الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

محمد فريد خميس يكتب ل "روز اليوسف" الصناعة المتكاملة فى مصر بين «تحقيق الحلم» و«صدمة الواقع»




تواجه مصر اليوم فوضى اقتصادية وأمنية عمقت بدورها الكثير من الأزمات التى تمثلت فى انخفاض احتياطى النقد الاجنبى لـ 13 مليار دولار وتنامى الدين العام المحلى ليبلغ 1.24 تريليون جنيه مسجلا أعلى مستوى فى تاريخه وارتفاع عجز الموازنة ليصل إلى 135 مليار جنيه ومرشح للزيادة إلى 200 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة وهبوط معدل نمو الانتاج الصناعى ليصل إلى 80٪ الأمر الذى دفع مؤسسات التصنيف الدولية بخفض التصنيف الائتمانى لمصر نحو سبع مرات متتالية وأصبح الوضع غاية فى الخطورة.
ويظهر ذلك عند طلب الاقتراض الخارجى مما يؤدى إلى تداعيات سلبية على معيشة المواطن نتيجة عدم قدرة الدولة على استيراد احتياجاتهم الضرورية من السلع وعدم قدرتها على سداد ما عليها من ديون خارجية تجاوزت الـ 35 مليار دولار وكذلك خروج الأجانب من استثماراتهم فى أذون الخزانة وبعض الاستثمارات الأخرى فضلا عن تراجع ايرادات السياحة وتباطؤ عجلة الانتاج وهو ما يؤدى إلى تدهور سعر صرف الجنيه وانفجار معدلات التضخم.
لقد كانت آفة حكومات ما قبل ثورة 25 يناير تتمثل فى اعتقادها أنها لا تحتاج إلى تلقى دوس من أحد لأنها تعرف ماذا تفعل وإذا قدم لها الدليل على أن أفعالها لا تنعكس على الأسواق والمواطن فإنها ترفض هذا الدليل وتعتبر ذلك هو ثمن التكيف وجزءًا من المضاعفات التى يتعين قبولها فى مراحل التحول والتغيير.
على الرغم من هذا فإن صناع مصر يحدوهم الأمل فى بذل جهود استثنائية وحلول غير تقليدية ستبذل للحد من الآثار الضارة التى لحقت بقطاع الصناعة حتى يقلل من عثرته وتتاح له الفرصة لتعويض ما فاته والوصول به إلى مستويات أفضل فى المرحلة المقبلة.
رؤية اتحاد جمعيات المستثمرين
وقبل أن تتعرض للمحاور الرئيسية للسياسة الصناعية المتكاملة والإجراءات العاجلة لإقالة الصناعة من عثرتها فإننا نرى وفى ضوء الوضع الاقتصادى الحالى أن هناك ضرورة لمايلى:
(1) التكاتف من الجميع معارضة وحكومة لنشر الاستقرار والأمن.
 
 
 
(2) العمل على زيادة الانتاج فورا وترك الاضطرابات والمظاهرات وعمل حملة اعلامية يمكن أن يقوم بها الاتحاد.
 
 
 
(3) زيادة الصادرات حتى يمكن توفير السيولة النقدية التى يمكن الاستفادة بها فى عمل مشروعات جديدة تستوعب اعداد البطالة التى تزداد باستمرار.
 
 
 
(4) ترشيد الانفاق الحكومى والاستهلاك المحلى.
 
 
 
(5) القضاء على الروتين الحكومى فى مجال الاستثمار حتى يمكن فتح الأبواب أمامه.
 
 
 
(6) حل مشاكل الضرائب والتصالح مع الممولين لزيادة الحصيلة الضريبية وبالتالى زيادة موار د الدولة.
 
 
 
(7) استغلال المنح الاجنبية استغلالا جيدا يحقق المصلحة العامة.
 
 
 
(8) الحد من الاستيراد للسلع التى لها مثيل وطنى محلى داخل الدولة.
 
 
 
(9) تطبيق الضريبة التصاعدية فى أقرب وقت ممكن وكذلك أنواع أخرى من الضرائب والرسوم على الاغنياء.
 
 
 
(10) فرض رسوم على المعاملات السريعة التى تتم فى البورصة.
 
 
 
(11) سنقوم كاتحاد مستثمرين بتشكيل لجنة اتصال للترويج وحل مشاكل المستثمرين الراغبين فى الاستثمار داخل مصر.
 
 
 
(12) الاهتمام بزيادة الطاقة الكهربائية وكيفية تخزينها مع ضرورة عمل الدراسات العلمية اللازمة لذلك مع استعداد الاتحاد لتحمل تكلفة الدراسات.
 
 
 
إجراءات عاجلة لانقاذ الصناعة
 
 
 
تتناول الورقة المقدمة من الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين المحاور الرئيسية للصناعة المتكاملة والإجراءات العاجلة لإقالة الصناعة من عثرتها وهذا يتم من خلال مرحلتين:
 
 
 
المرحلة الأولى: الانتقالية التى لا تسمح بطبيعة الحال عن الحديث عن استراتيجيات وسياسات جديدة للصناعة إلا أنها تحتاج إلى خطط وبرامج ثورية لانقاذ الأوضاع ومنعها من التدهور ثم تأهيلها فيما بعد إلى الدخول لعصر الانطلاقة الكبرى وعبور المرحلة الانتقالية مرهوناً بالتزام حكومى بمساندة الصناعة فى هذه المرحلة وتضع حلولا عاجلة لمشكلاتها وتحقيق أقصى قدر من الحماية لها وتتلخص المطالب العاجلة للقطاع الصناعى المصرى حتى يقوم من عثرته المؤقتة فى الآتى:
 
 
 
(1) بذل كل الجهود لسرعة استعادة الاستقرار الأمنى وخلق ظروف مناسبة لعودة الانتاج.
 
 
 
(2) وقف تهريب السلع المستوردة التى يستهلكها السوق المحلية وتتسبب فى وقف الانتاج لبعض المصانع التى تتحمل الأعباء المحلية والرسوم الجمركية على خاماتها.
 
 
 
(3) تفعيل الاتفاقيات الدولية من حيث تطبيق الإجراءات الحمائية وفرض رسوم الاغراق المناسبة على أى واردات يثبت أنها تضر بالصناعة الوطنية.
 
 
 
(4) إعادة النظر فى اتفاقية التيسير العربية لوضع الصناعة المصرية على قدم المساواة فى مواجهة جميع أنواع الدعم الذى تحصل عليه صناعات تلك الدول.
 
 
 
(5) إعادة النظر فى منظومة المصروفات والأعباء والرسوم المفروضة على مكونات الانتاج.
 
 
 
(6) إعادة تشغيل الوحدات الانتاجية التى توقفت كليا أو جزئياً مع إقرار برنامج لسرعة تعويم أكثر من 1575 مصنعاً متعثراً بسبب مديونياتها.
 
 
 
(7) خفض الفائدة على القروض الصناعية ومنح إعفاء ضريبى كامل وفورى لاستثمارات سيناء.
 
 
 
(8) الانتهاء من قانون التنمية المتكاملة لسيناء ومنح جهاز تنميتها لجميع الصلاحيات.
 
 
 
(9) الايقاف المؤقت لأى زيادة فى أسعار الطاقة للمصانع والاكتفاء بالغاء دعم الطاقة على المصانع كثيفة استخدام الطاقة.
 
 
 
(10) استكمال الاجراءات الادارية التى اتخذتها وزارة الصناعة بتخفيض قيمة خطاب الضمان على جميع الأراضى وتسهيل الحصول على السجل الصناعى.
 
 
 
(11) منح جميع العاملين حقوقهم الأساسية المتمثلة فى الحد الأدنى للأجور ومعايير الصحة والسلامة والرعاية الاجتماعية فى العمل وعدم طرد العامل من عمله أو الاستغناء عنه دون مكافأة مالية كافية.
 
 
 
متطلبات الصناعة المتكاملة
 
 
 
المرحلة الثانية.. الانطلاق.. وهذه المرحلة تتضمن احداث نقلة نوعية وانطلاقة صناعية جديدة ما بعد الفترة الانتقالية ومن المنتظر أن تتكون من العناصر التالية:
 
 
 
زيادة الطاقة الانتاجية.. أن زيادة الطاقة الانتاجية أصبح أمراً ملحا لمواجهة الزيادة السنوية فى السكان والبطالة التى بلغت 3.5 مليون عاطل فى مارس 2012 وكبح جماح الآثار السلبية للتضخم الذى بلغ 20٪  فى يناير 2012 وذلك عن طريقين أساسيين:
 
 
 
(أ) الطريق الأول: تشجيع اقامة المصانع الجديدة بجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية اضافة إلى توفير الأراضى اللازمة للصناعة ومدها بالمرافق والخدمات حتى لا يتم تحميل الصناعة بأعباء تؤثر سلباً على تكلفة الانتاج.
 
 
 
(ب) الطريق الثانى: إن تشجع وتدعم الدولة التوسع فى الطاقة الانتاجية الحالية بمزيد من الحوافز الاضافية والاعفاءات الضرورية لتحقيقها.
 
 
 
تعميق التصنيع المحلى وهذا يتم من ضرورة الحد من استيراد كثير من المنتجات التى يمكن تصنيعها فى مصر بجودة عالية مما يساعد على تقليل العجز بالميزان التجارى والحد من زيادة الدين العام الذى وصل إلى 807 مليارات جنيه للقطاع الحكومى فقط فى فبراير 2012 وتتلخص أهم الإجراءات المطلوبة:
 
 
 
(أ) وضع خطط لتحديد مجموعة الصناعات التى يمكن اضافة مراحل جديدة لعمليات الانتاج الحالية بها مثل اضافة البيليت إلى الحديد والصلب.
 
 
 
(ب) تحقيق الربط المستمر بين الصناعات الرئيسية والصناعات المغذية لها والقائمة حالياً.
 
 
 
(جـ) تحفيز تنمية القدرات الذاتية فى مجالات تصميم وتصنيع المعدات وخطوط الانتاج بتكنولوجيا محلية لرفع قدرة الصناعة وزيادة المكون المحلى بها.
 
 
 
سرعة توظيف التكنولوجيا: إن استيعاب وتوظيف التكنولوجيا الحديثة هو الوسيلة المضمونة لتقديم انتاج جديد ومتميز ومختلف عن المنافسين وقابل للتصدير ولسرعة تحقيق ذلك يجب التوسع فى انشاء مراكز التدريب التكنولوجى ومراكز التصميمات الصناعية ومراكز الموضة وعلى الجامعات ومراكز البحوث أن تقيم روابط مستمرة بمراكز البحث الصناعى فى العالم وبالعلماء المصريين فى المهجر لحثهم على الاسهام فى توطيد التكنولوجيا.
 
 
 
رفع جودة المنتجات
 
 
 
(1) يتوقف رفع جودة الانتاج على استخدام التكنولوجيا الصناعية الحديثة فى طرق وأدوات الانتاج لتحقيق أعلى مستوى كفاءة وكذلك الاهتمام بالرقابة على الجودة فى جميع مراحل العمليات الانتاجية واعمال نظم الحوكمة بالشركات.
 
 
 
(2) نظرا للقصور الشديد فى مهارات القوى العاملة فى القطاع الصناعى فقد بات من الضرورى سرعة التوسع فى اقامة مراكز التدريب لاعداد العامل الفنى والمدير واعداد الكوادر العلمية القادرة على اجراء البحوث والتوصل للاكتشافات والاختراعات التى تطبق فى الصناعة والانتاج والاستعانة بالخبرات العالمية من العمالة فى التخصصات النادرة.
 
 
 
تحفيز الصادرات الصناعية
 
 
 
يتم ذلك من خلال استمرار الحكومة فى برامج المساندة والتحفيز الموجهة لتنشيط الطلب على الصادرات وتخليص الانتاج المصرى من الأعباء والمصروفات التى لا يتحملها المنافس الأجنبى حتى تنخفض تكلفة المنتج وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القطاعات التصديرية وتحديث البنية الأساسية للتصدير لخفض العجز فى الميزان التجارى من خلال التعريف بالمنتج المصرى عالميا وتحفيز البنوك المصرية لتمويل المستورد الخارجى للصادرات لخلق عملاء جدد بالخارج.
 
 
 
تشجيع إقامة المشروعات الصغيرة
 
 
 
تلعب المشروعات الصغيرة دوراً مهماً فى التنمية الصناعية وخلق الوظائف وزيادة الصادرات وهى تتكامل مع الصناعات المغذية بالصناعات المتوسطة والكبيرة ويجب أن تكون عماد الجهاز الانتاجى فى زيادة الدخل القومى وتوليد أكثر من نصف فرص العمل المطلوبة للمجتمع المصرى.