السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشار أحمد حسام النجار رئيس محكمة جنايات الإسماعيلية لـ«روزاليوسف»: أقول للنظام الحالى: إذا أردت أن تتخلص من القضاة أطلق عليهم «الرصاص» لأنهم لا يخضعون لأحد




 
قال المستشار أحمد حسام النجار الرئيس بمحكمة جنايات الإسماعيلية فى حوار لـ«روزاليوسف»: إن سقوط التيارات المتأسلمة التى تتخذ الدين والمنابر ستارًا لها فى الهجوم على المدرسة القضائية سوف تبدأ بعدها تكوين الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
 
وأشار النجار إلى الأزمة مع المؤسسة القضائية سببها جماعة الإخوان المسلمين وليس القضاة الذين لا يعرفون معنى الخضوع أو الولاء.. ولكن الاستقلال والحيدة ودولة القانون.
 
وأضاف أن النظام الحالى يسير على خطى النظام السابق بشأن قانون خفض سن التقاعد القانونى للقضاة.. مستخدمًا شعار العصا والجزرة.
 
وطالب النجار بضرورة أن يفهم المسئولون بالنظام الحالى أن القضاء الشرعى الذى يتحدثون عنه لن يقيم العدل أو دولة القانون.
 

 
■ هل تعتقد أن أزمة الرئاسة مع المؤسسة القضائية قاربت على الانتهاء عقب طرح ما يسمى مؤتمر العدالة؟
 
- أرى أن الأزمة ما زالت قائمة.. خاصة أن هناك قرارًا رسميًا من نادى قضاة مصر بعدم المشاركة مشروطًا بمدى قبول الرئيس لزيارة النادى حسب التوصيات الصادرة عن الجمعية العمومية الأخيرة.. لأن الرئيس ذهب لكل الناس دون زيارة القضاة.. علمًا بأن الأصل هنا أن يزور الرئيس القضاة.. وعندما نضع مثل هذه المسائل فى الحسبان نرى أننا أمام أزمة مجمدة ليس هناك بوادر استجابة حقيقية لحلها. أما مسألة مؤتمر العدالة نفسه المزمع عقده قريبًا فليس هناك أجندة واضحة أو موضوعات مطروحة للنقاش تخص القضاة.. إذا وضعنا فى الاعتبار أن قانون تخفيض سن تقاعد القضاة تم تجميده بشكل ضمنى وليس رسميًا باتفاق بين الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين.. وهذاله دلالة أيضًا أن الرئاسة أصبحت تمثل عنوانًا للنظام.. والجماعة ومكتب إرشادها هم رأس النظام.
 
أيضًا أقول لك إن تجميد القانون وليس إلغاؤه عبارة عن مناورة نستند فيها إلى السوابق الماضية من بين مؤسسة الرئاسة والجماعة التى أدت إلى فقدان الثقة فى الشارع المصرى بشكل عام والوسط القضائى بشكل خاص.. لذلك نرى أن موقف نادى القضاة من عدم المشاركة فى مؤتمر العدالة.. موقفًا صحيحًا.. ونحن كقضاة نثمن هذا الموقف.
 

 
■ تطهير القضاء هل تراها فكرة تخدم فريقًا بعينه؟
 
- فكرة تطهير القضاء.. فكرة إخوانية صدرت عن جماعة الإخوان المسلمين وهى من قامت بترويجها فى الشارع.. وانطلاقًا من هذه الفكرة يمكننا أن نطرح على الرئيس والجماعة معًا حلاً لهذا الأمر.. وهو إما أن يطلقوا النيران على القضاة.. أو أن يعرفوا معنى القضاء وقدسيته وفلسفته التى لا تعرف معنى الولاء أو الصدام مع الآخر.. ويعرفون أيضًا أن القضاء لا يتستر على فساد.. إذا حدث فساد لأن هناك أجهزة رقابية تراقب الجميع ومن يثبت تورطه يقدم للمساءلة.
 
وأقول هنا إن عدم فهم الجماعة والرئيس لمعنى القضاء طريقة تعاملهم مع النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود حيث أثبتت الأحداث أنهم يقومون بتصفية حساباتهم معه.. على المستوى الشخصى وليس على مستوى الموقع القضائى، لذلك.. الفارق كبير جدًا بين مفهوم تطهير القضاء.. وتطوير القضاء؛ والتطوير هنا هو المهم.. لأن هناك مشكلات فى التقاضى يجب إزالتها وحلها منها على سبيل المثال ضرورة تعديل درجات التقاضى فى قضايا الجنايات من خلال تشريعات واضحة.. أيضًا نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى سلطة مجلس القضاء الأعلى.. تفعيل آليات المساءلة من خلال قوانين.
 
■ هل ترى أن التيار المتأسلم أصبح خنجرًا فى جسد المؤسسة القضائية؟
 
- دعنى أقول لك: إن الأيديولوجيات الدينية قد سقطت وهذه الصبغة التى تتبعها تيارات الإرهاب المتأسلم كلها صبغة ليس لها صلة بالإسلام الطبيعى وعلى رأسهم الإخوان المسلمين.. لأن كل ما لديهم هو فكرة الخلافة.. التى تتعارض مع الوطن «مصر» التى نعيش فيه «هوية.. وذاتية».. وعليه يمكن القول إن المؤسسة القضائية من الصعب عليها أن تدخل ضمن مفهوم «الأخونة».. وبالتالى حينما نرى أزمات القضاء.. فهى جزء من الأزمات السياسية أيضًا أرى أن هناك حالة من تسييس المنابر ينطبق عليها حالة معاوية بن أبى سفيان الذى قال ذات مرة إن للمولى عز وجل جنودًا من عسل حتى يستطيع السيطرة على الحكم؟ وما يحدث الآن من استخدام للدين والمنابر عبارة عن مطية للتيارات المتأسلمة للوصول لأهدافها التى لا علاقة لها بالدين الصحيح.
 
أقول هنا إنه بمجرد سقوط التيارات المتأسلمة والأصوليات الدينية سوف تبدأ الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية.. كما سقط المعسكر الشيوعى بعد حكم دام أربعين عامًا.
 

 
■ ما رأيكم فى الدعوات التى يتم نشرها حاليًا بشأن ما يسمى عودة «القضاء الشرعى» أو تدشين القضاء العرفى، كقضاء مواز للمؤسسة القضائية.
 
- شرف القضاء العرفى يعتمد على كوادر فى المحيط الذى نعيش فيه.. للفصل فى منازعات اجتماعية مثل الفصل فى منازعة بين عائلتين.. وفى هذه الحالة يتم توقيع عقوبة مالية على أقصى تقدير.. وهذا القضاء بدائى لا يصلح فى المجتمعات المتطورة.. ومثل هذه الدعوات تسطيح للأمور وتهريج.. أما الدعوة إلى عودة القضاء الشرعى.. فنحن نقول لأصحاب هذه الدعوات هل قضاء الجبة والقفطان هو ما سيحل المشاكل القائمة.. فى ظل حالة الفوضى التى تعيش فيها الدولة.
 
■ إذن ما الحل هنا؟
 
- الحل يكمن فى استعادة مفهوم الدولة وطرح مشروع قومى يلتف حوله المواطن.
 
■ هناك من يرى أن ما يحدث ضد المؤسسة القضائية الآن هو بداية انهيارها خاصة إذا تم تدشين قانون تخفيض سن التقاعد القانونى للقضاة؟
 
- استحالة.. استحالة.. استحالة.. أن تنهار المؤسسة القضائية لأن هذه المؤسسة لها قواعد أصولية حقيقية تمشى عليها منذ سنوات طويلة سواء فيما يخص الترقية المرتبطة بمبدأ الأقدمية أو الترقى لتولى مقاعد قانونية فى المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية أو محكمة النقض ورئاسة مجلس القضاء الأعلى الذى يأتى من خلال الأقدمية المطلقة لجميع أعضائها باستثناء النائب العام الذى يعين عضواً فيه وفقا لموقعه القانونى كأمين على الدعوة العمومية فى المجمتع أقول أيضا إن الاستقلالية الى تعمل بها المؤسسة القضائية رأيناها من خلال جيل جديد فى النيابة العامة يمارس هذه الاستقلالية دون خوف يستوعب مفهوم الشرعية ويعمل على ترسيخها خلال أزمة النائب العام الحالى.
 
والقضاء المصرى يسجل كل يوم عنصراً من عناصر سيادة القانون بالدولة المصرية العريقة، أما فيما يتعلق بمسألة تخفيض سن التقاعد فأقول بشكل موضوعى: نحن كأجيال تستقبل العقد الخامس من العمر حرمنا من أن نحصل على مناصب قيادية بالمؤسسة القضائية نتيجة زيادة سن التقاعد وتوقف هذا نتيجة مبدأ الأقدمية أيضا.. وطريقة القانون الذى تقدم به حزب الوسط هى نفس الطريقة التى استخدمها مبارك ضد القضاة خلال السنوات الماضية.. لأن النظام لا يملك سوى العصا أو الجزرة.. وهذا القانون سواء بزيادة السن أو تخفيض السن يندرج تحت هذا البند.
 

 
■ بمعنى أكثر وضوحاً؟
 
- بمعنى أن القاضى عندما يصل إلى سن الستين أو الخامسة والستين يمكن تخييره بين الاستمرار فى منصبه أو التقاعد وليس من خلال قانون يُرهب به القضاة.. والقانون المطروح هدفه إرهاب القضاة ووضعهم تحت خيارين الانصياع لأوامر الجماعة أو الخروج من الخدمة وتعيين كوادر الجماعة بديلا عنهم وعليه إذا كان هناك حسن نية فيمكن أن يعرض على القضاة أصحاب الخبرة أن يمارسوا نظر الجلساتبمهنية دون تولى مناصب ادارية لأن القضاء لا يعرف معنى الرسوب الوظيفى الموجود فى بعض الهيئات النظامية مثل التربية والتعليم أو غيرها من المؤسسات لأن كل قاض يحصل على درجته مع بداية كل عام قضائى.
 
■ مجلس القضاء الأعلى الحالى أكثر المجالس التى تعرضت للهجوم والانتقاد من داخله سواء من شباب النيابة العامة أو رجال المنصة بشكل عام؟
 
- أرى بوضوح أن مجلس القضاء الأعلى ليس له دور يستحق التعليق عليه ولم يدير أى شىء فى الأزمات التى خربت المؤسسة القضائية حتى الآن بل أصبح دوره ينحصر فقط فى دور المتلقى سواء من خلال التنظيمات أو التسكينات ويكفى أنه لم يصدر قرار واحد تجاه المتطاولين على المؤسسة القضائية لذلك أصبحت الجمعية العمومية لنادى القضاة هى البديل الشرعى للقضاة عن مجلس القضاء الأعلى لأن شرعية التمثيل الحقيقية أصبحت الآن لنادى القضاة والجمعية العمومية للقضاة.
 
■ بوضوح ما تقييمك الآن لما يسمى بتيار استقلال القضاء داخل المؤسسة القضائية؟
 
- تيار الاستقلال انتهى تاريخيا وأخلاقيا من وجهة نظر جموع القضاة.. وما نراه الآن من سقطات ضد المؤسسة القضائية هو نتاج مخطط هذا التيار الذى اخترق القضاة من خلال المستشارين أحمد مكى، حسام الغريانى، محمود الخضيرى، بخلاف المستشار زكريا عبد العزيز الذى تم استخدامه من جانب هذا التيار ودليل ذلك أن القانون المقترح من جانب المستشار أحمد مكى كله ألغام ويحدث الوقيعة بين القضاة والمحامين وكأن هذا التيار يريد أن يجرد القضاة من كل الداعمين له.
 
■ كلمة نقولها للمستشار أحمد مكى وزير العدل المستقيل؟
 
- أقول له.. لقد خسرت تاريخك.. وتجرعت من نفس الكأس التى تجرعها القضاة نتيجة مواقفك التى دعت إلى محاولات إضعاف القضاء والانفراد به بدءًا من حصار المحكمة الدستورية العليا حتى طرح قانون تخفيض سن التقاعد القانونى للقضاء.
 
■ أين موقع دولة القانون الآن وهل هناك حلول للأزمة التى تعيشها الدولة حالياً؟
 
- دولة القانون فى الأدراج الآن وفيه الاصلاح غير موجود، والحلول للعبور من هذه الأزمة تكمن فى إطار اصلاح النظام أو اسقاطه بطريقة شرعية من خلال الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.. والنظام الذى يريد أن يدير الدولة عليه أن يفهم مقومات الدولة المصرية.
أيضا أعتقد أن هناك حلقات من الثورة مقبلة سوف تبدأ بالتخلص من العناصر الانتهازية وتصويب المسار.
 
■ هل تجاوزنا فكرة التجارب بشأن المرشح على خلفية عسكرية أو مدنية يتولى إدارة البلاد؟
 
- نحن اليوم امام دولة.. والدولة لها مقومات والاختيار بين مرشح عسكرى أو مدنى فكرة أصبحت بالية لأن العبرة اليوم بما سيقدمه الحاكم للدولة التى سيحكمها فى الملفات المتنوعة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو خارجية أو أمنية.
 
أيضا دعنى أقول لك بمناسبة الحديث عن الخلفيات المدنيةأو العسكرية أن التجربة الماثلة أمامنا فى الحكم الآن تدعونا إلى توجيه دعوة للمصريين بأن يؤدوا فريضة الصلاة جماعة فى ميدان التحرير ويطلبوا من المولى عز وجل أن يدخل الإخوان الجنة ويتركوا المصريين فى حالهم.
 
■ ما تقييمك لعامين من الثورة على المجتمع المصرى؟
 
- من وجهة نظرى لو كان الفريق أول عبد الفتاح السيسى هو من كان يدير المرحلة الانتقالية منذ الثورة لاختلفت الأوضاع للأفضل بكثير لأننى قلت هذا وأكرره هنا أن الخروقات التى رأيناها خلال الفترة الماضية بدءا من انتخابات برلمان 2011 التى سلمت مقاعده لحزبى النور والحرية والعدالة ثم الأحداث التى تلت ذلك.
 
أقول أيضا إن الثقة فى المؤسسة العسكرية تضاعفت مئات المرات مؤخراً وثقة المواطن فى جيشه غير محدودة وهذا أهم مكسب.