الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الملامح النوبية وثنائيات مرفت الشاذلى فى «متحف محمود خليل»




 
تحت عنوان «من وحى المشاعر 2»، تكمل الفنانة التشكيلية مرفت الشاذلى مشروعها الفنى التصويري، للدمج بين التراث النوبى والمعاصر بقاعة إيزيس بمتحف محمود مختار.
 
تتصدر المرأة النوبية العالم التشكيلى الخاص لمرفت الشاذلي، بملامحها السمراء الجميلة وعيونها اللامعة المبهرة المشحونة بالمعانى والإحساس ونظرات العتاب والانتظار، وضفائرها المتحررة من كل القيود تتطاير تحمى نفسها من نيران الهجوم عليها، رافضة الثبوت على وضعها الحالى، يحيط بالمرأة مجموعة من العناصر تحمل دلالات ومعانى لها خصوصيتها مثل: السمك، والطيور، والبومة، والفأر، والحيات، والقطط وغيرها.
 
قدمت الفنانة فى معرضها العناصر بدراسة تشريحية للحركة الخاصة بكل عنصر، مما جعل العناصر طيعة بين فرشاة الفنانة، ركزت الفنانة على ملامح المرأة والنصف العلوى من جسدها، ولم يعنها جسد المرأة لأنها وضعت هدفاً إنسانيا لكل لوحة، لذلك ابتعدت عن أى تفاصيل تشغل عقل وذهن الملتقى.
 
كما تضم اللوحات عناصر يصعب التقائها فى الواقع، وقدمتها فى لوحة فنية، وكأنها واقع ملموس هى نتاج خيال رمزى، وإن التقت هذه العناصر فى الواقع بالتأكيد سوف تحدث معارك عنيفة، ففى الواقع لا يلتقى القطط مع السمك، أو الفأر مع القطط، أو الحيات مع الأسود، وعلى الرغم من أن هذا الطرح الفنى لهذه العناصر مجتمعة ليس بجديد على المشهد التشكيلى، فإن الجديد فى هذا الجمع هو أن الفنانة قدمت رؤيا سيكولوجية وفلسفية، من خلال لقاء العناصر فى عدة تكوينات مركبة ومتتابعة تروى وتسرد حكاية وراء كل لقاء، وتقوم الفنانة بكل الأدوار تسرد وتؤدى كل الشخصيات، مما يجعل المتلقى يطيل النظر فى اللوحات لمعرفة قصدية الفنانة، وهذه الحيرة والتأمل والتساؤل والاستغراب والتشوق التى يدخل فيها متلقى العمل، تعد جزءا من نجاح وتميز أعمالها فنيا.
 

 
جاءت فى بعض اللوحات المرأة تحضتن العناصر، أحيانا تحضنها فى صمت ورضاء وقناعة، وأحيانا تحملها على رأسها وكأنها قدر ونصيب وميراث يصعب الفرار منه وهم من همومها، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العناصر مثل جدران البيوت التى يسجل عليها حكايات وأساطير، والبوابات القديمة المغلقة، التى تعد رمزا من رموز الدعوة إلى التحرر، والمفاتيح الكبيرة الحجم التى توحى بأنها تفتح أبوابا مغلقة، وأيضا عناصر أخرى مثل الطبيعة الصامتة الزهور الزخارف الإسلامية، اللوحات صرخة تشكيلية لشحنة نفسية للمرأة فى هذا العصر وكل العصور، المرأة تبوح بذاتها المتمردة تعلن إضراباً وتضامناً، تعلن إضرابها على القيود والقمع وتضامنها مع الأمل ومع استقرارها.
 
أسلوب الفن التقنى للألوان الزيتية فى أعمالها هو مزيج بين نعومة الأداء والخشونة المطلوبة للتعبير عن الموضوع، وهذا الأسلوب نادرا ما يستخدمه الفنان فى نفس اللوحة، نعومة الأداء اللونى الهادئ فى ملامح المرأة، وخشونة الأداء فى بعض العناصر العنيفة باستثناء عنصر «السمكة» التى تحملها المرأة، وكأنها الابن والابنة المنتظرة أو الابنة العائدة من عالم آخر، باعتبار السمكة إحدى الأيقونات الأنثوية التى ظهرت بعدة انفعالات إنسانية، أهمها سمكة الخير والرزق المقبل، لها منطقة لونية وضوئية ومجموعة ألوان خاصة توحى باستعادة التراث، مثل تواجد اللون البرتقالى الترابى والأخضر النخيلى والأصفر بلون الجبال والصخور.