الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العدالة غير العادلة!
كتب

العدالة غير العادلة!




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 19 - 07 - 2010



هاني سرور: بريء.. متهم.. متهم.. بريء.. بريء..
1
- قالت محكمة النقض في حيثيات حكمها في قضية هاني سرور إنه ثبت في يقينها بعد فحص أدلة الدعوي وأوراقها براءة جميع المتهمين من تهمتي الغش والتربح، وعدم وجود دليل يقيني علي إدانتهم.
- بمقتضي هذا الحكم تزول جميع الآثار المترتبة علي الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة، والذي ظل مادة خصبة لوسائل الإعلام للقضاء علي البقية الباقية من هاني سرور وشركاته.
- وبمقتضاه: من حق هاني سرور العودة لممارسة حياته السياسية ولو أراد خوض انتخابات مجلس الشعب فمن حقه.. ولكن السؤال: من يعوضه عن البهدلة والمرمطة والاغتيال المعنوي والتشهير الذي استمر 4 سنوات؟
2
- هل من حق هاني سرور أن يعود علي من لفقوا له الاتهامات وخربوا بيته وأغلقوا شركاته ودمروا مستقبله السياسي والاجتماعي.. أم يظل الجناة الحقيقيون مستمتعين بما فعلوه؟
- ضع نفسك مكانه.. سنوات من العذاب والضياع والشماتة وتصفية الحسابات والأصدقاء الأندال الذين أغلقوا في وجهه التليفونات واعتبروه شبهة يجب الابتعاد عنها.
- بعد كل هذا العذاب، قالت له محكمة النقض: «أنت بريء» لم تثبت الاتهامات، من حقك أن تعود إلي الحياة، انطلق وابتسم مرة أخري.. ولكن: بعد إيه؟
3
- وسائل الإعلام معذورة وغير معذورة في نفس الوقت.. معذورة لأنها نشرت ما تلقته من أجهزة رسمية، شرطة ونيابة ومعامل تحاليل وغيرها، وكلها تتهم سرور بالجريمة البشعة.
- وسائل الإعلام غير معذورة لأنها أسرفت في ذبح الضحية وسلخها والتشهير بها.. ولا أدري: لماذا أصيب بعض إعلامنا بهذا الحجم من الغل والشراسة والكراهية؟
- في الغرب لا يسمحون بنشر صور المتهمين ولا أسرار التحقيقات ولا تتباري وسائل الإعلام في الذبح الشرعي.. ولكن عندنا كل شيء مباح وتجري المحاكمات في ميادين الإعلام العامة.
4
- محكمة جنايات القاهرة سبق أن قضت بإدانة هاني سرور وشقيقته فيفيان وستة آخرين بالحبس ثلاث سنوات، وفي حيثيات حكمها أدلة الاتهام في قرب الدم الفاسدة.
- محكمة النقض، وهي الأعلي وأحكامها نهائية قالت عكس ذلك.. وهنا يثور السؤال: من قمة البراءة إلي قمة الإدانة، هل هذا التناقض أمر عادي بالنسبة للأحكام القضائية؟
- سؤال يحتاج إجابات ودراسات قانونية، لأنه في حدود علمي المتواضع، ليست هناك دولة متقدمة تصدر فيها أحكام بهذا الشكل.. وأكرر: في حدود معلوماتي التي قد تكون خاطئة.
5
- ليس المقصود هنا الدفاع عن هاني سرور، فلا أعرفه ولم ألتقه في حياتي ولا أحب الكتابة عن رجال الأعمال.. ولكن مثل هذا الموقف يتكرر مع سياسيين وبرلمانيين وغيرهما.
- وفور أن يتم ضبط أي متهم أو وجود شبهات أو تحريات.. يتم نصب المشانق الإعلامية، وتصدر الأحكام ويتم تنفيذها قبل أن يفتح القضاة أوراق القضية.
- القضاة بشر ويتأثرون بما تنشره وسائل الإعلام، بجانب أن السلطة التقديرية التي يمنحها القانون للقضاة كبيرة وواسعة، وبالتالي يلعب الرأي العام دوراً كبيراً في الإدانة والبراءة.
6
- من حق أي متهم في مصر أن يتمتع بحقوقه القانونية العادلة، قبل المحاكمة وفي أثنائها وبعدها.. وإذا ثبتت في حقه الإدانة، فمن حق الإعلام أن ينشر ما يشاء في حدود الحكم الصادر.
- محاكم الفضائيات والصحف أشد تأثيراً من المحاكم الجنائية، وبعد الذبح والتشهير، لا يتمتع المتهم بأي نوع من رد الاعتبار، حتي لو كان كلمات بسيطة تخفف معاناته.
- هاني سرور ليس الأول ولن يكون الأخير، قبله شخصيات كثيرة بعضهم كان بريئاً وتم اغتياله معنوياً قبل المحاكمة، وبعضهم تمت إدانته واغتيل مرتين.
7
- للأسف أصبحت الأجواء مهيأة في مصر، للانقضاض علي أي شخص سواء كان فاسداً أو شريفاً، مظلوماً أو ظالماً، والجريمة بالذات مادة صحفية مثيرة تجذب المشاهدين والقراء.
- الفاسدون والذين يمتصون دماء الناس لا يستحقون أن يدافع عنهم أحد، ويجب أن ينالوا جزاءهم العادل، ولكن لا يجب أن يكون التشهير سلاحاً يذبح هذا وذاك.
- العدالة غير العادلة هي التي تأتي بعد فوات الأوان، فلا ترد لمظلوم حقه، ولا تنصف بريئاً أركبناه حماراً بالمقلوب وسار في زفة الإدانة.
E-Mail : [email protected]