الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مأساة 10 آلاف مواطن فى الجزيرة «المستجدة»




الجزيرة المستجدة واحدة من عشرات الجزر النيلية فى وسط نهر النيل بمركز المنشاة بسوهاج ولكن هذه الجزيرة تنفرد عن غيرها من الجزر الاخرى بأن الحكومة لاتعرف عنها شيئا وتركت الاهالى هناك يعيشون حياة الانسان البدائى بكل معنى الكلمة حتى اطلق الاهالى عليها الجزيرة المنسية حيث يسكنها اكثر من 10 آلاف مواطن بلا مياه شرب ولا صرف صحى أو وحدة صحية و لا مدرسة ولا مخبز ولا مركز شباب ولا جمعية زراعية ولا صيدلية ونصف بيوت الجزيرة لم تدخلها الكهرباء حتى الآن والنصف الثانى دخلته الكهرباء منذ شهور والتليفزيون يعتبره الاهالى شيئا غريبا و العبارة التى تقرر أن تنقل السكان من وإلى جزيرتهم ذهبوا بها الى مركز جرجا.
وظل الاهالى ينتقلون بمركب شراعى متهالك غرق فى النهر عدة مرات ويتعرض الطلاب والموظفون للرعب خلال رحلتهم اليومية الى مدارسهم واعمالهم كل يوم هى باختصار جزيرة تائهة وسط النيل.
«روزاليوسف» دخلت الجزيرة المستجدة وعشنا ساعات من الرعب خلال استقلال مركب صغير انتهى عمره الافتراضى لكى نتمكن من دخول الجزيرة ولقاء الأهالى المهمشين والمنسيين.
على ضفاف الجزيرة استقبلنى عماد على صديق، موظف بهندسة رى المنشاة وواحد من أبناء الجزيرة.
وقال إننا نعيش فى هذه الجزيرة وكاننا فى العصور الوسطى فنصف بيوت الجزيرة مظلمة بسبب عدم دخول الكهرباء، ولا توجد وحدة صحية ولا مدرسة ولا محطة مياه للشرب سواء ارتوازية او غيرها من المحطات واكثر أهل الجزيرة مصابون بالامراض الخطيرة بسبب استخدام الاهالى لمياه الطلمبات الحبشية أما معظم السكان يغسلون ملابسهم والمحاصيل الزراعية والغلال بمياه نهر النيل إننا نعيش ماسى لا حدود لها وفى غيبة من المسئولين قبل وبعد ثورة يناير.
ويضيف على محمود عوض مزارع حاصل على مؤهل عال: إن الجزيرة المستجدة يسكنها أكثر من 10 آلاف مواطن وزمامها يتجاوز الـ 5 آلاف فدان من اجود الاراضى الزراعية طرح النهر واهم مشكلة بها ان المركب الشراعى الوحيد هو وسيلة الانتقال لجميع السكان وقامت الوحدة المحلية باستئجاره من صاحب رغم تهالكه وانتهاء عمره الافتراضى ويسع 15 فردا ولكن صاحب ينقل اكثر من 40 شخصا فى الدور الواحد لافتا إلى المركب تعرض الشهر الماضى للغرق بسبب ركوب بقرة مع الركاب وعندما قفزت البقرة سقط المركب وسط مياه النهر وهنا قام الركاب وعددهم يتجاوز 30 مواطنا بالعوم الى الشاطئ الاخر وكذلك عامت البقرة وتم سحبها أما المركب فقد سقط فى القاع وانتشله رجال الانقاذ النهرى بأعجوبة، وفى الاسبوع الماضى غرق المركب ذاته فى مياه النهر وتم انقاذ الاهالى من الموت بسبب ركوب عدد أكثر من الحمولة المطلوبة كما أن الاهالى اعتادوا على سقوط المركب فى النيل، واغلب اهالى الجزيرة مدربون على العوم رجالا ونساء وصغارا وكبارا و فى سنوات سابقة تعرضت بعض المراكب للغرق ولقى العشرات من ابناء الجزيرة مصرعهم غرقا ومنذ عامين وافقت المحافظة على شراء عبارة للجزيرة تسع اكثر من مائة راكب وجاءت العبارة ورقص الاهالى فرحا لوجودها على الشاطىء الغربى وانتظروا لمدة 7 أشهر كاملة لتشغيل العبارة ولكن افراحهم ماتت بعد ان ذهبت العبارة الى مدينة جرجا دون معرفة الاسباب وكأنه كتب علي أهالى الجزيرة ان يعيشوا دائما بدون خدمات تحفظ لهم بعض من آدميتهم وكرامتهم.
تشغيل التليفزيون ببطارية
ويقول فريد محمود محام لقد تم تركيب اعمدة الانارة منذ اقل من عام ونصف العام، البيوت لم يدخلها الكهرباء حتى الآن بسبب اعتراض الاهالى على مد خطوط الضغط العالى فى اراضيهم، وطلبنا تبديل اعمدة الضغط العالى بكابلات ارضية ولكن شركة الكهرباء لم تستجب لمطلبنا رغم موافقة الوحدة المحلية.
ويكشف على محمود عوض عن توجه وفد من الجزيرة الى محافظ سوهاج السابق وضاح الحمزاوى وابلغوه بمشاكلهم وطلبوا منه عدة طلبات اهمها العبارة وتكسية الاراضى المتاخمة للشاطئ حفاظا عليها من نحر النيل وتآكلها بفعل المياه وذكروا له ان الجزيرة فيها املاك دولة يمكن اقامة مشروعات عليها ووجه المحافظ طلبهم الى رئيس المدينة الذى لم يفعل شيئا حتى الآن.
ويرى على محمود ان اخطر شىء يصيب كل الاهالى بالرعب يوميا هو رحلة الموت اليومية حيث يستقل الاطفال الصغار المركب الشراعى ليذهبوا الى مدارسهم وتتجدد ساعة الرعب لحظة إيابهم الى الجزيرة ويضعون اياديهم على قلوبهم ويبتهلون الى الله كل يوم ألا تحدث كارثة بسبب هذا المركب.
نقل مواد البناء يضاعف تكاليف المبانى
ويذكر عماد على صديق أن هناك مشكلة أخرى ذات اهمية وهى عملية نقل مواد البناء من مدينة المنشاة الى الجزيرة لبناء منازل جديدة يحتاج المنزل الواحد لاكثر من ألف نقلة بالمركب الشراعى مما يضاعف تكلفة بناء البيت ولذلك تجد الاهالى يعزفون عن البناء ويعيشون فى بيوت معظمها من الطوب اللبن وأفلاك النخيل.
ويلفت خيرى احمد مهران محام النظر الى أن الجزيرة يسكنها مواطنون من 10 نجوع بالاحايوة غرب وخارفة المنشاة ويبلغ طول الجزيرة 6 كيلو مترات وعرضها 3 كيلو مترات وبها مسجدان غير تابعين للاوقاف وايلين للسقوط اما الاخوة الاقباط فعددهم حوالى 15 أسرة يصلون فى دير الاحايوة شرق بعد عبور النهر.
 وقال خيرى بكل أسى نحن نعيش فى بؤس شديد ومعظم أهل القرية فقراء رغم ان الجزيرة انجبت قضاة وضباط واطباء ومهندسين لكنهم لا يسكنون الجزيرة لصعوبة الحياة فيها ويتطرق فريد محمود الى معاناته فى تشغيل التليفزيون بالبطارية الحجارة وعندما تنفد البطاريات يغلق الجهاز وينام حتى دخلت الكهرباء مؤخرا ورغم ذلك بعض الاهالى لم يشتروا التليفزيون حتى الآن.
ويطالب جادالله محمود بضرورة تطهير ترعة مشروع الجزيرة رقم واحد بطول 4 كيلو مؤكدا عدم وجود مياه فيها لرى زراعاتهم.
وبحسرة يقول صالحين حسن أبوالعلا موظف بمكتب رعاية الطفل كل مصالحنا تحتاج الى الانتقال الى مدينة المنشاة حتى الانتخابات فقد وضعوا أصواتنا فى لجان فى المدينة واغلب المواطنين يعزفون عن التصويت بسبب وسيلة الانتقال وجميع الخريجين من ابناء الجزيرة سواء خريجى الجامعات والمعاهد لا يوجد لهم فرص عمل سوى العمل فى الارض الزراعية او السفر الى الوجه البحرى.
واغلب الاهالى مصابون بالفشل الكلوى والالتهاب الكبدى ولم تزرنا اى قافلة طبية بسبب عزلتنا التى نعيش فيها دون ذنب اقترفناه سوى ان الحكومة اسقطتنا من حساباتها على مدار السنين.