السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسعار.. أمّ المشاكل!
كتب

الأسعار.. أمّ المشاكل!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 20 - 07 - 2010


أقصر طريق إلي قلب الناخب هو معدته


(1)


- الأسعار هي كلمة السر التي تفتح الطريق إلي صندوق الانتخابات، أو تغلقه، هي الوجع اليومي الذي يعاني منه الجميع، لا ضابط لها ولا رابط، بعد أن تم تسليم الناس لنظرية العرض والطلب.


- في المجتمعات الرأسمالية التي تطبق نظام الاقتصاد الحر، لديهم الوفرة التي تسمح بالتوازن الحتمي بين المعروض والمطلوب، وبالتالي تهدأ الأسعار ولا يكون هناك مجال لاحتكار أو استغلال.
- في المجتمعات النامية أو الفقيرة يحدث الخلل الرهيب، فالإنتاج لا يكفي الأفواه المفتوحة للطعام، ويؤدي هذا الوضع إلي الخلل والجشع والاستغلال.
(2)
- لم يعد ممكناً ولا مستطاعاً العودة إلي نظام التسعير الجبري، ليس لأن الحكومة لا تريد ذلك، ولكن لأنه ليس في استطاعتها أن تفعل ذلك، ولم يعد في يدها سوي أدوات قليلة.
- ماذا - إذا - يمكن أن تفعل؟ البطاقات التموينية هي الحل السحري في الظروف الراهنة، وعن طريقها يمكن التحكم في مجموعة السلع التي يتم تقديمها للأسر الفقيرة بأسعار معقولة.
- مشكلة البطاقات التموينية أن التوسع فيها سيجعلها مثل البدلة الشعبية التي كان يرتديها كل المصريين في وقت من الأوقات، هي تشمل الآن 60 مليون مواطن من إجمالي ال80 مليون مصري.
(3)
- البطاقات التموينية سوف تتحول - بمرور الوقت - إلي مشكلة كبيرة ربما تفوق الدعم وتحتاج لتمويلها عدة مليارات، وكلما زادت الأسعار زادت الفاتورة التي تتحملها الحكومة.
- لكن البطاقات أفضل من الدعم، لأنها علي الأقل تذهب إلي الفئات المستحقة، ويمكن التحكم في عدد سلع البطاقات، بالزيادة أو النقص، حسب ظروف الأسواق.
- مشكلة البطاقات - أيضا - أنها يمكن أن تؤدي إلي عودة السوق السوداء، نتيجة اختلاف أسعار السلعة الواحدة، مما يغري بظهور فئة من السماسرة للاتجار في السلع المدعومة.
(4)
- النقطة التي لا يناقشها أحد في قضية الأسعار، هي ترشيد الاستهلاك، خصوصا رغيف العيش، الذي يتم استهلاكه بشكل سيئ، ويصل حجم الفاقد فيه إلي نسب كبيرة.
- ليس معقولاً أن الجنيه الذي لا يشتري 5 سجاير، يشتري 20 رغيفا، نصفها علي الأقل لا يصلح للاستهلاك الآدمي، فيتم رميه أو تقديمه طعاماً للحيوانات والماشية.
- الرغيف هو المشكلة الضخمة، لأنه المكون الرئيسي لمائدة طعام العديد من الأسر المصرية، والاقتراب منه يؤدي إلي حرمانها منه، ولا يمكن تعويضها نقدياً مهما كان المقابل.
(5)
- حل مشكلة رغيف الخبز، هو ما يفكر فيه وزير التضامن الاجتماعي الدكتور علي المصيلحي بفصل الإنتاج عن التوزيع، فعلي الأقل سوف يضمن وقف عمليات النهب اليومي التي تقوم بها الأفران.
- يحتاج الأمر - أيضا - حملة توعية كبيرة لإرشاد الناس حول أهمية لقمة العيش، وأن الدولة لن تستطيع - مهما بلغت مواردها - الاستمرار في هذا النزيف اليومي إذا استمرت معدلات الاستهلاك بوضعها الحالي.
- في كل دول العالم يتعاملون مع الخبز باحترام إلا في مصر، فنحن نهين الرغيف ونسرف في استخدامه، ومهما تم تخصيص ميزانيات لاستيراد القمح ستظل المشكلة قائمة.
(6)
- الأسعار هي بالفعل أمّ المشاكل، وأصبحنا معلقين من رقابنا في أرجوحة الأسعار العالمية، صعوداً وهبوطاً، وأصبحت مائدة الطعام المصرية مربوطة بالبورصات العالمية.
- لم نشعر بالأزمة في العام الماضي بسبب انخفاض الأسعار العالمية، فكان لها أثر مخفف علي الأسعار المحلية، ورغم ذلك فقد استمرت الشكوي وتزايدت خلال العام الحالي.
- لم نسمع مثلاً أن مجلس الوزراء بادر بعقد جلسة استثنائية، خصصها لهذا الموضوع، وتم خلالها طرح عدة خطط وبدائل وبرامج توعية وخلافه لمواجهة المشكلة، وخلق رأي عام حولها.
(7)
- لم يعد متاحاً إلا الدوران في دوامة الدعم للحفاظ علي المستويات المعيشية للناس وعدم تدهورها، مع الأخذ في الاعتبار أن ما يتسرب فقط من الدعم يكفي لرفع مستويات الأسر الفقيرة.
- كيف يصل الدعم إلي من يستحقه؟ إنها المشكلة المزمنة والسؤال الحائر منذ أكثر من 35 سنة، ولم تجرؤ حكومة أو وزير علي الاقتراب منه، لأن البطون لا تعرف الصمت.
- الأسعار هي الطريق إلي صندوق الانتخابات، وراحة الناس تبدأ من بطونهم، لأن البطون الخاوية لا تجيد التفكير، وأقصر طريق إلي قلب الناخب هو معدته.


E-Mail : [email protected]