الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ذكرى رحيلها وردة.. وحشتونى




صنعت الفنانة وردة خلال مشوارها الفنى أسطورة متفردة جعلت منها معشوقة الأجيال فبالرغم من أنها بدأت مشوارها الغنائى فى 1960 فإن أغانيها مازالت فى قائمة الأغانى المفضلة لدى الشباب قبل الكبار.ولدت وردة فتوكى فى 22 يوليو عام 1939 فى فرنسا لأب جزائرى وأم لبنانية وقامت منذ صغرها بمساعدة ابيها فى توزيع منشورات ضد الاحتلال الفرنسى، وقدمها المخرج حلمى رفلة فى مصر بفيلم «ألمظ وعبده الحمولى» وتمتعت بعدها بشهرة ونجومية عالية، ومع هذا لم يكن مشوار العملاقة وردة مفروشا بالورود ولكن عاشت أكثر من معاناة وتعرضت لظلم من كل رؤساء مصر، حيث تم منعها من الغناء أكثر من مرة، وبالرغم من كل هذا تغلبت صلابة وموهبة وردة على كل الصعوبات التى واجهتها وخلدت اسمها بأروع الأغانى، وقدمت عددًا قليلاً من الأفلام من بينها «حكايتى مع الزمان» و«آه يا ليل يا زمن» ومسلسل «آن الأوان» الذى كان آخر أعمالها فى التمثيل، وتوفيت بمصر فى مايو 2012 عن عمر 73 عاماً ..فى هذا الملف يحيى أصدقاؤها ومحبوها ذكراها الأولى.
لبلبة: كانت تضحك عندما تسمع اسمى وتعشق تربية القطط

قالت الفنانة لبلبة أنها كانت صديقة مقربة من الراحلة وردة التى وصفتها بالجمال والسحر فى صوتها وأضافت قائلة: «علاقتى بها بدأت قبل ظهورنا معا فى فيلم «حكايتى مع الزمان» حيث كانت تتعمد أن تعطينى نمرة فى حفلاتها مثلما كان يفعل عبد الحليم حافظ وقد كانت تمتاز بطيبة الأمومة والدم الخفيف والصراحة الشديدة ووقتها كنا نصور الفيلم كنت أشعر أنها أمى تخاف على وتقوم بنصيحتى دوما حتى أنها عندما كنا معا فى سويسرا لتقيم احدى الحفلات للجالية العربية هناك فكانت تعتاد على الحصول على أجرها قبل البدء فى الحفل ورفضت الصعود على خشبة المسرح لحين اعطائى أجرى كاملا مثلها وعطلت الحفل لفترة كبيرة بالفعل.
وأكدت لبلبة أنها كانت الجانب الكوميدى فى حياة وردة قائلة: عندما كنت أتصل بها كانت تضحك بعد سماع اسمى وتقول لى: «تعالى زورينى علشان بتضحكينى» وذلك بسبب معرفتنا القديمة فقد كنت اتعمد تقليدها فى كل حفلة لى بحركاتها وعمرها ما شعرت بحرج أو بحزن من تقليدى لها، بل على العكس كانت تراقبنى لكى لا تجدد الحركات التى أسخر منها».
وأضافت قائلة: «مشكلة وردة الأساسية أنها كانت صريحة بشكل كبير فعندما ترى خطأ تقول عليه مباشرة دون ترتيب أو «تزويق» للكلام وهذا ما أوقعها فى عدد من المشاكل فى حياتها الانسانية والعملية ولو أن كل من اقترب منها يعلم أنها لا تقصد الاساءة لاحد فالمشكلة أن الفنان يجب عليه أن يحسب كلامه ويبتسم فى وجه الناس دوما».
وعن أيامها الأخيرة معها قالت: «للاسف لم أتمكن من زيارتها فى ايامها الأخيرة خاصة أن السنوات الأخيرة كانت متزامنة مع مرض أمى رحمها الله ولكنى كنت دوما اسأل عنها وابارك لها على اعمالها الأخيرة ووفاتها المفاجئة جاءت صدمة كبيرة لنا جميعا.
وعن اسرار وردة قالت لبلبة: «كان أهم ما يميزيها انها تحب تربية الحيوانات الأليفة وخاصة القطط فكان بيتها ممتلئاً بها وأعتقد أن هذا كان نابعاً من احساسها بالأمومة وأريد أن أؤكد أنها أعطت الكثير من الأحساس بالامان والحب لابنائها وغير صحيح أنها اهملتهم كما تردد مؤخراً.
حلمى بكر: أدخلوها بمشاكل سياسية أثرت على نجوميتها
 

 
وصف الملحن حلمى بكر وردة بأنها كانت متألقة طوال حياتها الفنية واستطاعت أن تعتلى عرش النجومية فى الوطن العربى منذ بدايتها عام 1961 وحتى وفاتها. حيث قال: «امتازت وردة ببصمة الصوت المعدنى الرنان والذى يترك أثره فى أذن المستمع بعد انتهاء الأغنية. وكانت لكل مطربة وقتها نسخة صوت خاصة، وقد نجحت وردة فى اتخاذ وضع بين صفوف النجوم. وعلى الرغم من وصولها للمجد مبكرًا إلا أن المشاكل والظروف كانت ضدها. وقد بدأت هذه المشاكل باتهام بعض الأقلام المبتزة ووصفها بأن صوتها «مزعجًا» وأنهم حصلوا على هذا الوصف بناءً على تصريحات من رياض السنباطى، وهذا كله كان افتراءً عليها لمحاربتها لصالح مطربات آخريات. وأضاف بكر قائلا: «كانت للمشاكل السياسية تأثير كبير على وردة حيث بدأ الأمر بالتضحية بسمعتها من بعض الناس التى كانت تريد التشهير بالمشير عبدالحكيم عامر، حيث كان أخوه جارًا لوردة وكان المشير يتردد عليه باستمرار ولم تكن هناك أى معرفة منها بوجوده. فقام أحدهم بتوصيل معلومات مغلوطة للرئاسة وقتها بوجود علاقة بينهما معللا ذلك بتردد المشير على العمارة التى تسكن بها الفنانة الراحلة. فأمر الرئيس جمال عبدالناصر برحيلها عن مصر لتعود بعدها لبلدها وتتزوج بالسياسى الجزائرى جمال قصيرى وتنجب منه وداد ورياض وتعتزل الغناء لفترة».
وأضاف بكر قائلا: «عادت وردة لمتابعة مشوار نجوميتها فى مصر على يد بليغ حمدى وذلك بعد انفصالها عن زوجها الذى خيرها بين الشهرة وأولادها، وكانت مرحلة حكم أنور السادات قمة نجوميتها ولكن سرعان ما غضب عليها بعدما أحيت حفلة غنائية فى ليبيا للرئيس القذافى، فى الوقت الذى كانت العلاقات بين مصر وليبيا فى شدة التوتر، فأمر بوقف أغانيها.. كما كان لها مشكلة مع جهاز أمن الدولة فى عهد مبارك وذلك بسبب تلقائيتها الشديدة فى الحديث مع مبارك مما جعلهم يمنعون ظهورها على مسرح احتفالات أكتوبر واتهامها «بالسكر» أثناء الغناء، وأنا شاهد على أنها لم تشرب خمورًا ولا تتعاطى أى شىء خارج، ولكنها كانت تلقائية «واللى فى قلبها على لسانها»، كما لم تكن لها أى علاقة بالمؤامرات أو التهديدات فكانت تعمل فقط وتحب كل من حولها». ويرى بكر أن الجزائر كرمت الفنانة وردة فى حياتها وبعد مماتها أكثر من مصر حيث عالجها الرئيس بوتفليقة على نفقته أثناء عمليتى زراعة القلب والكبد وحول عيد الثورة ليكون اسمه «عيد القيامة» على اسم أغنيتها التى أهدتها لبلادها فى احتفالات مرور 50 عامًا على الثورة، كما أمر بجنازة عسكرية لها وأنها تدفن فى أرضها.
صلاح الشرنوبى: انتقدتها بسبب ألبومها الأخير وتعاونها مع تامر حسنى
 

 
 
 
يعد الفنان صلاح الشرنوبى من  أقرب الأصدقاء للفنانة الراحلة خاصة مع بداية التسعينيات بعد أول تعاون بينهما فى أغنية «بتونس بيك» ومنذ ذلك الوقت وهو مقرب منها، وقال: «لقد وصلت ثقتنا فى بعض إلى أنها أسندت لى إنتاج مسلسلها الأخير «آن الأوان» فقد عرض عليها مسلسل قبله ولم تقتنع بموضوعه، ولكنها فكرت بأن تقدم عملاً تليفزيونيا غنائيًا فى هذه الفترة فوجدنا فكرة هذا المسلسل مناسبة وتم إنتاجه بنجاح.
وأضاف قائلا: «كان هناك مشروع بيننا لتقديم سيرتها الذاتية وكانت متحمسة لتقديمه لولا أننى مررت بظروف مالية قاسية لم أتحمل دخول مجال الإنتاج بعدها. فقررت تأجيل الفكرة إلى أن وافتها المنية ولم ترى مسلسلها الذى كانت تحلم به».
وتابع قائلا: مستعد للمشاركة بمجهودى فى أى مسلسل يكتب عنها، فلقد كنت مقربًا منها حتى قبل وفاتها بقليل. وذلك بسبب اختلافى معها حول تقديم تجربة ألبومها الأخير «اللى ضاع من عمرى» وذلك لأننى كنت أعلم أن تغيير النغمة التى تؤديها منذ بدايتها سيصدم الجمهور ويجعلنى غير متقبل للأمر ولكنها استسلمت لرأى رياض ابنها كما أننى اختلفت معها بخصوص التصريحات التى قالتها عن نيتها العمل مع المطرب تامر حسنى، فمع احترامى له لكن لكل مقام مقال ولا يمكن أن يقدم لها موسيقى أو يغنى بجانبها.
معروف: سأكشف دورها فى مقاومة الاحتلال
 

 
قال الصحفى والكاتب محمود معروف إن ورثة وردة ليس من حقهم أن يمنعوه من تقديم سيرة ذاتية عنها، حيث قال: «وردة شخصية عامة وملك لكل الوطن العربى، وأنا حاصل على 11 تسجيلا بصوتها تحكى لى عن كل تفاصيل حياتها ومشاكلها التى وقعت فيها بكل التفاصيل، وأنا أعمل على تخليد ذكراها والحفاظ على صورتها وتاريخها.. ولو كانوا يرغبون فى الحصول على نسبة من الأموال فكلامهم مع المنتج فيما بعد ولكننى لا أعتقد ذلك لأ الراحلة تركت لهم شركات عديدة تكفيهم ماليًا». وأضاف معروف: «لقد شهد تاريخ وردة نضالاً فنيًا وسياسيًا ما بين مصر ولبنان والجزائر وأمريكا، فقد كانت تعمل منذ صغرها فى توزيع منشورات ضد الاحتلال الفرنسى فى حقيبة مدرستها فكان لها تاريخ مشرف، كما أننى سوف أبتعد عن المشاكل التى أدخلت بها مجبرة والمرتبطة بالغضب السياسى عليها، فلن أتعرض إلى مشاكلها مع الرئيس جمال عبدالناصر والشائعات حول علاقتها بالمشير ولكننى سأرجع خروجها من مصر إلى ارتباطها بالسياسى جمال القصيرى واعتزالها الفن لفترة لتكون بجانبه. فأنا مهمتى الحفاظ عليها وعلى سمعتها.
وانتقد معروف إهمال مصر للاحتفاء بذكرى وردة الأولى خاصة وأنها عاشت فى مصر أكثر من بلدها الأصلى وأضاف قائلا: «لم يقدم لها التكريم المناسب لذكراها وقد كانت تعشق مصر وأبوها دُفن هنا حسب رغبته، وكانت تقول إنها تريد أن تدفن هنا ولكنها فضلت الدفن بجانب أخواتها بالجزائر. ولم نتذكرها وقمنا بنقل جثمانها بمنتهى الإهانة عن طريق رفعه بونش للبضائع، وعلى النقيض نرى الجزائر استلمت الجثمان على الأكتاف وأقامت لها جنازة عسكرية ضخمة، وفى ذكراها الأولى خصصوا لها أسبوعًا كاملاً احتفالا بها.
خالد سليم: رشحتنى لبطولة «آن الأوان» وتأثرت بفنها وحرفيتها
 

 
يعتبر المطرب خالد سليم الراحلة وردة بمثابة قدوة وإحساس له قاده إلى دخول عالم الغناء حيث قال: «لقد اكتشفت عائلتى موهبتى من خلال أغنيات وردة، وأتذكر أننى قدمت أول أغنية لى عزفًا وغناءً، كانت «فى يوم وليلة» ولقد أبدعت فيها بشهادة الجميع على الرغم من أن سنى لم يتجاوز الـ6 سنوات وقتها.
وعن أول لقاء جمعه بها قال: «لم أكن أتوقع أنها تعرفنى وتتابع حفلاتى بالموسيقى العربية ودار الأوبرا.. وفوجئت بأنها رشحتنى للقيام بالبطولة أمامها بمسلسل «آن الأوان» بعدما أعجبت بإهدائى لها أغنية «حنين» التى كنت أقدمها فى إحدى حفلات الأوبرا.. وبعدما أخبرنى أستاذى وصديقى «صلاح الشرنوبى» بطلبها وقعت على عقد المسلسل على الفور دون تفكير. وقد قابلتها لأول مرة فى جلسات العمل التى كانت تعقدها بمنزلها، ولاحظت على وقتها التوتر الشديد بسبب جلوسى بجانبها وأنا أعشقها طوال عمرى، فأخذت تضحك وتحكى معى بتلقائية حتى تلاشى هذا التوتر».
وأضاف سليم قائلا: «كانت فنانة رقيقة ذات إحساس عالى وتتمتع بالبساطة والتلقائية وأثرت فى بحرفيتها فى الغناء وحبها لفنها.. وقدمت معها أغنية واحدة خلال أحداث المسلسل بعنوان «من غير عتاب» وفكرت أن أطرحها فى ألبومى المقبل ولكنى أعتقد أن هذا صعب لحقوق الملكية الفكرية فهى تخص الشرنوبى كمنتج للمسلسل وكذلك ابنتها ووريثها رياض، وكانت تراودنى أمنية فى الفترة الأخيرة هى تقديم دويتو غنائى معها ولكن القدر لم يمهلنى، فأنا افتقدت أستاذتى وملهمتى التى كنت استشيرها فى أعمالى الفنية.
النقاد: دخلت التمثيل من بوابة الغناء وأداؤها كان عادياً
 
 
يرى الناقد رفيق الصبان أن أداء الراحلة وردة التمثيلى كان طبيعياً وليس بالجودة مقارنة بمطربات آخريات مثل شادية وليلى مراد اللتين قدمنا أعمالا جيدة بدون أن تتخللها أغان لهن.. وأضاف قائلاً «وردة كانت من ضمن المطربات اللاتى اتخذن الطرب ككوبرى للوصول إلى قلوب الجماهير السينمائية حيث يدخل الجمهور للفيلم وينتظر الأغنية الخاصة به فأداؤها التمثيلى كان أقل من الطبيعى ولكنى لا أنكر أنها أثارت اعجابى بأدائها لدور البطولة فى فيلم «آه يا ليل يا زمن» فقد كان من أقوى أدوارها فى رأيى».
ونفى الصبان أن تكون الخلافات السياسية هى السبب فى قلة أعمالها الفنية حيث قال إنها لو كانت تحد نفسها أفضل فى التمثيل لكانت استمرت فى تنمية موهبتها.
ومن جانب آخر أكدت خيرية البشلاوى أن وردة لم تضف للتمثيل مثل اضافتها للغناء حيث قالت: «وردة كان لها حس وصوت مميز وقد دخلت التمثيل بجواز سفر الغناء، فعلى الرغم من أن أداءها كان متوسطاً إلا أنها نجحت فى أداء الأغانى الدرامية والتى ترسم لك حالة من التخيل للأحداث والمشاهد التى تدور حولها. وهذا فى رأيى ميزة لا تتمتع بها الكثيرات من الفنانات خاصة أنها كانت ثروتها فى صوتها وتستطيع أن تتحكم فى زمام الأمور من وقفات وانتقالات واعطاء عمق فى العواطف والاحساس.
وتجد البشلاوى تضارب الثقافات لدى نشأة وردة ما بين العربية والغربية جعلها فريسة للتصادمات التى قابلتها فى الفن والوطن العربى وجعل من شخصيتها مركبة عاطفيا وعمليا ولكنها كانت قوية وصادمة واخذت خبرة من الثقافتين لتكون وردة.