الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

قوافل المصريين!






حماد عبدالله حماد روزاليوسف اليومية : 04 - 02 - 2010



بالأمس تحدثت في عمودي عن مصر والمصريين وحينما بدأت الكتابة كانت النية متجهة للحديث عن تلك الظاهرة التي تميز بها المصريون دون غيرهم، وهي الاستنفار أمام الأحداث الكبيرة، والتجمع كرجل واحد وكامرأة واحدة دون تفرقة في عقيدة أو رتبة اجتماعية أو ثقافية، الجميع يتوحد حينما يصيب بلدنا مصاب أو مصيبة!
والتاريخ يقول ذلك ففي هجوم فيضان النيل علي الوادي قبل إنشاء السد العالي، كان المصريون يتجمعون لصد الفيضان في الوادي، وكان سكان المناطق العالية يستضيفون سكان جوار النهر حتي انكماش الفيضان وفي الحروب، شاهدنا ورصدنا ذلك في العصر الحديث في حرب أكتوبر حينما وقف شعب مصر كله خلف قواته المسلحة، لم تسجل حادثة سرقة أو مشاجرة واحدة طيلة أيام الحرب!
وفي حرب 1967، استضاف المصريون أهل مدن قناة السويس، وشاركوهم مصابهم، وفي حرب 1956، كنت طفلا، ووجدت في بيتي أسرة من بورسعيد بأطفالها استضفناها في منزلنا ومنازل أقاربنا وكل المصريين هبوا للمساعدة وأمام الحوادث الناتجة من الطبيعة من زلازل والسيول، ولعل المشهد الأخير الذي دعاني للكتابة، هذا التجمع الرائع في ميدان النافورة في المقطم بناءً علي دعوة من برنامج القاهرة اليوم تجمع مصريون من كل الاتجاهات ومن كل الطبقات ومن كل مشارب المجتمع من (رجل وامرأة) من البسطاء إلي كبار رجال الأعمال والصناعة، لكي يكونوا قوافل للخير محملة بكل احتياجات المنكوبين من أحداث السيول، وكان المشهد مهيبًا، وكانت الروح عالية، وحينما سمعت عمرو أديب متباهيا بالمصريين وكأن شيئًا غريبًا حدث، توقفت، ورأيت أن أكتب بأن هذا هو العادي والطبيعي في شعب مصر، الشعب الذي لا يضاهيه أحد من شعوب العالم نحن فقط نحتاج للمبادرات لكي نتجمع كلنا حول الخير.
ولعل بأسلوب إشمعني تحركت كل المدن وكل البلاد في طول مصر وعرضها وتحرك المتبرعون للتنظيم والنقل والمساعدة والتوصيل، لكي يكون هناك أكبر قافلة في تاريخ مصر المعاصر تنقل، حب المصريين وكرمهم، وعطاءهم لإخوانهم المنكوبين، هكذا هي مصر، وهكذا هي بلادنا، لا تخيب أبدًا أمام الكوارث سواء كانت طبيعية أو من فعل الإنسان، لقد نسي الشعب أن هناك ماتشًا مهمًا للفريق القومي، وتحركوا للمساهمة في المساعدة لمصري منكوب علي بعد مئات الكيلو مترات، هذا هو شعبي، شعب مصر المحترم علي طول تاريخه!