الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مهاتير» أخذ أفكار نهضة ماليزيا من محمد على مؤسس مصر الحديثة




د. محمد نور استاذ العلوم الاقتصادية والخبير الاقتصادى  يتكلم عن أفكار جديدة وجريئة لتطوير اقتصاد مصر، هو من  الطيور المهاجرة التى تعود إلى موطنها من آن لآخر حبا وشوقا للوطن. تعرفت أكثر على أفكاره الجريئة والجديدة لتطوير اقتصاد مصر، وكان هناك سؤال دار فى ذهنى: هل هذا الرجل المحب لمصر هو مهاتير مصر الذى سيجعله الله سبحانه وتعالى سببا فى تقدم مصر.
 
بدأ حديثه قائلا إن أى مشروعات فى مصر يجب ان تكون العمالة  مصرية وعقول مصرية وتمويل مصرى لان مصر لا بد أن تبنى بآياد مصرية، وهذه الجملة الاخيرة هى عنوان مشروع الدكتور محمد نور القومى لتنمية اقتصاد مصر.
 ■ قرأنا لكم مقالاً عن نهضة ماليزيا ودور الدكتور مهاتير  فيها، فهل تعتقد أن نهضة ماليزيا نموذج يجب أن يحتذى فى مصر؟ وهل هى قدوتنا؟
 
- اتحفظ بشدة على قولك إن  ماليزيا قدوة لمصر، الحقيقة أن الدكتور مهاينر عندما فكر فى تنمية اقتصاد ماليزيا قام بقراءة تاريخ مصر، واستوحى افكاره من حقبة نهضة مصر فى عصر محمد على الذى قام بإرسال ابناء مصر إلى أوروبا ليتلقوا العلوم الحديثة، وقام بتدريب الحرفيين، وهذا ما قام به ماهتير فى بلده، وهو بنفسه قال إنه استوحى الأفكار من قراءة تاريخ مصر، وبالتالى فإننى استطيع أن أقول اقتصاديا  إن الدكتور مهاتير محمد مولود فى مصر، وقد قال د. مهاتير إن نهضة مصر تكون بأياد المصريين. والحقيقة أن مصر كانت قدوة لماليزيا وليس العكس. أما قراءة ما حدث فله مغزى آخر لنا، دولة صغيرة بحجم ماليزيا وقليلة الموارد استطاعت أن تنهض وتصل إلى مرتبة متقدمة عالميا فتنافس على المركز السادس والخامس عالميا من حيث التقدم الاقتصادى، هذا معناه أن دولة بحجم وتاريخ مصر الحضارى قادرة ليس فقط على النهوض اقتصاديا  بل قادرة على نهضة اقتصادية تقود فيها  قارة افريقيا كما قادت الصين قارة آسيا للتقدم العلمى والاقتصادى.
 
■ هل المعنى أن برنامجك القومى لتطوير الاقتصاد لن يتوقف عند تطوير اقتصاد مصر؟ 
 
- تاريخ مصر الحضارى ودورها القيادى على مر التاريخ يضع عليها المسئولية التاريخية للعمل على رفعة شأن افريقيا اقتصاديا، أوروبا أخذت  نصيبها من التقدم العلمى والاقتصادى، ثم جاء الدور على قارة آسيا فبدأت هذا بقيادة دولة لها تاريخ حضارى طويل هى الصين، ومن المنطقى أن تقوم مصر بقيادة افريقيا نحو تقدم علمى واقتصادى، هذا طبعا بعد أن تبدأ مصر ويبدأ ابناء مصر وعلماء مصر، ويسعون معا للتقدم العلمى والحضارى، وسيأتى اليوم إن شاء الله الذى تقول فيه أفريقيا للعالم لقد جاء الدور على افريقيا لتنهض، ولتكون ثروات أفريقيا لأبنائها.
 
■ تبدو متفائلا وواثقا من نجاح مصر فى تخطى المرحلة التى تمر بها ، ما هى الأسس التى بنيت عليها تفاؤلك والتى جعلتك توقن أن نجاح مصر الاقتصادى قادم باذن الله؟
 
 -العلماء المصريون والعقول المصرية، فى مصر وفى خارج مصر منتشرة بمئات الآلاف تجعلنا لا نحتاج لإرسال البعثات العلمية كما فعلت ماليزيا وكما فعل محمد على، فقط نطلب من علمائنا ان يكونوا مع مصر، بأنفسهم وبتواجدهم معنا، أو بأفكارهم إذا لم يستطع بعضهم أن يأتى إلينا، وأيضا النظر بإيجابية إلى حقيقة أن أكثر من 90% من أراضى مصر هى أراضى خالية فنقول أن معظم أراضى مصر لا تزال بكراً تحتاج الى الإعمار وكأنه قدر لمصر أن تكون الآن مثل استراليا أو كندا  منذ سنوات،  هى أرض لكل مصرى مجتهد يأخذ فرصته للتتقدم مصر ويتقدم معها ويحقق طموحاته وآماله فى مستقبل أفضل، البعض يبنى المصانع، والبعض يحول الصحراء القاحلة إلى جنة من جنات الله فى الارض، هذا فقط جزء من الايجابيات لأن الايجابيات كثيرة يطول شرحها ولقد انشأت صفحة على فيس بك باسم نوابغ العلماء المصريين مدون بها مشروعات اقتصادية كثيرة.
 
■ الشعب المصرى أصابه اليأس والاحباط، وتعلمون تأثيرهما على الشعوب، فهل تتفضل وتخبرنا عن باقى الايجابيات التى تراها؟
 
-قبل أن اقوم بوضع اسس المشروع القومى لتنمية اقتصاد مصر بأياد مصرية، قمت بدراسة السلبيات الاقتصادية لأقوم بتحويلها إلى نواح ايجابية وعلى سبيل المثال لا الحصر: هناك مواد خام كثيرة معادن ورمال بيضاء وغاز طبيعى، ورخام ومواد اولية لمصانع الاسمنت، معظم هذه المواد الخام يتم تصديرها بأثمان زهيدة، تصلح لتكون قاعدة لصناعات كثيرة تساهم فى القضاء على البطالة والفقر، وتقوم بتحسين وضع الميزان التجارى لمصر، أيضا بنية تحتية قوية  تحتاج للعمل على تطويرها تشمل فنادق وقرى سياحية و29 مطاراً، والعديد من الموانئ سواء كانت موانئ تجارية أو تعدينية أو سياحية أو موانئ صيد، شبكة طرق لا بأس بها يمكن الاضافة عليها وتحسينها، الايجابى هنا أننا لن نبدأ من الصفر، لدينا الكثير لنبدأ منه فى حين أن ماليزيا مثلا عندما بدأت لم يكن لديهم شيء يذكر زراعة المطاط والاناناس والموز، و18 ديانة مختلفة وافراد مختلفون، ومتوسط دخل الفرد أقل من مائة دولار فى السنة، اصبح ستة عشر ألف  دولار فى السنة بعد عدة سنوات من بدأ مشاريع النهضة هناك.
 
■ تعلم أننا نستورد غالبية احتياجاتنا الغذائية، فماذا عن الزراعة؟
 
- الاجابة: الأراضى الزراعية يتم زراعتها بالخرسانة،  ولكن لدينا أراض صحراوية غير مستغلة وبها مياه جوفية أو تأتيها الامطار، ولكننا للحقيقة وبعد قسمة نصيبنا من الماء على عدد سكان مصر نجد اننا نعتبر من الدول الفقيرة مائيا، ولكن هناك حلولاً لهذا الفقر المائى الذى اهملناه لعقود طويلة، وإن لم نتحرك فمصر مرشحة لمزيد من الفقر المائى والكل يعلم قصة سد النهضة وأثيوبيا، ولكننى وضعت بعض الحلول التى تحول سلبية الفقر المائى إلى ايجابية، هذه الحلول تعتمد على توجهنا جنوبا فى قارة أفريقيا، وهذا لن يتأتى إلا بعد استعادة مصر لدورها المميز القوى فى افريقيا، ولكننى سوف اعطيك مثالاً آخر على كيفية تحويل السلبيات الى ايجابيات، السلبية اننا نستورد 95%  من زيوت الطعام، أى أن نحو 80 مليون مصرى زيوتهم مستوردة، تشغل مصانع وتفتح بيوتاً للأجانب على حساب المصريين، وفى مشروعى القومى قلت أنه يجب ان نعمل على زراعة أراض جديدة مستصلحة بنبات عباد الشمس وننشئ عدة مصانع للزيوت وقد اخترت عباد الشمس لأسباب كثيرة أهمها أنه يؤدى إلى تشجيع 4 صناعات وليس صناعة واحدة  وهى: صناعة زيوت الطعام، عسل النحل الذى يتقوت على زهره عباد الشمس، علف الطعام الذى اساسه بقايا البذور بعد استخراج الزيت، واخيرا صناعة الورق الخام من ساق نبات عباد الشمس الغنى بمادة السيليلوز اللازمة  لانتاج خام الورق. 
 
■ مشاريع التنمية مشكلتها الكبرى  هى التمويل فما هى وسائل التمويل من وجهة نظرك؟
 
- فلنبدأ بالمصريين، من داخل مصر وخارجها، أولا: هناك مئات الآلاف من المشاريع موجودة بأدراج الوزارات أو بكمبيوتر كل وزارة، ويجب أن يتم وضع هذه المشاريع على مواقع الوزارات، ليتعرف عليها المصريين ومن منهم يريد أن يتقدم لمشروع فليتقدم  ومعه رجال الاعمال المصريون فى مصر وخارجها، بل ينطبق أيضا على الجاليات المصرية فى الخارج، لو قامت كل جالية بعمل شركة مساهمة وتم تجميع المال اللازم لمشروع تقوم الدولة بإعطائهم الأرض بإيجار ثابت ميسر،  أو بالبيع بالتقسيط مع عدم المبالغة فى الاسعار بشرط أن يقوم المستثمر بتشغيل المصريين بما لا يقل عن 90% من عدد العاملين، لان الهدف كما سبق وأوضحنا هو القضاء على البطالة والفقر، وأتمنى أن نصل الى نسبة بطالة صفر، ثانيا: أن نسعى لأن تتحول كل فئة من فئات الشعب إلى ترس من تروس الانتاج، واقصد بفئات الشعب هنا: الأطباء، المهندسين، التجاريين، خريجى الازهر وعائلاتهم، أبناء وعائلات القوات المسلحة، ابناء وعائلات الشرطة، القضاة، المحامين، الاعلاميين، الزراعيين.. الخ كل فئة من هذه الفئات تقوم بانشاء شركة مساهمة وتودع قيمة الاسهم بالبنوك، ثم تقوم بالتقدم إلى الدولة للمطالبة بالحصول على أرض إما  تمليكا بسعر غير مبالغ فيه أو بالايجار بسعر بسيط وثابت لمدة طويلة بشرط  أن تكون العمالة مصرية ،ويمكن لكل فئة ان تختار نشاطاً زراعياً  أو غذائياً، أو صناعياً، أو حتى بناء مستشفى تكون لأبناء وعائلات هذه الفئة، ويتم الإعلان عن هذا فى كل وسائل الاعلام المختلفة وسنرى أى فئة من  الفئات المصرية هى التى ستكون سباقة لهذا وتبدأ  أولا  وتنال شرف الريادة.  
 
■ هل لديكم حلول للعجز فى الميزان التجارى والعجز فى ميزان المدفوعات؟
 
- العجز فى الميزان التجارى معناه هو أن القيمة الاجمالية لما نصدره أقل من القيمة الاجماليه لما نستورده أو بمعنى آخر قيمة صادراتنا أقل من قيمة وارداتنا، وعلاج هذا كما بينا ان نقوم بإنتاج ما نستورده، ونحول صادراتنا من المعادن الخام إلى مواد مصنعة، اما بخصوص العجز فى ميزان المدفوعات معناه أن ايرادات الدول تعجز عن تغطية كل مصروفاتها، وفرض ضرائب على السلع لزيادة ايرادات الدولة  ليس حلاً، لأن هذا يؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع مما يؤدى إلى التضخم، كما أن تقليل المصروفات برفع الدعم على السلع قبل ايجاد حلول لمجابهة المشاكل الاجتماعية الناتجة عن ذلك هو أمر يكدر السلم الاجتماعى، والحل هنا هو: المازوت المدعوم يذهب لمصانع الأسمنت، مصانع الأسمنت فى كل العالم توقفت عن استعمال المازوت  لارتفاع ثمنه، وأوجدوا بدائل ومنها الفحم الموجود بمصر ولكنه لا يستخرج ولا يتم التنقيب عن فحم فى مصر، وهناك بعض مصانع الحديد والصلب  فى مصر تقوم باستيراد الفحم لرخص ثمنه بالمقارنة بالمازوت لذا يتم اعطاء المصانع مهلة لاستبدال المازوت بمصادر طاقة اخرى ثم يتم بيع المازوت بدون دعم، إما بخصوص دعم البنزين والسولار، فإن قيمة الدعم لهما تتضاعف يوما بعد يوم بسبب التهريب، والحل هو تعميم استخدام الغاز فى السيارات والأوتوبيسات والشاحنات بدلا من البنزين والسولار وهذا سيؤدى إلى تقليل نسبة التلوث المرتفعة فى المدن المصرية ويقلل من فاتورة الانفاق الصحى كما سيوقف التهريب لهذه المواد بعد أن يتم رفع الدعم عنها وينتفى سبب التهريب، وبخصوص دعم القمح فيجب أولا العمل على اصلاح واستبدال صوامع القمح المتهالكة والتى تؤدى الى ارتفاع نسبة الفاقد من القمح، ثم يتم تشجيع زيادة انتاج القمح  حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتى.