الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البنات: إللى يتحرش بيكى اصرخى وافضحيه وما تتنازليش عن حقك




تحقيق : أسماء قنديل
 
انتشار ظاهرة التحرش الجنسى بالفتيات والسيدات دفعت «وليد حماد» أحد أعضاء فريق عمل برنامج «أول الخيط» بقناة «أون تى فى» لخوض تجربة ارتداء ملابس الفتيات فى شوارع وسط البلد، مرة نهارا وأخرى ليلا، تارة يغطى رأسه بالحجاب وتارة أخرى بدونه، وفى الحالتين لم يسلم من نظرات المارة وعباراتهم اللاذعة، مغامرته حظيت بأكثر من مليون مشاهدة على موقع اليوتيوب، لكن ماذا عن رأى الشباب والفتيات فى هذه المغامرة وإلى أى مدى تستطيع وسائل الإعلام المختلفة أن تنمى وعى المجتمع خاصة فى ظاهرة التحرش المهينة إنسانيا ونفسيا هل مازال الخوف من الفضيحة هو المسيطر على اتخاذ رد فعل من الأهل والمجنى عليها
الدكتورة «فاطمة أبو الحسن « مدرس بمعهد الإسكندرية العالى للإعلام ترى أن تجربة وليد غير مقنعة وفيها مبالغة، لأنه عندما تنكر فى زى المرأة كان يثير الرجال ليتحرشوا به، كما أنه من الصعب أن تتعرض فتاة لجميع هذه الأنواع من التحرشات إلا إذا كان لديها استعداد لذلك، تؤكد على أنه لا يوجد فتاة لم تتعرض لتحرش لفظى أو مادى والذى تتفاوت درجته، معتبرة أن الفيديو لم يساهم فى توعية المجتمع بخطورة الظاهرة، تنصح أبوالحسن الفتيات أنه عندما تسمع تحرش لفظى فتسرع من خطواتها ولا تلتفت للشخص المتحرش ولا ترد عليه، ولكن إذا لمس أى جزء من جسدها فلتصرخ بأعلى صوتها وتفضحه .
وتختلف معها «نرمين بليغ» مهندسة معمارية، حيث تعتبرها تجربة حية وواقعية لمعالجة ظاهرة التحرش الجنسى ،كما حاول الفيديو الإجابة على سؤال مهم وهو هل نلقى اللوم على الرجل أو المرأة ؟، وتؤكد أن السبب الرئيسى للتحرش الجنسى هو الإنفلات الأخلاقى فى المجتمع المصرى، وتشير إلى أنها كانت تتمنى أن يقوموا بتجربة عكسية، أى قيام فتاة بالتنكر فى ملابس رجل ويجعلونها تعاكس الفتيات لترى ردود الأفعال.
 ومن ناحية أخرى، يقول الدكتور «فتحى شمس الدين» مدرس مساعد بمعهد الجزيرة العالى للإعلام وعلوم الإتصال، أن مشكلة التحرش انتشرت بصورة كبيرة فى الفترة الأخيرة نتيجة الانفلات الأمنى، مما يتطلب تضافر جهود المجتمع المدنى لمواجهة هذه الظاهرة، ويرى أن «وليد» حاول  تسليط الضوء على تلك الظاهرة الناجمة عن تأخر سن الزواج وغلاء المعيشة والكبت الجنسى ، والحل من وجهة نظره، يكمن فى إعطاء طلبة المدارس والجامعات مادة الأخلاق لأن الأخلاق الحميدة تسهم فى تقويم سلوك الإنسان، إضافة إلى إيجاد حلول لأزمة الإسكان التى تمثل العقبة الرئيسية أمام الزواج.
ويضيف «خالد زكى «معيد بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الفيديو لم يقدم جديدا لأن شبح التحرش مازال يطارد الفتيات بشكل يومى، مؤكدا أن الأزمة تكمن فى عدم الوعى المجتمعى لدى الشباب وبالتالى ليس الحل فى تفعيل القوانين فقط وإنما على الإعلام أن يسهم فى نشر الوعى لتجريم هذه الظاهرة، مثلا عن طريق تنظيم حملات إعلامية تخاطب الشباب والتى تتضمن استمالات عاطفية ليتم التأثير فيهم مثل هل ترضى أن يحدث ذلك مع أختك أو والدتك أو ابنتك، بالإضافة إلى الدور الكبير الذى يجب أن يقوم به رجال الدين.
لكن يظهر سؤال هام وهو هل يوجد فى القانون مصطلح «التحرش الجنسي» وهل له عقوبة ؟  خاصة مع إعلان مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب بحصول (د . ح . ح.) على حكم فى قضية التحرش بها الذى أصدرته محكمة جنح الأزبكية بحبس المتحرش بها وهو أحد الباعة الجائلين بميدان رمسيس ستة أشهر مع غرامة مالية، تعلق المحامية والناشطة الحقوقية ميرفت أبو تيج على الحكم بأن المادة 269 مكرر من قانون العقوبات المصرى، تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر كل من وجد فى طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال فإذا عاد الجانى إلى ارتكابه هذه الجريمة خلال سنة فتكون العقوبة مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تتجاوز 50 جنيها ويوضع تحت المراقبة، كما تنص المادة 278 من قانون العقوبات بأن كل من فعل فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه، وتعاقب أيضا المادة 279  بذات العقوبة أى مدة لا تزيد على سنة وغرامة ثلاثمائة جنيه لكل من ارتكب مع امرأة أمرا مخلا بالحياء ولو فى غير علانية. وتؤكد بأن القانون يعاقب على خدش حياء الأنثى بالقول أو بالفعل أو القيام بفعل فاضح فى الطريق العام والذى يكون فيه ملامسة لأى جزء من جسد الأنثى ، ولكن التحرش اللفظى فالقانون لا يعاقب عليه بعقوبة رادعة ونحن نطالب بقانون خاص للتحرش الجنسى ،لأن التحرش مفهومه واسع. وتنصح الفتيات بعمل محضر لإثبات واقعة التحرض للتحرش ، وأن تتمسك بحقها حتى إذا كان المتحرش سيأخذ أقل عقوبة لأنه يجب احترام الأنثى والتعامل معها بشكل راق. وتؤكد على أن تجربة وليد جيدة، لأنها تساهم فى التوعية المجتمع بخطورة الظاهرة وحتمية القضاء عليها.
ويتفق معها  المحامى والناشط الحقوقى طارق نجيدة فى ضرورة الإشارة إلى أشكال التحرش المختلفة التى تتعرض لها المرأة فى قانون العقوبات ،مع أهمية قيام الإعلام بدوره فى التوعية المجتمعية بخطورة ظاهرة التحرش الجنسى، وينصح السيدات والفتيات بأن لا يستحوا، ولا يخافوا وأن يستنجدن بالمواطنين أو قوات الشرطة وأن يتمسكن بحقهن فى تحرير محضر ضد المتحرش..لأن المتحرشين يستغلون حياء المرأة ليتمادوا فى جرائمهم، ونحن نريد رفع الظلم الواقع على المرأة. وبالنسبة للفيديو، فيعتبر من أشكال العمل الإعلامى  لكشف صور التحرش المختلفة ولتشجيع كل من المرأة والمجتمع ليعود للأصالة المصرية فى المحافظة على المرأة.
وحول أسباب ظاهرة التحرش الجنسى، تقول الدكتورة «فادية أبو شهبة» أستاذة القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: ازدياد تعرض الشباب للمواقع  الإباحية والابتعاد عن القيم الدينية والأخلاقية، والفراغ الذى يعانى منه الشباب بسبب البطالة، تنامى ظاهرة العشوائيات التى تفرز مجرمين إلى المجتمع، ارتفاع سن الزواج وتعاطى الشباب للمخدرات التى تفقدهم الوعى هى اهم الأسباب، وتؤكد أبو شهبة على أننا لسنا بحاجة لقوانين جديدة، لكننا بحاجة إلى زيادة الوعى المجتمعى بخطورة ظاهرة التحرش الجنسى.
وتنصح الدكتورة «سوسن فايد» أستاذة علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية الفتيات بأنه يجب أن يكون لديها وسيلة للدفاع عن نفسها فى حقيبتها إذا تعرضت للتحرش، أو تلجأ إلى أقسام الشرطة لتحرير محضر للمتحرش.