الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«التوك شو» تهزم «الصحافة»!
كتب

«التوك شو» تهزم «الصحافة»!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 15 - 07 - 2010



الإنترنت أصبح مستنقعاً للفوضي والشتائم
( 1 )
- ليس عندي دليل يؤكد أو ينفي ما ذكره الدكتور إسلام العويلي الطبيب المصري المقيم بالسعودية، حول كيفية صناعة الرأي العام علي الفضائيات والإنترنت، لكن كلامه بالغ الخطورة.
- يقول: إن أحد أصدقائه من جماعة الإخوان المسلمين أبلغه بأن الجماعة لديها خطة كاملة للسيطرة علي الرأي العام عن طريق المداخلات التليفونية للبرامج الحوارية الشهيرة علي الفضائيات.
- الإخوان قاموا بتجهيز بعض القاعات وخطوط التليفونات ومجموعات مدربة للاتصال فوراً بالبرامج علي الهواء وتوجيه المناقشات، كما أن لديهم أجهزة كمبيوتر للدخول علي المواقع ونشر التعليقات.
( 2 )
- يمكن أن يكون مثل هذا الكلام صحيحاً، خصوصاً أن «معظم» المداخلات التليفونية علي برامج «التوك شو» الشهيرة، وكذلك مواقع الإنترنت فيها قدر كبير من الهجوم والتشكيك واصطياد ضيوف البرامج الذين يختلفون معهم.
- ليست جماعة الإخوان - في رأيي - هي التي يمكن أن تفعل ذلك فقط، بل جماعات المعارضة السياسية التي تزدحم المنتديات بآرائها وأفكارها ونجحت في خلق رأي عام من نوع جديد.
- ليس عيب هذه الجماعات أن تفعل ذلك، ولكن عيب الآخرين أنهم أهملوا هذا الجانب المهم من الاتصال بالجماهير، خصوصاً التفاعل مع الفضائيات التي أصبحت تلعب الدور الأهم في تشغيل الرأي العام.
( 3 )
- لقد تغيرت وسائل الاتصال بالجماهير وتبدلت معايير التأثير فيهم، وتراجع الإعلام التقليدي الذي لا يمتلك إلا برنامج توك شو أو برنامجين، أمام عشرة برامج هي الأكثر في نسبة المشاهدة والجذب.
- الدليل علي ذلك أن القضايا الشهيرة الأخيرة مثل «الزواج الثاني» و«فتنة العدالة» وغيرهما، تذاع في اليوم الواحد عشر مرات بنفس التغطية ونفس الضيوف ونفس الآراء ونفس المداخلات التليفونية وعلي الإنترنت.
- لا يجد الرأي العام الحقيقة أمامه إلا من جانب واحد، ولا يقدم له الرأي والرأي الآخر، ولا المعلومات من جميع الأطراف، فيكون مضطراً إلي تصديق ما يسمح ويشاهد لأنه لم يسمع ولم يشاهد غيره.
( 4 )
- المؤكد أن برامج «التوك شو» لها بعض العذر، فحتي لو حاولت أن تكون محايدة فلن تجد الطرف الآخر يرد عليها أو يظهر علي قدم المساواة مع الآخرين.
- هل هي أزمة نقص الكوادر أم نقص المعلومات أم التردد والتراخي عن مواجهة الرأي العام بشفافية ووضوح؟.. هل هو هروب من الواجب والمسئولية أم مسك العصا من النص؟
- المؤكد أن مصر فيها مشاكل كبيرة وأزمات ضخمة، لكنها ليست بهذا الحجم من السوداوية والمؤكد أن هناك مشروعات وإنجازات تتم وأن البلد ليس كله خراب في خراب.
( 5 )
- التقصير في الاتصال بالرأي العام إعلامياً لا يقتصر علي الحزب الوطني فقط، ولكنه يشمل أيضاً أحزاب المعارضة التي تواجه اتهامات مماثلة من «معارضة المعارضة».
- الإنترنت - بالذات - يتحول تدريجياً إلي مستنقع للفوضي والشتائم والقذف والسب، وبينما يعاقب القانون علي جرائم بسيطة جداً تنشرها الصحف، لا حساب ولا عقاب علي جرائم كبري علي الإنترنت.
- إذا أردت أن تغتال شخصاً وتذبحه وتشوه سمعته، عليك أن تنشئ موقعاً ثم تكتب فيه من التعليقات ما لذ وطاب من أفظع الشتائم والسباب بتوقيعات مزورة وأسماء وهمية.
( 6 )
- أعود للموضوع الأساسي وهو «برامج التوك شو وصناعة الرأي العام» ، وأؤكد أن هذا التأثير سوف يتزايد في المستقبل، لتراجع نسبة قراءة الصحافة المكتوبة وزيادة مساحة مشاهدة هذه البرامج الأكثر جاذبية.
- برامج «التوك شو» صحافة مجانية وتنقل الحدث لحظة بلحظة بالصورة واللقطة والفيلم ويقبل عليها الصغار والكبار وهم في منازلهم دون جهد أو معاناة.
- انتهي عصر التليفزيون الأرضي وأصبح ثمن الدش أقل كثيراً من الإيريال العادي، بجانب الوصلات والطرق الأخري التي جعلت البرامج المشفرة في متناول الجميع.
( 7 )
- لن يستطيع قانون أو سلطة أن يغلق برنامجاً أو أن يمنع ضيفاً فقد انتهي عصر «الغلق والمنع».. والحل الوحيد هو تفعيل «التوازن الإعلامي»، الذي يعرض كل الآراء ويقدم كل المعلومات والحقائق.
- أما الإنترنت وجرائمه فهو حكاية أخري لأنه يمكن أن يكون سلاحاً دامياً في الحروب والصراعات بين الأفراد وبين الشركات ورجال الأعمال وإثارة الفتن الدينية والطائفية والعرقية.
- كثير من الدول الأكثر تقدماً منا لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الخطر الرهيب، دول عريقة الديمقراطية والتقدم العلمي، لكنها تتمتع باليقظة والحسم في حماية مجتمعاتها ومواطنيها.


- - وللحديث بقية.


E-Mail : [email protected]