السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الزوجات: لو عاد بى الزمان سأرفض أن أكون «زوجة ثانية»






هل تقبلين أن تكون لك ضرة أو تكونى زوجة ثانية؟.. الإجابة: نعم أقبل! إجابة مستحيل أن أقبل! إجابات ثابتة لا تقبل التغيير رغم تجارب عديدة لعدة سيدات جربن الضرة وجربن إحساس الزوجة الثانية ومعظمها انتهى بالفشل ولم تستطع الاستمرار، لكن لماذا تقبلين حتى الآن ولماذا ترفضين هو سؤال أجابت عنه عدة سيدات مثل ندى التى تقول: بالفعل طلبت ووافقت أن أكون زوجة ثانية لأننى ببساطة أعشقه وهو أيضا، إنما للأسف انتماؤه لأسرة ذات الأصول الصعيدية التى تتمسك بتقاليدها فى الزواج من نفس الأسرة حفاظا على ممتلكاتهم وأراضيهم ومن بعدها الميراث هو ما أجبرنا على اختيار هذا الحل، لكنه رفض بشدة الفكرة وقرر إعادة المحاولة لإقناع أهله بالعدول عن أفكارهم.. إنما فى حال فشله فى إقناعهم سأكون الزوجة الثانية.
بينما اختلفت قصة السيدة فاطمة التى رفضت مبدأ الضرة وتحكى حكايتها قائلة: أنا رفضت مبدأ الزوجة الثانية وأصررت على الطلاق رغم الخسائر التى لحقت بى ولكننى راضية تماما بقراري، فلقد كنت زوجة لمدة 13 سنة بعدها تعرف زوجى بإحدى قريباته التى تصغرنى بـ22 سنة وأعجب بها وقرر أن يتزوجها رغم أنها ليست على نفس مستويينا العلمى، وقتها كان أولادى أطفالاً فأكبرهم كان يبلغ من العمر ثمانى سنوات.. الحقيقة أننى فكرت كثيرا فى قرار الطلاق قبل طلبه إلى أن تأكدت تماما أنه الأفضل لنا جميعا رغم تعبى النفسى لكن لا بد أن أتحمل قليلا، وقدمت دعوى قضائية لطلب الطلاق، وظل أولادى معى وحافظت على أن تظل علاقتهم بأبيهم جيدة ومستمرة وبزوجة أبيهم أيضا التى أظهرت لهم حبًا كبيرًا، كما أننا نجحنا فى أن يتحابوا وإخوتهم من زوجة أبيهم وإحساسهم بالمسئولية تجاههم كإخوتهم الأصغر.. مرت السنين واليوم تزوج ابنى الأكبر وأنا اليوم جدة! ومن اللافت أننى وزوجة طليقى كنا معا فى الفرح كأمهات العريس بشكل أثار إعجاب الحاضرين وأدهشهم جدا كيف أن تكون كلتانا متحابتين بصدق ومتعاونتين بإخلاص وأن كل منا هى أم العريس! الحمدلله أنا سعيدة وراضية بحياتى التى عشتها وبقرارى الذى اتخذته وما حققته فى عملى وهوايتى.
تستكمل فاطمة حكايتها وتقول: المشكلة الوحيدة التى أعانى منها إلى لحظة كتابة هذه السطور هى أمى! التى لا تزال مصرة على أنه لا بد لى ان أتزوج وأن أبدأ حياة جديدة وغير مقتنعة بأننى أعيش أجمل حياة!
على عكس ندى التى اختارت أن تكون الزوجة الثانية تعلن إيمان ندمها الكامل على موافقتها ان تكون الزوجة الثانية وتقول: لو عاد بى الزمان سبع سنوات للوراء سأرفض تماما أن أكون الزوجة الثانية، لأننى اكتشفت أن الرجل يعتقد أن الزوجة الثانية هى عشيقته إنما بالحلال وبالشرع ليس إلا، وليس من حقها أن تشتكى أو تعترض أو اى شىء، بل عليها الالتزام بالطاعة الكاملة ولو تأزمت الأمور يكون الرد البسيط: أنت تعلمين ظروفى من البداية ووافقتى عليها ورضيتى بها! رغم أنه فى البداية ظل يطاردنى ويشكو الشكوى المرة من زوجته الأولى، التى هى اليوم لها كل الحق فى كل شىء، مشكلتى الآن أن لدى طفلاً ولا أريد له حياة فى أسرة متفرقة.
حكايات وتجارب عدة فى حاجة إلى التفسير من علماء الاجتماع والنفس والشرع أيضا لفهم الدوافع لدى المرأة فى أن تكون رقم اثنين فى حياة حبيبها وان تتنازل عن حقوق لها فى مقابل أن تستمر العلاقة رغم كل الضغوط، الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية تشير إلى أن الزواج الثانى بدأ ينتشر نتيجة لتأخر سن الزواج، وأصبحت نظرة المجتمع أقل حدة وأكثر تقبلا، كما أن الدراما بدأت تمهد له بالعديد من الأعمال كمسلسل «الحاج متولي» و«العطار والسبع بنات» بالتالى بدأ ينتشر فى المجتمع، وبالرغم من أن الأمثال الشعبية والمورثات الثقافية تُدين دائما الرجل فى الزواج الثانى لكننى أراه هو من يدفع الثمن من استقراره النفسى، فكل زوجة تحاول الاستحواذ عليه واستغلاله ماديا، وأحيانا عاطفيا فلتجأ كل واحدة إلى التفانى فى راحته لتكسب ودّه على حساب الأخرى، بالإضافة لانكوائه بنيران غيرة الزوجتين، التى تتحول بينهما عادة إلى صدام وعنف وإهانات وتربصات أيضا، وأكدت كريم أن مشاكل الأسرة لا تكون نتيجة خلل داخلى فقط، بل ينعكس عليها جميع ظروف المجتمع المضطربة.
بينما تبرر د. سامية الجندى ـ أستاذ علم الاجتماع الرغبة فى تكرار الزواج فتقول: إن سيكولوجية الإنسان تحوى الملل، لذا فلو كانت الزوجة ملكة جمال فمن الممكن أن يفكر الرجل فى الزواج بأخرى، وهو شرعا مباح، لكنه قد يتسبب فى انهيار الزوجة الأولى وعزوفها عن الحياة، وذلك بالطبع ناتج عن المجتمع نفسه والبيئة التى نشأت فيها هذه الزوجة، فالمجتمع والبيئة والثقافة أساس الرفض النفسى لهذا التعدد أو القبول له.
كما يفصل لنا د. شعبان جاب الله - أستاذ علم النفس بآداب القاهرة - السيكولوجية المصاحبة لأمر الزواج بزوجة ثانية فيقول: إن هناك عدة دوافع نفسية يمكن أن تلعب دورا فى هذا الجانب، منها رغبة الزوج فى الإنجاب، ومنها مرض الزوجة المستمر، ومنها عدم اهتمامها باحتياجاته الشخصية والاجتماعية، وقد يسعى له لمجرد التعدد فيستخدم حقه المشروع قانونا ودينا دون مبرر واضح، وقد يكون هذا المبرر هو أن الزوجة الثانية مثلت له عنصر جذب كأن تكون ذات جمال أو مال أو سمعة أو شهرة أو حسب أو سلطة، فهو يريد أن يستمد منها المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية.
وعن شعور كل من الزوجتين الأولى والثانية يقول د. شعبان جاب الله: يتفاوت شعور الزوجة الأولى من حالة لأخرى، لكنها على أى حال تكون مشاعر سلبية كالتعاسة والإحباط وفقدان الأمان، وكذلك الغيرة السلبية، ويتوقف هذا الشعور السلبى على مدى اقتناع الزوجة الأولى بأحقية الزوج فى الزواج وقدرتها على التكيف معه، وهل هى مستقلة بمنزلها عن الزوجة الأولى أم أن المعيشة مشتركة، وهنا يزداد الشعور السلبى حدة وضراوة.
أما شعور الزوجة الثانية فقد يكون إيجابيا فى البداية، لأنها تظن أن هذا الزواج سيحقق لها عددًا من رغباتها ومتطلباتها لكن سيظل لديها شعور خفى بأنها الزوجة الثانية، فإذا لم تستمر الحياة بشكل مناسب يختفى هذا الشعور الإيجابى خاصة إذا كانت ستعيش مع الأولى مما يترتب عليه جوانب سلبية كالغيرة والتنافس والكراهية والصراع لكسب الزوج فى صفها دون الأخرى، وهنا تصعب المعيشة لا على نفسية الزوجتين فقط، وإنما على نفسية الزوج أيضا، فكيف له أن يعيش فى هذا المناخ النفسى المضطرب؟
وبالنسبة لشعور الأبناء فهو أيضا شعور سلبى متوقع إذا أثر هذا الزواج على علاقة والدهم بهم، وانتقص من مقدار الحنان والعطف الذى يحتاجونه، والأم إما أن تركز هذا الشعور فى نفوسهم أو تخففه حسب اقتناعها وحسب نفسيتها، وللأب دور كبير فى هذا الأمر حتى يخفف وقع الأمر على أبنائه أو يجنب نفسه هذا الزواج أصلا.. فى حالة الزواج بثانية ينصح د. شعبان جاب الله الزوج بأن تعيش الزوجتان منفصلتين، لأن وجوديهما معا يمكن أن يفسد العلاقة تماما، وبأن يحاول الزوج قدر الإمكان أن يبادلهما مشاعر متساوية، ويعدل بينهما فى الجوانب الشخصية والاقتصادية، والأمر كذلك بالنسبة للأبناء، فلا بد أن ينالوا نفس القسط من الرعاية والاهتمام بجميع مظاهره النفسية، وهذا يتوقف على سمات شخصية الرجل وقدرته على ضبط انفعالاته وتوزيع اهتماماته.
من الناحية الشرعية يقول د.مختار محمد المهدى - الأستاذ بالأزهر الشريف - إن أمر التعدد مباح شرعا: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} وكذلك عند عدم الإنجاب أو الشعور بالكراهية تجاه الزوجة الأولى، عندئذ فمن الخير أن تكون له زوجة ثانية بدلا من أن تكون له عشيقة، وكذلك فالزوجة الثانية خير لها أن تكون كذلك من أن تكون مطلقة أو أرملة أو لا زوج لها.