الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أوكازيون حصانات
كتب

أوكازيون حصانات




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 01 - 07 - 2010



الإفراط في منحها يجعلها لا تساوي شيئاً
1
«مأمور الضرائب» من حقه أن يحصل علي الحصانة، لأنه «عدو الشعب» يفتش في جيوب الناس، ويفرض عليهم الضريبة، ومنذ بدء الخليقة وجابي الضرائب دائماً مكروه.
نسمع كثيراً عن التقديرات الجزافية، وإحالة نجوم ورجال أعمال وغيرهم إلي المحاكمة بسبب التهرب الضريبي، والمأمور الذي يفعل ذلك يكون معرضاً لمخاطر جسيمة.
ينطبق ذلك - أيضاً - علي مأموري الضرائب العقارية الذين يطاردون ملاك الفيللات والقصور، ويفرضون عليهم مبالغ كبيرة، يكره الناس دفعها.
2
«الصحفي» من حقه أن يحصل علي الحصانة، لأنها مهنة البحث عن المتاعب، وهو معرض دائماً للمخاطر، لأنه يبحث عن معلومات وأدلة وبراهين تدين فئات كثيرة.
لا يوجد قانون لتداول المعلومات، وهذا يصعب مهمة الصحفيين، ويجعل المصادر تتعنت في التعامل معهم، علاوة علي مواد الحبس الكثيرة الموجودة في القانون .
ينطبق نفس الكلام علي مذيعي الفضائيات، فهم يخوضون في قضايا شائكة، علاوة علي مساحة الانتشار الواسعة التي تجعلهم أكثر تأثيراً من الصحافة والصحفيين.
3
«خبراء وزارة العدل» من حقهم أن يحصلوا علي الحصانة، فهم يدققون قضايا بالملايين، تتعلق بأشخاص مهمين وذوي حيثية، ويمكن أن يتعرضوا لمخاطر كبيرة.
الخبير هو في الغالب مفتاح القضية، وحسب التقرير الذي يعده يصدر الحكم، ولذلك يجب تحصينه وإعطاؤه القوة الكافية ليقوم بمهمته.
ينطبق ذلك - أيضاً - علي موظفي الأرشيف القضائي الذين يحفظون أدق الأوراق والمستندات، وكاتب النيابة الذي يحتاج إلي الطمأنينة ليدون بأمانة وثقة.
4
«مفتش التموين» يحتاج إلي الحصانة، لأن عمله هو مطاردة التجار الجشعين، وتحرير المحاضر لهم، وتقديمهم للمحاكمة، يعني وظيفته هي الشر والأذي.
ما أدراك ما التجار الجشعون، لايعدمون وسيلة، ابتداءً من الإغراء بالمال حتي التهديد والوعيد، ومفتش التموين غلبان وفي أمس الحاجة إلي حصانة تحميه من جبروتهم.
لابد أن تمتد الحصانة إلي مديري مكاتب التموين والعاملين في المجمعات الاستهلاكية التي مازالت علي قيد الحياة، وشركات قطاع الأعمال التي تورد الأغذية.
5
«المدرس» في حاجة إلي الحصانة، لأنه ُمربي الأجيال الذي قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي: «قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا».
يحتاج إلي الحصانة، لأن التلاميذ أصبحوا مشاغبين، وبعضهم يعتدي عليه بالضرب والإهانة، ومن يسلم من شرور التلاميذ لا يسلم من اعتداءات ذويهم.
المؤكد أن الحصانة سوف تمتد إلي الإدارة التعليمية والوظائف الإشرافية والمساعدة، ولا مانع من أن يحصل قطاع التعليم في الأزهر الشريف علي نفس المزايا.
6
يحتاج الحصانة أيضاً: «ضباط الشرطة» لأنهم يتعاملون مع المجرمين.. موظفو البنوك لأنهم عماد الاقتصاد الوطني.. الأطباء حتي لا يعتدي عليهم أهالي المرضي.. المهندسون الذين تقوم علي أكتافهم ثورة التشييد.
ويحتاجها: «أعضاء المجالس الشعبية والمحلية» الذين يحاربون الفساد.. أعضاء النقابات المهنية العامة والفرعية.. علماء الطاقة الذرية.. أساتذة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.. مهندسو الري.
«كل مواطن مصري» من حقه أن يحصل علي الحصانة، حتي يستقر ويطمئن ويؤدي عمله علي أكمل وجه.. ولذلك يجب أن تُصدر الحكومة قانوناً يمنح الحصانة لجميع المصريين.
7
هذا الكلام ليس رداً علي المحامين الذين استغلوا الحادث الأخير للمطالبة بالحصانة ل450 ألف محام.. والسؤال هنا: ما علاقة الحصانة بالقضية المثارة؟
الإفراط في منح الحصانة، سوف يجعلها «لاحصانة»، وسوف تشبه الموبايل الذي يُعطي ل60 مليون مصري.. كل مصري موبايله في إيده .
الحصانة الحقيقية هي أن يعرف الجميع حقوقهم وواجباتهم، أما أن تتصور أي فئة أنها في اوكازيون حصانات، فهذا هو الخلل بعينه.


E-Mail : [email protected]