الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمود قرنى: وزارة الثقافة فاسدة بكل مؤسساتها





محمود قرنى أحد الوجوه البارزة فى المشهد الشعرى الحالي، لم يكتف بالدفاع عن عدد محدود من البشر، فترك المحاماةليدافع عن التاريخ الإنسانى والتراث والحضارة والهوية المصرية بالشعر، يكتب فى النقد الأدبي، وفى الفنون التشكيلية، اشتهر فى الوسط الثقافى بأنه شخصية شديدة الوضوح والصراحة، لا يقبل بأنصاف الحلول، متمردا على كل ما هو نمطى، بداية من أشعاره وصولا إلى رأيه فى دور وزارة الثقافة، صدر له مؤخرا ديوان بعنوان «لعنات مشرقية» ..حول الديوان  وحال الثقافة ووزارتها كان لنا هذا الحوار
 
 
■ آخر إصداراتك حمل عنوان «لعنات مشرقية» حدثنا عن هذه اللعنات وسبب اختيارك للعنوان؟
نحن بحاجة ماسة لتجديد فى الشكل الشعرى، قصيدة النثر تعبير دقيق عن عصرنا ولحظاتنا، فى ديوانى اخترت شخصيتين من شخصيات «ألف ليلة وليلة»، «الورد فى الأكمام» و«أنس الوجود» ليس لهما دور محوري، وإنما فقط لاستعادة الأجواء الأسطورية، شخصيات لها علاقة بتجليات عديدة فى واقعنا العربى وهى حالة روحية وإنسانية، ولم ينحصر الديوان فى منطقة واحدة، فاستعنت بشخصيات أخرى ذات موروث ثقافى مثل «طاغور» فأنا مؤمن بأن الفن حالة روحية وإنسانية، وما أقصده استعادة الهوية المصرية والتراث العربى كمرجعية معرفية وروحية من خلال هذا الديوان.
«اللعنات المشرقية» لعنة روحية، فهى ليست إلا فردوس مفقود، فالشرق كله لعنته روحية، وهذه اللعنة صنعت كل مأساته وكانت سببا فى ألمه وإخراجه لمنتج للمعرفة عبر السنين، واللعنة هنا تأتى باعتبارها ما أذى الروح، هو شرق ملعون لأنه شرق محب، فلعنة الشرق فى قلبه، شرق عايش بحدسه ومشاعره.
- هل استطاع الشعراء التعبير عن ثورة 25 يناير؟
كل ما كتب عن ثورة 25 يناير حتى الآن دون مستوى الثورة، لم يكتب أحد شعرا أو رواية عن عمق الثورة المصرية، كل ما كتب قبل الثورة كان أصدق وأقوى وأثر إبداعا بكل المعايير، الثورة كسرت أفق التوقع على كل المستويات حين يكتب الشاعر نصا قديما تقليديا متخلفا عن الثورة وحدثا مؤثرا ومفترض أنه شارك فيه والثورة فى اعلى لحظات حداثتها الثورة انقلاب على الماضى جملا وتفصيلا النص يسير خلفها ولا يتقدمها لا تقودها وإنما تقوده، نصوص الثورة تستدين من الثورة بمعنى أنها تستمد قوتها ومشروعيته منها، فالثورة هى التى تحمى النص.
■ ما رأيك فيمن أطلقوا على أنفسهم «شعراء الثورة»؟
- الشاعر الذى يطلق على نفسه لقب غير لقب شاعر هو باحث عن لقب ومشترى لقب، فالمتلقى هو من يعطينا ألقابا، واعتبر هذا الوصف «قلة أدب»، هم مجموعة كتبوا عن الثورة واستفادوا منها وظهروا فجأة، وانتهوا وكنا نعلم انهم سوف ينتهون من الساحة بمجرد انتهاء تأثير هذه الحالة، وليسوا لهم علاقة بالثورة وهم جزء من النظام السابق، مثل عبد الرحمن يوسف الذى كان يدافع عن مبارك ويهاجم الثوار، ثم تحول إلى ثورى والإعلام روج لهذه النوعية ومنحها انتشارا، لكنه انتشار وقتى انتهى بكل تأكيد، لم يطلق الشعراء القدماء على أنفسهم شعراء الثورة رغم أن أشعارهم ثورية فى الموضوع واللغة والفكرة والمشاعر، لأن الفن ثورى بطبعه لديه نبوءة وحدسية واستشراق القادم.
■ من الملاحظ أن الشعراء اتجهوا للكتابة الصحفية النقدية عن زملائهم هل هذه إشارة لقصور دور النقاد؟
- نعم، أجد عجزا فى دور النقاد، ومن قدم الشعراء الجدد للساحة هم الشعراء انفسهم ومن كتب عنهم وعن النص الطليعى هم  بأنفسهم، لم يتواصل النقاد مع النصوص الجديدة الحداثية، فالكثيرون منهم مازال يستخدم اساليب قديمة فى النقد ولا يرغبون فى التغيير، هم نقاد نمطون، عدد قليل جدا من يتواصل مع الشعر الجديد أمثال الشاعر فتحى عبد الله، والدكتور يسرى عبد الله، فقد اكتشفوا ملامح القصيدة الحديثة، فمن أدار المعارك حول قصيدة النثر هم الشعراء أنفسهم، الشعراء قدموا الشعراء الجدد أكثر من النقاد، وإن كان طريقة غير منهجية.
■ ما سبب رفضك المشاركة فى ملتقى القاهرة للشعر العربى هذا العام؟
- نحن مجموعة من الشعراء قمنا بعقد «الملتقى الأول لقصيدة النثر» بالقاهرة، لدورتين متصلتين فى 2009، و2010، بمشاركة أكثر من أربعين شاعرا ما بين مصرى وعربي، وفى نفس الوقت أطلق المجلس الأعلى للثقافة «الملتقى الشعرى العربى»، وكان الملتقى الذى أقمناه ردا على حالات الإقصاء التى كانت ضد النص الطليعى فى مصر التى مارست ضدنا منذ منتصف الثمانينيات.
واعتذرنا عن ملتقى القاهرة الذى أقامه المجلس الأعلى للثقافة هذا العام بسبب سوء الاختيار وضعف التمثيل، وتجاهل المؤتمر للأسماء القوية والفعالة فى الساحة المصرية، حتى الأسماء العربية التى شاركت ليست الأفضل، فتونس مثلا يمثلها الشاعر منصف الوهيبى وهو شاعر متوقف عن الكتابة منذ سنين، والتغيير الذى حدث للمؤتمر كان للأسوأ، ولم يكن الملتقى تعبيرا عن الثورة، أجيال كاملة سقطت من التمثيل، وكيف ونحن نعيش لحظة خاصة ثورية يكون اختيار محور المؤتمر «جماعة أبوللو» مع احترامى وتقديرى لهذه الجماعة، لكنه موضوع قديم، ويؤكد على إصرار القائمين على المؤتمر على تهميش الإبداع الجديد، باختصار لم يكن ملتقى ثوريا، بل كان أشبه بما يمكن وصفه بـ «تلبيس إبليس».. أين الثورة فى هذا الملتقى؟
■ وما ردك على وصف القائمين على الملتقى لاعتذارك بأنه بحث عن الشهرة؟
- لم اندهش من هذه الهجوم، فقد قاله الشاعر احمد عبد المعطى حجازى على كل من اعتذر، فأنا لست نجما سينمائيا حتى أبحث عن شهرة، أنا موجود كشاعر بدون أى متلقى، وسبق لى العمل مع حجازى فى «بيت الشعر» وقدمت استقالتى احتاجا على وجود مجموعة من الفاسدين، وهذا الكلام على مسئوليتى الشخصية، عانيت لتقديم شعراء جدد، وحدثت الواقعة التى استقلت بسببها حين قرر وزير الثقافة قبل الثورة فاروق حسنى أن من حق «بيت الشعر» الترشيح لجوائز الدولة، فى هذه الجلسة فوجئت اللجنة بترشح عبد المعطى حجازى لجائزة مبارك ومحمد أبو سنة لجائزة التقديرية، وحين طرح الشاعر فاروق شوشة الأسماء وافقت كل اللجنة، وكنت أنا الوحيد المعترض هذا الكلام مثبت فى محضر الاجتماع، لأنه لا يجب ان يرشح بيت الشعر أعضاءه لنيل الجوائز، وهذا يعنى إننا نأخذ امتيازات البيت لأنفسنا، يجب استثناء الأعضاء، ثم اقترح على الأعضاء المرشحين ان يقدموا استقالاتهم، وكان طموحى أن يمثل هذا البيت كل الأجيال.
الفساد المالى بالوزارة لا استطيع الحكم عليه، لكن الفساد الثقافى وتبادل المصالح والمنافع والتربيطات ونفس الأساليب القديمة التى كانت تتبع وقت النظام السابق مستمرة حتى هذه اللحظة، الوزارة فاسدة بكل مؤسساتها بلا استثناء.
■ وصفت وزارة الثقافة بالفساد الثقافى هل يمكن أن تعطينا نماذج وأمثلة على هذا الفساد؟
- ما علاقة هيئة قصور الثقافة بنشر الكتب؟ هذه الهيئة تركت 540 بيتا وقصرا للثقافة مغلقين وفى حالة إهمال، أين دورها الحقيقى الذى من أجله انشئت قصور الثقافة أيام زكريا الحجاوى وسعد الدين وهبة؟ كانت مهمتها تتواكب مع رسالة الدولة الناصرية، التى تتلخص فى أن الثقافة منتج يجب أن يصل لكل المواطنين فى مصر، وهذا هو مشروع القومي، أين مسرح قصور الثقافة؟ أين الفرق الموسيقية؟ أين الحرف التقليدية؟  توصيل الثقافة لكل مواطن مصرى هو دور قصور الثقافة، وليس طباعة كتب طبعت من قبل الهئية الوحيدة المعنية بالنشر هى هيئه الكتاب.
أما «هيئة الكتاب» فبها مجموعة من السلاسل والمجلات، وبعض رؤساء تحريرهم تجاوز العشرين سنة فى منصبه، لها إصدارات تطبع ولا تقرأ، مثل مجلة» «ابداع» التى يرأس تحريرها احمد عبدالمعطى حجازى منذ 23 سنة وهى لا  توزع اكثر من 300 نسخة مع التفاؤل، وتكلف الهيئة 65 الف جنيه فى العدد الواحد، ومجلة الفنون الشعبية التى يرأسها احمد مرسى منذ 20 سنة، مجلة الرواية، مجله «المجله» الذى اعاد احمد مجاهد اصدارها منتج اسوأ مجلة حائط، سلاسل هيئة الكتاب كيف يتم توزيعها، والدكتور سعيد توفيق امين عام للمجلس الاعلى للثقافة يرأس تحرير مجلة الفلسفة هل هو متخصص فى الفلسفة ام هو توزيع التركة ، أليس هذا اهدار مال عام كل هذا الكم من المجلات تطبع لمن ولا تنسى اقصاء شعراء قصيدة النثر من جوائز الدولة.
■ وهل لك تحفظات على لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة؟
لجنه الشعر انا شاركت فيها بعدة فعاليات وهى لجنة فى مأزق، فقد ورثت تركة ثقلية عن لجنة احمد عبد المعطى حجازى وعندما تم حلها تغير الاعضاء وظل هناك حجازى ورئيس المجلس، وأصبحت اللجنه منقسمة قسمين، مجموعة تابعين للقدماء، ومجموعة من الجديد، ودائما فى صراع وهذا يفسد الاعمال الطليعة، ورغم كل ذلك تعد افضل لجنة شعر مقارنة بغيرها .
■ هل انت مع استمرار وزارة الثقافة أم إلغائها؟
- فى دولة مثل مصر يصعب الغاؤها، لابد من استمرارها، لأن الشعب يحتاج للوعى والتثقيف، وهذا الدور المنوطة به الوزارة، ولكن يجب أن تعاد آليات الاختيار فمن الواجب أن يكون على اساس الكفاءه وليس العلاقات الشخصية.