الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون: الباليه اختراع دينى لتحرير الجسد من الصفات الشهوانية





 
أثارت تصريحات النائب السلفى خالد حماد بمجلس الشورى الأسبوع الماضى عن أن فن الباليه هو مجرد فن يشيع العرى والرذيلة، حالة من الاحتقان والغضب الشديد ليس فقط بين أعضاء فرقة الباليه والعاملين بدار الأوبرا ولكن بين جموع الفنانين والمثقفين خاصة أن الذين يتحدثون عن تحريم هذا الفن لا يعلمون عنه شيئا إلى جانب أنهم فى نفس الوقت الذى يشنون فيه هجوما على أرقى أنواع الفنون يمنحون تراخيص للكباريهات ثم يطالبون بإلغاء فن ومعهد الباليه من مصر منعا لنشر الفحشاء بالمجتمع!!
وحول هذه الأزمة التى يتعرض لها الباليه ومعهده توجهنا للدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون الذى أجاب عن هذه التصريحات قائلا:
 
هذا الكلام بالطبع يؤكد جهلا شديدًا بفن الباليه ولكى يعلموا لابد أن نقول لهم إن الباليه فى الأساس اختراع  الآباء اليسوعيين حتى يحرروا الجسد من الصفات الشهوانية أو الشبقية، فبدلا من أن تذهب العين للنظر إلى مفاتن المرأة كان هدفهم من إقامة فن الباليه أن يكون النظر والتركيز على انضباطية الحركة وجماليتها لذلك نجد دائما أجساد راقصات الباليه ليست أجسادًا جميلة أو مثيرة بمعنى أنها تنطبق عليها مواصفات معينة كى لا تثير الشهوة والغرائز، وبالتالى فالباليه فى الأساس اختراع دينى.
 

سامح مهران
 
ويضيف: والحقيقة العيب ليس على هؤلاء الذين يحرمون الباليه لأنه كان هناك وزير ثقافة سابق فى أواخر 2011 قال فى حوار مترجم لبوابة الأهرام الإلكترونية «إننى اتفهم وجهات النظر الداعية لإلغاء معهد الباليه»!!، هكذا هو تطوع من نفسه دون أن يتحدث إليه أحد وبالتالى لن نلوم من يأتى ليحرم الباليه أو غيره من الفنون، وفى النهاية أرى أن المؤسسات الثقافية لابد أن تتحرر من تبعيتها للدولة ففى مصر العثمانية كانت هناك نظرية اقتصادية وهى انشاء المجتمع التجارى فمطلوب أن نجمع أموالا من بعضنا البعض حتى نحقق فكرة استقلال الثقافة عن الدولة بمعنى أن يكون للمثقفين المسارح الخاصة بهم ودار النشر الخاصة بهم وهكذا فى كل شىء وبالتالى سنحقق فكرة الدولة المدنية الحقيقية .
أكدت أيضا الدكتورة أحلام يونس وكيلة المعهد العالى للباليه بأكاديمية الفنون وأستاذ التصميم والإخراج:
هذه تصريحات سب وقذف علنى وكلام يؤخذ عليه لأنه لا يعلم ما هو فن الباليه حتى يتحدث عنه، «الباليه» والأوبرا هما أرقى أنواع الفنون والدول المتحضرة فقط هى من تملك هذه الفنون الرفيعة التى تنمى التذوق والحس الروحى لدى البشر خاصة الأطفال، إلى جانب أن فرقة باليه أوبرا القاهرة رفعت اسم وعلم مصر فى جميع دول العالم ودول كثيرة كانت تفاجأ بأن لدينا هذا المستوى من الراقصين، وأعتقد أننا بهذه التصريحات من الممكن أن نخسر كثيرا على المستوى الدولى ومن الممكن أيضا أن تتراجع الفرق الأجنبية عن الحضور إلى مصر كما كان يحدث من قبل.وتضيف: نبحث حاليا مع الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس الموقف الذى من المقرر أن يتخذه المعهد ضد هذه التصريحات لأننا يجب أن يكون لدينا رد قوى على ما حدث لأنه كما ذكرت «سب وقذف»!!
كان يجب أيضا أن نتوجه لفرقة باليه أوبرا القاهرة المعنية فى الأساس بتقديم هذا الفن فى مصر وبدول العالم وعن هذه التصريحات قال هانى حسن الراقص الأساسى بالفريق :كانت تصريحات مفاجئة، وتصورت فى البداية أن المسألة مجرد فرقعة إعلامية لكن تأكدت لى صحة هذه التصريحات بعد أن علمت أنها قيلت أثناء مناقشة ميزانية الأوبرا بمجلس الشورى حيث قال الأستاذ خالد حماد عضو مجلس الشورى أن فن الباليه يحض على الرذيلة لأنه فن عراة ومستتر تحت مظلة وزارة الثقافة، أحب أن أقول له عندما أسست فرقة باليه أوبرا القاهرة أسسها الراحل عبد المنعم كامل أيام الرئيس جمال عبد الناصر ومنح عبد الناصر وسام الطبقة الأولى لعبد المنعم كامل لتأسيسه هذا الفريق فكيف يأتى شخص أيًا كان مستوى وعيه ويقول هذا الكلام.
ويضيف: منذ فترة إنشاء الفريق وحتى هذه اللحظة نحن نشارك الوطن فى جميع احتفالاته الدينية والاجتماعية والقومية والثقافية على مستوى مصر وخارج مصر ونقدم أعمالنا على أسس وقواعد أكاديمية، ودار الأوبرا أكبر مركز ثقافى على مستوى الشرق الأوسط لذك أرى أن هدم الفن هو بداية انهاء العقلية الثقافية لدى المواطن المصرى،  ويقول: نحن سفراء لمصر على مستوى العالم ونقدم عروضا عديدة خارج مصر ونرفع اسمها بهذه الدول ونشجع السياحة وخلال مؤتمر السياحة الدولى فى برلين العام الماضى أرسلتنا وزارتى الثقافة والسياحة لتقديم هذا الحدث وكان معنا وقتها عدد من أعضاء مجلسى الشعب والشورى على رأسهم محمد عبد المنعم الصاوى وكان دائما ما يشجعنا ويثنى على أدائنا وبالفعل حققنا نجاحًا باهرًا وشكرونا وقتها وقالوا لنا أننا نرفع اسم مصر ونساعد على تشجيع السياحة والنهوض بالإقتصاد فكيف يقولون ذلك الآن، ويكفى أن أذكر بأننى كنت راقصا زائرا فى روسيا وألمانيا والنمسا وإيطاليا واليونان وبالتالى فنحن لنا اسمنا بالخارج ونطلب بالاسم، لكن فى النهاية الشعب المصرى يحب الفن الراقى ونحن نقدم فنا يرفع اسم البلد ويزيد من دخلها ونعتمد فى عملنا على الدراما والحركة والتعبير الجسدى والروحى، كما أنهم لا يعلمون حجم الأموال التى صرفتها علينا الدولة حتى نصبح بهذا المستوى، بل يريدون فقط محو هذا الفن فى حين أنهم يتركون قناة مثل التت، ويأتون بدوللى شاهين كى تحيى حفلاتهم !!
 

لم نكتف فقط بالتحدث إلى فريق باليه أوبرا القاهرة بل كان لابد أيضا أن نضم إليه فرق الرقص الحديث وفرسان الشرق الذى يعتمد عملهم فى الأساس على التعبير الجسدى والرقص المعاصر حيث قال مناضل عنتر المدرب الفنى لفرقة الرقص المسرحى الحديث:هؤلاء لا يعلمون شيئا عن الأوبرا وفنونها ولا يعلمون حجم الأموال التى تكبدتها الدولة حتى تخرج فنانون بهذا المستوى وإذا كان كل شيء حرام فهل  نغلق أبوابنا وماذا سنفعل بعد أن نجلس جميعا فى البيوت من أين ستفتح بيوتنا، نحن الآن أصبحنا معروفين دوليا ولنا اسمنا وسمعتنا بالخارج، وبعد كل هذا يأتى هؤلاء حتى يعيدونا لعصور الظلام من جديد.
اتفقت معه فى الرأى كريمة بدير المدير الفنى لفرقة فرسان الشرق وقالت:
إذا كانوا قد قالوا أن الباليه فن خادش للحياء فهو لفظ لطيف والرذيلة أيضا كلمة خفيفة لكنهم قالوا عنه فن «العري» وفى النهاية يقولون إنهم ليسوا ضد الفن بل هم ضد العرى الذى يتم من خلال فن الباليه فلماذا لا يرسلون لجان متابعة لتقييم ملابس الراقصات مثلما يحدث مع راقصات شارع الهرم إذا ارتدت راقصة بدلة مثيرة يكتب ضدها محضر فلماذا لا يأتون ويفحصون شكل ملابس الباليه، أم أن هذا سيصبح الاتجاه السائد يبدأ بإلغاء فن الباليه ثم الموسيقى وغيرهم من الفنون وبعدها نعود لعصور الجاهلية.وتضيف: فلم يحدث ورأيت بحيرة البجعة فى يوم من الأيام تقدم بـ«الجلباية» فملابس الباليه من تراث الفنون الرفيعة إلى جانب أن فلسفة هذا الرقص قائمة على  أشخاص بلا إثارة بمعنى أنهم غالبا ما يكونون نحلاء البدن بلا أى ملامح جسدية لافتة للنظر حتى يصرف النظر عن الجسد البشرى ويركز المتلقى مع الفعل الحركى للعمل المقدم.
بالطبع عندما نتحدث عن فن الباليه لابد ألا نغفل ذكر رائده الدكتور عبد المنعم كامل رئيس دار الأوبرا الأسبق ومؤسس فريق باليه أوبرا القاهرة، لأنه يبدو أن جهل هؤلاء لم يقتصر فقط على فن الباليه بفلسفته وتفاصيله بل هم يجهلون أيضا ما حققه هذا الفن من سمعة عالمية وعلاقات فنية لدار الأوبرا وكان سببها التفوق الشديد للراحل عبد المنعم كامل فى هذا المجال، فهو كان سببا رئيسيا فى حالة التبادل الثقافى والفنى التى شهدتها مصر خلال السنوات الماضية مع فرق العالم المختلفة التى زارت فرقها دار الأوبرا المصرية وقدمت على مسارحها عروضها المختلفة وكان على رأس هذه الفرق فريق «البولوشوي» الذى جاء أكثر من مرة لتقديم عروضه على المسرح الكبير بالأوبرا.
عمل عبد المنعم كامل فى بداياته كعارض باليه محترف وفنان زائر على أكبر وأعرق مسارح العالم منها مسارح البولشوى «موسكو»  روسيا 1971، وكيروف ليننجراد، وسان بيتربورج،  وفنان زائر بمسرح نوفوسبرسيك، وروسيا 1972، صوفيا، بلغاريا 1974، وبلجراد يوغسلافيا، وطوكيو «اليابان « 1975، وقام بالتدريب والأداء العملى كراقص فى مسرح البولشوى « موسكو « لمدة 11 شهراً بين عامى 78 و1979، وراقص لمدة عامين فى مسرح «لاسكالا» ميلانو ايطاليا من عام 1979 وحتى عام 1981، وراقص سوليست بالإضافة إلى دراسته العملية فى رقصات الباليه فى نفس المسرح وراقص لمدة عام فى مسرح ماراكايبو القومى ومسرح كراكاس فى فنزويلا كراقص أول 1982، وبالتالى تعددت خبرات الدكتور عبد المنعم كامل ما بين عمله كعارض باليه ومصمم رقصات ومخرج داخل مصر.. فقد ظل السوليست الأول لمدة أربعة وعشرين عاماً بين اعوام 1967 إلى 1991حيث قام بالأدوار الأولى فى باليهات  نافورة «باختشى سراى»، و«جيزيل»، و«كسارة البندق، «هاملت»، و«دافنيس وكلويه»، و«شهرزاد»، و«دون كيشوت»، و«بحيرة البجع»، «كارمن سويت»، و«النيل»، و«كارمينا بورانا» كما قام بتقديم برنامج «فن الباليه» من سنة 1975 حتى 1979 وكان أول برنامج متخصص فى فنون الأوبرا ثم قام بتقديم نفس البرنامج مرة أخرى منذ عام 1999 وحتى عام 2004.
ليس هذا فحسب بل شارك أيضا فى العديد من المسابقات العالمية للباليه وحصد العديد من الجوائز والمراكز المتقدمة منها «مسابقة موسكو الدولية الثامنة عام 1973» روسيا فارنا الدولية  عام 1974  «بلغاريا مسابقة طوكيو الأولى الدولية  عام 1975  «كضيف شرف فى الحفل الختامى «اليابان» وطوكيو الثانية الدولية عام 1977 وحاز على شهادة تقدير واشترك كرئيس وفد ومدرب أول للمتسابقين المصريين فى مسابقات الباليه الدولية منها جاكسون مسيسبى الثالثة عام 1983 « «امريكا» ومسابقة  نيويورك الاولى عام 1984  «أمريكا»، ومسابقة موسكو الخامسة عام 1985 « روسيا ومسابقة ناجويا الثانية عام 1994 «اليابان».
 

 
قام كامل بتصميم وإعادة إخراج  19 عملا فى مجال البالية وكان أول باليه مصرى تحت اسم «الصمود»، و «عيون بهية»، و«كارمن سويت»، و «كوبليا»، «أوزوريس»  و«خطوات مصرية» بالإشتراك مع ارمينيا كامل و«ابو سمبل»، و«دون كيشوت»، و«روميو وجولييت»، و«بحيرة البجع»، و «كسارة البندق»، و«جيزيل» موسيقى  و«القرصان»، و«سندريللا» كما قام بتصميم رقصات الباليه فى أوبرا عايدة التى تم تقديمها بمسارح دار الأوبرا و«ألف ليلة وليلة» وباليه «حلم تانجو».
كما أشرف كامل على العديد من الرسائل العلمية التى تنوعت ما بين الماجستير والدكتوراه فى مجال الفن والباليه والتى تناولت العديد من الموضوعات المهمة وذلك منذ عام 1982 وحتى الان منها «تطبيق نظرية هندسية على بعض حركات الباليه الكلاسيكى»، و«التمثيل الصامت وأثره الدرامى فى فن الباليه الكلاسيكى»، و«الاستفادة من التراث لخلق باليه قومى مصرى»، و«محاولة لإعداد برنامج تأهيلى للأطفال من سن الثامنة وحتى الالتحاق بمدرسة الباليه»، و«التجديد فى عنصر التصميم الحركى لأعمال جورج بلانشين»، وxخصائص ومميزات العرض المسرحى فى عروض الباليه الكلاسيكى وعروض الرقص الحديث»، و«دراسة  مقارنة تطبيقية»، و«أسلوب مارنا براهام فى الإخراج وكيفية الاستفادة منه فى الباليه المصرى»، و«مناقشة دعاء الكروان على مسرح الباليه تطبيق عملى»، و«توظيف الباليه فى تجسيد بعض المناهج الدراسية – دراسة تحليلية تطبيقية».