الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الصوت العاقل في الكنيسة
كتب

الصوت العاقل في الكنيسة




 


 كرم جبر روزاليوسف اليومية : 13 - 06 - 2010


اللجوء إلي الكنائس والمساجد خطر يهدد الوطن كله


1


- بعيداً عن حكم المحكمة الإدارية العليا، هناك مشكلة حقيقية ومزمنة يعاني منها الإخوة الأقباط في الحصول علي تصريح بالزواج الثاني، يجب أن تتم مناقشتها بعيداً عن الانفعال والعصبية.


- أعداد المعذبين في هذه المشكلة متناقضة، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الكنيسة أن المسجلين لديها للحصول علي تصريح الزواج الثاني أربعة آلاف فقط، هناك مصادر أخري تشير إلي أنهم 300 ألف.
- حتي لو كانوا عشرة فقط، فقد توقفت حياتهم وأصيبت بالشلل، بعد تجربة الزواج الأول، وانسدت في وجوههم أبواب الأمل لأن الكنيسة ترفض التصريح لهم.
2
- من حق الكنيسة أن تحافظ علي التعاليم الدينية ولا تخالف أحكام الإنجيل، وأن تعتبر الزواج سراً كنسياً، وأن تحتكر التصريح به، وليس من حق أحد أن يجبرها علي غير ذلك.
- ولكن من الناحية الإنسانية وليس الدينية فما ذنب امرأة تزوجت وكان زوجها عربيداً أو بلطجياً أو حتي ملاكاً ولكنها لا تحبه لأنه يسيء معاملتها، ما ذنبها في أن تظل كالبيت الوقف؟
- ما ذنب أسرتها التي تعاني معها، وهل من الأفضل تركها للمصير المشئوم؟ أم إعطاؤها أملاً في الحياة والبدء من جديد مع زوج آخر، فقد ينصلح حالها، وتنشئ أسرة صالحة.
3
- لن أناقش المسألة دينياً، لأن الإخوة الأقباط يختلفون حول أسباب الطلاق، فقبل سنة 1971 كانت هناك تسعة أسباب وبعد مجيء البابا اقتصر الأمر علي ثلاثة فقط.
- ليس متصوراً أن الكنيسة قبل 1971 كانت تخالف الإنجيل، وبعد 1971تحافظ عليه، ولكنها اجتهادات دينية، يجب أن تؤخذ بمنطق التيسير والتبسيط.
- من حق الكنيسة أن ترفض وأن تتمسك بموقفها، ولكن ليس من حقها أن يبدو الأمر وكأنه ثورة ضد الأحكام القضائية، لأن القاضي لم يخطئ، وإن جانبه الصواب في تقدير أجواء الاحتقان.
4
- اللجوء إلي الكنائس والمساجد طريق محفوف بالمخاطر، لأنه يجسد في النفوس مفهوم الدولة الدينية، التي لها قوانين خاصة، غير القانون والدستور اللذين يحكمان كل المصريين.
- القانون الديني يخضع لأهواء وتفسيرات أصحابه، وغالبا ما يتم تفصيل أحكام السماء بالمقاس رغم أن الأديان خلقت لتحقيق العدالة والمساواة والرحمة والمودة بين الناس.
- أين الدولة المدنية التي ننادي بها ونري أنها الطريق الوحيد لأمن واستقرار هذا الوطن، إذا كانت كل جماعة تريد أن تمارس ضغوطاً وتلوح بشعارات دينية، وتحتمي برموز دينية؟
5
- المشكلة لم يخلقها القضاء، ولكن القضاء أدي عمله، ودوره عندما لجأ إليه بعض الإخوة الأقباط يطلبون التصريح لهم بالزواج الثاني، وطعنت الكنيسة في الحكم وقدمت دفوعها.
- الحكم لم يصدر من وراء ظهر الكنيسة ولكنها كانت تعلم بكل تفاصيل القضية، وليس معني أن الحكم لا يعجبني أن أحشد الناس لمواجهته والارتداد عليه.
- طريق الطعن في الأحكام القضائية، يكون بالقانون والطريق الذي رسمته الإجراءات القانونية وليس بتسيير المظاهرات وحشد المسيرات والتهديد بالذهاب إلي رئاسة الجمهورية.
6
- بمناسبة اللجوء إلي رئاسة الجمهورية، فالأقباط أنفسهم يعترفون أن الرئيس يرعاهم كالمسلمين تمامًا ولا يفرق أبدًا بين أبناء الوطن الواحد، وهو من أشد المدافعين عن حقوقهم.
- لكن تدخل الرئيس لوقف تنفيذ حكم قضائي، سابقة لم تحدث منذ تولي الرئيس الحكم، لأنه يحترم السلطة القضائية ولا يتدخل في شئونها، والمرة الوحيدة التي أسقط فيها الحكم كان في قضية تخصه.
- هذه حسنة تحسب للرئيس، لأنه إذا تدخل سيقولون إن الرئيس يتدخل لتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية، والأسلم أن تأخذ العدالة مجراها بالطريق الذي رسمه القانون.
7
- الحكم الصادر عن القضاء الإداري، ليس فيه اضطهاد للأقباط ولا أي شبهات سياسية ولا يقترب من قريب أو بعيد من حقوق الإنسان، ولا يجب أبدًا استثماره في أشياء غير صحيحة.
- الدولة المصرية لا تدخر جهدًا في إعمال مبدأ المواطنة قولاً وفعلاً، فلا يجب أبدًا جذبها للوراء، لأن الذي سيدفع الثمن هو الوطن كله.
- كنيسة مصر والبابا شنودة جزء أصيل من بنيان الوطنية المصرية، ولكن أحيانًا يغلب الانفعال علي صوت العقل، والبابا دائمًا صوت عاقل مهما كانت المحن والأزمات.


E-Mail : [email protected]