الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد فريد خميس يكتب لـ «روزاليوسف» (2-3)..الصناعة المتكاملة في مصر بين «تحقيق الحلم» و«صدمة الواقع»




استكمالا لما كتبناه في الحلقة السابقة عن ملف الصناعة المتكاملة في مصر فلا يفوتنا أن نتحدث عن محور مهم من محاور هذا الملف ألا وهو تنمية سيناء، ومما لا شك فيه أن سيناء ذات مساحة شاسعة من الأراضي الخصبة المليئة بالثروات المعدنية أهملت علي مدي السنوات الماضية إمّا لأسباب أمنية تصب في مصلحة إسرائيل وكان النظام البائد يعتقد أن ذلك يحافظ علي دوامه وعدم سقوطه أو لأسباب كانوا يدّعون بأن سيناء تحتاج إلي أموال كثيرة لتنميتها والدولة غير قادرة علي توفير تلك الأموال ولذا ظلت سيناء في سلة المهملات سنوات عدة وآن الأوان أن تنظر إليها نظرًا لأهميتها في تأمين حدودنا مع إسرائيل وكذلك استغلال تلك المساحة الشاسعة في القضاء علي مشكلات كثيرة نعاني منها أولها البطالة ونقص المواد الغذائية وعلي رأسها القمح وزيادة العائد من المواد البترولية وغيرها.

إضافة إلي سيناء فلابد من التوجه نحو الجنوب حيث أن هناك خللاً واضحًا في تنمية الصعيد والذي بات من الضروري القضاء عليه ذلك الإقليم الذي يتميز بتنوع موارده في الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة، تلك الموارد التي تجبرنا علي توجيه الاستثمارات إليه لتغيير الحياة به وانتشاله من الظلم الذي تعرض له سنوات طويلة.
■ السياسة الصناعية لتنمية سيناء
أولا: الحفاظ علي التوازن بين متطلبات الأمن والتنمية وهذا يكون علي النحو الآتي:
(1) ضرورة التنسيق بين متطلبات الأمن القومي والأمن الداخلي ومتطلبات التنمية وإعطاء الأولوية لمتطلبات الأمن بشرط ألا تؤثر سلبًا علي استثمارات توطنت في سيناء أو في طريقها إلي التوطن. علي أن يتم ذلك في إطار خطة قومية واضحة ومحددة الآليات تحافظ علي مصلحة الوطن وحقوق المستثمرين.
(2) من منطلق المفهوم الواسع للأمن القومي يجب أن ينظر إلي عناصر التنمية وعلي رأسها التنمية الصناعية علي أنها أحد أهم عوامل تحقيق دعائم الأمن والاستقرار وأن يكفل لها كل الضمانات التي تشجعها علي المزيد من الاستقرار.
(3) يجب أن تكفل استراتيجيات الأمن القومي والأمن الداخلي الحماية والرعاية للسكان الحاليين والمستقبلين بسيناء، باعتبارهم جزءًا من منظومة الدفاع عنها وليسوا عبئًا علي آليات المواجهة.
(4) حظر تملك الأجانب للأراضي في سيناء، مع وضع ضوابط دقيقة للاستثمارات الأجنبية وإعطاء أولوية للاستثمارات المصرية مع بذل الجهود لحذب المشروعات الدولية ذات السمعة المرموقة بعيدًا عن مناطق الحدود الدولية.
ثانيًا: استغلال الثروة المعدنية والبترول والغاز كمدخل رئيسي للصناعة من خلال التوسع في إقامة المشروعات الكبيرة مثل الأسمنت والأسمدة والرخام وتحفيز نقل مجموعات المصانع الملوثة للبيئة بالقاهرة إلي سيناء مع وضع حوافز ترغب العاملين بها لإعادة توطينهم بسيناء وجذب الاستثمارات والخبرات العالمية والمحلية لعمل المسوح الجيولوجية لاكتشاف ما في سيناء من ثروات.
ثالثًا: إقامة المشروعات الصناعية ذات المزايا التنافسية وذلك بإنشاء صندوق قومي لتنمية سيناء برأس مال مناسب يمول تراكميًا من عوائد البترول (تنتج سيناء 13.5٪ من إجمالي الزيت في مصر) وسرعة تأسيس شركات استثمارية في سيناء سواء من الدولة أو القطاع الخاص والتركيز علي إقامة مشروعات متوسطة وكبيرة عالية القيمة مثل الإلكترونيات والبتروكيماويات وفتح باب المشاركة لمحافظات مصر في تنمية المشروعات بها وقيام هيئة الاستثمار بإعداد دراسات جدوي للمشروعات الصناعية المستهدفة في سيناء.
رابعًا: رفع كفاءة المشروعات الحالية الواعدة تصديريًا وتأهيلها للمنافسة وهذا يتأتي من الاهتمام بتحقيق نظام ومعدلات جودة عالية وعالمية للمشروعات القائمة والواعدة تصديريًا وتجنب إنشاء مشروعات جديدة تنتمي إلي نفس المجموعة من المشروعات التي تعاني من الفائض الاقتصادي وقيام وزارة الصناعة بتقديم برامج متخصصة لرفع كفاءة العمالة الحالية وإعداد دليل للمشروعات القائمة بسيناء والترويج لها إليكترونيًا علي المستوي الإقليمي والدولي ومنح مشروعات سيناء مجموعة من الحوافز الاستثنائية لتشجيع التصدير.
خامسًا: تنمية ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بحيث تكون عماد الجهاز الإنتاجي في زيادة دخول أفراد المجتمع السيناوي وقيام الصندوق الاجتماعي للتنمية بالتعاون مع محافظتي شمال وجنوب سيناء بوضع مخطط عاجل لإقامة مراكز لتنشيط المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في أرض الفيروز .
سادسًا: استكمال تأهيل المناطق الصناعية عن طريق استكمال البنية الأساسية لهذه المناطق واستكمال مد خطوط الغاز الطبيعي لهذه المناطق لتغذية محطات الكهرباء والبدء في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج الكهرباء وضرورة دخول القطاع الخاص بشكل أكبر في تصنيع معدات الطاقة الجديدة ويجب إنشاء سلسلة من الأنفاق بين المحافظات وسيناء وإقامة شبكة سكك حديدية تتصل بمناطق التنقيب عن الثروة المعدنية وإقامة مراكز للإسعاف ومراكز الاتصال علي الطرق الرئيسية لخدمة حركة النقل والمواصلات من وإلي سيناء.
سابعًا: تحقيق الجذب السكاني وإعادة التوطين وذلك بسرعة إصدار تشريع يعفي الشباب الذي يقيم للعمل الدائم بسيناء من الخدمة العسكرية ودفع جهود التنمية في سيناء دون تفريغها سكانيًا وضرورة التوافق بين الانتشار السكاني والانتشار المركز للتجمعات الصناعية وتنفيذ الخطة الطموحة لتوطين 3 ملايين نسمة بسيناء ومنح جميع محافظات مصر مساحات متساوية من الأراضي بسيناء وتقوم المحافظات باستثماراتها علي أن تملك هذه الأراضي لأبناء المحافظة العاملين عليها.
ثامنًا: توجيه الإعلام نحو التنمية من خلال دعوة الجامعات ومراكز البحث العلمي لتوفير الدراسات التي تقدم الرؤي العلمية للتنمية الصناعية بسيناء وانتشار القوافل الثقافية من العلماء والمتخصصين إلي سيناء ودعم الخدمات الإعلامية وتقوية محطات البث والاهتمام ببرامج التنمية الوطنية لتنمية الوعي بالذات لدي الشباب السيناوي وبعث الاعتزاز الوطني بسيناء.
السياسة الصناعية اتنميه  للصعيد
من منظور عائد التنمية والعائد علي الاستثمار، فإن تفرد الصعيد بعبقرية المكان وموارد الثروة الطبيعية، يجعل ارتفاع عائد التنمية الصناعية أمرًا محسومًا يعطي كل المبررات لعملية توجيه وجذب الاستثمار إليها وهذا يتم من خلال حزم من السياسات المقترحة علي النحو التالي:
■حزمة سياسات للتنمية الصناعية
هذا يتمثل في تحفيز المستثمرين في مجالات الاستثمار الصناعي والارتقاء بمستوي البنية التحتية والعمل علي معالجة ظاهرة الطاقات المعطلة في مصانع الصعيد والتسويق في الداخل والخارج وتعظيم دور الصناعة في تعمير المناطق غير المأهولة مما يقلل من اتخاذ هذه المناطق مأوي للخارجين علي القانون وتحقيق إنتاج يغطي احتياجات محافظات الصعيد والاستغلال الأفضل للموارد المتاحة بكل محافظة والتوجه بالاستثمارات الجديدة إلي المناطق الأكثر كثافة سكانية في الصعيد وأيضًا تطوير الهيكل الاقتصادي لصالح قطاع الصناعة والتعدين وكذلك تنفيذ برامج تنمية العنصر البشري والحد من تيارات الهجرة من محافظات الصعيد وجذب العمالة من خارجها.
■حزمة سياسات إدارية وتتمثل تلك السياسات في العناصر الآتية:
(أ) تدعيم الروابط السياسية والإدارية القائمة بين المناطق النائية وسائر أنحاء الوطن.
(ب) تقسيم المحافظات إلي مناطق اقتصادية متنافسة في إطار مجموعة من الحوافز في مقدمتها تخصيص موارد لتلك المناطق.
(جـ) إعادة تخطيط المحافظات والتوسع في الظهير الصحراوي.
(د) تدعيم آليات ومتطلبات اللامركزية في الإدارة المحلية.
(هـ) إعادة صياغة المنظومة الإدارية في ضوء ذلك بما يشمل إعادة تقسيم المحافظات وتعيين مدير اقتصادي لكل منطقة اقتصادية وإعادة النظر في أن يكون المحافظ من أبناء المحافظة.
(و) التأكيد علي أهمية توحيد تبعية الأراضي داخل نطاق المحافظة منعًا للتضارب بين الهيئات.
■حزمة سياسات مالية ويقع علي عاتقها مسألة التمويل وهي:
(1) تكثيف استثمارات الموازنة العامة للدولة باتجاه الصعيد للارتفاع بمعدلات النمو الصناعي بمحافظاته.
(2) ضرورة التعامل مع مشكلة التعثر مع البنوك ووضع قواعده موحدة للتعامل مع المتعثرين بصرف النظر عن جهة الإقراض.
(3) تفعيل دور إدارات أمناء الاستثمار وإدارات الاستثمار لإتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بضمان المشروعات.
(4) التأكيد علي أهمية أداء بنك التنمية الصناعية باعتباره مسئولاً عن دعم وتنمية الصناعات وفقًا لقانون إنشائه.
(5) تعميم تجربة الشباك الواحد بالمحافظات بالنسبة للاستثمار الصناعي.
(6) تفعيل دور مراكز التدريب للعمالة وتحديثها.
■حزمة سياسات لتحسين البنية التحتية
أولا: تنمية الاستثمارات الحكومية في مجال النقل والطرق والبترول والغاز والكهرباء والمياه واختصار فترة توصيل الغاز الطبيعي لكافة المناطق الصناعية.
ثانيًا: توفير الطرق اللازمة لفتح شرايين الصعيد وتيسير الوصول إلي مناطق التنمية الواعدة.
ثالثًا: توفير الوصلات العرضية التي تربط وادي النيل بالبحر الأحمر شرقًا والصحراء غربًا للمساعدة علي خروج السكان من الوادي.
رابعًا: تدعيم المحاور البرية التي تربط جنوب الوادي بشماله للمساعدة علي إحداث التوازن التنموي والسكاني.
خامسًا: تحقيق التواصل البري بين ضفتي وادي النيل الشرقية والغربية عن طريق الكباري والمعابر الكافية مع إنشاء مجموعة من الموانئ والمطارات التي تسهل حركة النقل داخل وخارج إقليم الصعيد وتيسير التبادل التجاري وحركة الاستثمار القادم إليه.