الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النصاب والضحية والبريء!
كتب

النصاب والضحية والبريء!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 11 - 06 - 2010



الناس دائمًا يبحثون عن «العتبة» ليشتروها


1


- فيه حاجة غلط، وإذا لم يجد الناس العتبة ليشتروها، بحثوا عن محطة مصر أو مترو الأنفاق، وإذا اختفي النصابون من حياة المصريين، فلن يستمتعوا بالحياة.
- آخرهم نصاب الفيوم الذي ضحك علي المحافظة بأكلمها، وكان الضحايا يذهبون إليه علي طريقة عادل إمام، ويقسمون بأغلظ الأيمان أن يسلموا إليه أموالهم دون إيصالات.


- طمع وجشع وخيبة، وكما كان يفعل الريان بدفع فوائد تبلغ 25%، كان نصاب الفيوم يبيع السيارات بنصف ثمنها فذاع صيته وانتشرت شهرته.
2
- لم يسأل أحد الضحايا نفسه: كيف يلد الجنيه أربعة، وهل هي أرانب بالفعل تتكاثر كل ستة شهور، وإذا كان البائع مجنوناً، لماذا لم يكن المشتري عاقلاً؟
- نصاب وفهلوي وثالثهما الشيطان، فانتصر النصاب علي الفهلوي والشيطان، ولهف الملايين من المواطنين الذين هم ليسوا أبرياء، ثم سلم نفسه للشرطة ودخل السجن.
- السجن أكثر أمانًا وطمأنينة، من الأهالي الذين تحولوا من «.....» إلي «منتقمين»، يريدون الفتك بالنصاب الذي اتخذ من السجن ساترًا وحصناً.
3
- من الممكن أن تعذر الناس وتقول إنهم «الضحايا الأبرياء» إذا كانت مثل هذه الحوادث تقع لأول مرة، ولكنها مكررة ومعادة، وكل المصريين سمعوا بها.
- حوت مدينة نصر، البوشي، ريان القليوبية، السعد، الريان وابتلع المصريون كل أصناف النصب والاحتيال بالهنا والشفا دون أن يصابوا بعسر هضم أو تلبك معوي.
- «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، لكن المصريين أدمنوا اللدغ مرتين وثلاثًا وعشرًا، وإذا خرج نصاب الفيوم من السجن فسوف يذهبون إليه ويسلمونه أموالهم.
4
- ليس صحيحًا أن القانون لا يحمي المغفلين، فقد شُرعت القوانين أساسًا لحماية المغفلين والمخدوعين، والمغلوبين علي أمرهم، والمظلومين وأصحاب الحقوق.
- لكن حالات النصب في مصر تتجاوز كل هذه التعريفات، وتأخذ شكل الكوميديا، خصوصًا حين تستمع للضحايا، وهم يتحدثون -بعد خراب مالطة- وكأنهم أذكي خلق الله.
- بالفعل، شر البلية ما يضحك، وكم مات مصريون كمدًا وقهرًا بعد أن ضاعت تحويشة العمر في بطن الريان والسعد وعصابات توظيف الأموال، ولم تتوقف الحياة ولا النصب.
5
- هل هو ذنب الناس أم الحكومة أم البنوك والبورصة، أم أن المجتمع نفسه فشل في إيجاد قنوات إدخارية تعطي عائدًا معقولاً لأصحاب الودائع الصغيرة بدلاً من وقوعهم في براثن النصابين؟
- بالتعبير البلدي الدارج، البلد فيها فلوس، وكثير من الناس عندهم مدخرات ولا يجدون طريقًا لاستثمارها، بعد أن أطاحت البورصة بأحلامهم ومصت أموالهم.
- البورصة كانت حلمًا، وكان الناس يلهثون وراء أسهمها، ورحم الله كثيرًا من الأسهم التي كانت تبيع عشرة أضعاف المطروح منها، ولكنها أطاحت بكل الطموحات والأحلام.
6
- فوائد البنوك لا تغري المدخر الصغير علي استثمار أمواله فيها، خصوصًا مع تناقصها عامًا بعد عام، وعدم خلق أوعية إدخارية جديدة تجذب المدخرات الصغيرة.
- إذن، النصابون وراءكم والبورصة والبنوك أمامكم، وليس هناك مفر من وضع المدخرات القليلة تحت البلاطة لتعود مأساة صغار المدخرين، الذين لا يهتم بهم أحد.
- المدخرون الصغار في كل بلاد الدنيا هم عصب الاستثمار والتنمية، ولكن في مصر لا يهتم بهم أحد، وكأن مدخراتهم الصغيرة ورطة يهرب منها الجميع.
7
- أين عباقرة البنوك وجهابذة الاقتصاد المصري، ووزراء الحكومة من رجال الأعمال، ولماذا لم تبتكر عقولهم وسائل جديدة لجذب مدخرات إخوانهم صغار المودعين؟
- هل أصبح الشغل الشاغل هو البحث عن وسائل جذب الاستثمارات الأجنبية، بينما المليارات من أموال المصريين من صغار المودعين لا تجد من يستثمرها، ولا تعرف أين تذهب؟
- نظرة يا حكومة، فالناس يذهبون بمحض إرادتهم إلي النصابين، ولكنهم لا يجدون من يلجأون إليه للتخلص من المأزق سوي الحكومة، فأين أنت يا حكومة؟


E-Mail : [email protected]