الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السعودى أحمد الدويحي: الرواية العربية عمرها قصير.. والمرأة تتناول عوالم لا يصل إليها الرجل




«كل جنس أدبى له زمان يناسبه، ولا شك الآن أنه زمن الرواية» ... بهذه الكلمات كشف القاص والروائى السعودى أحمد الدويحى أسباب وكواليس انتقاله من كتابة القصة القصيرة إلى كتابة الرواية، متحدثا عن سبب ما يمكن وصفه بالانفجار الروائى بالأدب السعودي، وتقييمه للروائيات السعوديات، ورأيه فى قدرتهن على الكتابة بحرية، والحديث عن المسكوت عنه بمجتمعهن، كما تحدث عن ارتفاع سقف الحريات بالمملكة وتأثره بالشباب والحراك الذى يقوده من خلال مواقع التواصل الاجتماعى ... كل هذا وغيره من القضايا الثقافية فى هذا الحوار:
 
■ تكتب القصة القصيرة والرواية .. أين تجد نفسك أكثر؟
 
القصة القصيرة جنس أدبى لماح وذكى ومراوغ، ويتكئ على التكثيف اللغوي، وكانت فى مرحلة الثمانينيات والتسعينيات، هى الفن الكتابى السائد إلى جانب الشعر سيد الفنون فى المملكة، وكانت كتابة الرواية تحظى بمحاذير كثيرة بسبب لوائح التابو، وكتبت فى تلك المرحلة مجموعتين قصصيتين «البديل» و«قالت فجرها»، وكنت قد كتبت رواية «ريحانة» ونشرت فى مصر، وقد شجعنى على تلك المغامرة الشاعر الصديق أمجد ريان بعد ما اطلع على المخطوطة، ولكن بعد الحادى عشر من سبتمبر تغيرت كثير من ملامح الحياة، وفتحت نوافذ جديدة فحضرت الرواية كجنس أدبى شامل، تستطيع أن تعكس كل التحولات وبتنا الآن نشهد أجيالاً من الجنسين، تكتب الرواية وكنت من أوائل الذى خاضوا هذه المغامرة الجميلة.
 
■ الرواية السعودية عمرها قصير نسبيا مقارنة بجيرانها العرب .. كيف تفسر حالة الانفجار الروائى السعودى خلال العشر سنوات الأخيرة؟
 
- جزء من هذا السؤال أجبت عنه فى السؤال السابق .. لكنى أود أن أضيف أن هناك كتاباً عرباً من مصر مثل: إبراهيم عبدالمجيد، ويحيى يخلف وإبراهيم نصر الله من فلسطين، وحنان الشيخ من لبنان، كتبوا روايات عن المجتمع والحياة فى المملكة جميلة، وكتب أيضاً عشرات الروايات عن هذا الواقع، كتاب عاشوا بيننا من مختلف قارات العالم، قبل أن نخطو على إثرهم ونكتب خصوصياتنا الحياتية، ونكشف كثيرا من المستور الذى يقتضيه الفن الروائي، وجاء فوز روايتين سعودية بالبوكر العربية مؤخراً، ليسلط الضوء على هذا الركام السردى الهائل. 
 
■ الناقد السعودى عبد الله الغذامى يرى أننا أمة تميل للشعر، فى حين يرى جابر عصفور أننا فى زمن الرواية .. إلى أيهما تنحاز؟
 
- لكلا الرأيين وجه من الصحة، فالقول بأننا «أمة مستشعرنة»، يأتى من سيادة الجنسى الشعرى على الذائقة العربية، فإذا لم تكن شاعراً فأنت تحفظ الشعر وتستشهد به، لكن فى نفس الوقت فأنا ككاتب روائى يعشق السرد، ويجد بين فصوله مساحات للتعبير، لكون الرواية تستدعى كل الشرائح المجتمعية، وأشهد على طغيان هذا الجنس الأدبى حالياً، حينها لا بد أن أكون مع رأى الدكتور جابر عصفور، ولكن هناك مقولة تبادل الحضور بين الأجناس الأدبية، التى أومن بها، بمعنى أن كل جنس أدبى وفنى له زمان يناسبه للحضور، ولا شك الآن أنه زمن الرواية، لكن سيظل سيد الفنون الشعر حاضراً فى كل الأزمنة.
 

 
■ كيف تقيم تجربة الكاتبات السعوديات والجرأة فى الكتابة لديهن فى كشف المستور فى مجتمع محافظ؟
 
- الكاتبة السعودية تقف جنباً إلى جنب مع زميلها الكاتب، وتحضر فى المشهد الكتابى أسماء لكاتبات متميزات، كتبن فى كل الأجناس الكتابية النقدية والشعرية والسردية، وتحضر فى مجال الرواية كاتبتان مهمتان هما الأستاذة رجاء عالم وهى الفائزة بالبوكر، وتكتب عن الأجواء (المقدسة) فى مدينة مكة المكرمة، وهناك الزميلة ليلى الجهنى وهى من أوائل الذين كتبوا الرواية، والمرأة تستطيع أن تتناول عوالم لايصل إليها الرجل، لما يتوفر لها من خاصيات أنثوية وهناك كاتبات كثيرات متميزات.
 
■ رغم إقامتك فى الرياض منذ فترة طويلة، إلا أن القرية ما زالت حاضرة فى كتاباتك ..لماذا الحنين إلى عالم القرية؟
 
- ولدت بقرية فى الجنوب الغربى للملكة، وانتقلت فى طفولتى إلى الرياض، والمملكة تعتبر قارة تتنوع وتختلف فيها كثير من القيم المجتمعية، ولا شك لقد تعرضت ذاكرتى لما يشبه الصدمة، فظلت بعض الوجوه والحكايات والقيم المجتمعية، تتسلل إلى ذاكرتى وإلى نصى وبالذات القصصي، وأجد فى فضاء القرية وصفاء عالمها متنفسا من أوجاع المدينة.
 
■ إلى متى سيظل المبدعون السعوديون يطبعون كتبهم خارج المملكة؟
 
- سؤال جميل . . . لكن دعنى يا صديقى أولاً أعترف بفضل دور النشر اللبنانية على الرواية المحلية فى السعودية، فصحيح أن الدافع الأول لها تجاري، لكنها ساهمت فى توزيع هذا المنتج فى غياب دور النشر المحلية، وتفرغها لمتابعة نشاط الطفرة الاقتصادية والمناقصات فى الدوائر الحكومية، ثم كفاية المبدع من المواجهة التى لا بد منها مع الرقيب، وطبعاً – هذا وضع غير إيجابى للحراك الثقافي، ولا بد أن تقوم وزارة الثقافة والأندية الأدبية بالدور الآن، وقد ارتفع سقف الحرية قليلاً عما كان، مع أن الوزارة والأندية الأدبية تشهد فى كل موسم، يقام فى الرياض لمعرض الكتاب تنغيص المتشددين ووضع المعوقات.
 
■ لماذا تكتب؟ هل تكتب من أجل نفسك أم لإرضاء الآخرين؟
 
- أكتب يا صديقى لأشعر أننى ما أزل أتنفس وأعيش..
 
■ إلى أين تسير الرواية السعودية؟
 
- الرواية المحلية فى السعودية، تسير إلى جنب شقيقتها فى الأقطار العربية التى سبقت إلى كشف هذا العالم، وقد يكون هذا الانهمار أو كما تسميه الانفجار، جاء نتيجة للتراكم الزمنى والمكانى والموضوعى الثقافي، ووجود نوافذ جديدة لعل من أهمها وسائل التقنية الحديثة، والآن نجد أن كثيرا من الدراسات تصدر حولها، وقامت بعض أقسام الأدب فى الجامعات بإيجاد حلقات للسرد، ويقيم نادى الباحة الأدبى ملتقى سنويا، يدعو إليه نقاداً عرباً كل موسم لمتابعة وتقييم ما يصدر، ولكنى أتوقع أن هذا المد الروائى سينحسر فى المواسم المقبلة، إذا لم يكن على درجة عالية لأن هذا الجنس الأدبي، يحتاج إلى تراكم معرفى وحياتى ودربة كتابية عالية.
 
■ كيف تتأمل ثورات الربيع العربى وتأثيرها على الإبداع فى المستقبل؟
 
- أيضاً سؤال مغر للحديث عن روايتى الأخيرة (غيوم امرأة استثنائية) وهى رواية صادرة حديثاً، وتأتى سابعة فى تجربتى الكتابية الروائية، وتتخذ من فضاء التواصل المجتمعى عالماً لها، بمعنى أنها تتجاوز الحدود وتتحاور مع الآخر، وغالباً قد يكون هذا الآخر من جيل الشباب، وللشباب طموحاتهم وأحلامهم، وأحببت أن أشاركهم هذا العالم وتلك الأحلام، وقد أصبحت أنا وجيلى ضيوفاً عليهم، ونعيش فى عالم متحول وسريع الإيقاع.