السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عمرو فكرى يقدم أرشيفه الفنى فى «قدس الأقداس»




لم يكن قرارا صعبا للفنان البصرى عمرو فكرى بعد تخرجه فى 2001 أن يختار طريق الفن فقط، فعلى غرار «كل امرؤ لما هاجر إليه» بدأت تباشير النجاح مع معرضه الأول «فى حضرة مولاي» الذى دعمه له صندوق التنمية الثقافية الذى عرض بالقلعة وتكرر عرضه فى أكثر من مكان آخر داخل مصر وخارجها، مما لفت إليه الأنظار وبدأت خطواته الفنية تأخذ السلوب البحثى فى الفلسفة الصوفية والروحانيات وربطها مع الوسائط المعاصرة الفنية، فاستلهام فكرى من بيئته ومن روحانيته وتراثه لم يكن حائلا بينه وبين التعاطى مع الوسائل المعاصرة فى الفن كالتصوير الفوتوغرافى المعالج ببرامج الجرافيك، أو كالتجهيز فيا لفراغ والفيديو آرت وغيرها من الوسائط المتعددة.
هذا ما قدمه فكرى فى لقاء مشروع «أرشيف فنان» السادس بمركز سعد زغلول الثقافي، الذى اختار الحديث فى لقائه المفتوح عرض تجربته ومشروعه الأساسى الذى يرتكز عليه عالمه الفنى وفلسفته ومنهجه، التى وثقها فى كتاب «قدس الأقداس»، يتحدث فكري: حقق معرض «فى حضرة مولاى» صدى جيد لتختارنى مؤسسة بروهلفستيا لمنحة فنان مقيم بزيورخ لمدة ثلاثة أشهر وتم المد لشهر آخر لإقامة معرض والذى تعرض فيه لمفهوم الاغتراب للفنان وابتعاده عن بيئته ومصادره الإلهامية التى اعتاد عليها ليعيش فى مكان مختلف تماما عن ثقافته بل مغاير لها، فمدينة زيورخ تملك أموال العالم كله ومادية تماما تغيب عنها الروحانيات.. دولة منظمة بشكل استاتيكى بارد وهو ما يتناقض بشكل كامل مع روحانيات فكرى، الأمر الذى حفزه للبحث فى لقطاته المتنوعة عن دفء بلاده والتى وجدها فى أماكن شعر فيها بالدفء الروحانى والمقامات وبدأت فى تكسير اللقطات وتكرار الصورة حول نفسها لتتحول كوحدة زخرفية، بالتوازى مع دراستى لشخصية الفن الإسلامى وعلاقته بالزخرف لونيا وعدديا وهندسيا وكيفية تكوينه للقطاته كذلك الفلسفة الصوفية وارتباطها بفلسفة الأفلاطونية الحديثة التى تقوم على رمزية الوحدانية والانبثاق والعودة، وفكرة الطواف والمركز وقدمت المشروع فى أربع مراحل متتابعة بدأت فى 2003 وانتهت فى 2007، تم توثيق هذه المشاريع فى كتاب «قدس الأقداس» والتى ربطتها بجمل من الشعراء الصوفيين، المشروع الأول هو «الفراش» والتى استلهامها من كتاب طواسين الحلاج من جملة «الفراش يطير حول المصباح إلى الصباح ... ويعود إلى الأشكال فيخبرهم عن الحال بألطف المقال ... ثم يمرح فى بالدلال طمعا فى الوصول إلى الكمال».
المشروع الثانى كان «موقف النفرى» الذى وجدت فى جمله إحساس مختلفاً التى يبحث فيها النفرى عن فكرة ما إنما فى جمله نستنبط شيئاً آخر، « بدأت فخلقت الفرق ... فلا شىء منى ولا أنا منه ... وعدت فخلقت الجمع فيه اجتمعت المتفرقات .. وتألفت المتباينات».المشروع الثالث «فناء الوحدة.. فناء المكان» كان فيديو مع عمل مركب يقوم على علاقات هندسية وعددية يتم تطبيقها فى العمارة، نفذ المشروع على فكرة المركزية والطواف واشتغل على المربع والمستطيل والعلاقات الهندسية، حيث صمم مايشبه المقام مع لوحات شفافة متتالية ومعلقة لتصفية الضوء ليبدو وكأنه يتلاشى فى الفراغ فيمنح مزيداً من الروحانية، وشكلت مجموعة من الوحدات الزخرفية من رمال الصحراء والتى توحى بالتجرد، كما أن المقام كان فيه 333 أشكال زجاجية تنبض بالضوء،  وكان المشروع بالاشتراك مع فنان سويسرى قام بتصميم الصوت المصاحب للعمل.
المشروع الرابع هو «بصير الملائكة» الذى اتجه فيه نحو مصر القديمة واستخدم الزخارف والوحدات النباتية وتم عرضه بقبة الغورى، يقوم على فكرة التوازن والتوازن المستلهمين من الفلسفة الهرمسية.اختتم فكرى حديثه بالإشارة إلى بحثه الجديد فى نظرية الخلق عند المصرى القديم الذى تجلى فى أربعة مشاريع أولها «نون» وهى المياه الأزلية التى تشكل ما سمى بفوضى الطاقات التى بدأت تنتظم فيما بعد، المشروع عبارة عن فيديو وعمل مجهز فى الفراغ لحوض ملىء بكريستالات الملح وسلط عليه ضوءاً متحركاً يتخذ أشكالا مختلفة على الملح وكأنه سحابات متحركة وتم عرضه فى مركز «درب 1718» للثقافة والفن المعاصر، المشروع الثانى هو «تكوين» 2010 الذى يعبر عن بداية تكوين الحياة، ومازال يستكمل أفكاره واستلهامه من الفكر المصرى القديم.