيسة المصرية تغير فعلياً ، وهذا ما أكده «إيهاب رمزي»، محامي الكنيسة الأرثوذكسية، حيث أكد في تصريحات لـ»روزاليوسف» أن «البابا تواضروس» لم يلزم بكافة قرارات «البابا شنودة» ،موضحاً أن قرار البابا الراحل بمنع الأقباط من زيارة القدس كان سياسيا، والكنيسة الآن لم تعد تمارس السياسة وفضلت الابتعاد عنها ، لذلك فلا مانع من إعادة الزيارات ، قائلا أنه كان من الخطأ الدمج بين السياسة والدين فبعد أن كان السفر علي مدار العقود الماضية سرًا  بإقبال ضعيف خوفًا من العقاب، ستعود الزيارات علانية وبدون أي مخاوف من الأقباط بشأن أي عقاب من الكنيسة. وبحسب ما أوضحه «رمزي» فإن الكنيسة لن تصدر أي عقاب لمن سافروا ولن تمنعهم. مشيرًا إلي أنه من المتوقع أن تنظم الكنيسة رحلات في المستقبل علي حد تعبير رمزي.
ففي الماضي عارض الكثير منهم قرار البابا شنودة وطالبوه بالعدول عنه ، إلا أنه أصر عليه تضامنا مع الفلسطينيين، إلا أنه الموقف قد للإختلف الآن بعد دعم حماس للإرهاب وتعاونها مع النظام الحالي الذي يسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين علي حد تعبير رمزي.
وظهر العديد من شركات السياحة التي تنظم تلك الرحلات إلي القدس ، والتي كانت تستوجب المرور علي إسرائيل والحصول علي تصريحات أمنية من قبل السلطات الإسرائيلية التي كانت ترحب بمثل هذه الخطوات بإعتبارها ترسيخا لسيادة الإحتلال علي القدس، وإعترافا من تلك الدول ــ ومن بينها مصر ــ بدولة الاحتلال.
ورصدت «روزاليوسف» هذه الرحلات وبرامجها ، ومن خلال البحث ظهر أن معظم تلك الشركات تفضل السفر من القاهرة إلي تل أبيب مباشرة ، رغم أن هناك طريقا من القاهرة إلي العاصمة الأردنية «عمان» ، ويقول (ر. أ ) صاحب شركة سياحة ، أن السفر المعتاد دائما من مطار القاهرة إلي مطار بن جوريون عن طريق شركة «إيرسينا» وفقًا للإجراءات الأمنية المتبعة، لضرورة الحصول علي التصريحات الأمنية من الجانب الإسرائيلي ، وأضاف أن الرحلات كانت تخرج للأردن خلال السنوات الماضية إلا أنه بات يواجه صعوبات في هذا الأمر.
ومن خلال جدول الرحلات الذي حصلت عليه «روزاليوسف» ظهر أن الرحلة تبدأ بالسفر من القاهرة إلي تل أبيب مباشرة ، ثم استقلال الحافلات حتي مدينة القدس ، وهناك تبدأ زيارة عدد من الأماكن المقدسة ، علي رأسها ، القبر المقدس ومغارة الصليب وقبر آدم ، ثم يتم التوجه للفنادق للتسكين ، وهنا تظهر أول علامات التعجب ، حيث يتخير الأقباط أماكن الإقامة بين الفنادق الموجودة في إسرائيل (القدس الغربية) والأخري الموجودة تحت السيادة الفلسطينية (القدس الشرقية وبيت لحم) .
وأوضحت «م .ع» أن غالبية المسافرين يفضلون المبيت في الفنادق الأغلي نظرا للجودة والمعاملة الأفضل التي يحصلون عليها ، وأغلبها تكون في إسرائيل (القدس الغربية) ، وتتحدد قيمة الرحلة بحسب الخدمة والنزل، فأغلاها يصل إلي 11 ألف جنية ، وربما إلي 12 ألفا ، وقد تتكلف أربعة آلاف فقط . وفي الوقت الذي يلجأ فيه بعض الأقباط المسافرين للنزول في فنادق باهظة ، يوجد فريق آخر يقيم في أماكن أقل في القدس الشرقية، أشبه بالنُزل، لزهادة أسعارها.  ويتبين من خلال برنامج الرحلات أن إسرائيل لا تتدخر جهدها لتحقيق أغراضها للحصول علي الشرعية والاعتراف بها من جانب من يصلون إليها، ليس بشكل مباشر كالعادة، فخلال برنامج الرحلة تقوم بإقحام زيارة بعض الأماكن ليست من ضمن الأماكن المقدسة، مثل زيارة مدينة «حيفا» و«تل أبيب»، والأغرب هو زيارة «معبد البهائيين» في حيفا. ليست تلك المدن فقط ، ولكن أيضا زيارة حائط البراق ،أو حائط المبكي كما يسميه اليهود للتأكيد علي رواية «هيكل سليمان» ، والذي لا يعد أحد الأماكن المهمة في تلك الزيارة الدينية. فزيارة تلك المناطق تعزز من ثقافة السيطرة الإسرائيلية علي تلك المناطق ، وتضفي البعد الديني عليها أيضًا.
إلا أن (م .ع) أكدت لـ «روزاليوسف» ان شركات السياحة في مصر هي التي تقوم بوضع البرنامج ، حيث يتم التنسيق مع شركات سياحة في الجانب الإسرائيلي.  وبرغم من أن الرحلة تبدأ في نهاية شهر إبريل، إلا أن شركات السياحة عادة ما تغلق باب الحجز لها قبل الرحلة ربما بثلاثة أشهر، نتيجة التهافت من جانب الأقباط علي زيارة القدس.  بالإضافة إلي تصريحات محامي الكنيسة بأن زيارة تلك الأماكن هي جزء من برامج سياحية ليس لها اعتبارات سياسية، وأنها أماكن سياحية لا يمكن تجاهلها، مشبها الأمر بزيارة الفاتيكان أثناء التواجد في روما.
وأكد أن زيارة تلك الأماكن لا تشكل معني معينًا إلا كونها أماكن سياحية مضافة إلي برنامج ديني . وأضاف أنه خلال السنوات الماضية زار أقباط الكينست الإسرائيلي لكنهم لم يلتقوا مسئولين إسرائيليين ، مما يجعل الأمر مجرد زيارة ، مثل تنظيم رحلات لزيارة البيت الأبيض والكونجرس في الولايات المتحدة.  العام الحالي شهد إقبالًا علي السفر رغم توقع انخفاض العدد بسبب ارتفاع سعر الدولار وهو ما أثر بالسلب علي الأسعار، لكن شركات السياحة أكدت ان الاقبال لم ينخفض، ولم يزد أيضًا، وأنه كان كالمعتاد. الأسعار ارتفعت لـ12 الف جنيه بعد أن كانت 3500 جنيه. فيما أوضحت (م . ع) أن ثلاث شركات للسياحة في مصر هي المسئولة هذا العام عن هذه الرحلات . وبحسب ما قالته فإن العدد الذي استوعبته كل شركة منهم هو 250 مسافرًا، أي بإجمالي 750 قبطيًا، سيسافرون لإسرائيل هذا العام من مطار القاهرة . لكن هذا العدد غير دقيق، وهو ما أكدته مصادر في مجال السياحة  وأشاروا إلي أن العدد أكبر بكثير.